كتاب ( احمد دحبور .. مجنون حيفا ) تأليف عادل الاسطة
كتاب جديد صدر عن وزارة الثقافة من تأليف عادل الاسطة نوقش في المنتدى التنويري بنابلس
تقرير ابو زيد حموضة
نظم المنتدى التنويري في نابلس جلسة ثقافية حول كتاب ( احمد دحبور .. مجنون حيفا ) الذي صدر حديثا عن وزارة الثقافة الفلسطينية، وهو عبارة عن قراءات ودراسات كتبها أ.د. عادل الاسطة على مدار 20 عاما تناول فيها قصيدة الشاعر الكبير الراحل أحمد دحبور المهجوس بفلسطين بحلاوتها وبشقاوتها.
سير الحوار بلال حموضة عضو مجلس الادارة في المنتدى التنويري
المتحدث عادل الاسطة لفت في مستهل حديثه الى الاهتمام بشعراء المقاومة في الارض المحتلة على شعراء المنفى، مستشهدا بذلك بديوان الوطن المحتل ليوسف الخطيب الذي يضم بين جنباته ذكر شعراء المقاومة في الداخل كمحمود درويش وراشد حسين وسميح القاسم وسالم جبران وغيرهم، ولم يأت على شعراء المنفى ومنهم احمد دحبور وعز الدين المناصرة الذين منع تداول وبيع وشراء دواوينهم ونشر اشعارهم في الاردن لمواقفهم من احداث ايلول عام 1970 ، ثم ذكر المتحدث أن اول اطلاعه على شعراء المنفى من خلال جريدة الاتحاد ومجلة الجديد ذاكرا قصيدة ( العودة الى كربلاء ) لأحمد دحبور التي اعتبرها ذات نزعة غنائية مذهلة لا تقل عن غنائية الشاعر محمود درويش.
المحاضر ومؤلف الكتاب عادل الاسطة قارن بين الشاعرين دحبور ودرويش متسائلا لماذا لم يلتفت للشاعر أحمد دحبور وظلت الاعين تنظر نحو الشاعر محمود درويش؟ علما أن دحبور كان واسع الثقافة خاصة في العروض وبحور الشعر التي كان ملما بها أكثر من درويش الذي كان يعتبر دحبور مرجعا له عندما يلتبس عليه أمر.
وتطرق المحاضر لبعض الشخوص والمواقف التي تركت أثرا في شعر دحبور موليا ذلك للفقر المدقع حيث انحدر الشاعر من أفقر العائلات التي هاجرت من حيفا ولجأت الى مخيم حمص في سوريا، ومهنة والده الذي عمل في دفن الموتى ومسحراتي، ووالدته التي بيعت عبدة بعد ان سيقت الى سوق الرقيق وعادت وتزوجت في الباخرة وهي التي طالما حدثته عن حيفا التي تركها طفلا وينظر اليها بعيون امه ، أما جدته أثرت في شعره التراثي لكثرة ما قصت عليه بطولات الزير سالم، لكن استاذه في الرسم والفن أثر فيه ليكتب قصيدة مختلفة مما ألح عليه هاجس التجريب والتجديد في شعره. وهو الذي كتب اغاني فرقة العاشقين.
ذكر المحاضر أن الشاعر دحبور عمل مراسلا اعلاميا في قواعد الفدائيين في الاردن حيث كان يغطي أخبار الفدائيين في قواعدهم .. وكان يطلب منه القاؤها في القواعد وفي ساحات عمان أمام جمهور كبير يحتاج الى قصائد بنيتها مختصرة، ومفهومة، وغنائية. وكان الشاعر يستلهم شعره من الاحداث الساخنة والملتهبة التي تعيشها الثورة الفلسطينية. وعزا المحاضر تغييب قصائد الشاعر دحبور بعد العام 1982 بعد ان غادر الفدائيون بيروت الى تونس هو عزوف الشاعر عن كتابة القصائد الغنائية الحماسية وتركيزه على موضوعاته الشخصية وذكرياته واخته وامه ومكتبه .. الخ بخلاف الشاعر درويش الذي ظل يكتب عن القضية الفلسطينية ويستحضرها في شعره .
ثم تطرق المتحدث الاسطة الى الخيبة المشتركة بين الشاعرين درويش ودحبور بعد اتفاقات اوسلو حيث زار كل منهما مسقط راسه، فقال دحبور عند زيارته لحيفا : ((وصلت حيفا ولم اعد اليها ..)) . أما درويش ظل يشعر بالندم لأنه غادر حيفا وظل يقول:” لماذا نزلت عن الكرمل؟ “
وصدر للشاعر أحمد دحبور في العام 1999 و2004 ديوانان بعنوان ( جيل الذبيحة ) و (( كشيء لا لزوم له ) حيث ذكر المحاضر الاسطة أن تلك الدواوين لم يلتفت لها ولم تطبع للشاعر مرة ثانية الذي اعتبره الناقد الاسطة مثقفا غير عادي وقامة شعرية وازنة، ربما لأن شعره يوحي بالخيبة السياسية الراهنة، او ربما لأن قصائده يغلب عليها الحجاج العقلي.
وذكر المتحدث الاسطة أن من فضائل الشاعر احمد دحبور الذي اقام في غزة بعد اتفاقات اوسلو أنه عرفنا على شعراء المنفى من خلال كتاباته في جريدة الحياة الجديدة في زاوية (عيد او دمعة الاربعاء )
تمحور النقاش العام مع الحضور حول العلاقة الجدلية بين الابداع والحلم والرسالة الوطنية والانسانية التي يحملها المثقف وخيبة النهايات، وتساءل البعض لماذا الخيبة تصيب بعض المبدعين ادبيا والمنتمين الى غير طبقتهم وكأنهم مصابون بانفصام ومكبلي الارادة وغير مندغمين فعليا بقضيتهم حد الشهادة كأديب الثورة كنفاني وناجي العلي، فالخيبة تأتي من سقوط قادته ونهجها السياسي وليس من عدالة قضيته التي عليه أن يفجر مكنوناتها الثورية بابداعه ، فكيف الالهام الثوري والابداع يتأتى لشاعر منتمي لاتفاقات اسلو سيئة السيط وبعيدا عن الهم الفلسطيني العام الذي يواجه اسوأ موجة تطهير عرقي عرفها التاريخ البشري.
بعض الحضور اعترض على اسماء الدواوين كان من الاجدى على الشاعر ان يبدل اسم ديوانه من جيل الذبيحة بشعب الذبيحة لان اتفاقات اسلو قامت بذبح فلسطين ارضا وشعبا وقضية، والبعض رأى من الجبن ان ينزوي المبدع او يترك متراسه دون عملية نقد ذاتية جريئة ومراجعة لمواقفه او التلويح بالاستقالة من مركزه كما فعل ادوارد سعيد الذي كتب كتابا منع تداوله في الارض المحتلة تحت عنوان ( اوسلو شعب بلا أرض ) .
تقرير ابو زيد حموضة
نابلس فلسطين
حرر في 30/10/2017