كذب الرواية (الإسرائيلية) عن الاسير – د. فايز رشيد
الذي تعوّد على التزوير والكذب , يسهل عليه إخفاء الحقائق في كل شيىء حتى فيما يتعلق بجنود جيش دولته وضباطها !. بعد أقل من أسبوع على الرواية الإسرائيلية عن اختطاف الضابط في قواتها الخاصة هدار غولدن من قبل الفصائل الفلسطينية , كشفت الدولة الصهيونية عن الحقيقة : بأن الضابط قتل في المعركة . استغلت إسرائيل الحادثة المزورة للمزيد من التنكيل وإيقاع المذابح بالمدنيين الفلسطينيين, وبخاصة الأطفال الذين تقتلهم وتتقصدهم تجاوبا مع منع احتمالية نمو ” إرهابيين ” جددا …هذا وفقا لتعاليم المتطرفين من الحاخامات الإسرائيليين ! .الكيان وبعيد إعلان ما سماه ” بعملية الخطف ” مارس القتل بهستيريا بالغة , وكأنه يريد قتل كل الفلسطينيين في لحظة واحدة , وكأنه يود استعمال قنبلة نووية لمسح الفلسطينيين في القطاع عن الوجود . الفلسطينيون فقدوا في ذات اليوم 180 شهيدا وحوالي 450 جريحا جرّاء المذابح الصهيونية . إسرائيل اعلنت روايتها الكاذبة بالرغم من أن الفصائل الفلسطينية كلها لم تعلن عن تبني أحدها لعملية خطف اسير إسرائيلي جديد , وهو ما كانت حماس قد أعلنته عن الجندي ( الأسير ) الأول . لم تخف حماس ما مارسته , بل العكس من ذلك : بل لاقى تأييدا كبيرا من كل الفلسطينيين في مختلف مواقعهم , لا حبا في الأسر وإنما انطلاقا من حقيقة : ان الكيان لا يطلق سراح أي من الأسرى الفلسطينيين الموجيدين لديه , إلا في عمليات تبادل للاسرى . مثل كل البشر : الفلسطينيون حريصون عل ابنائهم , والأمهات الفلسطينيات مثل كل الأمهات : يعشقن أبناءهن .
من زاوية ثانية : الضابط غولدن جاء إلى القطاع غازيا معتديا , مثل كل أفراد الجيش الصهيوني , ليساهم في قتل الفلسطينيين وذبحهم , وتهديم بيوتهم وتشريد اكبر نسبة منهم . لذلك من حق الفلسطينيين أسره هذا أولا . ثانيا : يتواجد في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ما ينوف عن 6000 أسير ومعتقل فلسطيني وفلسطينية , من بينهم أطفال صغار لم يبلغوا بعد السن القانونية, ورغم ذلك تعتقلهم إسرائيل . بالتالي من حق الفلسطينيين أسر الجنود والضباط الغزاة . ثالثا : إسرائيل وضعت شرطا : انها لن تنجز أي اتفاق مع الفلسطينيين ما لم يقوموا بتسليم الضابط الأسير ! في العادة وفي الحروب يحصل أن يأسر كل طرف جنودا من الطرف الآخر . هذا من الطبيعي , ولكن أن يشترط طرف على الآخر: أن يقوم بإطلاق سراح أسراه فورا وفي أثناء الحرب , فهذا ليس متعارفا عليه . نقول ذلك عن الحروب التقليدية , فكيف ذلك في حرب عدوانية يشنها الجلاد على الضحية ؟ كما في الحالة بين إسرائيل المحتلة للأرض الفلسطينية , والنهمة والمتعطشة دوما لإسالة الدماء الفلسطينية ,وهم الذين يقاومون المعتدي , بل هم المعتدى عليهم. غريب هذا المنطق الإسرائيلي .
الدولة الصهيونية تكابر . هذه هي الحقيقة الاكيدة . رئيس وزرائها مرتبك, وفي تصريح اخير له : حمّل المسؤولية لقادة الجيش في عدم تحقيق أهداف العملية العسكرية . الجيش من جانبه يحمّل المسؤولية للقيادة السياسية المترددة من وجهة نظره في اتخاذ القرار. المكابرة الإسرائيلية هي التي أنتجت القرار الإسرائيلي , بالموافقة على هدنة جديدة مدتها 72 ساعة (تبدا الثلاثاءفي 5 أغسطس الحالي 2014 ) والتي اقترحها كل من كيري وبان كي مون , لولا الحاجة الإسرائيلية للهدنة , لما وافقت الدولة الصهيونية عليها, مع أنها تخرق كل هدنة ولا تلتزم باية اتفاقيات .
الأغرب من التزوير الإسرائيلي عن الضابط غولدن : أن الولايات المتحدة والسكرتير العام للأمم المتحدة وكذلك العديد من الدول الغربية, قامت سريعا بإدانة ” عملية الخطف ” وطالبت الفلسطينيين بتسليم المختطف “( الأسير ) ! لقد صدّقت كل هذه الأطراف , الرواية الصهيونية دون تمحيص فيها . إن هذه الاطراف تناست وجود 6000 أسير فلسطيني في سجون الإحتلال ! وتجاوزت المذابح ووجود 2000 شهيد فلسطيني و10 آلاف جريح , وهدم البيوت على ساكنيها وإبادة عائلات باكملها من الحياة ! هذه الاطراف تعتبر : أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وأمنها , وساوت في نداءاتها بين الضحية والجلاد , وبين المعتدي والمعتدى عليه ! . فقط أدانت هذه الأطراف الكيان الصهيوني لقصف قواته للمدارس التابعة للأمم المتحدة. أمام هول الجريمة لم تستطع هذه الاطراف إلا أن تستنكر قتل إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين , ولكن بعد آلاف الشهداء والجرحى ! الدولة الصهيونية ما زالت تمارس جرائمها الفاشية : قامت بقتل سائق فلسطيني في مدينة القدس , والذي من شدة تاثره على أبناء شعبه , سارع إلى الاستيلاء على جرافة كانت تقف في الخارج,وهاجم حافلة إسرائيلية كانت تقل المستوطنين . كان بإمكان قوات الإحتلال اعتقاله , ولكن تم تفريغ رصاص كثير في جسده حتى بعد استشهاده تماما مثلما تم التمثيل بجثة الطفل محمد أبو خضير بعد حرقه حيّا , وبدلا من ان تقوم الدولة التي تدّعي الديموقراطية, باعتقال الشرطي القاتل للفلسطيني , أطلقت عليه لقب ” البطل ” ! . هذه هي ” العدالة ” التي تدّعيها دولة الكيان ! .
* * *
ارتباك نتنياهو وانقسام الآراء في الكيان – د. فايز رشيد
قامت القوات الإسرائلية بالانسحاب من قطاع غزة . في نفس الوقت يستمر نتنياهو في مكابرته وإطلاق الوعود مثلما سبق وأن وعد كثيرا : بتوسيع العملية العسكرية , ولقد طلب مرارا من الإسرائيليين الاستعداد لفترة من الحرب , طويلة . أيضا , هناك انقسام حاد في مجلس الوزراء الإسرائيلي الموسع (كما في المصغر )على قرار الإنسحاب أو القيام بتوسيع العدوان .الإنقسام الحاد انصّب أيضا حول المدى الزمني للحرب.الاخيرة هي عنوان النقاشات داخل الشارع الإسرائيلي . سبق لنتنياهو أن طلب من كيري التوسط لوقف إطلاق النار مع الفلسطينيين في الوقت الذي يعطي فيه الوعود بالعكس من ذلك. إسرائيل أعلنت هدنة لمدة 7 ساعات ( الإثنين , 4 أغسطس الحالي ) ولم تلتزم بها .قبلها :جرى الإتفاق عل هدنة لمدة 72 ساعة وبضمانة أمريكية من خلال كيري , ودولية من خلال الامين العام للامم المتحدة ,وما كادت تلك الهدنة تعلن , حتى قامت إسرائيل بخرقها. إنه التقليد الذي تعودت عليه إسرائيل: بأنها فوق كل اتفاق , وخارج أية مواثيق دولية ولا يجري عليها تطبيق العقوبات. أخيرا وافقت إسرائيل على هدنة لمدة 72 ( تبدا الإثنين في الثامنة صباحا , 5 أغسطس الحالي ), من المحتمل جدا ان تقوم بخرقها. لولا الضوء الاخضر الأمريكي للحروب الإسرائيلية , ولما تمارسه فيها من مذابح وتنكيل فاشي بالفلسطينيين , لفكرت آلاف المرات قبل قيامها بشن الحرب. المهم للإدارة الامريكية : هو مصلحة إسرائيل وأمنها, وعدم إدانتها, هكذا تصرفت أمريكا مع مشاريع قرارات في مجلس الأمن , والهيئات التابعة للأمم المتحدة تحمل الإدانة للكيان.القيادة الإسرائيلية على المستويين : السياسي والعسكري تميزت بالانقسام على الخيارات في الحرب . كل هذه المظاهر هي دليل ارتباك حقيقي لدى رئيس الوزراء ووزرائه وقادة جيشه وأجهزة أمنه , مثل الإسرائيليين جميعا , فمعظمهم يرى بأن الحرب فشلت في تحقيق أهدافها بما في ذلك في تدمير الأنفاق .
على صعيد آخر: لو أن إسرائيل كانت واثقة من إمكانية تطبيق عقوبات عليها, لإبادتها الجماعية للفلسطينيين ومجازرها ضدهم وتنكيلها بهم وحتى ضرب المدارس التابعة للأمم المتحدة,لكان لها شأن آخر في عدوانها واساليبها الهمجية في القتل . بالفعل , ليس منتظرا : أن تجري عقوبات دولية من قبل محكمة الجنايات الدولية عليها ( حتى لو جرى اتخاذ قرار بذلك في المحكمة )ولا معاقبة إسرائيل من قبل المجتمع الدولي بسبب جرائمها, جرّاء الضغوطات الأمريكية التي ستمارس على هذه الدول حتى لا تلتزم بتنفيذ قرار المحكمة , هذا مع أهمية نوايا السلطة الفلسطينية باتخاذ خطوة الإنضمام للمحكمة.
القيادة الإسرائلية وأمام الإخفاق في تحقيق أهداف الحرب وبخاصة البرية منها : عدم تحقيقها لأية نجاحات حقيقية تسعى للوصول إليها وهذا ما اعترف به نتنياهو في تصريح حديث له ( الثلاثاء , 5 اغسطس ) إذ اتهم قادة جيشه بالتقصير في حقيقة الأمر يدرك أن الحرب التي شنها على القطاع لم تسفر سوى عن قتل المدنيين الفلسطينيين.اسرائيل وجدت نفسها (من وجهة نظرها ) مضطرة للاستمرار في الحرب وخرق الهدن , هذا ما عكسته وتعكسه الصحافة الإسرائيلية في غالبيتها . هذا أيضا دليل ارتباك . . يدلل أيضا عل ارتباك نتنياهو وحكومته: قتل عدد كبير من أفراد الجيش واضطرار إسرائيل إلى إخفاء المعلومات الحقيقية عن الخسائر , ثم الإعلان عن أسر ضابط في القوات الخاصة من قبل الفلسطينيين ثم تم في أقل من أسبوع , التراجع عن ذلك ,وجرى إعلان وفاته !.
إسرائيل في معظم حروبها لم تتعود على تقديم خسائر دون ثمن سياسي وإنجازات تقنع الشارع الإسرائيلي بكل هذا العدد من القتلى , وبصوابية الهدف الذي من أجله جرى شن الحرب , لذا هي بحاجة غلى إنجازات ( وهذه غير متوفرة )من أجل أن تحفظ ماء وجه قياداتها وتقنع بها القيادة , شارعها . في إسرائيل بدأ الحديث أيضا : عن أهمية تشكيل لجنة تحقيق ( والفاشي إلكين أحد أشد متطرفي الليكود ومنافس نتنياهو على رئاسة الحزب وعد بتشكيل اللجنة لمساءلة نتنياهو وحكومته ) للبحث في الحرب الحالية وهذا أيضا يفاقم من حدة الإرتباك . نتنياهو لا يريد أن يتحمل النتائج التي ربما ستتوصل إليها اللجنة في حالة تشكيلها , واحتمال بالتاكيد تثبيت تقصيره شخصيا وحكومته ووزير دفاعه فيها . هذا يتناقض مع شخصيته الصهيونية بامتياز والتي يتفاخر دوما بها , فهو يعتز بأنه من تلاميذ جابوتنسكي وهرتزل وبن غوريون, وبأنه من أكثر رؤساء الوزارات الذين عملوا الكثير من أجل إسرائيل . لقد بدأت صورة إسرائيل تهتز على الساحة الدولية بفعل بشاعة جرائمها وإرهابها .
جملة القول : أن القيادات الإسرائيلية كما الشارع , مثلما الحكومة, وقفوا مرتبكين في العدوان بالنسبة لاتخاذ وجهة نظر واحدة أو حتي الإجماع حول قرار واحد فيما يتعلق بالعدوان . إن هذا دليل ضعف حقيقي أولا . ثانيا : ما كانت هذه الحالة تتحقق لولا صمود شعبنا ومقاومته في القطاع .