كلمة نضال حمد مساء الأمس في تجمع لدعم اللاجئين
“هناك مكان وصحن فارغين على المائدة”.
اعداد موقع الصفصاف
بولندا – كراكوف في 24-11-2021
شهد الميدان التاريخي لمدينة كراوكف البولندية مساء أمس الأربعاء الموافق 24-11-2021 تجمعاً شعبياً تضامنياً مع اللاجئين العالقين على الحدود البولندية البيلاروسية وفي الغابات والصقيع بين البلدين.
نظمت التجمع المذكور مجموعة من المؤسسات والشخصيات البولندية الملتزمة بقضية دعم اللاجئين هذا وشهد اللقاء حشداً لا بأس به قدر بالمئات. فيما عقد التجمع تحت شعار “هناك مكان وصحن فارغين على المائدة”.
المقصود بتلك العبارة وبالمكان والصحن الفارغين على المائدة عادة شعبية ودينية بولندية عن استقال الضيف بدون دعوة وفجأة. فمن عادة البولنديين انهم في عيد الميلاد المجيد وهو أهم أعياد الشعب البولندي المكون بغالبيته من أتباع الديانة المسيحية الكاثوليكية. أن يتركوا طوال أيام العيد مكاناً وصحوناً فارغة للطعام تحسباً لقدوم أي شخص. طبعا كل هذه القصة رمزية لكن دلالاتها ومعانيها عظيمة وهي التضامن والتآخي بين الناس ومساعدة الغريب واستقبال الضيف وإطعامه. الآن وبما أن اللاجئين عالقين على الحدود بلا طعام وبلا شراب وبلا مأوى، فهذه الجماعات الت ينظمت التجمع تريد استقبال اللاجئين وتدعو الشعب البولندي لترك الاماكن والصحون الفارغة للاجئين الجياع والبردانين والعطشانين. وذكر المتحدثون وغالبيتهم كانوا على الحدود مع اللاجئين بصعوبة العيش في الخيمة في درجات حرارة متدنية، فالعيش بخيمة ليس كما العيش في بيت دافئ.
أما أنا شخصياً فقد شاركت في التجمع المذكور ومعي صديقي الشاب الفلسطيني طارق جراد وألقينا كلمتين منفصلتين، كلمتي مرتجلة وباللغة البولندية. أما طارق فأرتجل أيضا كلمة لكن باللغة الانجليزية.
تطرقت في كلمتي الى موضوع اللاجئين وكيف يمكن أن يكون الانسان لاجئاً وتحدث عن قصة حياتي باختصار وهي تشبه قصة كل فلسطيني ولد وعاش في المخيم. أحبت الحشد بأنني ولدت في العالم الرشقي والعربي لاجئا وعشت في المخيم لاجئاً وسافرت الى العالم الغربي لاجئاً.. وبأنني فقدت ساقي في مجزرة صبرا وشاتيلا سنة 1982. كان عمري انذاك 19 عاماً. ثم تعالجت في ايطاليا وبعدها في بولندا… عرفت البولنديين ومن ثم النرويجيين وقبلهم الطليان، عرفتهم شعوباً طيبة ومسالمة وتساعد الآخرين. دخلت بيوتهم وقلوبهم وتعرفت عليهم وأحببتهم. بعد مرحلة بولندا غادرت لاجئاً للحياة في النرويج وهناك عشت حراً ومستقلاً ومارست عملي بحرية تامة وأصبحت كاتباً وإعلامياً معروفاً. لي الآن عشرة كتب مطبوعة بالعربية والبولندية والايطالية.
اريد أن أقول لكم أنني في النرويج يمكنني انتقاد الملك والبرلمان والحكومة ورئيس الوزراء وأيا كان وأقوم بكتابة ونشر مقالات سياسية قوية.. كما إنني أقول ما أريد دونما خوف ووهن وعقاب.
في النرويج واسكندنافيا هناك لاجئين أصبحوا قادة ومثقفين وسياسيين وأعضاء مجالس بلدية وبرلمان وشخصيات معروفة وناجحة وفاعلة مؤثرة. لذا لا يجب أنم يخاف أي كان من اللاجئين القادمين. فهؤلاء بحاجة لفرصة لمواصلة الحياة بسلام وأمان، بحاجة لفرصة لإثبات انهم جديرين بها وأنهم سوف يكونوا عونا للمجتمعات التي سيعيشون فيها.
أنا نفسي هاجرت الى النرويج بشكل غير قانوني وبجواز سفر عليه صورة شخص آخر. حصلت على الاقامة واللجوء في النرويج وأنا أحب النرويج وأحب بولندا وأدافع عنهما وعن شعبي الفلسطيني وقضيته.
بالنسبة لموضوع الهجرة أو اللجوء القانوني واللا قانوني
لا يوجد لجوء قانوني فعلياً فالناس يهاجرون ويصلون أوروبا بشكل غير شرعي وبشتى الطرق. في ألمانيا الشرقية كان هناك جدار برلين بين برلين الشرقية وبرلين الغربية. الآن اصبح الجدار موضة من جدار الفصل في الضفة الغربية الى جدار الفصل في الولايات المتحدة الأمريكية وسيكون هناك جدران عازلة في دول أوروبا الشرقية. من برلين الشرقية كان اللاجئون يتسللون الى برلين الغربية. كان اللاجئون الألمان يعبرون الى الغرب بشكل غير شرعي ولا أحد يقول أنه غير شرعي.
في بولندا انتجوا فيلماً بعنوان 300 ميل الى السماء عن صبيين بولنديين استطاعا الهرب والوصول الى السويد وتقديم اللجوءفيها، خدث هذا في زمن الحكم الاشتراكي ببولندا كما سبقتني بالاشارة الى ذلك السيدة عضو البرلمان البولندي. أتعلمون لدي ابن اخي شاب صغير السن، كان يريد الوصول الى الاتحاد الاوروبي وبولندا أو لاتفيا عبر روسيا البيضاء. رجوته أن لا يفعل ذلك لأن اللاجئين هنا على الحدود وف يالغابات يعيشون ظروفا لا انسانية وصعبة ويموتون جوعا وبرداً.. طلبت منه أن يبقى مكانه وأن يصبر ويصمد ويتحمل لغاية أن يأتيه الفرج.
أشكركم وأتمنى لكم النجاح
نضال حمد لاجئ من فلسطين ومواطن عالمي.