كنعان النشرة الإلكترونية – العدد 3745 – مجموعة مقالات
كنعان النشرة الإلكترونية
Kana’an – The e-Bulletin
السنة الخامسة عشر ◘ العدد 3745
8 شباط (فبراير) 2015
في هذا العدد:
■ سناء محيدلي مختلفة، عادل سمارة
■ واحدة تُحسب للأنروا! عبداللطيف مهنا
■ (جيش الإسلام) السعودي يقصف دمشق! رشاد أبو شاور
■ السيناريو … الشرارة، ثريا عاصي
■ التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية، منذر سليمان
● ● ●
سناء محيدلي مختلفة
عادل سمارة
ذكر الصديق صدقي المقت لعل اعادني إلى تفكير مجدد في هذه المرأة المختلفة. يمكن للبعض أن يراها متميزة عن النساء البرجوازيات و/أو من يسموهن “الأميرات” في ممالك تابعة من أرضها إلى السماء. أو يراها متميزة عن النساء النس/ذكوريات اللائي يُرفعن إلى مواقع هي أمكنة لا مكانة لأنهن تشربن إيديولوجيا خدمة السلطة الرأس مالية الذكورية وحتى البطريركية، أو يراها البعض متميزة على نساء الأنجزة المنقسمة الواحدة منهم بين الولاء للمانح الأجنبي، والولاء للارتزاق، ويمكن ان يراها البعض متميزة عن نساء الأكاديميا اللائي يرين الحياة في الورق وأقراص المعلومات. ويمكن أن يراها البعض متميزة على نساء لا يحتجن الرجل في شيء ولكنهن يرفعنه سيدا عليهن فقط لأنه رجل ولكي يشعرن بمتعة الدونية التي تربين عليها. يمكن أن يراها البعض متميزة في الكثير، وكل هذه التقديرات صحيحة. ولكن لسناء محيدلي تميزا هذا زمان التركيز عليه، فهي تمردت ‘على أقبح القيود، وأصعبها انتزاعا وتقديداً، هو القيد الذي ابتًليت به لبنان ورضيت وحتى تفاخرت، إنه القيد الطائفي. صحيح انه في كثير من القطريات العربية ولكنه في لبنان لعنة هائلة تكاد تمزق الأرض طائفياً. فأن تخرج امرأة فتاة على كل هذا، هو التميز الحقيقي. ففي لبنان رأس المال طائفي، المعابد طائفية، العلاقات بين الرجل والمرأة طائفية، مراكز السلطة طائفية، مواقع الأكاديميا طائفية مكبات الزبالة طائفية، أشكال التعبية للسادة الغربيين طائفية، واشكال وآليات التبعية لبلدان الريع النفطي ايضا طائفية….والأنكى من كل هذا المقاومة طائفية رغم أنها أقدس ما يجمع. فأن تخرج امرأة عن كل هذا، هي حقاً متميزة بامتياز.
● ● ●
واحدة تُحسب للأنروا!
عبداللطيف مهنا
من باب اعط لكل ذي حق حقه، يتوجب علينا الاعتراف لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأنروا”، التابعة لهيئة الأمم المتحدة، بواحدة مما جادت بها مؤخراً من حسناتها القليلة، والتي اخذت تقل أكثر فأكثر في السنوات الأخيرة. ذلك عندما ذكَّرت العرب، بما ارادت أن تذكِّر به العالم، أو ما حاولته، وهو أن هناك معتقلاً مساحته لاتعدو 360 ميلاً مربعاً، يكتظ بما تعداده يفوق المليون وثمانمئة انسان، وفي طريقهم لأن يصبحوا المليونين قريباً، اسمه قطاع غزة المحاصر…المحاصر صهيونياً وعربياً، وبالتالي دولياً، والى اجل غير مسمى، أو الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا…صاحبة الفضل “الأنروا” ذكَّرت بما ذكَّرت به عندما قررت ايقاف ما كان يتيسر لها، وبالتالي يتيسَّر منها من مساعدات شحيحة لمن دُمِّرت بيوتهم ولم يعاد اعمارها بعد، أومن هم شرِّدوا داخل اسوار هذا المعتقل ولا من مأوى يتوفر لهم. نقول هذا، لأنه يبدو أن الخمسة اشهر التي اعقبت محرقة الحرب العدوانية الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة كانت كافية وزيادة لأن ينسى هذا العالم بسهولة وكعادته فظائع المعتدين على هولها وبشاعتها، والتي صابحته وماسته على الشاشات لمدة 52 يوماً، وأن يسارع العرب، وكعادتهم أيضاً، فيكفوا عن التغنِّي ببطولات الغزيين واسطورية مقاومتهم وفرادة صمودهم وعظيم تضحياتهم، ومن ثم العودة لسالف نعمة النسيان التي تفرَّدوا من بين الأمم بسرعة لجوئهم الى ملاذها الآمن.
كانت ذريعة “الأنروا” لوقف نزر مساعداتها لمنكوبي غزة هو أن ما سموا ب”المانحين”، والعرب منهم، واللذين ذكَّرتنا خطوتها هذه بأنهم كانوا قد اجتمعوا في القاهرة بعيد وقف اطلاق النار وتعهَّدوا بتقديم ما مقداره الخمسة مليارات ونصف المليار دولار لإعادة إعمار القطاع المدمَّر، لم يفو بما تعهَّدوا به، وأن جل ما وصل هذه “الأنروا” منهم لم يزد على 135 مليوناً فقط لاغير. وعليه، فهى قامت بخطوتها قائلةً كلمتها، ومن ثم استراحت، بعد أن ابلغت من عسى أن يهمه الأمر، إن هو وجد، بأن الوضع في القطاع المدمَّر والمحاصر “كارثي وصادم”، تاركة للإحصائيات المختلفة أن تتكفل بالبقية: هناك ما تعداده المليون من ما هم المليون والثمانمئة من اهالي القطاع ممن يعيشون على المساعدات، ومئة الف مشرَّدون وبلا مأوى، وإن اربعين في المئة من الغزيين هم تحت خط الفقر، واجمالاً متوسط دخل الفرد في القطاع لايزد على دولار واحد. وحيث 80% من مصانع القطاع متوقفة فإن عمَّاله بلاعمل، كما أن موظفيه بفضل أوسلوية ما تدعى “حكومة الوفاق الوطني” الملتزمة باشتراطات مانحيها هم بلا رواتب، والمستشفيات لاتنقصها الأجهزة فحسب بل هى بلا أدوية، ثم يأتي انقطاع الكهرباء، يضاف اليه، أن 95% من المياه غير صالحة للشرب، والباقي برسم النفاد في الأعوام الأربعة القادمة، والصرف الصحي بات يأخذ طريقه الى البحر دونما معالجة…وقد نستطرد فلا نفي راهن الجحيم الغزي، أو هذا المعتقل الذي دمَّرت الحرب العدوانية حجره وشجره وكل ما يدعى البنى التحتية فيه، والذي قدَّم الفين ومئتي شهيد واكثر من عشرة آلاف جريح، حقه توصيفاً، فلا الحصار رفع ، ولا المعابر فتحت، ومسألة فتحها واحدة مما نص عليه اتفاق وقف اطلاق النار، ولا اعادة الأعمار تمت ولا حتى بدأت، وما جرى حتى الآن منها كان بالقطارة الصهيونية، والتي إن ظلت على هذا المنوال، فقد يلزمها، إن هى تواصلت، ثلاثة عقود قادمة لتتم على اقل تقدير!!!
وإذا كان المفترض، وفق اتفاق وقف اطلاق النار، العودة للتفاوض غير المباشر لرفع الحصار واقامة الميناء، أو ما أمل الفلسطينيون أن يكون معبرهم البحري الآمن من غوائل الإقفال، فإن المسألة برمتها قد طويت الآن بعد أن أجلها الوسيط المصري وساطته إلى اجل غير مسمى، بمعنى أنها لم تعد واردة. لكنما الأدهى هو أن جهة واحدة من المشكوك فيه أن خطوة مثل خطوة “الأنروا”، على خطورتها، قد تهمها أو تعنيها كثيراً، أو ربما حتى تُذكِّرها مع من ذكَّرته بكارثية الوضع الإنساني في غزة، ذلك لالتزامها تناسياً متعمِّداً له، وهى سلطة أوسلو، وعليه، تحجم حكومة “توافقها الوطني”، أو التي شُكِّلت إثر مصالحة التكاذب، أو “اتفاق الشاطىء”، عن بسط سيطرتها على القطاع المحاصر، ليس تهرباً من مسؤولية وكيدية منها لمن لايتفقون مع نهجها فحسب، وإنما أيضاً انسجاماً منها مع ما تدعى استراتيجية التدويل، والتي لاتعدو تكتيكاً بائساً منتهى استهدافاته تسهيل وتحسين شروط العودة لعبثية المفاوضات واستدراراً لفرصها…هذه المعلقة على ما ستأتي به الانتخابات الصهيونية المنتظرة، بمعنى انتظار الأوسلويين لأن تحدث المعجزة فيمسي الكيان الغاصب ليصبح على حكومة أقل تعنتاً والطف تطرفاً فتفاوضهم وقد تعطيهم شيئاً، أي الأمر الذي لايخفى عكسه إلا على من يدس رأسه في رمال التسوية ومتاهات التسويف الأميركى، إذ أن هذه الانتخابات وفي مثل هكذا كيان لن تنتج إلا صهاينةً أكثر صهينةً وتطرفاً من سابقيهم!
…عرف الفلسطينيون نكبة مستمرة لثلاثة ارباع القرن. محطاتها كانت ثلاثاً، 1948،1967، 1993…لعل الأخيرة، أوسلو، هى الأخطر، لأنه في الأولى، احتفظ الفلسطينيون بمفاتيح بيوتهم ايماناً بالعودة اليها، وفي الثانية، تصاعدت ثورتهم المعاصرة بهدف تحرير كامل وطنهم المغتصب، أما الثالثة، فشهدت تنازل الأوسلويين عن مفاتيحهم ومساومتهم على ماتبقى من الأرض…لكن، حتى “الأنروا” تقول بأن راهن غزة المحاصرة ينذر بقرب الإنفجار…أما حال الضفة المستباحة فينبىء بأنه ما من خيار أمام الفلسطينيين إلا المقاومة…
● ● ●
(جيش الإسلام) السعودي يقصف دمشق!
رشاد أبو شاور
ما يُسمّى ب( جيش الإسلام) ، والذي ( يقوده) مستأجر للسعودية اسمه زهران علوش، قصف صبيحة اليوم دمشق بعدد من القذائف، والصواريخ، ما أودى بحياة خمسة مواطنين سوريين…
(جيش الإسلام) هذا مموّل سعوديا، ومُسلّح سعوديا، و..إسلامه سعودي وهابي، ولأن السعودية بينها وبين دمشق، قلب العروبة، ثارات قديمة و..جديدة، فإنها تتمنى لو يتمكن عملاؤها، ومرتزقتها من تدمير دمشق، بل سورية كلها…
لقد قرأنا على لسان المبعوث الروسي، ما قاله له (بندر) الذي أشرف على ( الملف) السوري، فموّل، واستاجر، وخطط مع الأمريكان ، والصهاينة..
ماذا قال بندر هذا ؟ اريد تدمير سورية !!
هذا هو ( إسلامهم) الوهابي، الأمريكي، المتصهين..وبكافة أسماء فصائلهم المجرمة: يحرقون الناس أحياء، ويستبيحون الحرمات، ويحولون أوطاننا إلى جحيم: من اليمن إلى سورية، إلى مصر، إلى لبنان، إلى تونس..إلى ليبيا.
أبدا لن ننسى الدور القطري الجهنمي، ولكن السعودية ( رائدة) في التخريب، والقتل، وخدمة مخططات أمريكا.وبالتأكيد: العدو الصهيوني…
* الخميس 5 شباط 2015
● ● ●
السيناريو … الشرارة
ثريا عاصي
إشتعل البوعزيزي في تونس.. فانتشرت النار في الهشيم. وصلت الشرارة إلى برميل بارود. ليس مؤكدا أن الكثيرين في تونس كانوا على علم بوجوده. الدليل على ذلك أن إنفجاره تطلب تدخل جهات خارجية عدة قامت بالنفخ فيه حتى خرج اللهب. فحل الرئيس زين العابدين بن علي ضيفا مكرما بين أهله في مملكة السعوديين.
لا شك في أن موت الشاب المصري خالد سعيد، في حزيران 2010، تحت التعذيب على يد الشرطة المصرية، كان واحدا من العوامل الأساسية التي تطاير منها الشرر إلى أن وقع الحريق في 25 كانون الثاني 2011. حرب في سيناء. متفجرات هنا وهناك.
في سوريا أيضا، من المحتمل أن خطأ عفويا أو جريمة متعمدة، أديا في حزيران 2011 إلى وفاة الصبي أحمد الخطيب في درعا. إذا قارنت إعلام المتمردين السوريين مع إعلام الحكومة لوجدت الفرق بينهما كبيرا، كمثل الفرق بين المرأة في مملكة السعوديين الممنوعة من قيادة السيارة وبين نظيرتها في الإمارات الخليجية المتحدة التي تقود طائرة عسكرية !
إشتهرت «داعش» منذ ظهورها بإنتاج أفلام رعب وترهيب، وتوزيعها، إلى حد أن أحاسيسنا تبلدت، نحن الذين كنا نفاخر بأنفسنا لأننا عرب، من شيمنا حسن الأخلاق والكرم والشجاعة والرأفة بالضعيف والعفو عند المقدرة والرفق بالحيوان. اليوم، نطأطئ رؤوسنا ونمشي !
من أين جاءت «داعش» ؟ يقول نائب الرئيس الأميركي (جو بايدن) أن الأصل مرده إلى خطأ وقع فيه اصدقاؤه في المنطقة، وتحديدا مجلس التعاون الخليجي. جاء في روايات أخرى أن «داعش» هي فرع جذعه القاعدة في أفغانستان. إستقوت بانضمام بعثيين عراقيين إلى صفوفها إنتقاما للرئيس العراقي صدام حسين، بالإضافة إلى انضمام سجناء أفرجت عنهم الحكومة السورية في إطار بادرة حسن نية !. مهما يكن فمن الثابت أن «داعش»، لديها من العديد والعتاد ما يلزم للإحتفاظ بالرقعة التي تسيطر عليها، رغم أنف جيوش الدنيا مجتمعة. هل سقطت الطائرة الأردنية أم أسقطت؟!
ما أود قوله بهذا الصدد هو أني في حيرة من أمر رد فعل الحكومة الأردنية الشديد والواسع والمستمر، على النهاية الوحشية التي أعدتها «داعش» للطيار الأردني الذي وقع بين أيديها. إرتكبت «داعش» أعمالا شنيعة لا تحصى، راح ضحيتها مؤخرا، أميركيون وبريطانيون ويابانيون، لن أذكر السوريين والعراقيين واللبنانيين، هؤلاء مساكين. ولكن رد فعل هذه الدول الكبرى بقي محدودا. هل ستتوكل الحكومة الأردنية بمحاربة «داعش» جوا وبرا في عقر دارها في الرقة.. وإلى الفرات. من أين للأردن هذه القدرات التي تسمح بشن ثلاثين غارة جوية في يوم واحد؟!
من المعروف، أنه يوجد في الأردن معسكرات تدريب لإعداد المسلحين قبل إرسالهم إلى سوريا، ومن المعروف، أن الحكومة الأردنية هي جزء من التحالف الدولي لإسقاط الدولة في سوريا، بالإضافة إلى عضويتها في التحالف ضد الإرهاب ! الطيار الأردني نفذ أوامر قيادته.
تأسيساً عليه يحق لنا أن نخشى من الشرر الذي من المحتمل أن يتطاير من جريمة قتل الطيار الأردني الملازم أول معاذ الكساسبة، فيضرم اللهب في آن واحد في الأردن والعراق وسوريا. الجبهة الشمالية سابقا!
:::::
“الديار”
● ● ●
التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية
رئيس التحرير: د. منذر سليمان
نائب رئيس التحرير: جعفر الجعفري
مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
واشنطن، 6 شباط (فبراير) 2015
المقدمة
تزاحمت جملة من القضايا لادراجها على سلم اولويات مراكز الفكر والابحاث الاميركية، اهمها الجدل الصاخب المرافق لاقرار الميزانية السنوية لعام 2016، وكشف وكالة المخابرات المركزية عن اشراكها جهاز “الموساد” في تنفيذ عملية اغتيال الشهيد عماد مغنية في دمشق، عام 2008.
سيستعرض قسم التحليل مسألة الاغتيال السياسي، بالاشارة الى عقم سياسة الاغتيالات “المفضلة لدى الكيان الاسرائيلي،” وعادة تؤدي الى نتائج غير محسوبة.
ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
“الجهادية الشيعية”
ابرز معهد واشنطن ما اسماه تداعيات “الجهادية الشيعية في سورية، موضحا انه رصد “الآلاف من مقاتلي الجهاديين الشيعة ينخرطون في القتال ضد خصومهم السنة في سورية .. والذين اتوا من العراق ولبنان بشكل اساسي، وكذلك من دول اخرى.” واضاف ان ما بدأ كمحاولة للدفاع عن المرافق الدينية المقدسة في سوريا شكل غطاءً “لجهد جيواستراتيجي وايديولوجي ايراني بالغ التنظيم لحماية حليفها في دمشق واستعراض القوة داخل سورية والعراق ومنطقة الشرق الاوسط.”
سورية
نبه معهد كارنيغي الدول الغربية الى ما اعتبره “مقامرة بالغة الخطورة” للرئيس الاسد لتصلبه في مواقفه واعتقاده ان باستطاعته اقناع الغرب وحلفائه الاقليميين قبول شروطه للحل، كما تجسد في مقابلة اجراها في 20 كانون الثاني مع دورية “فورين افيرز” اذ وصف مشاركة بلاده في محادثات موسكو مع المعارضة السورية بأنها “تحضير لعقد مؤتمر للتفاوض على حل سياسي للصراع.” واعرب المعهد عن اعتقاده ان الرئيس الاسد “يسعى الى كسب الوقت ليس الا،” اذ ان اهدافه تتمثل في “تأمين استعادة الاتصالات السياسية المباشرة مع الولايات المتحدة؛ وقبول اميركي، ضمني على الاقل، بسيطرة النظام الفعلية على سورية، من دون تقديم تنازلات جوهرية في المقابل.” واشار المعهد الى تبدل الموقف الاميركي “من الفتور الاولي الى الترحيب العلني” بمحادثات موسكو التي تؤشر على عمل مشترك مع روسيا “يتيح للولايات المتحدة حفظ ماء وجهها للتكيف مع بقاء (الرئيس) الاسد بصورة اكثر رسمية.”
صراع الخلافة: عُمان بعد السعودية
سلط معهد كارنيغي الضوء على “الآلية المعقدة لخلافة السلطان كما نص عليها القانون الاساسي،” سيما وان “مجلس العائلة الحاكمة لم يلتئم شمله للحظة،” مما يفتح الابواب على مصراعيها لبروز “عناصر لا تنتمي للعائلة الحاكمة وارتباطهم العضوي بالسلطان قابوس حصراً.” وحذر المعهد من ان المرحلة المقبل قد “تشهد تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة .. بيد ان المجتمع العماني المدني الناشيء سيحجم عن منح الزعيم المقبل ثقة الابوة الاستبدادية التي وفرها جيل الآباء للسلطان قابوس.”
ايران
طالب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “الولايات المتحدة واوروبا” الاعداد لمرحلة قد تفشل فيها المفاوضات الجارية، مما يستدعي “النظر بانزال سلسلة عقوبات منسقة او تشديد القيود على برنامج ايران كبديل لذلك.” ونبه الغرب بالقول ان روسيا والصين “لن تدعما تلك الخطوات على الارجح، بيد انهما لن يُفشلا صيغة 5+1 العقابية ..” واضاف انه يتعين تشديد تدابير السياسات الغربية لاقناع ايران ان “تدخلاتها في الازمات الاقليمية سيكلفها كثيرا.”
فند معهد هدسون أسس استراتيجية الرئيس اوباما حيال ايران التي تستند الى “دمج ايران في النظام الاقتصادي والسياسي الدولي .. بدل ممارسة مزيد من الضغوطات عليها.” واوضح ان الرئيس اوباما “يعتقد جازما ان استراتيجيته تؤتي ثمارها .. حتى لو تطلبت عقد من الزمن او 15 عاما او حتى 20 عاما.”
افغانستان
نبه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الى تردي الاوضاع الأمنية في افغانستان بشكل “اسوأ كثيرا من الصورة التي تنقلها وزارة الدفاع وقيادة القوات الدولية .. مشيرا الى اخفاق جهود الولايات المتحدة وحلفائها في رعاية وتدريب” القوات الافغانية. واوضح ان استراتيجية الرئيس اوباما بتقليص الانفاقات العسكرية مصحوبة بخفض مستوى “الحضور الاستشاري للقوات الاميركية .. قد تؤدي الى شل جهود المرحلة الانتقالية” مما قد “يستدعي تعزيز الجهود لتواجد عسكري طويل بالغ الضرورة لتحقيق النجاح.”
الميزانية السنوية لعام 2016
حثت مؤسسة هاريتاج قادة الكونغرس بتركيبته الجديدة على “زيادة منسوب ميزانية الدفاع المقررة للعام المقبل بحيث تصبح 584 مليار دولار .. الضرورية لاعادة بناء القوات المسلحة عقب تخفيضات مستمرة عبر ست سنوات.” وطالبت المؤسسة بضمان نسب زيادة الانفاق العسكري المقبلة وعدم تعريض الأمن القومي لمقتضيات برامج الانفاق الاخرى.
التحليل:
لماذا الكشف عن الدور الاميركي في اغتيال القائد مغنية؟
المردود العكسي للاغتيالات
في اجراء غير معهود، اعترفت وكالة الاستخبارات المركزية بمسؤوليتها “المشتركة مع الموساد” في اغتيال المسؤول العسكري في حزب الله، عماد مغنية، عام 2008. وجاء الاعتراف عبر نشر رواية متزامنة في صحيفة “واشنطن بوست،” 30 كانون الثاني 2015؛ واسبوعية “نيوزويك،” 31 كانون الثاني؛ تقاطعت روايتيهما بالعديد من المحطات والتفاصيل سيما وان المشترك بينهما هو المصدر عينه. جاء ذلك دون مسبقات او تطورات ظاهرية في الفترة الراهنة تستدعي الكشف عن مسؤولية الاغتيال، وهما الجهازين الابرز عالميا بعمليات القتل والاغتيال.
ما يهمنا في سردية الرواية اقرار الوكالة بأنها مسؤولة عن اجراء التجارب على العبوة الناسفة في الاراضي الاميركية وتسليمها لمحطة الاستخبارات في المنطقة “مرورا بالاراضي الاردنية.” اما ما تبقى من تفاصيل وادعاءات فلا يعدو يندرج تحت باب التكهنات والحرب النفسية، حتى وان تتضمن معلومات تبدو واقعية ومقنعة للوهلة الاولى. ومنها ما نُقل عن نائب الرئيس الاميركي السابق، ديك تشيني، باجراء مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء “الاسرائيلي” السابق، ايهود اولمرت، لتهنئته “والاشادة بتعاونه لانجاح العملية” فور الاغتيال.
الرسائل الكامنة
من البديهي طرح جملة تساؤلات تتعلق بالدافع او جملة الدوافع التي استدعت الوكالة للكشف عما يعتقد واثبتت التحقيقات والدلائل المادية مسؤولية الطرفين فيها بامتياز؛ خاصة في ظل حادثتين بارزتين: الاولى، المفاوضات النووية مع ايران والحرب الاستخبارية الباردة معها؛ والثانية، عملية حزب الله العسكرية في مزارع شبعا ضد دورية عسكرية “اسرائيلية،” وما رافقها من تصريحات للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وابرز ما اشارت اليه وسائل الاعلام الغربية بشكل خاص ان “ما قبل العدوان الاسرائيلي في الجولان ليس كما بعده .. ونهاية ما كان يعتبر قواعد الاشتباك؛” وما تناقلته الاوساط المحلية بأن الحزب تعهد “بملاحقة العدو اينما كان وكيفما كان وفي اي مكان،” مستحضرا مقولة القائد الفلسطيني وديع حداد “وراء العدو في كل مكان،” اذ تشير بعض الروايات الى تمكن الموساد من اغتياله بدس السم في نوع مفضل له من الحلوى او الشوكولاته، وقضى يوم 28 آذار/مارس 1978.
يذكر ايضا ان الفترة الراهنة تشهد “تراشقا علنيا بين واشنطن وتل ابيب،” على خلفية ما اعتبره البيت الابيض “حشر نتنياهو نفسه في المشاحنات الداخلية الاميركية،” اي الصراع العلني بين البيت الابيض والكونغرس، والتي يعتبرها البعض مبالغا في التفسير انها احد العوامل التي دفعت الوكالة للاعلان. توتر العلاقات بين اوباما ونتنياهو ليس جديدا، ولا ينبغي تضخيمه لدرجة تصويره أزمة مستعصية تهدد العلاقة العضوية مع الكيان “الاسرائيلي.”
الالتزام الصارم بالاسلوب العلمي للتحليل يقتضي البحث في القضايا والابعاد غير البارزة، ومقاربتها بما يحدث من اجل التوصل الى استنتاجات حقيقية تقترب من جوهر المسألة بعيدا عن التهويل والايحاء والادعاء.
قبل الولوج في الدوافع البينة والمستترة لاعلان الوكالة، تجدر الاشارة الى جملة من المعطيات المرتبطة مباشرة بسياق الصراع الاستراتيجي في المنطقة بين المشروع الاميركي وادواته واعوانه المحليين، وبين الفئات الشعبية المناهضة له والمسحوقة وهي الاغلبية.
ابعاد مكتومة
اولى تلك المعطيات ما كشفته “ويكيليكس” من وثائق سرية تتعلق باختراق الاجهزة المركزية لمعهد “ستراتفور” الاستخباري الاميركي، عام 2011، حول ابعاد التدخل العسكري والاستخباري الاميركي في المنطقة، وما دلت عليه من ردود فعل لاعلان “حزب الله” كشفه عن اعتقال خلية تجسسية تتبع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، والتي وصفها بانها “جزءاً يسيراً” مما لديه،” 10 كانون الاول 2011. واوضح المعهد ان حزب الله “رمى ابلاغ رسالة قاسية لوكالة الاستخبارات بأنه يتعين عليها الكف عن اللعب بالساحة اللبنانية.”
شبكة التلفزيون الاميركية، ايه بي سي، 20 تشرين الثاني 2011، اوضحت حجم الضرر الذي اصاب محطة وكالة الاستخبارات بالقول “تبين ان كان هناك (في لبنان) حلقتي تجسس منفصلتين استهدفتا ايران وحزب الله .. واللتين كشف امرهما بصورة منفصلة بيد انهما تسببتا بانتكاسة هامة لجهود الولايات المتحدة تتبع نشاطات ايران النووية وعمليات حزب الله المناهضة لاسرائيل.” واضافت نقلا على لسان مسؤولين اميركيين ان “الضرر الناجم عن شبكة التجسس في لبنان كان اشد من المعتاد .. الضرر اصاب سر المهنة في مقتل.”
الحرب الاستخبارية بين الولايات المتحدة وايران لم تهدأ، واستطاعت ايران تعقب واعتقال عدد من المتهمين بالتجسس لصالح وكالة الاستخبارات المركزية، بمن فيهم عناصر اميركية اشهرها “عنصر مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت لفينسون .. الذي اختفى اثره” في ايران في شهر آذار عام 2007؛ فضلا عن آخرين من اصول ايرانية القي القبض عليهم. نشرت وكالة “اسوشيتد برس” الاميركية للانباء تقريرا يوم 12 كانون الاول 2013، يوضح علاقة لفينسون بوكالة الاستخبارات المركزية، تبعتها صحيفة نيويورك تايمز باستعراض تاريخ علاقته المطول لصالح الوكالة. بالمقابل، استطاعت الاجهزة الاميركية “بمساعدة الموساد، كما يعتقد” النيل من العلماء الايرانيين في شى المجالات النووية والعلوم الطبيعية.
في باب المعطيات الداخلية الاميركية، نشير الى حادثتين لا ترابط بينهما في البدء، لكنهما تكملان المشهد الداخلي ودوافعه.
الدور التقليدي للوكالة
الاولى، اصدار المحكمة الفيدرالية حكما يدين ضابط الاستخبارات السابق، جيفري ستيرلنغ، 27 كانون الثاني 2015، بالكشف غير المرخص عن معلومات تتعلق بالأمن القومي “سربها للصحافي في جريدة نيويورك تايمز، جيمس رايزن،” كما ورد. وجهت التهمة بالبداية الى الصحافي المذكور للضغط عليه بالكشف عن مصادره التي استقى منها معلوماته المنشورة، وواجه بشجاعة تهديدا قضائيا بسجنه 18 شهرا ان لم يمتثل للكشف عن مصادره، واستمر بالرفض الذي رافقه حملات تضامن مكثفة لحماية حقوقه في التعبير المنصوص عليها دستوريا.
نواة الاتهام الممزدوج تتعلق بمعلومات ضمنها رايزن في كتابه “حالة حرب: التاريخ السري للسي آي ايه وادارة (الرئيس جورج) بوش” الابن، اصدار 2006، تتعلق بالعمليات السرية ضد ايران وتمرير رسم بياني “ملغوم” للمكونات النووية عبر عنصر روسي سلمها لعميل اميركي في ايران تبين فيما بعد انه عميل مزدوج والذي سلمها بدوره للسلطات الايرانية. وصف رايزن المشرفين على العملية في مقر وكالة الاستخبارات بانهم ارفقوا الرسومات المشار اليها تفاصيل اخرى “قد تستخدم في الكشف عن هوية كافة جواسيس الوكالة تقريبا داخل ايران.” واوضح انه بناء على ما تقدم استطاعت السلطات الايرانية اعتقال كافة عناصر شبكة التجسس داخل ايران.
الحادثة الثانية تمت باعلان الرئيس اوباما، يوم السادس من شهر كانون الثاني الماضي، عن اختياره ديفيد كوهين لمنصب نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، والذي شغل منصبا رفيعا في وزارة المالية كمساعد الوزير “لشؤون الارهاب والاستخبارات المصرفية،” ولعب دورا محوريا في تطبيق سياسة العقوبات الاميركية على كل من روسيا وايران. كما شارك كوهين في “عدد من الاجتماعات رفيعة المستوى في البيت الابيض تناولت مسائل متعددة شملت سورية واوكرانيا وايران وجهود مكافحة الارهاب،” وفق تصريحات نائب مستشار الأمن القومي، بن رودس.
اللافت في هذا التعيين ردود فعل وابتهاج اللوبي اليهودي و”اسرائيل،” التي اوضحت ان طاقم وكالة الاستخبارات المركزية كان “يشغله الواسب منذ تأسيسها،” في اشارة الى “البيض من الانغلو ساكسون البروتستانت.” واضافت الصحف “الاسرائيلية” ان المدير السابق لمحطة الوكالة في تل ابيب كان يهوديا؛ بالاضافة الى مدير الوكالة اليهودي الاسبق، جون دويتش، 1995-1996.
كوهين اضحى اليهودي الثاني في تراتبية اهم المناصب داخل الادارة الاميركية، بعد مسؤوله السابق وزير المالية جاكوب لو. وجاء في احد التعليقات للصحافي “الاسرائيلي” يوسي ميلمان ان كوهين عمل بشكل وثيق مع “جهاز الأمن الاسرائيلي – الشين بيت، في سياق توقيف تدفق المال لحركة حماس، وبشكل اخص في الجهود المشتركة لتعقب آلية تمويل حزب الله ومحاولات ايران للتملص من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.”
رسائل سياسية متعددة الاطراف
في العودة للتوقف عند الدوافع المعلنة، نشير الى ما تناقلته الصحف “الاسرائيلية” وشاطرتها وسائل الاعلام الاميركية بأن “الكشف رمى توصيل رسالة قاسية لحزب الله وايران ..” للحد من تنامي نفوذهما في الاقليم “عبر الاشارة الى اليد الطولى للاستخبارات.”
ايضا، يجمع عدد كبير من خبراء الأمن والسياسة الاميركيين ان “ادارة الرئيس اوباما تقف مباشرة وراء التسريب ..” نظرا للعلاقة المتوترة مع بنيامين نتنياهو، احد اهدافها ربما توجيه تهديد مبطن بأن “حاجته للولايات المتحدة لا يقدر على التضحية بها وعليه التزام التهدئة،” كما يتعين عليه التذكر بأنه “الشريك الاصغر في تحالف تقوده دولة عظمى.” يشير “مسؤولون اميركيون” بشدة الى الدور المركزي والمميز لوكالة الاستخبارات المركزية في اغتيال القائد عماد مغنية، بينما “لعب الموساد دورا مؤازرا ..”
كما يذهب البعض الى القول ان الرسالة الاخرى لنتنياهو ان الولايات المتحدة لديها كم هائل من الاسرار التي من شأن الكشف عنها الحاق الضرر بنتنياهو ان لم يرتعد عن اتخاذ مواقف “تحرج” الرئيس اوباما.
من ضمن احتمالات الدوافع ايضا النزعة العدوانية لعدد من كبار مسؤولي اجهزة الاستخبارات الاميركية، والذين ينسقون خطواتهم على وقع تأزيم التوترات الراهنة في المنطقة. لكن نظرة سريعة على سجل الرئيس اوباما في تعقب وملاحقة ومقاضاة اي موظف حكومي ضالع في تسريب معلومات “محرجة سياسيا،” يستبعد ذلك البعد كما تبين اعلاه في مقاضاة الثنائي رايزن – ستيرلنغ بصورة مهينة تنم عن حقد دفين. كما تجدر الاشارة الى ان اغتيال عماد مغنية تم في عهد الرئيس جورج بوش الابن، ومن ثم فان المعلومات المسربة ذات الطبيعة الاستخبارية لا ينطوي عليها توريط ادارة الرئيس اوباما – بل تشير الى عمق العلاقة العضوية والعملية لجهازي الوكالة المركزية والموساد.
استراتيجية الاغتيالات وثمارها
تعود الاغتيالات الى عمق تاريخ البشرية كوسيلة مكملة لسياسات وقوى ومصالح قائمة. والاغتيالات السياسية لاحقت سياسة الولايات المتحدة، منذ الحرب العالمية الثانية بصعودها على المسرح الدولي، ووفرت الغطاء اللازم لحليفتها “اسرائيل” في التمادي بتوسيع ساحة الاغتيالات الى مناطق متعددة من العالم دون رقيب او محاسبة. ودخول عامل طائرات الدرونز ضمن قائمة الموارد المتاحة للاغتيالات اكبر دليل على ادراك الطرفين باستمرار مسلسل الاغتيالات لعناصر وقيادات وكفاءات في مختلف الاختصاصات الرامية للارتقاء بالحياة الانسانية الى مستويات ارفع.
تبرز بين الحين والآخر صيحات تنادي بمراجعة سياسة الاغتيالات نظرا لما تلحقه من ضرر بسمعة الولايات المتحدة ومردودها المادي على الطرف الفاعل. واشارت بعض وثائق ويكيلكس الى مذكرات داخلية لوكالة الاستخبارات، مؤرخة يوم 7 تموز / يوليو 2009، تتساءل عن مدى نجاح سياسة “الاهداف ذات القيمة العالية،” او اغتيال يستهدف عناصر محددة عبر العالم تنوي التخلص منها. وورد في اخدى تلك الوثائق ما توصلت اليه الوكالة من استنتاج بأن محاولات الاغتيال التي مارستها القوى الاستعمارية والنظم الاستبدادية لم تفلح في اخماد ثورات الشعوب العالمية؛ فضلا عن ان الاعتماد المكثف بشن غارات جوية على اهداف منتقاة عادة ما تفشل في تحقيق الاهداف المرجوة.
استعرضت دراسة الوكالة التي قامت بها “مؤسسة راند” التجارب الثورية ومقاومة الاحتلالات في: افغانسان 2001-2009؛ الجزائر 1954-1962؛ كولومبيا 2002-2009؛ العراق 2004-2009؛ فلسطين المحتلة 1972-منتصف التسعينيات، ومن ثم لشهر حزيران 2009؛ البيرو 1980-1999؛ ايرلندا الشمالية 1969-1998؛ وسري لانكا 1983-2009. كما تضمنت المشهد في كل من الشيشان وليبا والباكستان وتايلند.
توصيات الدراسة اتت برسالة تحذيرية من مردود الاغتيالات على المدى الابعد “اذ بوسعها زيادة مستويات دعم الشعب للحركات” المسلحة، لا سيما عند وقوع ضحايا من المدنيين العزل. واقرت الدراسة بدور العمل النفسي للحركات المسلحة وتراجع اهمية دور طرفي الصراع امام مدى ادراك المزاج الشعبي لما يجري من احداث.
في الشق المتعلق بالاغتيالات في فلسطين المحتلة، اوضحت الدراسة “تعزيز اواصر اللحمة” في صفوف المسلحين “ورفعت منسوب الدعم الشعبي للقادة المتشددين، حسبما افاد مسؤولون في القنصلية الاميركية في القدس وقسم اعداد التقارير السرية.” يتضح ان الوجهة لا تحبذ استمرار برنامج الاغتيالات.
فيما يخص الثورة الجزائرية اوردت الدراسة ان “هدف جبهة التحرير الوطني الجزائرية استفزاز ردة فعل الفرنسيين الذين عاقبوا عموم الشعب الجزائري، وادى تزايد عدد ضحايا المدنيين الى ترسيخ شعبية الجبهة ..” واستعرضت الدراسة لجوء الاحتلال الفرنسي لاعتراض طائرة مدنية كانت تقل الرئيس الاسبق احمد بن بيلا “المعتدل نسبيا بين صفوف القادة،” واربعة قياديين آخرين مما “تسبب في تعزيز نفوذ قيادات الداخل الجزائري المتشددين.” وخلصت بالقول ان “الاجراءات الفرنسية القاسية .. اسهمت في تراجع التأييد داخل فرنسا وكذلك التأييد العالمي، مما ادى لتحقيق الجزائر استقلالها عام 1962.”
تحذيرات تم تجاهلها
ادرجت الدراسة المشار اليها عددا من التوصيات في سياق اعتماد الاغتيالات كحل سريع في مواجهة القوى الشعبية، محذرة من العقبات المواكبة للحل. منها، على سبيل المثال، افراط “الاعتماد عليها يؤدي الى فقدان الدولة البعد الاستراتيجي للصراع او التغاضي عن قضايا هامة في عملية مكافحة التمرد.” مضي ادارة الرئيس اوباما في اعتماد الاغتيالات يدل على اخفاق المسؤولين في أخذ التحذيرات الواردة محمل الجد.
الرئيس اوباما يتحكم مباشرة باصدار قرار الاغتيال من عدمه، وفق التوصيات الواردة له كل “يوم ثلاثاء” من الاسبوع من قبل الاجهزة الأمنية.
من ضمن التوصيات ايضا، التحذير من استخدام الاغتيالات بكثافة والتي من شأنها تعديل هيكلية المجموعات المسلحة واعتماد وحداتها على ابراز عناصر قيادية اكثر تشددا؛ كما تشهد عليه المجموعات المتوالدة من تنظيم القاعدة في اليمن وسورية والعراق والصومال وشمال افريقيا.
من المفارقة ان تقرير وزارة الخارجية الاميركية حول الارهاب للعام الماضي حذر من تحديات شبيهة بما سبق، وقال “خسارة قادة القاعدة في باكستان .. سارعت في اتخاذ المجموعة قرار اللامركزية في العمل وادى لبروز فصائل اخرى تابعة لشبكة القاعدة لكنها مستقلة في عملياتها وتحصر جهودها لتحقيق اهداف محلية واقليمية.” بالامكان القول ان التوصيات تنطبق ايضا على تشكيلات الدولة الاسلامية، واسهمت سياسة اوباما في الاغتيالات في رفع منسوب الدعم لداعش بدل القضاء عليها.
اعتماد الاستراتيجية الاميركية على عنصر الاغتيالات بطائرات الدرونز، في عهدي بوش الابن واوباما، لم تثمر نتائج ملموسة ولم تخلّص العراق من تهديد داعش. وارتفعت معدلات الشك بفعالية عمليات وكالة الاستخبارات المركزية خاصة في ظل تعاونها الصارخ مع الموساد لاغتيال عناصر قيادية.
ترميم الميزان المعنوي
تبقى العمليات الأمنية والاغتيالات وسيلة مفضلة للكيان الصهيوني، الوكيل للأصيل الاميركي، مع تراجع قدراته على ردع واستنزاف اطراف معسكر المقاومة، في ظل انكشاف عجزه عن تحقيق اهدافه في الحروب التي يشنها وخاصة منذ ارغامه على الانسحاب من معظم أراضي الجنوب اللبناني المحتلة في عام 2000.
ويمكن الاستنتاج في حالة الصراع العربي– الصهيوني، وتحديدا في حالة المجابهة مع حزب الله، ان العمليات الأمنية والاغتيالات تشكل وسيلة لترميم ما يعتبره القادة “الاسرئيليون” انكسارا او انهيارا في ميزان الحرب النفسية والمعنوية كلما سجلت المقاومة صمودا او نجازا ميدانيا او اطلق قائدها السيد حسن نصر الله تحديا جديدا او تهديدا تعتبره وجوديا لها.
ومع كل جولة مواجهة بين معسكر المقاومة والكيان المحتل وداعميه يبدو تماسك الحاضنة الشعبية للمقاومة أقوى واكثر استدامة قياسا بقلق وتوتر واهتزاز ثقة مستوطني الاحتلال بمستقبلهم ومصير كيانهم.
لا شك ان فقدان معسكر المقاومة قادة وكفاءات مجربة (أمثال الشهيد عماد مغنية) يشكل خسارة مادية ومعنوية كبرى، ولكن التجربة تثبت ان المعسكر يخرج من حالة الاحباط وألم الخسارة ويتجاوز عمليات الغدر الجبانة.
في معسكر المقاومة نجد قوافل القادة المتمرسين تتجدد، وفي معسكر الاحتلال يتجدد الخوف والقلق، وخاصة بعد اعلان قائد المقاومة في لبنان وباسم معسكر المقاومة الغاء قواعد الاشتباك القائمة لتاريخه.
:::::
المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
الموقع: www.thinktankmonitor.org
العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com
______
تابعوا مجلة “كنعان” الفصلية على الرابط التالي:
http://kanaanonline.org/
تابعوا “كنعان اون لاين” Kana’an Online على:
- · “كنعان” بالعربية:
http://kanaanonline.org/
- · “كنعان” بالانكليزية:
http://kanaanonline.org/
- · “فيس بوك” Facebook:
http://www.facebook.com/pages/