كيف تقتل “داعشياً” في الخليج؟ – حازم عوض
سابقاً، تحدثت عن “ساعة الصفر الأخطر وأن داعش بدأ لتوه”، وكنت قد توقعت خلال ذلك المقال، وصول التنظيم إلى السعودية ودول خليجية اخرى قريباً، وهذا مايشير فعلاً إلى قرب تهدئة اعمال التنظيم في كل من سورية والعراق بعدما قام برسم حدوده المقررة بمساعدة ضربات التحالف التي تعمل كلجام الدابة، وآخر مثال كان عندما هدد الاكراد بدخول الرقة “عاصمة الخلافة” كما يسميها “داعش” الذي رد بدخوله عين العرب، إلا أن الأمور عادت بعد ذلك إلى ماهو مقرر، على الأقل حالياً، فكل شيء مرسوم بعناية.
مجرى الاحداث اليوم، يدعو إلى عدة تساؤلات، أولها ان التنظيم وصل بقوة إلى بعض الدول التي تشارك فعلاً في التحالف الأميركي للجم نفوذ التنظيم بسورية والعراق، فعلى الرغم من ارسال الخليج لطائرات حربية تقصف “داعش” هناك، إلا أن ذلك لم يمنع ظهوره عبر تفجيرات قوية داخل تلك الدول، وعلى رأسها السعودية والكويت. فهل سنرى طائرات التحالف الغربي تضرب مقرات لـ”داعش” في السعودية والكويت، والبحرين قريباً وخاصة بعدما هدد أحد قيادات “داعش” بدخولها عبر تفجيرات مساجد للشيعة؟
أيضاً، أليس استهداف “داعش” لدول الخليج التي تتواجد فيها الطائفة الشيعية أمراً يثير الشك، أو اليقين بأن دور هذا التنظيم في تلك المنطقة طائفي على العلن أكثر من التمدد، عبر تعميق الشرخ بين الطائفة الشيعية التي تؤيد ايران سياسياً بشكل أو بآخر، وبين السنة هناك الذين تشربوا الحقد الطائفي والسياسي لايران منذ الصغر؟
لم يعد نافعاً اليوم الاعتماد على قصف الطائرات وباعتراف التحالف الدولي ذاته، ولا الضرب على وتر عقيدة الوطن لمقارعة هذا التنظيم المتشدد وخاصة في تلك المنطقة، فمن البديهي أن يلقى تأييداً ولو من شريحة محدودة في دول الخليج “الاسلامية”، وهنا ستكون تلك الدول في موقف حرج، فهي غير قادرة على تغيير خطابها الديني التاريخي – الذي يبرر وجود حكامها وخاصة في السعودية-، في سبيل الانقلاب إلى دولة علمانية بين ليلة وضحاها، كي تكون قادرة على اللعب بالعقيدة الوطنية التي باتت ضعيفة بفعل ممارسات الحكام الطائفية، وخاصة وأنهم من روج “للخطر الشيعي الفارسي” كما يريدون، والذي بدأ يتبين بأنه ليس كبيراً بحجم المخطط “الداعشي” الطائفي على بلدانهم.
تونس كان قرارها أسهل بعد أن استشعرت الخطر، وبدأت بخطوة جريئة لن تجرؤ عليها اي دولة من التي تحدثت عنها، وهي اغلاق أكثر من 80 مسجداً وجدت فيهم منبراً لنشر التشدد الديني. تونس قادرة على ذلك لان طابع الحكم فيها لا يأخذ منحاً دينياً، بينما السعودية ستكون امام مشكلة حقيقية في هذا الصدد.
– ،، على الهامش، وفي سياق منفصل ومتصل، ينفع كمثال. قامت الولايات المتحدة والتي تتشدق دائماً وأبداً بأن الاسلام دين تسامح وليس “داعشي”، بدأت بتمييع مجتمعها أكثر فأكثر وابعاده عن كل ماهو يصب في الدين، عبر تشريع زواج المثليين وممارسات مجتمعية أخرى،،
العقيدة الوطنية في تلك الدول – الخليجية – ضعيفة من الاساس فإن خلعت الصبغة الدينية عنها، تبقى كعاهرة عارية تملك الكثير من المال، ويكون سقوطها سهل جداً، لذلك لن تنجح هذه الدول بحشد قوة عسكرية وطنية لضرب عدو يرفع شعار “لا اله الا الله”، ومايزيد الطين بلة، أن مكونات الخليج تعتمد على العرب أو الاجانب من جنسيات مختلفة الذين يقيمون فيها أو حصلوا على جنسيتها، واغلبهم من طائفة واحدة، وقدموا على اساس الحكم الديني هناك، أو للحصول على الاموال فقط.
إذاً، عقيدة الوطن اليوم، لايمكنها أن تقارع العقيدة الدينية لدى “داعش” وخاصة في الخليج، طالما أن الحرب في المنطقة طائفية بحتة، وذات منحى ديني، فإما الانقلاب على كل تلك الامارات والممالك الدينية وخلق أنظمة علمانية وهنا ستكون الحرب مفتوحة على جبهتين، أو الدخول في المجابهة من ناحية طائفية، عبر استغلال الطائفة المستهدفة “الشيعة” وتقويتها لمقارعة التنظيم “الارهابي” الذي يتمدد باسم “السنة”، وهذا مستحيل إلا في حال التقارب مع ايران وطلب دعمها.
من المتوقع أن ينفجر الخليج قريباً، وسيكون لـ”داعش” دور اكبر مما رأينا، وقد يبدأ الحديث هناك عن تقسيم جغرافي طائفي، كما دعمت هذه الممالك والإمارات قوة دينية لخلق تقسيم من ذات النوع في سورية والعراق.
حازم عوض- كاتب وصحفي فلسطيني سوري