لا أحترم المنافقين
لذا لا يمكن أن أتملق وأنافق لأحد مهما كان الثمن…
أقول رأيي بصراحة وعن قناعة ولا أخاف من قول الحق.
نعم أنا أفهم أن أوكرانيا دولة جارة لبولندا وأنها أوروبية وأنه لا فوارق كبيرة بين الأوكرانيين والدول السلافية خاصة والأوروبية عامة. أفهم كذلك أن الكراهية للروس والعوامل التاريخية لعبت دورها في الموقف المناصر لأوكرانيا، بالرغم من أنني لم أكن اسمع في بولندا كلاما طيباً عن الأوكرانيين قبل الحرب. وكنت ألاحظ أن معاملتهم في الدوائر وأماكن العمل ليس جيدة بما يكفي. وأفهم أن بولندا وأوروبا كلها مرعوبة من الغزو الروسي ومن احتمال تمدده وتسببه بنشوب حرب عالمية ثالثة.
أعلم جيداً أن لموقف الحكومة والمعارضة ووسائل الاعلام، الموقف الموحد فيما يخص المسألة الأوكرانية، دوراً أساسياً وهاماً في تعبئة الموقف الشعبي المتضامن بشكل مثير للاحترام والاعجاب مع اللاجئين الأوكرانيين. فكل شعب مظلوم ومشرد ولاجئ يتمنى أن يجد مثل هذا التضامن معه.
يجب أن أقول أيضاً وأذكر بأن الموقف الرسمي البولندي مع “اسرائيل” موحد في عدائه للقضية الفلسطينية ووقوفه الى جانب “اسرائيل” باستثناء حالات نادرة وقليلة… وأن الموقف الشعبي يتأثر بموقف الدولة والحكومة والبرلمان والأحزاب ووسائل الاعلام. وهؤلاء كلهم تقريباً مع “اسرائيل” وليسوا مع الفلسطينين.
أخبار كثيرة نشرت في وسائل التواصل الاجتماعي قالت وادعت أن الرئيس زيلينسكي و١٠ وزراء في حكومته وقائد جيشه يحملون جنسية دولة الاحتلال “الاسرائيلي” يعني مستوطنون في فلسطين المحتلة. يشاركون في سرقة أرضنا واحتلال وطننا وبيوتنا. عن هذا يتحدث الناشطون العرب في الانترنت وهذا حقهم الطبيعي. فنحن نعرف أن صراعنا مع الحركة الصهيونية العنصرية الاستعمارية العدوانية ومع “اسرائيل” التي تحتل فلسطين وليس مع أتباع الديانة اليهودية.
زيلينسكي أيد الاحتلال الصهيوني وكذلك العدوان “الاسرائيلي” الأخير على غزة في أيار سنة ٢٠٢١ حيث تم قتل وجرح آلاف الفلسطينيين، ومن ضمن القتلى الضحايا كان هناك مئات الأطفال.
زيلينسكي أدان الفلسطينيين ولم يقم بإدانة “اسرائيل” قاتلة مئات الأطفال في غضون شهر واحد…
زيلينسكي إعترف بالقدس المحتلة عاصمة “لاسرائيل” مخالفاً بذلك الاجماع العالمي والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
إذن كيف يريدنا البعض أن نكون معه وهو شريك في احتلال وطننا فلسطين وسفك دم أطفالنا.
نحن نتعاطف ونتضامن مع الشعب الأوكراني لأنه الضحية في هذه الحرب، وليس مع زيلينسكي ولا مع جيشه، الذي كان شارك مع الجيش الأمريكي في غزو واحتلال العراق وتدميره وفي قتل ملايين العراقيين.
أما الذين يقدمون الأخبار ويبكون على أوكرانيا هم أنفسهم الذين كانوا يُزَوِروُن الأخبار ويقدمون “اسرائيل” ضحية والفلسطينيين إرهابيين. كانوا ولازالوا يقلبون كل شيء رأساً على عقب ويلوون أعناق الحقائق. فعلاً أنهم تلاميذ في مدرسة النفاق والكذب الأمريكية الصهيونية.
السياسيون في الأمم المتحدة وفي الاتحاد الاوروبي وفي الغرب عموماً وفي أضعف الايمان كانوا يدعوون الطرفين العربي الفلسطيني والصهيونيي “الاسرائيلي” لضبط النفس ووقف إطلاق النيران.
نفس الشيء ينطبق على غالبية السياسيين والبرلمانيين. كيف تريدون منا أن نصدق هؤلاء وأن لا نصفهم بالمنافقين وعديمي الضمير. أنظروا كيف يبحثون عن أي صورة لطفل أو امرأة أو عجوز أوكراني طاله القصف الروسي وسقط ضحية له، لينشروها ويركزون عليها. مع أنهم هم أنفسهم كانوا يرفضون اظهار صور أطفال ونساء وعجزة غزة وفلسطين الذين في كل غزو وعدوان “اسرائلي” كانوا يسقطون بالآلاف وبالمئات بين قتلى وجرحى.
سنة ٢٠٠٩ وصل أكثر من سبعين طفلاً من غزة الى بولندا لتلقي العلاج والاستجمام. وصلوا على متن طائرة الرئيس الراحل كاشينسكي وهي نفس الطائرة التي تحطمت في وقت لاحق وقتل فيها الرئيس والوفد المرافق له. حضر الى مكان أقامتهم صحفي بولندي وأجرى مقابلة مع الطفلة منى السموني من غزة. كان الغزاة الصهاينة قتلوا كل عائلتها ولم يبقى سوى هي على قيد الحياة. كانت تتكلم عن المجزرة والصحفي البولندي يسجل ويبكي وكذلك المصور البولندي أيضا يبكي. ظن الفلسطينيون أنهم حققوا إنجازاً عظيماً بتسجيل هذه المقابلة وأن التلفزيون البولندي سوف ينشرها. لكن خاب ظنهم فيد صهيون أوقفت نشره، لم تنشر المقابلة لغاية اليوم. أتعرفون لماذا؟ لأن التلفزيون مسيطر عليه من صهاينة كما هو الحال مع غالبية وأهم وسائل الاعلام أوروبا والغرب عموماً.
هذا اسمه نفاق وانحياز وانعدام ضمير ولاانسانية. لأنهم أنفسهم نشروا وينشرون عن يهود بولندا الذين أسسوا دولة الصهاينة “اسرائيل” على جماجم وعظام الفلسطينيين… الاعلام البولندي ينشر ذلك ويتباهى به وبيهود بولندا الصهاينة المجرمين الذي هاجروا الى فلسطين المحتلة لاحتلالها واستيطانها وقتل وتشريد سكانها.. هذا فعلاً قمة العار والخزي.
نضال حمد
15-3-2022