الأرشيففلسطين

لا عتاب، ولا نداء استغاثة ف(هم)صُم بُكم عُمي – رشاد أبوشاور

(معهم) لا عتاب، ولا نداء استغاثة، ولا نشر صور وفيديوهات تنقل صوتا وصورة مذبحة لفلسطينيين مقطعي الأجساد، والقطع على أرض مغطاة بالأشلاء التي تغرق في بركة من الدم، والفلسطينيون صغارا وكبارا ينقّلون عيونهم بنظراتها المشدوهة على ما لا يوصف في فجر مروّع لمصلين كانوا يتوجهون لله مستغيثين به، بعد أن نفضوا أيديهم من (أقارب) لا قرابة دم تجمع بهم، ولا جيرة بهم تنجد، فهم مطمئنون (سرّا) وعلانية إلى ( صداقة) هي تلّط بالعدو الصهيوني تصون (حكمهم) من شعوب لا تُطمئن مهما أبدت من الولاء وترداد أناشيد مليئة بالنفاق والكذب، ناهيك عن أجهزة قمع شرسة عدوة للشعوب المبتلاة بهم وبمن يوجهونهم.

العدوان الصهيوني الأمريكي على شعبنا الفلسطيني ما هو بالجديد، فهو قديم وثابت ومتجدد، والكيانان الأمريكي والصهيوني خطابهما لتبرير وجودهما واحد، وهو الإدعاء بأن الرب منحهما الأرض التي احتلاها، وإن كان الكيان الصهيوني يدّعي أن إلهه الخاص به وحده هو( يهوه)، وبأن الأرض لهما بموجب (كوشان) بملكيّة منتحلة، وأنهما أفضل من (كُل) شعوب وأمم الأرض، ولذا ترى العلاقة بينهما معلنة في كل معركة مع شعب من الشعوب ينتفض لتحرير نفسه وما يملك من سطوة وهيمنة أمريكا وتابعها الكيان الصهيوني.

قضيت الوقت المبكّر متأملاً المشهد المروّع الذي لم يُشاهد مثله في كل الحروب منذ الحرب العالمية الأولى حتى الحرب العالمية الثانية، مرورا بحرب فيتنام التي هزّت العالم، ودفعت الشعوب لرفع الأصوات والتظاهر في كل مدن العالم، حتى وصلت غضبة العالم إلى داخل أمريكا نفسها، مما اضطر حكّام وجنرالات إمبراطورية النهب والسلب والإبادة منذ تكونت على أرض العالم ( الجديد) وإبادة أهله بالملايين التي بلغت 117مليونا من البشر..إلى الهرب تحت ضربات ثوّار فيتنام بهزيمة مذلة مخزية انتهت بمشهد فردة حذاء سفير أمريكا في (سايغون) عاصمة فيتنام الجنوبية وهو يهرب نجاة بجلده مذعورا ملهوفا على جلده أكثر من جلد الحذاءّ!.

لا تتعلّم الإمبراطورية الأمريكية من هزائمها، ولا تكف عن العدوان على الشعوب، والكيان الصهيوني هو تلميذ الشيطان الأمريكي، فأمريكا تحاصر كوبا الثائرة منذ عام 1961 حصارا خانقا يهدف لتمويت شعبها العنيد في كبريائه جوعا، الثابت على مبادئ كاسترو وجيفارا ..وكيانها الصهيوني يُنفذ سياسة التجويع والتعطيش والحرمان من الدواء حتى يستمر نزف جروح أطفال الفلسطينيين وأمهاتهم..والعالم يرى كل شئ في فيديوهات و..على الشاشات مباشرة ..وأمريكا تواصل إرسال شحنات الأسلحة للكيان لقتل المزيد من الفلسطينيين وعجنهم عجنا برمال غزة، وعرب فلسطين يواصلون قتالهم ومقاومتهم بكبرياء رغم كل التنكيل بأحدث أسلحة الإمبراطورية الأمريكية.

يوجع المقاومون الفلسطينيون العدو الصهيوني بما يوقعونه به من خسائر فادحة في جيشه الذي يخوض حربا حقيقية لأوّل مرّة منذ تأسيس الكيان تمتد كل هذا الوقت، معركة طوفان الأقصى التي تذل جيشا وكيانا اعتاد على خوض حروب رخيصة التكلفة تدور دائما على أرض (العدو)، يعني على الأرض العربية التي لم يحتلها بعد، في حين يواصل مجتمعه حياته المُريحة الممتعة بانتظار سماع بيان يطمئنه إلى انتصار (جيشه) على العرب مُجتمعين..مُزوّرا الحقائق والوقائع بانتصاراته الرخيصة!.

أُذكّر بحرب تموز 2006 وكيف توسل قادة الكيان وجيشه بعد مذبحة دباباته الميركافا في معركة وادي الحجير..فلنا انتصارات لا تُ تنسى سنفتخر بها دائماً.

قادة أميركا يحتضنون الكيان الصهيوني ليبقى حارس أملاكهم في الشرق الأوسط، وتحديدا بلاد العرب: النفط والغاز..والموقع الاستراتيجي الذي لن تتخلّى أمريكا عنه، هي التي تضع يدها على كل ثروات الوطن العربي..تحديدا في الخليج العربي، ومن لا يستوعب هذا الأمر إمّا جاهل بريء، أو متجاهل لأنه لا مصلحة له بالمعرفة، فمصلحته الاحتماء بأميركا والصداقة مع الكيان الصهيوني حفاظا على البقاء وديمومة الحكم الذي هو ( تحكّم) بجزء من بلاد العرب..وهكذا تمضي الأمور مع بقية ( حكّام الأجزاء) في بلاد العرب، وما نراه حاليا يتجلّى فيه دور هذه ( الأجزاء) في التآمر على فلسطين وعروبتها وموقعها ودورها عبر العصور، منذ الحروب الصليبية حتى أيامنا، ودويلات النفط بحكامها مُحدثي النعمة النفطية لا تهمهم وحدة الأمة، ولا تحرير فلسطين لأن القتال لتحريرها يعني الاشتباك مع أولياء نعمتهم، وفلسطين لا تقبل منهم أقلّ من القتال لكنس الكيان الصهيوني..وتحرير آبار النفط من الهيمنة الأمريكيّة، وتحويل بلدان الخليج من أشلاء دويلات إلى مكونات محترمة فاعلة في وطن عربي حر كبير.

فجر السبت 10آب اقترف العدو الصهيوني مذبحة أُخرى وهي قطعا لن تكون الأخيرة، وبالصواريخ الأمريكية عجنت أجياد أكثر من مائة شهيد من مختلف الأعمار، ولأنه لا يرى المقاومين البواسل الذي يخرجون له من تحت الأرض فقد لجأ لقصف مدرسة لجأ لها فلسطينيون من قطاع غزة..ومتى؟ بعد صدور بيان أمريكي قطري مصري يعد بمواصلة المفاوضات، وهكذا تواصل أمريكا التضليل والكذب والتحايل على العالم كله، فهي تزوّد الكيان الصهيوني بأحدث وأخطر الصواريخ والقنابل، وتضلله تغطية على جرائم الكيان الصهيوني، و..لكن: ما هي مصلحة الدولتين (الكبيرتين) الموقعتين: قطر..ومصر،مع صديقتهما الإمبراطورية الأمريكية؟!.

من يصدق تصريحات تصدر باسم دول (عربية) تدين..وتشجب..وتتسابق على رضى الإدارة الأمريكية المجرمة بحق عرب فلسطين..بل كل العرب من المحيط إلى الخليج؟!

لا مبررات للجماهير العربية، في كل ( الدول) العربية للصمت، أو الدعاء في المساجد، فعرب فلسطين يخوضون معركة مصير أمة، ودولهم متآمرة بوقاحة، وهي تتصرّف وكأن الحرب على قطاع غزّة وحدة وليست على (كل) فلسطين وعرب فلسطين الذين ينزفون دمهم الطاهر لإنقاذ حاضر ومستقبل العرب أجمعين لا مستقلهم وحدهم، ومعهم يؤازرهم حزب الله الذي يجعل الكيان الصهيوني كله يقف على رجل ونصف، وطرد مستوطنيه من الشمال ويذيقهم لأول مرّة قسوة اللجوء _ وهم لجأوا من أرض ليست لهم إلى أرض ليست ولم تكن لهم يوما_ الذي أيقظهم على مرارة ما ينتظرهم وهو آت لا محالة..ومع حزب الله اليمن الشجاع بقيادته وجيشه وشعبه، ومجاهدوا العراق..فالفلسطينيون ليسوا وحدهم، ولكننا نذكّر بخونة العرب في هذه المعركة، وخيانتهم أفدح من خيانة حكّام نكبة 1948..وما جاء بعدها من كوارث وآلام في زمن النفط والغاز.

لقد بلغت الوقاحة حدّاً سافرا ، فانظروا لما روجته قناة الحدث الممولة سعوديا، والتي مقرها (دبي) _ أحد المتابعين صحح بأن القناة انتقلت إلى السعودية _ وهي أكثر صهيونية من أي قناة صهيونية. قالت القناة الممولة سعوديا تحت عنوتان (عاجل): الجيش الإسرائيلي قصف إرهابيين في مقر عسكري يقع في مُجمع مدارس التابعين.

إعلام دويلات الخليج يعتبر أبطال غزّة وكُل فلسطين، الذين يدوخون جيش العدو الذي كان يصنف بأنه في المرتبة الخامسة عالميا..إرهابيين..فبماذا نصف دول ذلك الإعلام؟!

لا لسنا أُخوة في العروبة، فنحن عرب المقاومة لسنا أخوة للمتآمرين التابعين الذين قرارهم أمريكي صهيوني..ومنهم لا ننتظر الغوث والعون والنجدة.

غزّة لا تستغيث ولا تعتب ولا تتوسل، فهي تقاوم وتواصل مسيرتها صوب فجر الحرية، وفي الفجر تصلّي وتدعو الله أن يمنحها رضاه وعنايته وينصر شعب فلسطين في غزة والضفة وكل فلسطين وكل من يقاتلون مع طوفان الأقصى..ومع القدس وتحرير فلسطين: أُخوة السلاح الذين يقدمون الشهداء..و الكيان الصهيوني يرتجف منهم.

العرب عربان: عرب أحرار مقاومون شرفاء مؤمنون يصلون ويصومون ويقاومون، و(عُربان) يغدرون ويخونون وعقولهم وحناجرهم مع أمريكا والكيان الصهيوني..وهؤلاء لا مغفرة لهم، ولا مستقبل لهم في بلاد العرب، وشعوبها لن تنسى غدرهم وخياناتهم أبداً…