لا نتساءل عن المجرمين فنحن نعرفهم – رشاد أبوشاور
القتلة معروفون جدا، فعلاماتهم فارقة، وتاريخهم مدوّن في الذاكرة الفلسطينيّة بخاصة، والعربيّة بعامة، منذ بدأت المأساة الفلسطينيّة، وتقسيم بلاد العرب، وإلى أيامنا، أيام مدن ومخيمات قطاع غزة، ومدن ومخيمات الضفة التي تقاوم جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين.
القتلة بسماتهم ولغاتهم منذ تسللوا إلى فلسطين تحت العلم البريطاني، واستقووا بالدعم والرعاية والسلاح والمال الأمريكي…
يتشدّق بايدن: لو إسرائيل غير موجودة لأوجدناها..لا..هي موجودة لأنكم أوجدتموها، فهي ضرورة استعمارية وظّفت لخدمة أهدافكم، وأنت كرئيس تواصل رعايتها كواحد من رؤساء إمبراطورية عدوة لكل شعوب وأمم الأرض التي قاومت واستقلّت بدفع دم نسائها ورجالها وهي تصرخ بغضب بنداءات الحريّة، ومن سبقوك برعوا بالقتل والحرق والذبح وكل جرائم القتل والإبادة، ولكن الشعوب واصلت خيارها ولم تيأس، وأنتم واصلتم القتل والذبح والإبادة ..ولكن الشعوب وهي تنزف لم تحبط، وأنتم لم تتلقنوا الدروس وتعوها وتتوبوا عن اقتراف المزيد من شروركم المزروعة في عقولكم ونفوسكم لأن إمبراطوريتكم نشأت على الذبح والإبادة وبهما سطوتم على ثروات الشعوب، وكرّستم استعبادها واستثمار ما تملك من ثروات رأيتم أنكم أحق بها من أصحابها الذين منحهم إياها الله تماما في بلادهم التي أنعمها عليهم..فكنتم اللعنة!.
احتللتم البلاد التي سميتموها أمريكا بالقوة، والتحايل، والخداع، وبنشر الأمراض والأوبئة بين أصحاب تلك البلاد لتسهيل اقتلاعهم ورميهم بعيداً بعيداً حتى خلت لكم بعد أن زرعتم جماجم أهلها في ترابها، وأفشيتم الموت والخوف بما تملكون من أسلحة تحصد حصداً أولئك الناس البسطاء العفويين الذين لم يعرفوا الأسلحة المتطورة وعرفوا الخوف والذهول..مما يرون ويسمعون، فمدّوا لكم أيديهم بالسلام لعلكم تشفقون عليهم فأمعنتم قتلا وذبحا وخداعا..وقاد القتلة حملات الإبادة والمطاردة و..صاروا رؤساء أوائل، وهم تفوقوا بالذبح والخداع والقتل..وهم رؤسائكم الأوائل الملهمين لمن جاءوا بعدهم، فلكل رئيس حربه الإبادية التي استهدفت شعبا من شعوب الأرض التي ابتليت (بكم)..بمن سبق وبمن لحق..وبمن سيأتي إن لم تهزموا تماما وتنتهي إمبراطورية الشّر الأمريكيّة..ويسود العدل في العالم بين كل الشعوب والأمم.
كما وجدت إمبراطوريتكم بالإبادة والاقتلاع ونشر الأوبئة، فأنتم أوجدتم ( إسرائيل) لتكون في الخدمة، ولكن خادما قويا تمدونه بكل ما يحتاجه ليكون الأقوى في ( المنطقة) التي هي بلاد العرب..بلاد الأمة العريقة، بحيث لا يرفع أحد رأسه، فتتحوّل الرؤوس إلى رؤوس خراف..كما هي رؤوس الحكام المستبدين الخانعين المُنصبين على ثروات أمة تمّ تقسيمها ومسخها..ولذا يسود الخنوع، فالميركافا تقتحم حدود فلسطين ومصر، وتحكم الطوق على غزّة..ومصر وسيط..وهي (عاقلة) ملتزمة بكامب ديفد، وتصف الحرب على غزة بأنها (نزاع) فلسطيني( إسرائيلي) وهي وسيط!.
قرأنا في دروس التاريخ أن الفراعنة حكّام مصر في الزمن قبل التاريخي كانوا لمجرد أن يتهدد فلسطين غزو خارجي يحركون جيوشهم ويزحفون بها إلى فلسطين لأنها بوابة مصر الشرقية ولأن أمن مصر الوجودي يتقرر في فلسطين..أما في زمن كامب ديفد، زمن السلام والانفتاح والازدهار الاقتصادي الموعود..والجوع وافتقاد ثمن الرغيف بعد مرور خمسة عقود منذ السادات (فالعوض بالسلامة)..مع إنه بدون الرغيف لا سلامة، ولا استقلال، ولا حريّة ما (دامت) مصر تنتظر شفقة أميركا ورضى ( إسرائيل)!.
لا، عرب فلسطين، وعرب جنوب لبنان واليمن وما تيسّر من عرب العراق..لا يناشدونكم أن تنجدوهم، ولا يريدونكم أن تعلنوا الحرب على الكيان الصهيوني، ولكنهم يريدونكم أن تدافعوا عن حدود مصر المحروسة.. فهم في واقع الحال يدافعون عن حاضركم ومستقبلكم ولكنكم تغلقون عيونكم وعقولكم وضمائركم!.
ألم تسمعوا بمذبحة في غزة، في مخيم النصيرات..فقد وصل عدد الشهداء إلى ثلاث مائة..والجرحى أكثر من سبع مائة_كتبت الأرقام بالأحرف احتراما، فهم ليسوا أرقاما_ وعرب فلسطين، وعرب المقاومة في جنوب لبنان وعرب اليمن ليسوا أرقاما، فالمقاومة الإسلامية طاردت الاحتلال الصهيوني من قلب بيروت حتى أقصى الجنوب..ووقف أبطالها وتحت نظرهم مدن وحقول وبحر حيفا..وما زالوا يقاتلون وعدوهم يرتجف ذعرا من أسلحته التي يقصفهم بها ولا يكتفي ففي كل يوم يكشف عن نوع جديد مما يمتلك…
لم تأخذ أمة من أمم الأرض حريتها وحقوقها من أميركا وتابعتها بالرضى، وكل وعود السلام كانت أكاذيب، وعمليات استدراج وتضليل، وشّق للصفوف بين عارفين بأساليب أميركا ووعودها وبين سُذّج ومستهبلين وقصار نظر وقصار نفس…
عندما أعلنت أميركا بايدن أنها ستنشئ جسرا لعبور المساعدات للقطاع عبر البحر، سمعت مواطنين فلسطينيين بسطاء يصرخون: لا..احذروا..ستدخل على الجسر قوات أمريكية (وإسرائيلية) ، دائما خدعونا..وضللونا..لماذا لا تدخل المساعدات من معبر رفح بين مصر وفلسطين؟!
خداع وأكاذيب بايدن وإدارته افتضح في مذبحة النصيرات..ودور الجسر افتضح بإدارة المستشارين الأمريكان للعملية..وبتهاني بايدن للكيان الصهيوني باسترداد الأسرى لحريتهم!.
هذا المجرم العنصري الصهيوني فعلاً لا يسمع عن قتل الأسرى الفلسطينيين تحت التعذيب، وإخفاء جثامينهم؟.
لم يسمع هذا الخرف بموت الأسير وليد دقة بعد معاناته مع السرطان وبرفض تسليم جثمانه لأسرته، وهو مفكّر وقاص يكتب للأطفال عن الفرح والمستقبل الذي حرم منه شعب فلسطين..قضى ثمانية وثلاثين سنة في الأسر رغم معاناته مع السرطان!.
هذا الرئيس الأمريكي لا يريد أن يعرف بأن أكثر من خمسة الألوف اختطفوا من بين أسرهم وزجوا في الزنازين، وبعضهم قضى أكثر من أربعين عاما وهو في سجون الكيان الصهيوني، و..أن الوفا اختطفوا بعد 7تشرين أوّل وينكّل بهم وبهنّ؟.
أي رئيس أمريكي هو بالتاكيد ممثّل لإمبراطورية الشر، اسمه بايدن أو ترامب..أو ترومان الذي امر بقصف هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين ذريتين قتلتا الألوف من اليابانيين..لافرق، فالرئيس له وظيفة: تمثيل أميركا كما يجب، والفرق بين واحدهما والآخر هي في جزئيات غير مهمة..ألم يكن أوباما حسين يباهي بأنه أكثر رئيس قدّم ( لإسرائيل)..ومع ذلك لم ترضى عنه برئاسة نتنياهو؟!.
الحرب على قطاع غزّة..والضفة، هي حرب على الأمة كلها، الأمة المقسمّة منهوبة الخيرات، مغيّبة التاريخ، مشوهة الحاضر..الأمة المحكومة (بموظفين) ينفذون ما يؤمرون بهم صاغرين..ولكن غزة بدم أطفالها..ببطولة نسائها ورجالها تفضحهم..ولا بدّ أن تنهض الأمة بجناحيها في الجنوب والشمال وتحلّق عاليا وهي تنزف وتروي أرض وطنها الكبير بدم البطولة والكبرياء والحرية…النهوض الذي سيكنس أميركا وصنيعتها من بلادنا الطاهرة المقدسّة..ففلسطن توقظ العالم..و..تسهم في تغييره…