ليس مجرَّد نظام عنصري! – عبد اللطيف مهنا
جيد أن تفعلها منظمة العفو الدولية، ذلك حين جرؤ تقريرها مؤخراً على وصم الكيان الصهيوني بالأبارتهايد، لكن هذا ليس كافياً لأن يعتبره أحبة “الشرعية الدولية”، ومناضلوا الرأي العام الدولي”، وحواريو ال”ان جي أو س” في ساحتنا الوطنية نصراً من الله وفتح قريب! ولا أن يقول قوَّالهم المفوَّه معنوناً مقالاً له، ” بدأت معركة إسقاط الأبارتهايد الإسرائيلي”!
الآن وإلى حين آت ولكنه لم يصل بعد، هذه الشرعية وهذا الرأي، بضاعة غربية صرفة، صاحبها هو ذاته الذي اختلق ثكنته المتقدمة في بلادنا كاستثمار في مشروعة الإمبريالي المعادي لأمتنا، ويعلم منذ ثلاثة أرباع القرن، وليس في حاجة لمن يخبره أو يذكّره، أن مخلوقه الاستعماري الاستيطاني الاحلالي، أي القائم على إبادة ونفي وجود الآخر، لا يمكن بحال إلا أن يكون أبارتهايداً حتى العظم.. باختصار الغرب يكره يهوده عنده ويهيم بهم عشقاً عندنا، وهذا لا يمنعه من لومهم على الخفيف حال أن تحرجه مغالاتهم أو تتسبب في الإضرار بمصالحه، لكنه يظل الأحرص عليهم منهم.. لمن نسي، “الشرعية الدولية” الغربية هي من شرَّعت النكبة، وأممها المتحدة هي من اعتبرت الصهيونية حركة عنصرية ثم عادت فلحست قرارها!
فلسطين ليست جنوب أفريقيا، وعدونا ليس مجرَّد نظام فصل عنصري، على ما يجمع بين عدويهما.. هنا، جاءوا ليحلوا مكاننا، الأمر، الذي هو وفق استراتيجيتهم، والتي لم ولن تتبدل منذ أن وضعت في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل، لا يتحقق دون نفي وجودنا مادياً ومعنوياً، وهذا هو ما استوجب عندهم كل هذا السطو الفاجر على التاريخ ومصادرة الجغرافيا وخلع الزيتون وسرقة الثوب الكنعاني والمقلوبة والحمُّص والفلافل، بل وتعدّوا مطبخنا إلى حيث صادروا الشكشوكة اليمنية!
وهناك، ذهبوا ليستعمروا كثرة ويستعبدوها لحاجتهم لها كأيدي عاملة بعد إحكام زربها في معازل.. يعني أي تسوية للصراع هناك لا تمس مصالح ومكتسبات الأقلية البيضاء وتتكفَّل ببقائها، لكن بعد نزع سلاحها النووي حتى لا يقع في أيدي الأفارقة، يفضّلها الغرب، وهذا ما كان.. زد عليه، أنه كان هناك مانديلا والكفاح المسلَّح، وليس أبو مازن والتنسيق الأمني، ومن خلفهما التطبيع العربي، والأهم، الأهم، أننا نناضل من أجل استعادة ترابنا وتاريخنا وجغرافيتنا وكوفيتنا وثوبنا ومطبخنا.. إنقاذ وجودنا المادي والمعنوي، تحرير وطننا واستعادته، طرد الغزاة، وليس من أجل مساواة في مواطنة أو حفنة من الحقوق المدنية.. كفى ذر للأوهام، وحيَّ على المقاومة.