مؤتمرات شعبية تثير رعب عباس ولجنته التنفيذية
نضال حمد
لم يتمالك السيد محمود عباس رئيس سلطة أوسلو نفسه عندما سمع بمؤتمر برشلونة إذ سارع للتهجم عليه عبر الرد على سؤال وجه له حول الموضوع أثناء زيارته الأخيرة للسويد.
قال عباس إن مؤتمر برشلونة غير شرعي.
ونحن بدورنا نقول لعباس مثلما قال المثل الشعبي الفلسطيني ” اللي استحوا ماتوا“.
كيف يمكن لعباس أن يتحدث عن الشرعية وهو يفتقدها ومعه لجنته التنفيذية المهترئة، العاجزة والبائسة والمتقادمة والتي لا تحمل صفات سواء كانت شعبية أو ثورية أو قانونية. فصفتها الشعبية غير موجودة لان الشعب لم ينتخبها. أما صفتها الثورية فقد فقدتها منذ توقيعها على اتفاقية أوسلو وتخليها عن الكفاح والمقاومة. وفيما بعد عبر دورها في خدمة مخططات وصفقات قيادة نهج أوسلو. هذه القيادة التي دمرت إنجازات الشعب الفلسطيني وهدمت 95% من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد. وحولت السفارات والمكاتب والممثليات إلى أوكار ودكاكين تنطق باسم سلطة أوسلو وتقف مع القيادة التي تمنحها التمثيل ومع الدول التي تمنحها المال ضد نفسها أولا، ومن ثم ضد مصالح الشعب الفلسطيني.
لو أن هناك قضاء فلسطيني موجود وحر ونزيه لكان يجب عليه إصدار قرارات باعتقال رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية بالإضافة لمجموعة كبيرة جدا من الوزراء والمدراء والضباط والسفراء ليتم وضعهم في الحجز وبدء تحقيق فوري معهم بتهمة الخيانة العظمى.
أليست جرائم مثل وبحجم اتفاقية أوسلو وما تلاها من تشريع لوجود المستوطنين وجيش الاحتلال والقبول بأقل من القليل، تستحق الاعتقال والتحقيق والمحاسبة؟
وماذا يقول السيد عباس عن طبقة اللصوص والعملاء والفاسدين وتجار الدم وباعة الوطن والمواطن، ومنهم الذين استوردوا الاسمنت للشركات الصهيونية التي بنت الجدار؟
وماذا يقول لمفجري الحرب الأهلية ومشعلي نار الفتنة في غزة والضفة؟ من وفر لهؤلاء الغطاء السياسي والتنظيمي والسلطوي؟
ومن صنع أجهزة الأمن التي تحولت إلى أجهزة مخابرات ضد مصالح الشعب الفلسطيني والى مجموعات قتلة تمارس الإرهاب على شعبنا ومناضليه سابقا ولاحقاً.؟.
يكفي أن ننظر الآن للمشهد الدموي البشع الذي تدور أحداثه في غزة. أليس أمراء الأجهزة الأمنية الذين فرضوا على لقاء مكة للمصالحة الوطنية هم من يقف وراء الاقتتال؟
نعم هم ومن يعتقد أن اتفاق مكة حل المشاكل وأعاد الأمور إلى نصابها واهم. لأنه مجرد مخدر موضعي انتهت فعاليته. وباعتقادنا أن هناك أطرافاً فلسطينية تريد أن يستمر الحصار على الشعب الفلسطيني بذريعة حماس وحكومتها.
هؤلاء يمارسون دوراً بشعاً، تارة بالتحريض السياسي والإعلامي وتارة أخرى بالعنف والاقتتال. وهؤلاء أيضا يقفون ضد أي مشروع وطني وحدوي جامع يلم شمل البيت الفلسطيني، وبما أن أهداف مؤتمري بيروت وبرشلونة جامعة ووحدوية وأصيلة نجدهم يقفون ضدها ويحرضون عليها.
إن مؤتمر برشلونة القادم بعد أيام مثله مثل مؤتمر بيروت الذي عقد قبل أيام تحت شعار إعادة تفعيل وبناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والدعوة لمؤتمر شعبي فلسطيني لإجراء انتخابات حرة للاجئين الفلسطينيين في المهاجر والشتات والمخيمات والتجمعات خارج فلسطين، ليتمكن أبناء الوطن من اللاجئين من انتخاب ممثليهم إلى المجلس الوطني الفلسطيني. والفرق بين بيروت وبرشلونة أن الأول استبعد من الحضور الأشخاص الذين يتبعون لفصائل فلسطينية، واعتمد بشكل أساسي على المستقلين وبالذات من النخب الفلسطينية المعروفة والمشهود لها في ميادين العمل الوطني الفلسطيني. أما برشلونة فقد اعتمد أساساً على الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في أوروبا بالذات وكذلك في الأمريكيتين. ومد جسوره ليربط تحركاته بالفلسطينيين أينما كانوا وبالذات بمنظمة التحرير الفلسطينية عبر رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني والدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بالأخ فاروق القدومي أبو اللطف. وكنت شخصيا في بداية التحرك وقبل لقاء جنيف الأول (2005)حلقة الوصل بين المؤتمر والدائرة السياسية للمنظمة.
لماذا المجلس الوطني والدائرة السياسية وليس عباس والسلطة واللجنة التنفيذية؟
الجواب بسيط لأن الذي دمر المنظمة هم أنفسهم الذين يقفون على رأس لجنتها التنفيذية بالرغم من فقدان الأخيرة للنصاب القانوني وللشرعيتين الشعبية والوطنية وكذلك للشرعية القانونية. وبالرغم من تقادمها واهتراءها وتسوسها حيث نخرت عظامها تماماً إلا أن اللجنة التنفيذية مارست أدواراً ارتقت إلى الجريمة السياسية. فهذه اللجنة شاركت وساهمت في تغطية كل صفقات جماعة أوسلو مع الصهاينة والأمريكان وغيرهم وأقرت كافة التنازلات سواء بشكل (شرعي أو غير شرعي) هذا إذا كانت مؤسسات المنظمة شرعية. أما رئيسها والأعضاء فيها فقد شاركوا في إلغاء وتعديل بنود الميثاق الوطني الفلسطيني لأجل خاطر بيل كلنتون. وهم أنفسهم تخلوا عن ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات. وتآمروا عليهم وعلى حقهم بالعودة، سواء في مبادرات عبد ربه وسري نسيبه وعباس وآخرين في جنيف وتل أبيب والبحر الميت وشرم الشيخ والعقبة. كما تركوا الأسرى في السجون والمعتقلات والزنازين. وألقوا السلاح ورفعوا الرايات البيضاء ودمروا الكيان الوطني الفلسطيني وهدموا مؤسساته التي بنيت بجماجم وعظام آلاف الشهداء. ولم يتوانوا عن إدانة المقاومة والجهر بالتخلي عن حق الكفاح. وهناك منهم من نعت العمليات الفدائية بالوقاحة مع أن كلامه نفسه يعتبر قمة الوقاحة. ومن أعضاء اللجنة التنفيذية من مات ومن أسر، ومن لا يستطيع العودة إلى الوطن المحتل. وكذلك من يستقيل ويغيب عنها لعدة سنوات ثم يعود إليها بصفته عضوا فيها وكأن شيئا لم يكن.
مؤتمرات بيروت وبرشلونة وروتردام تعتبر خطوات صحيحة وقوية في الطريق الصحيح نحو إيجاد خشبة الخلاص للمشروع الوطني الفلسطيني الذي ضاقت به الدنيا ولم يعد له مكان تحت الشمس وفي الحياة. لذا جاء مؤتمرا روتردام وبيروت كل في سياقه واهتمامه ليؤكدا أن هذا الشعب حي لا يموت، يتمسك بحقوقه في المقاومة والعودة وتقرير المصير. وليؤكدا أيضاً أن الأحياء في سلطة أوسلو واللجنة التنفيذية وبعض الفصائل التي أصدرت بيانات ضد برشلونة وبيروت هم فعلا من الأموات أو على حافة الموت. لأنهم يخشون على مصالحهم أكثر من خشيتهم على قضيتهم.
برشلونة آتٍ ليضع الأمور في نصابها ويسمي الأشياء بأسمائها. وهو كما بيروت وروتردام لم يأتِ من الفراغ بل من تراكمات نضالية لعمل وفعل عدة أطراف وجاليات ومؤسسات وفعاليات ومراكز ولجان فلسطينية منذ بدء الجفاف خلال وبعد سنوات أوسلو العجاف.
لقد مارست القوى الفلسطينية الشعبية الحية دورها في مد الحركة الوطنية الفلسطينية الآيلة إلى الانقراض بإكسير الحياة من خلال وضع برنامج حد أدنى وطني يجمع كل الفلسطينيين تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، المُعادَة التفعيل والبناء، الملتزمة بالثوابت الوطنية الفلسطينية وبالميثاق الوطني الفلسطيني الصادر سنة 1964 والمعدل سنة 1968. المتمسكة بحقوق الشعب الفلسطيني الغير قابلة للتصرف، المتشبثة بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة والكفاح لاسترداد أرضه، وفي دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وفي العودة إلى فلسطين كل فلسطين. لأجل هذا سيعقد مؤتمر برشلونة ولأجل هذا يرفضه ويهاجمه بعض الأقزام داخل وخارج فلسطين.
Monday 28-05 -2007