مؤتمر الأسرى في برلين
نضال حمد
فور قراءتي للخبر المنشور في وسائل الاعلام عن شعار مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثامن، المزمع عقده في برلين في أيار/ مايو من هذا العام عبرت عن بالغ سعادتي بذلك الخبر.. فلطالما كنت أنتظر مثل هذه الخطوة من جميع المؤسسات الفلسطينية العاملة في أوروبا والشتات العالمي . حرصت دائماً على تذكير الأخوة العاملين في مؤتمرات فلسطينيي أوروبا والجاليات والشتات الفلسطيني وحق العودة والقدس والجدار والخ وكذلك الرفاق والأصدقاء الأوروبيين المؤيدين والمناصرين للقضية الفلسطينية، بأنه يجب تبني موضوع الأسرى مثلما تم تبني موضوع اللاجئين وحق العودة والمقاطعة.
لا مكان لليأس في هذه القضية
لم أشعر في يوم من الأيام باليأس يتسرب الى نفسي من تكرار النداء وعدم التجاوب المطلوب مع هذا الأمر. وبقيت متسلحاً بقناعتي بهذا الشعب وبأنصاره .. لذا واظبت على التذكير بموضوع الأسرى في مناسبات عديدة، سواء خلال المؤتمرات ( مثلاً دائما كررت هذا النداء على مسامع المشاركين في مؤتمرات فلسطينيي أوروبا وكذلك الجاليات في أوروبا والشتات).. واللقاءات والندوات والمهرجانات والتظاهرات، وفي المقابلات التلفزونية. مثلما حصل مؤخراً عبر برنامج”مع الحدث” في فضائية “المنار” حيث استخدمت وجودي في الفضائية وأثناء المقابلة للحديث عن الفلسطييين والعرب في أوروبا، لأعود وأكرار نداءي للفلسطينيين أينما كانوا لتبني قضية الأسرى ورفعها الى أعلى جداول أعمالهم اليومية.
” لماذا لا تتعامل الجاليات الفلسطينية مع موضوع الأسرى بشكل جدي؟“
في فترة سابقة من العام المنصرم كتبت مقالة بعنوان ” لماذا لا تتعامل الجاليات الفلسطينية مع موضوع الأسرى بشكل جدي؟” وكانت تلك المقالة بمثابة نداء موجه لكل القوى الفلسطينية العاملة في الساحة الأوروبية، ناشدتهم تبني تلك القضية وعدم حصرها بالمناسبات فقط لا غير. فتحويل قضية الأسرى الى احتفالات مناسباتية يضر بها ولا يفيدها. لذا يجب العمل بشكل أكثر جدية من أجل بناء لوبي متعاطف مع الأسرى، يتكون من فلسطينيين وعرب ومسلمين ومسيحيين وأجانب، أوروبيين وغير أوروبيين. تكون مهمة هذا اللوبي إعداد برامج تضامنية، منوعة وعديدة ومختلفة، تحكي عن معاناة الأسرى وتجاربهم وحياة الأسير في السجون والزنازين ووسائل التعذيب والإذلال والإهانة والمعاملة الوحشية التي يتلقاها في المعتقلات الصهيونية، التي تشبه لحد بعيد المعتقلات الفاشية والنازية.
يجب أيضاً القيام بحملة تحضير معلوماتية كبيرة ومفيدة تكون ذات فعالية، تعطي المهتمين معلومات جيدة بلغات منوعة. ويستحسن أيضاً أن يكون هناك تسجيلات لشهادات وتقارير خاصة مرئية ومسموعة وصورا فوتغرافية ، لكي يستطيع أي مهتم أوروبي بالذات، أن يحصل على كل ما يريده من معلومات. بالتأكيد أن المعلومات التي تتوفر له سوف تفيده في عمله، وستفيد الأسرى عبر تحريك قضيتهم في المجتمعات والبرلمانات والاعلام وكذلك في الحياة الأوروبية.
على هذا اللوبي (الذي نأمل ولادته سريعاً ) الداعم لقضية الأسرى أن يعمل لايجاد طرق ممهدة له يدخل عبرها الى البرلمانات الأوروبية لتقديم صورة حقيقية عن أوضاع الحركة الاسيرة.
لا بد لهذا اللوبي كي ينجح أن يعزز علاقاته مع الجهات والمؤسسات والمراكز والجمعيات المختصة بشؤون الأسرى. والجدير بالذكر أنه يلاحظ الآن ازدياد أعداد تلك المؤسسات هنا وهناك. ولا غرابة في ذلك لأن موضوع الأسرى أصبح قضية وطنية ساخنة ويومية في الشارع الفلسطيني.
سنة 2005 وفد الأسرى والمحررين في أوسلو
سبق وقامت الجالية الفلسطينية في النرويج سنة 2005، بدعوة وفد كبير من وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينيين لزيارة النرويج، والالتقاء ببعض السياسيين والبرلمانيين والمهتمين النرويجيين. كان الهدف من تلك الدعوة أن يسمع الطرف النرويجي عن معاناة الأسرى من مصادر رسمية فلسطينية حكومية، تعترف بها الحكومة النرويجية وتقيم معها علاقات رسمية دبلوماسية وسياسية واقتصادية. إذ أن عمل بعض الأفراد أو بعض المؤسسات والجاليات لا يكفي للوصول بهذه القضية الى أعلى المستويات. مع العلم أن موضوع الأسرى بدأ في النرويج منذ عدة سنوات يوضع على جدول أعمال حركات ولجان التضامن، وبدأ الحديث عنه يتردد على ألسنة البعض. ومنذ سنة 2002 لم يعد غريباً أبداً أن يرى المرء ملصقات أو شعارات عن الأسرى أو صورة لأسيرة أو أسير، أو بيان معلوماتي بلغات عدة يوزع في كل تظاهرة كانت تخرج في أوسلو عاصمة النرويج.
لا يكفي فقط تشكيل مؤسسة وإصدار بيانات
قام مؤخراً بعض النشطاء الفلسطينيين في اسكندنافيا بتشكيل رابطة لدعم الأسرى مع أن تسميتها لم ترق لي شخصياً وطالبت القائمين عليها بتغيير الأسم وهو ” رابطة أنصار نادي الأسير ” هذا النادي في التصنيف الفصائلي الفلسطيني يتبع لحركة فتح. وهناك مؤسسات تعنى بالأسرى تابعة لفصائل فلسطينية أخرى. فالتسمية بحد ذاتها تعني إنحياز هذه الرابطة لطرف ما على حساب الأطراف الأخرى. لذا طلبت منهم أن يراجعوا التسمية وأن تسمى مثلاً ” رابطة دعم الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الصهاينة”. لم يستجيبوا لهذا الطلب، وهم أحرار فيما يفعلون وفي النهاية هذا شأنهم وحدهم فأنا شخصياً لست عضوا في تلك المؤسسة.
على كل حال الذي يجب أن يعالج هنا هو طبيعة العمل، إذ لا يجوز أن يقتصر التضامن مع الأسرى خاصة من قبل رابطة أو مؤسسة على بيان باللغة العربية بمناسبة ما … العمل التضامني أكبر من ذلك بكثير ويلزمه إستراتيجية وجنود مجهولين ينفذون البرامج والخطط، ويضعون نصب أعينهم التضحية والجد لأجل إيصال هذه القضية الى كل مكان في الدنيا.
رسم الخطط وإعداد البرامج
على القائمين على مؤتمر برلين القادم أن يرسموا خططاً ويعدوا ورشات وبرامج ومعارض وأن يستضيفوا خبراء في موضوع الأسرى بغض النظر عن انتماءاتهم الفصائلية. فالقضية أكبر من الفصائل وأهم من الصراعات الجانبية. لأنها قضية تخص في المقام الأول أكثر من عشرة آلاف أسير وعائلاتهم، وفي الثاني تخص كل وطني فلسطيني ينتمي لفلسطين العربية.
كنت مؤخراً على هامش مشاركتي بمؤتمر دعم المقاومة في بيروت التقيت بالصديقين المحررين سمير القنطار وأنور ياسين، حيث دارت بيننا أحاديث كثيرة منها ضرورة العمل على تحرير الأسرى بكل الوسائل والطرق. وما إشهار قضيتهم على الصعيد العام الفلسطيني في أوروبا سوى خطوة كبيرة في هذا الإتجاه الصحيح، الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى إنتزاع حرياتهم وتحررهم.
مؤتمر الأسرى في برلين
02/02/2010
بقلم نضال حمد