مؤتمر الانتماء والوفاء – بقلم د. راضي الشعيبي
رغم مضي شهر على انعقاد المؤتمر العام الثالث لاتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في الشتات –أوروبا-، اتحاد الصمود والمقاومة، مؤتمر الانتماء والوفاء، مؤتمر التضامن والفداء في دمشق الصمود والشموخ، عاصمة العزة والكرامة والشهامة العربية التاريخية لبلاد الشام، ما زالت أصداؤه تتردد في الأروقة السياسية والاجتماعية الفلسطينية والسورية وشبكات التواصل الاجتماعي في الوطن والشتات ودول الاغتراب. مؤتمر أربك عواصم التآمر على سوريا، أُم العروبة والسيادة والمقاومة، التي تقدم كل يوم زهرات من شبابها دفاعاً عن الأرض والعرض وحاضر ومستقبل الأمة العربية وتُسطِّر بطولات فريدة في تصديها لهجمات قوى الشر العدوانية التي تآلفت وتكالبت عليها بشن حرب كونية إعلامية استباقية، ثم عسكرية واقتصادية تدميرة، مُجنِّدة لها ما يفوق على 150 ألفاً، مدججين بالسلاح من المرتزقة الظلاميين التكفيريين البربريين المتوحشين المخدرين وبتمويل من المستعربين المتصهينين والمرتدين الحاقدين والفاسدين وآلاف من الجاحدين الزنادقة الانتهازيين الباحثين عن المكاسب والمناصب “الطابور الخامس”، الذين تخلو أجسادهم من جينات العروبة الأصيلة.
نعم، رغم مضي شهر على انعقاد المؤتمر، مؤتمر الانتماء والوفاء في دار اللأسد للثقافة بدمشق التاريخ، الحضارة، قلب الأمة العربية والإسلامية الخافق، ما زلنا نتمتع ونفتخر بكل المشاهد التي شوهدت خلال يومَيْ المؤتمر، والتي بقيت مطبوعة على شبكيات أعين جميع الحاضرين.
نعم كان مؤتمراً رائعاً، مُسعداً ومُفرحاً ومُدمعاً، امتزجت في العواطف الدافئة بالشعور الوطني الملتهب والإحساس القومي المتأجج.
كان لقاء الأحرار والأبرار والأخيار، العروبيين أبناء من بلاد الشام في الشتات ودول الاغتراب مع شعبهم العربي العظيم في بلاد الشام، في دمشق قلعة العروبة وحصن الإسلام، التي أنجبت رجالاً صنعوا أمجاد التاريخ العربي والإسلامي وصدّروا الثقافة والحضارة والتجارة إلى الغرب والشرق والهند والسِّند.
كان لقاء الكرامة والعزة والشهامة، لقاء الإخاء والإباء، تأكيداً للانتماء والوفاء، حضنته دمشق التي انطلق من أرضها صلاح الدين، عرين الأسد ورفاقه، وقائد الصمود والمقاومة والمواجهة لكل الأعداء والعملاء والأجراء لهذا البلد العظيم بقيادته وجيشه وشعبه، بكرمه وعطائه وسخائه، الرافض للهيمنة الشريرة، المتمسك بمكارم الأخلاق والمُثل والشِّيم الأصيلة والقِيَم الإسلامية الحقة والمبادئ الوطنية والقومية، وفي طليعتها القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، قضية الاحتلال الصهيوني اليهودي العنصري العدواني لقدس المقدسات لفلسطين والجولان ومزارع شبعة.
لقد برهنت سوريا في الماضي والحاضر والمستقبل علىت أنها أم العروبة وملجأ الأحرار وأرض العطاء والكرم والكرامة، وصدَّرَت دوماً الخير إلى الغير. استقبلت دائماً واحتضنت جميع القوى المناضلة الهاربة والفارة من السلطات الديكتاتورية الرجعية العميلة في بلادهم. احتضنت الأشقاء من أهل فلسطين النكبة والنكسة وآوتهم وكرَّمتهم وساوتهم بأشقائهم من أبناء سوريا في الحقوق والواجبات. احتضنت الملايين من شعب العراق الشقيق في الحرب المسعورة التي شُنَّت عليه بهدف تدمير الجيش العربي العراقي، المُرعب لدولة الكيان الصهوني، ولتدمير البنية التحتية في بلاد الرافدين. قدَّمت لهم كل مقدراتها وحافظت على كرامتهم وحمت عرضهم وشرفهم ولم تُقِم أي مخيم لهم ليعانوا برد الشتاء وحر الصيف والجوع والإذلال ولم تستجدي عليهم، بل فُتِحت كامل البيوت لاستقبالهم!
احتضنت مليوناً من الأشقاء اللبنانيين في الحرب المدمِّرة التي شنتها دولة الكيان الصهيوني على جنوب لبنان، واستقبلتهم بالعطف والحنان والعناق، حفاظاً على كرامتهم وعزتهم، ولم تستجدي عليهم! بينما اليوم يُذل مئات الآلاف من شعبنا في سوريا الذين هُجِّروا قسراً وأُرغِموا على ترك قراهم ومدنهم ومزارعهم ومصانعهم ومتاجرهم تحت التهويد والترويع والتجويع والتعذيب والذبح والقتل والاغتصاب، وأُقيمت لهم مخيمات الإهانة والتحقير، وتتعرض النساء لهتك الأعراض والسمسرة ويُستجدى عليهم.
نعم: مضى شهر وستمضي سنوات وعلى مدى الحياة ستبقى ابتسامة الأسد ابن الأسد، والقائد ابن القائد مشرقةً أمام ناظرينا وفي مخيلتنا. لقد استقبلنا
باتسامة الثقة، ابتسامة العزة والنصر، ستبقى حرارة يده الكريمة الخيِّرة تُدفئ مشاعرنا، استمع لنا وأسمعنا، تكلم برباطة الجأش ليطمئننا بأن سوريا لن تركع ولن تخضع ولن تخنع ولن تدخل بيت الطاعة، ولن تتخلى أبداً عن الثوابت والمبادئ الوطنية والقومية العربية والإسلامية، وستتحطم على أسوار دمشق الحصينة، المُشيَّدة بالإرادة والعزيمة والإيمان بالحق، وثقافة الحياة الكريمة، وشرف وكرامة الرجال، كل الشبكات العنكبوتية التآمرية الصهيو-أمريكية ومرتزقتها وأجرائها وعملائها من المستعربين أشباه الرجال، وستكون بلاد الشام مقبرة للغزاة كما كانت في الماضي المجيد.
نعم، كان قائداً ورائداً، أخاً ورفيقاً، زميلاً وصديقاً، عطوفاً وحنوناً. كان بشاراً ومُبشِّراً.
حفظك الله ورعاك للأمة العربية جمعاء.
مؤتمر الانتماء والوفاء – بقلم د. راضي الشعيبي