مؤتمر برشلونة لاتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا
نضال حمد
بدأت فكرة تأسيس اتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا من قبل مجموعة من الأخوة والأخوات وبعض رؤساء وممثلي الجاليات والجمعيات والمؤسسات والمراكز والفعاليات والشخصيات الفلسطينية المتواجدة في أوروبا والأمريكيتين. فتم عقد لقاء تحضيري أول في مدينة جنيف السويسرية نهاية 2004، واختيرت جنيف بالذات ليكون الرد الفلسطيني الجامع من فلسطينيي أوروبا والغرب على مبادرة جنيف لياسر عبد ربه والصهيوني يوسي بيلين، والتي تشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي شردوا منها بالقوة والإرهاب. وتستبدل قرارات دولية بتفاهمات شخصية وإملاءات صهيونية غربية يدفع ثمنها أهل فلسطين.
كذلك عقد لقاء آخر بعد عام في جنيف ثم وصل المؤسسون عبر تحضيرات استمرت لأكثر من سنتين الى عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الجاليات والفعاليات والمؤسسات الفلسطينية في الشتات – أوروبا في مايو/ أيار سنة 2007 في برشلونة، حيث شارك فيه ممثلون عن كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وكذلك كل من تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وفاروق القدومي أبو لطف رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية. وباركته أيضاً القوى الإسلامية الفلسطينية ( حماس والجهاد ). وحضرت إفتاح وأعمال المؤتمر قيادات دينية وروحية فلسطينية هامة، صاحبة مواقف وطنية مشرفة، مثل الشيخ عكرمة صبري والمطران عطالله حنا. وأصدر المؤتمر بيانا ختامياً، وكذلك أعلن توجهه السياسي من خلال تمسكه بالثوابت الوطنية الفلسطينية وبالميثاق الوطني الفلسطيني، وبقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، وبمنظمة التحرير الفلسطينية بميثاقها الوطني ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وأعلن تمسكه وتأييده خيار المقاومة، ومطالبته بالوحدة الوطنية والحوار الوطني سبيلاً وحيداً لتحقيق ذلك. واختارت لجنة التنسيق التي تمثل مجموع البلدان المشاركة في الاتحاد أعضاء الأمانة العامة السابقة ورئيسها. وأعلنت عن أيار/ مايو 2009 موعداً لعقد المؤتمر الأول.
اجتمع السبت الفائت مندوبون عن الجاليات والفعاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا بمدينة برشلونة الاسبانية لانتخاب أمانة عامة جديدة للاتحاد، ولتحديد وجهة الاتحاد السياسية والتنظيمية حيث جاء الاجتماع المذكور لينهي فترة طويلة من الجدل أعقبت انتهاء أعمال المؤتمر الأول في العاصمة النمساوية فيينا نهاية أيار/ مايو الفائت. وبعد نقاشات وجدل استمرا طويلاً بين المؤتمرين تم انتخاب أمانة عامة جديدة للاتحاد من تسعة أشخاص هم : د. راضي الشعيبي – اسبانيا ، نضال حمد – النرويج زيد تيم و سمير تركي – هولندا، محمود خزام – اليونان – د. رمزي أبو عياش، نظيم سليمان، وليد شحرور – ألمانيا، و د. فوزي إسماعيل من إيطاليا.
كما صدر عن المؤتمرين بيان سياسي نورد أبرز ما جاء فيه :
توجه المؤتمر بالتحية والتقدير للجاليات والاتحادات والفعاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية في أوروبا ودورها في الدفاع عن حق العودة والتمسك به ورفض التفريط بهذا الحق، ومجابهتها كذلك للمشاريع البديلة والمشبوهة… وكذلك بالتحية الى سوريا و ايران والمقاومة في فلسطين و لبنان والعراق والوقوف الى جانبهم بمواجهة الاعتداءات والتهديدات والعدوان الصهيوني الغربي… وكذلك الى الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الصهيوني. كما حيا البيان جماهير الشعب الفلسطيني الصامدة والصابرة في قطاع غزة والضفة الغربية وفي أراضي فلسطين المحتلة سنة 1948 وفي مخيمات الشتات. وحيا وثمن وقدر عالياً دور القوى السياسية والاجتماعية والتضامنية الأوروبية والأجنبية في دعمها للشعب الفلسطيني ونضالها لأجل فرض مبدأ عزلة ومقاطعة كيان الصهاينة. وفي إيصال الدعم والاسناد للشعب الفلسطيني المحاصر.
كذلك أكد الاتحاد في بيانه الختامي على حق الشعب العربي الفلسطيني في ممارسة كافة أشكال النضال ضد الاحتلال الصهيوني. واعتبار ذلك حقاً ثابتاً للشعوب ينص عليه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. كما جاء في الفقرة الخامسة من البيان أن المؤتمر يدعو إلى مواصلة الحوار الوطني داخل الوطن المحتل وخارجه، من أجل إنهاء حالة الانقسام الداخلي المدمر، وانعكاساته الكارثية على المستوى السياسي والاجتماعي، والذي أدى إلى تمزيق وحدة الموقف السياسي الفلسطيني، وإضعاف الإرادة الشعبية لمقاومة الاحتلال، والتصدي لممارساته التصفوية، التي تستهدف المشروع الوطني برمته، ممثلاً بالعودة والاستقلال وتقرير المصير. في نفس الوقت أدان المؤتمر اللجوء الى سياسة العنف في حسم الخلافات السياسية على الساحة الفلسطينية، كما أدان الاعتقالات على خلفية سياسية، ودعا الى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين فوراً، واعتماد الحوار سبيلاً وحيداً لحل الخلافات السياسية بين أبناء الصف الوطني بما يضمن وحدة هذا الصف في مواجهة الاحتلال “الإسرائيلي“.
وجاء في البيان :
أن المؤتمر يدعو قيادة م.ت.ف وكافة القوى الوطنية والإسلامية للتصدي إلى مشروع الدولة المؤقتة والمنقوصة، غير كاملة السيادة، وإلى رفض سياسة الرضوخ أمام الضغوطات الأميركية والأوروبية والرهان على وعودهم الزائفة. كما أكد على أهمية مراجعة ما يسمى الخيار التفاوضي الوحيد بشكل مباشر أو غير مباشر، وما يعنيه ذلك من استبعاد كافة الخيارات الأخرى، وضرورة بناء استراتيجية وطنية نضالية تقوم على أساس قرارات ووثائق الإجماع الوطني. كما دعا الجميع للتمسك بالحماية الدولية المؤقتة لشعبنا، ولعقد مؤتمر دولي ذو صلاحيات لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وتمكين شعبنا من نيل سيادته واستقلاله الوطني.
في مكان آخر أكد المؤتمر دعمه لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. ودعا إلى التخلي عن مشاريع المؤسسات البديلة كونها تضر بالمصلحة الوطنية، ومسيرة الحوار الوطني الشامل، وتسهم في تعميق الانقسام والتشتت والتشرذم. كما دعا إلى إعادة إحياء وتفعيل وإصلاح كافة المؤسسات الفلسطينية على أسس ديمقراطية، بالانتخابات ووفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، باعتباره المبدأ الذي يكفل الشراكة السياسية للقوى والتيارات كافة. كما دعا لوقف سياسة الاستفراد وتهميش الآخرين واستبعادهم. ورأى المؤتمرون أن ما حققته لجان الحوار في القاهرة يشكل خطوة متقدمة على طريق الوصول للوحدة الوطنية. كما وندد المؤتمرون بأي إجراء يعيق تطبيق اتفاقية القاهرة وتفعيل وإصلاح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
كما أكد أيضاً على ضرورة إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الفلسطيني والميثاق الوطني الذي يؤكد على حق شعب فلسطين باستعادة وتحرير وطنه، وحق اللاجئين في العودة، والتصدي لجميع المحاولات التي تلتف على هذا الحق، تحت مسميات مختلفة مثل المغتربين .. ( المقصود هنا دائرة المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية والتي رفض الاتحاد التعامل معها لأنه يعتبر كل الفلسطينيين خارج فلسطين المحتلة لاجئين وليسوا مغتربين )…
هذا ودعا المؤتمر أيضاً إلى تفعيل التنسيق بين الجاليات والاتحادات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا وبين دائرة شؤون العائدين، من أجل الارتقاء بحملات التضامن العالمية والدفاع عن حق العودة، باعتبار الأكثرية الساحقة من الفلسطينيين في أوروبا لاجئين، محرومين وبشكل قسري وتعسفي من العودة إلى وطنهم وديارهم، ووجودهم في أوروبا هو نتيجة للنكبة التي حلت بهم.
وفي الختام أدان البيان ممارسات الاحتلال وجرائمه ضد أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والخليل وبيت لحم والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين مثل المسجد الأقصى و الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح. ومصادرة الأراضي الفلسطينية واستيطانها.
31- 03 -2010
* مدير موقع الصفصاف
نشر في أسبوعية الثبات اللبنانية
http://www.ath-thabat.com/new2/index.php#althabat