مات اليوم صديقي شوقي فرح أبو جورجي قبل العودة إلى البصة..
في شهر آذار سنة ٢٠٠٥ سافرت الى فيينا وكانت تلك أول مرة اسافر فيها الى هناك وأدخل العاصمة، قبل ذلك كنت أمر عبر مطارها ترانزيت في رحلاتي المختلفة. سافرت للمشاركة في ندوة سياسية بمركز عكاظ وبدعوة من مجموعة شباب فلسطيني وعربي ينشطون ثقافيا وسياسياً في النادي الثقافي العربي في فيينا بالنمسا. من ضمن الشباب المذكورين كان هناك الشاب الفلسطيني النشيط فرح شوقي أبو جرجي (الآن أصبح دكتوراً بالقانون ومحامياً نفتخر به).. فرح المولود على ما أظن في فيينا، فيما والده الذي سأتحدث عنه في هذه الحكاية، من مواليد بلدة البصة في فلسطين المحتلة، وهي من أقرب النقاط على بلدة الناقورة والحدود الفلسطينية اللبنانية. فمن هناك لولا وجود الاحتلال في فلسطين لكان بالامكان خلال ساعة أو أكثر قليلا أن يقود الانسان سيارته من صيدا في لبنان الى حيفا ويافا في فلسطين العربية.
صديقي العم أبو فرح أي المرحوم شوقي ابو جرجي تعمد يوم ولادته قبل ولادة كيان الاحتلال في كنيسة البصة، التي لازالت وبالقرب منها مازال مسجد البلدة شاهدان على النكبة والتصفية العرقية في فلسطين سنة ١٩٤٨.
كان الراحل أبو فرح فلسطينياً أحب فلسطين حباً جماً فهو من لاجئي ومهجري مخيم ضبية في لبنان إذ انتقل قبل عشرات السنين من بيروت الى فيينا للعمل موظفاً في مقر الأمم المتحدة. هناك وبقي في النمسا، حيث سيكون مدفنه بجوار فلسطينيين آخرين وافتهم المنية في تلك.البلاد… فكما أعرف وأعلم هناك كثير من الفلسطينيين عملوا ويعملون منذ عشرات السنين في الأمم المتحدة بفيينا وفي مجالات أخرى بكل النمسا. عرفت منهم عدداً من الأشخاص، الذي أحببتهم واحترمتهم ومازالت تربطني بهم علاقات جيدة. كما وربطتني ببعضهم علاقة عمل وطني وثقافي ومنهم من توفي ومنهم من لازال ينتظر العودة الى فلسطين حرة أو الى مقابر المنفى النمساوي.
توفي العزيز صديقي ابو فرح اليوم في المانيا لتفقد بذلك فلسطين واحداً من أبنائها الوطنيين المثقفين الواعين المتنورين. واحداً من الفلسطينيين الذين أحببتهم واحترمتهم منذ اللقاء الأول في آذار وفي اللقاء الثاني في أيار سنة 2005، ثم في اللقاءات الكثيرة التي جمعتنا في كل مرة كنت أصل فيها الى فيينا. حرص الفقيد على اصطحابي في جولات سياحية داخل العاصمة النسماوية وفي ضواحيها وكان يشرح لي عن معالمها وتاريخها. تماماً كما فعل دائماً الصديق العزيز سعيد الخضراء الذي من خلاله عرفت اليوم بوفاة شوقي أبو جرجي احد آخر قدامى الفلسطينيين الذين جاءوا الى فيينا في الدفعات القديمة ربما كما سعيد الخضراء.
كان فارق السن كبيراً بينناً لكنه لم يلعب أي دور في تعزز العلاقة ومتانتها بالرغم من انقطاعي عن زيارة فيينا منذ تسع سنوات. فقد حرص صديقي شوقي على الاتصال هاتفيا او عبر وسائل التواصل الاجتماعي في المناسبات وأحياناص بجون مناسبة. حرصنا على أن نلتقي في كل مرة كنت أزور فيينا وكانت كل زيارتي العديدة لها ما بين ٢٠٠٥ و٢٠١٤ زيارات عمل.
هذا اليوم آلمني وأحزنني خبر وفاة الصديق العزيز شوقي أبو جرجي والد الصديق المحامي الشاب دكتورنا فرح. تعازيي الصادقة للعائلة الطيبة بفقدانها الرجل الطيب، واتلفلسطيني المثقف والمنتمي لنضال شعبه. إن الانسان الشهم والاصيل، صاحب المواقف المحترمة حين يموت تبقى سيرته الطيبة ومواقفه وشهامته… وهكذا كان صديقي شوقي ابو جرجي شهماً وطيباً وانسانا متواضعا ومثقفاًلا ومحباً للناس وللوطن…
لتكن ذكراك مؤبدة… نم قرير العين فهناك الذين عرفوك وأحبوك وصادقوك سوف يتذكرونك ولن ينسوك يا أبا فرح…
نضال حمد
موقع الصفصاف – وقفة عز
28-9-2023