ماري هيوز تومبسون شهيدة فلسطين الأممية – نضال حمد
في الرابع من الشهر الجاري رحلت عن عالمنا الناشطة الأمريكية الأممية ماري هيوز تومبسون بعد عناء طويل استمر عدة أشهر مع ورم سرطاني أودى بحياتها.
بصمت مضت الراحلة ماري هيوز تماما كما عملت طوال حياتها بصمت، وكما صعدت على متن أول سفن فك الحصار عن غزة بصمت ودون ضجيج اعلامي وجري وراء الكاميرا والمايكرفون… بصمت أحبت فلسطين وبصمت قدمت لأجل شعب فلسطين جل أوقاتها وعطاءاتها وما تبقى من حياتها. عملت بقناعاتها وقدمت لفلسطين سنوات طويلة من حياتها.
هي ناشطة أمريكيّة من أصولٍ بريطانيّة، كانت حياتها حافلة بالمواقف الانسانية وبالدفاع عن القضية الفلسطينيّة، أحبت أطفال فلسطين المظلومين، ضحايا الارهاب والاحتلال الصهيونين، كم تمنت أن تشاهد قبل رحيلها عن عالمنا، فلسطين وطناً حراً وسيداً بدون احتلال وارهاب واستيطان وحصار وجدار… وأن ترى أطفال غزة وهم يتجولون بحرية ودونما خوف من القناصة الصهاينة الذي يطلقون الرصاص على كل كائن حي في القطاع المحاصر.
سنة 2007 ساهمت ماري هيوز مع مجموعة من النشطاء في تعميم فكرة انشاء اسطول الحرية لفك وكسر الحصار الصهيوني المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. فحصار القطاع ثنائي، صهيوني بحري وجوي وبري ومصري جوي وبحري وبري… حيث تلاقت مصالح وكلاء أمريكا في المنطقة، الاحتلال الصهيوني ونظام كمب ديفيد العميل. كلنا نذكر كيف تعاملت قوى الأمن المصرية مع المتضامنين العالميين مع غزة.. وكيف قمعتهم وضربتهم واعتدت عليهم واعتقلت بعضهم وقامت بتسفيرهم من مصر… وكيف تتعامل شرطة الحدود المصرية على معبر رفح مع الفلسطينيين، معاملة مهينة وحقيرة وسيئة الى أبعد الحدود.
أما الصهاينة فقد فعلوا الشيء نفسه وأكثر، حيث قتلوا وجرحوا المتضامنين دون أن يحاسبهم أحد. حتى تركيا اردوغان التي تعنترت وتطاوست خلال السنوات الأخيرة تراجعت ورضخت للشروط الصهيونية وأعادت علاقاتها كاملة مع المجرمين الصهاينة، أقول كاملة لأنها لم تقطع كاملة.
ماري هيوز تومسون ليست سيدة في الحكم ولا هي قائدة حزب سياسي أو جيش جرار، هي كانت فقط مواطنة عالمية، انسانة أممية، تحب الآخرين وتتضامن معهم وتقف ضد الارهاب والقمع والظلم والاحتلال. لذا فكرت مع ناشطين من جميع انحاء العالم انشاء اسطول بحري سموه اسطول الحرية، وطالبوا وطالبن خلاله بحرية أهل غزة. أعرف كثيرين من هؤلاء النشيطين والنشيطات عملت معهم-ن في أوروبا خلال الثلاثون سنة الأخيرة.
في حديث لمجلة الهدف الفلسطينية قالت الطبيبة والناشطة في مجال حقوق الإنسان، د. منى الفرا: “أنّ الناشطة ماري كانت وسط كل هذه الحراكات، لكنّها كانت بعيدة عن الإعلام ولا تحب الظهور، تعمل بصمت، وطوال حياتها كانت من أبرز المتضامنين مع القضية الفلسطينيّة” كما وتُضيف د. الفرا: “بعد ذلك وصلوا إلى غزّة، وجلبت ماري معها جوارب وأدوية وحليب للأطفال، واستمرت علاقتنا بعد ذلك معها على قاعدة التضامن مع الشعب الفلسطيني، واعتدنا أن نتقابل مرّة كل عام، ولكن قبل ثلاثة أشهر هاتفتي ماري وأخبرتني أنّنا لن نتقابل هذا العام في مانشستر كما العادة، فاعتقدت أنّها تقصد الإغلاق الناجم عن جائحة “كورونا”، لكنّها أخبرتني بعد ذلك أنّها مُصابة بورم سرطاني والأطباء أخبروها أنّه منتشر في جسدها بشكلٍ كامل وقد تفارق الحياة خلال شهرين، ورحلت يوم أمس.”.
ماري هيوز تومبسون
ستبقين خالدة في ذاكرة أهل غزة وضمير شعب فلسطين.
ستصبحين نجماً مشعاً مضيئاً في سماء غزة وكل فلسطين…
شعب فلسطين لا ينسى شهداءه وشهيداته الأمميين والأمميات ..
المجد والخلود لروحك ونحن على عهد الشرفاء والشريفات…
نضال حمد في الثامن من شباط – فبراير 2021