ما بعد حلب.. ليس كما قبلها – علي حتر
حلب ليست تفاصيل معركة.. حلب قضية..
لا تقاس التاريخ بعق أو عقدين من السنوات.. مما يمكننا من دراسة الفترة، ليس بدءا من 2011 فقط، ولكن من 2006..
كانت (إسرائيل) تعتقد أنها لا تقهر.. وأن المقاومة الفلسطينية سلمت قيادها لمجموعة من أبطال المفاوضات المتنازلين الذين ترعبهم صليت الرصاص وانفجارات القنابل وحتى أزيز الحجارة التي تخترق الهواء عندما تنطلق من أيدي أطفال الحجارة، وأن الحكومات العربية تلهث وراء التطبيع معها، وأن سورية فقط هي من تبقى في مواجهتها وأن من السهل تحطيمها..
وكانت حرب لبنان 2006، لتفاجأ (إسرائيل) أن هناك من المسلمين في لبنان من يعتبرها عدوة غازية محتلة ويواجهها بالتحالف مع سورية وإيران.. ولا يعتبرها من أهل الكتاب الصالحين.. وهي المقاومة اللبنانية التي يقودها رجل أصدق وأقوى من كل قادتها.. حتى أن قادتها يصدقونه أكثر من تصديق أنفسهم.. وأنه يقود رجالا لا ينكسرون..
ولكن (إسرائيل) وكعادتها، بدلت من أسلوبها، وجندت قيادات عربية، كوكلاء عنها، بالتحالف مع أمريكا، معلمة هؤلاء.. وحملتهم مسؤولية تحطيم سورية التي ترفض الخضوع، والتي تصر على دعم المقاومة في لبنان والفصائل الفلسطينية في سورية، وقبل هؤلاء الوكلاء بالمهمة.. ووجهتهم (إسرائيل)، وقبلوا بتوجيهاتها.. ورسمت لهم المخططات الطائفية.. وأضافت لهم أردوغان في تلك الخطط الطائفية.. وأغرتْه بكعكة حلب.. ليلحقها بالإسكندرون.. فكشر عن أنيابه التي اكتشف لاحقا أنها لا تصلح لنهش اللحم السوري.. أو لحم أكراد سورية..
وكانت حلب..
سرق مصانعها.. جهز الإرهابيين ومررهم لتدميرها.. شرد مئات الألوف من أهلها.. حين كانت سورية مع حلفائها مشغولين بمناطق أخرى، حتى اعتقد أنه مع مُموليه ومرتزقته يصولون ويجولون على حل شعرهم!!!
صحيح أنه دمر الكثير وقتل الكثيرين في حلب.. كما دمر أجداده الكثير وقتل الكثيرين في سورية في الماضي..
لكن عندما بدأ الرجال معركتهم لاسترجاع حلب.. فاجأوه وفاجؤوا (إسرائيل) وحلفائهما.. أن حلب كانت فقط.. في الانتظار..
وأن فترة الانتظار انتهت..
وأن حلب هي نفسها دمشق.. وهي السويداء وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس.. وأن ما لم يحرر حتى اليوم.. لن يكون تحريره أصعب من تحرير حلب..
وأن الرجال لم يتغيروا منذ 2006..
وأن بساطير الجندي السوري وحلفائه هي التي تقرر.. وليس أوباما ونتنياهو وأردوغان والجامعة العربية والجبير..
حلب ليست تفاصيل معركة.. حلب هي قضية..
وبعد حلب لن تفتت سورية.. ولن يصبح الجولان منسيا.. ولن تتخلى سورية عن حلفائها في لبنان وفلسطين..
وكل من استشهد في حلب.. استشهد في مواجهة عسكرية مع نتنياهو وأردوغان وكلنتون وأوباما.. وأدواتهم..
وكان مع الجبهة الشعبية القيادة العامة والجهاد الإسلامي وحزب الله..
وكان يقاتل مع بشار الأسد وحسن نصرالله..
حلب أثبتت أن سورية هي عنوان المنطقة الأقوى..
وهي ليست حكومة من حكومات الجامعة العربية الخانعة والخاضعة وسهلة القياد..
من المؤسف أن بعض القوميين واليساريين والوطنيين، يعتقدون أن الانتصارات تحسب بعدد الشهداء وعدد قتلى العدو، والخسارة الناتجة عن التدمير والباصات الخشراء المحترقة، ومنذ 2006، سمعت منهم أن حزب الله لم ينتصر، والآن سمعت منهم أيضا.. أن سورية لم تنتصر في حلب..
الانتصار لا يحسب هكذا.. ولا يحسب بالمقاييس العسكرية فقط!!!!
أن تمنع العدو من الانتصار هو أهم خطوات انتصارك..
أن تمنعه من تحقيق أهدافه.. وخصوصا اقتطاع حلب..
أن تغير الواقع على الأرض وبالتالي تغير معايير المعركة..
أن تبدل وتغير تحالفات أعدائك.. وتربكهم..
أن تقدم لوزير خارجيتك ومندوبك في الأمم المتحدة أسسا قوية تدعم كلماتهم..
أن تنشئ أو أن تنشأ أحلاف تعتمد على صمودك واستمرارك..
وفي حالتنا أن تعيد سايكس بيكو على المحك..
وأن تحول العدو الأول إلى حالة الترقب.. والخوف من المشاركة..
وأن تزعزع الطائفية والمذهبية التي كان يعتمد عليها في كل حساباته..
هذا بعض ما حصل في حلب..
ولهذا انتصرنا في حلب..
ولهذا نتضامن مع من نصر حلب.. وحافظ على سورية.. ولم يسمح بتفتيتها..