ما خـفـي أعـظـم . . ! ! -عـادل أبو هاشـم
عندما قال القائد الشهيد صلاح خلف ” أبو إياد ” مقولته الشهيرة ( أخشى أن تصبح الخيانة وجهة نظر ) قالها على قاعدة أنها قد تكون ضرب من المستحيل والخيال .
و لم يخطر بباله أن يتحقق ما كان يخشاه ، بل تجاوز الأمر ذلك لتصبح الخيانة في ” زمن أوسلو” آيديولوجيا وليس فقط وجهة نظر .!
آيديولوجيا يفاخر بها ليلا ونهارا وعلى مرآى ومسمع من الجميع أبناء ” خطيئة اوسلو “.!!
نذكر ما سبق بعد أن شاهدنا ليلة أمس على فضائية الجزيرة الحلقة الأولى من برنامج ” ما خفي أعظم ” للأعلامي الناجح تامر المسحال ، والذي كشف فيها دور السفارة الفلسطينية في بلغاريا في إغتيال القائد عمر النايف .!
فقد كشف المسحال عن ثمانية أسماء لعبت دورًا غامضًا في قضية اغتيال عمر النايف، كان الأول السفير الفلسطيني في صوفيا احمد المذبوح الذي أخبر زوجة النايف بأن الموساد يمكنهم قتله في أي لحظة داخل السفارة .!
والثاني ممدوح زيدان مسؤول المخابرات الفلسطينية في السفارة، والذي لعب دورًا في محاولة اخراج عمر من السفارة، حتى اللحظات الأخيرة قبل استشهاد عمر بساعات قليلة حيث تركه في مبنى السفارة وحده وغادر إلى إسطنبول.!
وفق اعترافات زيدان فإنه انتقل إلى إسطنبول بشكل سري لانجاز مهمة خاصة بناء على طلب عارف صالح مدير الإدارة العامة للعمليات الخارجية في المخابرات، وهو الاسم الثالث الذي ارتبط اسمه في عملية الاغتيال .
وأثناء وجود النايف في مقر السفارة والتي مكث فيها لمدة 70 يومًا التقى به وفد من المخابرات الفلسطينية يضم كلا من ناصر العدو وعلي جمعة حاولا إقناع النايف للسفر إلى الجزائر دونما ضمانات حقيقة .!
وعقب عملية الاغتيال برز اسم شخص ظهر في فيديو بعد الحادثة بساعات قليلة يروج فيه لفكرة انتحار عمر، كان هذا الشخص هو هشام رشدان الذي اقرّ في اتصاله مع تامر المسحال أنه من يقف خلف هذا الفيديو .!
و ظهر اسم تيسير جردات وكيل وزارة الخارجية الشخص الذي قام بتولي رئاسة أول لجنة تحقيق عقب عملية الاغتيال، كان الرجل قد فضّ اللجنة واجتماعها ورفض اتهام السفارة بناء على اتصال جاءه من رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني .!
وأثناء التحقيق مع السفير المذبوح اعترف بان الشهيد كان في أنفاسه الأخيرة لكنه لم يؤمر بنقله للمستشفى، وتحجج أنه كان يخشى عليه من الاعتقال، ففضل أن يموت النايف في السفارة .!
وقد حمّلت عائلة الشهيد عمر النايف السلطة الفلسطينية المسؤولية عن حادث اغتيال نجلها في مقر سفارة فلسطين في بلغاريا .
و قال حمزة شقيق الشهيد : ” السفير الفلسطيني احمد المذبوح شريك في اغتيال أخي عمر , السفارة الفلسطينية ومنذ اليوم الأول للجوء عمر إليها وهي تضيق عليه الخناق ، وحاولوا إخراجه من السفارة , وكانت تطلب منه مغادرة السفارة, والطاقم الأمني لم يشكل له حماية بالمطلق “.
ويوضح أن السفير الفلسطيني في بلغاريا احمد المذبوح كان يقول لشقيقه حرفياً : “سوف يضعون لك السُم في الطعام ويقتلونك, والطيارة تنتظرك لتعيدك إلى اسرائيل ” ..!!
و أكد حمزة أن : “عمر تعرّض لضغوط كبيرة من السفارة الفلسطينية في بلغاريا لإخراجه منها، وتعرّض للضغط النفسي والمعنوي حيث كان يتم احتجازه في سرداب ، ويُمنع من مقابلة عائلته ، بعدما كان يسمح لزوجته بزيارته مرتين أسبوعياً فقط ولفترات قصيرة ، بالإضافة إلى الضغط عليه للخروج من السفارة وتحمّل المسؤولية بمفرده ” ..!!
وقال أحمد شقيق الشهيد : ” شقيقي كان يتعرض لتهديدات مباشرة وغير مباشرة من قبل بعض أفراد السفارة وخاصة السفير حيث كانوا يطالبوه بالخروج من السفارة التي احتمى بها بعد تهديده من قبل الموساد الاسرائيلي بالاعتقال”.
وقالت رانيا زايد ” أم محمد ” زوجة الشهيد إن السفير أحمد المذبوح هدد عمر في الشهر الذي سبق اغتياله قائلا له :
” الموساد معه مفاتيح كل أبواب السفارة ، ورح يدخلوا يقتلوك واحنا ما بنقدر نحميك..!! ” مؤكدة أنه منذ اليوم الأول من لجوء عمر للسفارة الفلسطينية في بلغاريا تم تهديده بالقتل من قبل السفير .!
هنا خرج كاشف شقيق عمر، ليكشف على أن السفير المذبوح اقتحم اجتماعا للجنة التحقيق، وطرق على الطاولة وقال : ” لن أكون كبش فداء في هذه القضية .!”
للتاريخ فإنه لم تسيء إلى القضية الفلسطينية على مدار تاريخها الطويل حالة شائكة ــ بعد العملاء ــ كما أساءت “بعض” السفارات والممثليات الفلسطينية للقضية .!
فقد عانى الفلسطينيون في الشتات من حجم الفساد الذي ينخر في السلك الدبلوماسي الفلسطيني ، ووضع بعض المنافقين والانتهازيين والأفاقين و “كذابين الزفة ” ، والذين لا يملكون أي تاريخ نضالي أو سياسي في مناصب سفراء وممثلين لدولة فلسطين والسلطة الفلسطينية ، حيث التصقت مؤخراتهم بالكراسي الوثيرة ، وأصيبوا بامراض مزمنة وخطيرة من جراء اصابتهم بآفة التخشب الجسدي والتبلد الذهني ، و حولوا هذه السفارات إلى دكاكين سياسية ، وما يصاحب ذلك من عفن ومرض أدى بها إلى أن تكون عبئـًا ثقيلا على جالياتـنا، ومسيئة لسمعتـنا، وسببـًا لتـنفير الناس من قضيتـنا العادلة ، وسببـًا في السخرية من كيانيتـنا السياسية ، بل والسخرية حتى من زعاماتـنا التاريخية.!
فمنذ ورود الأنباء عن اغتيال القائد المناضل عمر النايف في قلب السفارة الفلسطينية بالعاصمة البلغارية ” صوفيا ” يوم الجمعة 26 / 2 / 2016 م وجد الفلسطينيون أنفسهم أمام ثمرة جديدة للتنسيق الأمني ” المقدس ” بين سلطة رام الله و العدو الأسرائيلي طالما شاهدوها و لمسوها مئات المرات منذ ” إتفاق أوسلو ” المشؤوم ..!!
لقد ذاق الفلسطينيون مرارة التنسيق الأمني بدءاً من مؤامرة تسليم مجاهدي خلية صوريف من حركة حماس عبد الرحمن غنيمات وإبراهيم غنيمات وجمال الهور عام 1997م للإسرائيليين ، و التي كانت المؤشر على طبيعة المؤامرة التي نفذت لاحقـًا وهي تصفية قائد كتائب عز الدين القسام محيي الدين الشريف في مارس 1998م ومن ثم تصفية الشقيقين عماد وعادل عوض الله في سبتمبر من نفس العام .! مرورا باغتيال كل من القادة المجاهدين يوسف السركجي قائد كتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية ، و رفاقه نسيم أبو الروس ، و جاسر سمارو و كريم مفارجة في يناير 2002 م في مدينة نابلس ، و إستسلام مقر الأمن الوقائي في بيتونيا في اوائل شهر ابريل 2002 م ، وتسليم 23 مناضلا من نشطاء المقاومة المعتقلين في مقر الأمن الوقائي في بيتونيا لقوات الإحتلال .ّ!
و استمرت ثمار التنسيق الأمني بالتساقط من بعض قادة أجهزة أمن السلطة الذين استباحوا الدم الفلسطيني خدمة للعدو الصهيوني ، فلم تترك الأجهزة الأمنية الفلسطينية حراماً إلا فعلته ــ دون رادع و لا حسيب ــ من التنسيق مع العدو لاعتقال القائد مروان البرغوثي و القائد أحمد سعدات ، كما اعتقلت الالاف من عناصر حركة حماس والجهاد الأسلامي منذ مجيئ السلطة الفلسطينية في يوليو 1994 م ، ومورس ضدهم أبشع أنواع التعذيب ، ومنهم من استشهد داخل المعتقلات ، ومنهم من تم اغتياله خارج السجون ( محمد رداد ومجد البرغوثي و عبد المجيد دودين ومحمد ياسين و محمد السمان و غيرهم ) حتى جاءت ” إنتفاضة السكاكين ” في بداية شهر أكتوبر 2015م ، وكان اقتحام قوة من المستعربين الصهاينة للمستشفى الأهلي بالخليل في 12 / 11 / 2015 م و اغتيال الشاب عبد الله عزام الشلالدة و اختطاف ابن عمه الجريح عزام عزات الشلالدة قمة التنسيق الأمني ، فقد اختفى حراس المستشفي فور وصول وحدة المستعربين .!.
ووصل الأمر برئيس السلطة أن يفاخر بأنه صاحب فكرة إغراق حدود رفح بمياه البحر ، و ليقر بتواطئه مع السلطات المصرية بإغراق الحدود بين فلسطين ومصر بمياه البحر للقضاء على الأنفاق .! الأمر الذي شجع رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية اللواء ماجد فرج ” جنرال التنسيق الأمني ” بالاعتراف لصحيفة “ديفنس نيوز” الأمريكية بأن قواته نجحت منذ بداية ” إنتفاضة السكاكين ” في أكتوبر 2015 م في إحباط أكثر من 200 عملية ضدّ الاحتلال ، واعتقال 100ناشط فلسطيني و داهمت عشرات المنازل و صادرت كميات كبيرة من الأسلحة خلال ثلاثة شهور .!
و يتساءل الشعب الفلسطيني الذي عاش لسنوات طويلة من الضياع السياسي و وفقدان الثقة بالقيادة :
هل وصل” التنسيق الأمني المقدس ” مع العدو إلى سفاراتنا في الخارج لملاحقة و قتل المجاهدين في تجاوز خطير للمحرمات الوطنية .؟؟!!
و هل أصبحت السفارات الفلسطينية خنجرًا مسمومـًا في ظهر القضية .؟؟!!