ما قبل اسقاط الطائرة الروسية ” ايل 20 ” ليست كما بعدها ..!- اكرم عبيد
من يعتقد ان سلطات الاحتلال الصهيوني قادرة على اسقاط هيبة القيادة الروسية في سورية فهو واهم لأنها تدرك قبل غيرها ان هذه القيادة بقيادة الرئيس بوتين خاضت خلال المرحلة السابقة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي خمسة حروب في الجوار الروسي وربحتها وتدخلت في سورية بطلب من القيادة السورية لمواجهة الارهاب وغيرت المعادلة بزمن قياسي قصير بعدما انتقل الجيش العربي السوري الباسل وحلفائه من مرحلة الدفاع لمرحلة الهجوم واستعاد معظم الجغرافية السورية بدعم ومساندة الحلفاء الروس الذين استطاعوا من خلال البوابة السورية ان يثبتوا ذاتهم كقوة عالمية عظمى استطاعت اسقاط معادلة وحيد القرن الامريكي الذي هيمن على العالم منذ سقوط الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية .
لذلك فان الرئيس الروسي قادر على الرد العسكري المباشر على الطائرات الصهيونية المعادية التي استخدمت الطائرة الروسية كغطاء للعدوان على سورية لكنه بصراحة كان اكبر من الرد العسكري الانفعالي الفوري ويغامر بحرب قد تتحول لحرب عالمية ثالثة ليرد بطريقة مناسبة وهادئة بعدما وضع النقاط على الحروف وحمل الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة لهذه الجريمة التي تسببت بإسقاط طائرة روسية واستشهاد افراد طاقمها من الضباط لذلك تعمد الريس الروسي بوتين المحافظة على توازنه كقائد كبير لدولة عظمى لم يتردد للحظة للرد على الكيان الصهيوني ولكن بالطريقة المناسبة والهادئة بعد ما نقضت الرواية الروسية كل الروايات الصهيونية الغادرة وحمّلوا الطيارين الصهاينة المسؤولية كاملة
ففاجئت القيادة الروسية العالم بقرارات استراتيجية غير مسبوقة تجاوزت بتداعياتها الخطوط الحمراء مع العدو الصهيوني الغادر التي اعلن عنها وزير الدفاع الروسي مباشرة بعد وصول قائد سلاح الجو الصهيوني الى موسكو وقبل انتهاء زيارته قررت القيادة الروسية تسليم الجيش العربي السوري منظومات اسس ” 300″ المتطورة واشياء اخرى صدمت القيادات الصهيوامريكية التي تحركت على جناح السرعة للحيلولة دون اتمام الصفقة الصاروخية المتطورة التي اعتبرتها الادارة الامريكية تصعيد خطيرا وقد علق الكثير من الخبراء العسكريين والسياسيين والامنيين على هذه الصفقة التي شكلت في الحقيقة منعطفا على طريق إنهاء الصراع الداخلي والخارجي على الاراضي السورية لكنهم لم يستبعدوا أن تدفع هذه المنظومة نحو مواجهة سورية مع سلطات الاحتلال الصهيوني وقد تتدحرج إلى حرب اقليمية في حال أسقطت المنظومة الروسية المتطورة طائرات صهيونية او امريكية معادية تحاول العدوان على سورية.
واشار بعض المراقبون على أن المنطقة بعد إسقاط الطائرة الروسية وقرار روسيا تسليم الجيش السوري منظومة الدفاع الجوي المتطورة (إس 300) وملحقاته من اجهزة الحرب الالكتروني التي ستمنح قوات الدفاع الجوي السوري القدرة على التمييز بين الطائرات المعادية والطائرات الصديقة بالإضافة والكهرومغناطيسي المتطورة وضعت القيادة الروسية أمام خيارين لا ثالث لهما الاول تعزز قوة الجيش العربي السوري الباسل في مواجهة أي عدوان جوي او صاروخي صهيوني امريكي والثاني تعزيز قبضتهم على الملف السياسي السوري لتقول للمعارضة السورية المزعومة وحلفائها وعلى رأسهم الادارة الامريكية المتصهينة أن أي اتفاق سياسي في سورية لن ولم يمر الا عبر البوابة الروسية .
اما اليوم وبعد تسلم سورية منظومات الدفاع الجوي الروسية المتطور” اس اس 300 ” وملحقاتها يتساءل البعض هل ستتوقف الاعتداءات الصهيونية على سورية ؟ وماذا سيحصل لو استمر الكيان الصهيوني في استفزاز سوريا وحلفائها الروس ؟؟
في الحقيقة اشار معظم المحللين والباحثين والقادة العسكريين والامنيين في تحليلاتهم واستنتاجاتهم الى ان سلاح الجو الصهيوني اصبح مقيدا بعدما تسلم الجيش العربي السوري الباسل منظومات الصواريخ الروسية المتطورة والقادرة على حماية الاجواء السورية بالكامل من أي عدوان سواء كان من الطائرات او الصواريخ الصهيونية او الامريكية ولكن قبل اي مغامرة عدوانية يجب ان تفكر “إسرائيل” كثيرا بأمرين :
الاول أن سوريا سترد على العدوان بصواريخ ” إس-300″.
ثانيا من المفروض ان تفكر “إسرائيل” بشكل جدي كيف ينظر الروسي إلى تنفيذ هذه الغارات بوجود “إس-300″، لهذا السبب اشار معظم المتابعين والمحللين أن العربدة ” الاسرائيلية ” انتهت في سوريا الى غير رجعة.
بدوره، علق مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، اليوم، على المستجدات بخصوص توريد «إس-300» إلى سوريا، إذ اعتبر أن «خطط روسيا لتزويد سوريا بنظام أس-300 الصاروخي سيمثل تصعيداً خطيراً من جانب موسكو»،. كما أبدى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قلقه من قرار موسكو، ودعا لإنهاء عمليات نقل إيران لأسلحة عبر سوريا، واصفاً إياها بأنها “مستفزة وتشكل خطراً على المنطقة”.
ونقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية عن ضابط كبير في جيش لاحتلال الصهيوني قوله بأنه “يجب دائماً تذكر الدرس الأول في التاريخ العسكري لا تعبث مع الروس وذلك في تعليقه على الحادثة التي وقعت في السماء السورية والتي وضعت ” إسرائيل ” في موقف وصفته الصحيفة بأنه “بالغ الصعوبة” ومن الممكن أن يؤثر سلباً على حرية العمل في الأجواء السورية ذات البعد الاستراتيجي بالنسبة ” لإسرائيل ” .
وبالرغم من ذلك تعمدت بعض القيادات الصهيونية اطلاق المزيد من التصريحات النارية الاستفزازية و قالت بصريح العبارة ان ” سلاح الجو الاسرائيلي ” سيواصل عملياته في سورية وكأن شيء لم يكن وهذا غير صحيح لان المعادلات اختلفت واصبح الامر قبل اسقاط الطائرة الروسية ” ايل 20 ” غير ما بعده الا اذا حاولت القيادات الصهيونية بدعم ومساندة الادارة الامريكية المغامرة والتهور واستهداف اهداف سورية ومن ضمنها قواعد الصواريخ الروسية اس اس “300 “
وقال المحلل العسكري، فيديريكو بيراشيني، إن تسليم “إس-300″ الروسية إلى سوريا سبب قلقا للولايات المتحدة أكثر من ” إسرائيل ” ولكن لماذا.
وكتب في صحيفة Strategic Culture مقالا مهما في نفس السياق وقال ان ” اسرائيل تتعمد
استمرار مغامرتها في سورية بعد تسلم الجيش السوري منظومات اس اس ” 300 ” فافوريت” الروسية المتطورة وهم واثقون من هذا لأنه خلال المناورات المشتركة مع اليونان استخدم الجيش اليوناني “إس-300” وتعتقد تل أبيب أنها تملك المعرفة التقنية لعمل للمنظومة الروسية ” اس اس 300 ” وكيفية التحايل على هذه المنظومة المتطورة، لذلك هي ليست قلقة.
لكن هذه المنظومة اس اس ” 300 ” فافوريت” الحديثة قادرة على مفاجأة “إسرائيل” والولايات المتحدة بشكل غير مستحب.
وانطلاقا من هذه المعادلة لاستراتيجية من الممكن تفسير مخاوف الولايات المتحدة الامريكية التي تخشى من مغامرة ” اسرائيل ” استخدام المقاتلة الامريكية الصنع ” اف 35″ ويتم اساقطها بالدفاعات الجوية السورية اس اس 300 وقال ان اسرائيل قد تلجا لاستخدام هذه المقاتلة الامريكية .
وإذا أسقطتها ” إس-300 ” فإن هذا سيغير بشكل كبير الرأي في الطيران الأميركي وسيسبب بضربة لا يمكن إصلاحها للمجمع الصناعي العسكري بأكمله بعد تحطم اسطورة طائرات ال اف 35 فخر الصناعات الجوية الامريكية35 كما تحطمت اسطورة دبابات المير كافا تحت اقدام المقاومين في حزب الله بوادي الحجير خلال عدوان تموز عام 2006 .
ويعتقد الخبير أنه لهذا السبب تعارض الولايات المتحدة بنشاط إرسال “إس-300” إلى سورية وشراء “إس-400” من قبل تركيا.
إنهم ببساطة يخافون على مقاتلتهم الشبح، التي قد لا تكون “شبحا” في الواقع.
وخلص المحلل إلى أن ” إسرائيل ” اختارت تكتيكا خاطئا تماما عندما أخذت بعين الاعتبار خبرتها مع “إس-300” اليونانية متجاهلين ان أنظمة الدفاع الجوي الروسية هي معدات يتم صيانتها وتحسينها وتحديثها باستمرار. وبعبارة أخرى، فإن أنظمة ” إس-300 فافوريت ” التي سلمتها روسيا إلى سورية ستكون مختلفة بشكل جذري عن الأنظمة اليونانية القديمة “. وأضاف وهنا ستنتظر ” إسرائيل” والولايات المتحدة مفاجأة غير سارة للغاية “
لذلك فقد تعاظمن حدة الخلافات بين الجانبين الروسي ” والاسرائيلي ” بشكل خطير لم يسبق له مثيل بعدما اطلق وزير الحرب الصهيوني ليبرمان المزيد من التصريحات النارية والمستفزة وقال للتلفزيون الامريكي ” سي بي سي ” إن الطيران الإسرائيلي سيستمر في قصف الأراضي السورية وسنقوم بإسقاط الطائرات الروسية إذا تصدت لها
وبعد أقل من ساعة من تصريح ليبرمان ظهر وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” مع قائد سلاح الجو الروسي وقائد سلاح الصواريخ الروسية العابرة للقارات في مقابلة على التلفزيون الروسي ورد على وزير الحرب الصهيوني ليبرمان .
وقال “الوزير شويغو ” نتحدى ” إسرائيل ” أن تواجهنا ونقول إياك والتحدي ونقول للوزير ليبرمان سنصيبك بالصاروخ الروسي في قلب وزارة دفاعك في تل أبيب وفي قلب مكتبك
ونقول ” لإسرائيل ” إذا أردت اللعب بوجودك فنحن لها وصواريخنا العابرة للقارات ستزيلك من الوجود .
أما قائد سلاح للجو الروسي فقال نستطيع تدمير إسرائيل تدميرا كاملا خلال ساعتين إلى ثلاث ساعات .وإذا تدخلت الولايات المتحدة فلتنشب حرب نووية بينها وبيننا وليحصل ما يحصل .
وقال الجنرال سوسلوف قائد سلاح الصواريخ العابرة للقارات ” نقول لإسرائيل إذا أردت اللعب بوجودك فنحن لها وصواريخنا العابرة للقارات ستزيلك من الوجود ” .
وقال الخبير العسكري، اللواء المتقاعد واصف عريقات، في حديث لـ ” للقدس” دوت كوم، ان “تزويد روسيا الجيش السوري بمنظومة الدفاع الجوي (إس 300) سيضع المنطقة أمام متغيرات وسيناريوهات جديدة من شأنها أن تنهي حالة التفوق الجوي” الاسرائيلي ” في سماء سورية“.
اما المحلل السياسي تيمور دويدار قال فيما لو وجهت “إسرائيل” ضربات إلى منصات “إس-300” في الأراضي السورية، فسوريا سترد على “إسرائيل”، لأن منظومات الصواريخ ستكون سورية وليست روسية وتحت إدارة سورية، وإن حصل ذلك سيحصل تصعيد عسكري وسيكون الأمر سلبيا للغاية وسيتم تهديد “إسرائيل ” بشكل جدي
وفي ظل هذه التحديات والتوترات المتسارعة بين الطرفين الروسي والصهيوني لا بد من التساؤل هل غيّرت روسيا استراتيجيتها في الشرق الاوسط بشكل كامل أو بشكل جزئي، أو أنها تناور وتعمل على إخراج معين فتأخذ من اسقاط طائرتها ثغرة تدخل منها لتغيير عناصر الصراع في سوريا لمصلحة استراتيجيتها البعيدة .
في الحقيقة ان الإجراءات الميدانية والعسكرية الفنية التي ترجمتها روسيا مؤخراً في سوريا لا تصب في خانة التغيير الاستراتيجي الكامل بسبب العلاقات القوية مع الكيان الصهيوني والتي لا يمكن أن تتبدل بالكامل نتيجة تسبب الطيران الصهيوني المعادي لسورية بإسقاط الطائرة الروسية ” ايل 20 ” واستشهاد طاقمها لان أسس هذه العلاقة التاريخية هي قد تكون أبعد من خطأ مقصود ومخطط له .
لهذا اعتقد انه لا يمكن أن تتخلى القيادة الروسية عن استراتيجيتها في الفصل بين دعمها لسورية في الحرب ضد الارهاب وبين موقفها الحيادي في صراع محور المقاومة من سوريا الى وايران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية مع العدو الصهيوني وفي حال تخلت روسيا عن هذه الاستراتيجية سوف يظهر ذلك على الصعيد العسكري اولا من خلال التزامها بالكامل بتقديم كافة عناصر النجاح الفنية والتقنية لمنظومة ” اس 300 ” بمواجهة الطائرات الصهيوامريكية التي قد تحاول العدوان على سورية بحجج ومبررات واهية من استهداف مواقع الحرس الثوري الايراني الة مستودعات اسلحة مزعومة او قوافل تقل اسلحة الى حزب الله او بحجة استخدام الجيش العربي السوري اسلحة كيماوية مزعومة في ادلب او ريف حماة او حلب .
وبالرغم من ذلك هناك من يعتقد ان القيادة الروسية قد تفكر بتصور ابعد من ذلك من خلال مناورة سياسية تنطلق من معادلة اسقاط الطائرة ” ايل 20 ” للضغط على كل من الجانبين الصهيوني اولا لوقف استهداف الداخل السوري يشكل كامل حتى لا تصطدم بمواجهة منظومة الصواريخ الروسية المتطورة ” اس اس 300 ” وملحقاتها من اجهزة التشويش الإلكتروني .
ومن جانب اخر الضغط على قوى محور المقاومة لإيقاف ادخال القدرات الصاروخية الايرانية الاستراتيجية النوعية الى سورية وايصالها الى حزب الله لنزع الحجج والمبررات الصهيونية العدوانية التي تستهدف سورية بهذه الذريعة الواهية وقد تكون القيادة الروسية اعتمدت في هذه المناورة الافتراضية على كلام سماحة السيد حسن نصر الله عندما قال بخطابة الاخير ان أمر الحصول على القدرات الاستراتيجية لردع العدو ” الاسرائيلي ” قد اكتمل وأنجز..” ولا ضرورة حاليا لإدخال قدرات أخرى .
وبالرغم من كل شيء فقد شكّلت الخطوة الروسيّة ” بتسليم الجيش العربي السوري هذه الاسلحة الدفاعية الاستراتيجية ضربة معلّم” لتشل العربدة الصهيوامريكية على كامل الجغرافية السورية لذلك هل سيقف الكيان الصهيوني مكتوف الأيدي أمام ترسيخ المعادلة الجديدة؟.
akramobeid@hotmail.com