مجمع اللّغة العربيّة يعقد مؤتمره حول الفَنّ العَرَبيّ الإسْلاميّ في الناصرة
نظّم مجمع اللّغة العربيّة في الناصرة، السبت الماضي مؤتمره السّنويّ تحت عنوان: “تَجَلّياتُ الفَنّ العَرَبيّ الإسْلاميّ في الخَطّ والرَّسْم وَالعمارَة”، وهو أوّل مؤتمر يُقام في بلادنا لمعالجة هذا الموضوع الواسع.
عُقِدَ المؤتمر في فندق “جولدن كراون” في الناصرة، وحضره جمهور غفير، برز من بينهم عدد من أعضاء وأصدقاء المجمع، وكوكبة من الأكاديميين والمثقّفين والأدباء ومحبّي اللغة العربيّة وآدابها، جاءوا من المدينة المضيفة، ومن الجّليل والمثلّث والنّقب للمشاركة بهذا الحدث الثقافيّ الهام.
جرت وقائع المؤتمر في جلستين، الأولى: توزّعت على محاضرتين، (1) “نماذج من النّقوش العربيّة الإسْلاميّة في المسجد الأقصى”، (2) “وظيفة الفن في خلق الأمَّة: محمد مختار، نموذجًا”.
أمَّا الجلسة الثّانية، فقد خُصّصت لتقديم شهادات، قدّمها نخبة من الفنّانين وأصحاب الخطوط العربيّة الجميلة.
افتتح المؤتمر، رئيس المجمع البروفسور محمود غنايم بكلمة جاء فيها: “يهدُف الفن إلى خلق عالم أكثر إنسانيّة مواز للعالم الحقيقي. هكذا عبّر أندريه موروا، الكاتب الفرنسي عن أهميّة الفن. والقضيّة التي لا بد أن تثار هنا من هذا القول هي العلاقة بين الفن والمجتمع”، معتبرًا أن “الفن يسعى إلى جعل الحياة أكثر إنسانيّة مما هي في الواقع، سواء من خلال تجميل الواقع، بالمفاهيم الرومانسيّة، أو تصوير الواقع ونقده في المفاهيم الواقعيّة، أو رفض الواقع وتجاوزه بالمفاهيم الحداثيّة”. ثمّ بيَّن أن: “الفن العربيّ والإسلاميّ (الخط والرسم والعمارة)، لم يحظَ بالتّجديد والإتقان إلا بعد أن اتسعت رقعة الدّولة الإسلاميّة في العصر الأموي، ثم ورثتها الدولة العباسيّة، وفيهما نشطت حركة العمران فظهرت الكتابات والخطوط على الآنية والتّحف واعْتُني بكتابة المصاحف وزخرفتها”.
بعد ذلك، عقدت الجلسة الأولى التي ترأسها البروفسور مصطفى كبها، فتحدّث عن جوانب عديدة في مجال النّقوش العربيّة الإسلاميّة، والخطّ العربيّ والرّسم والعمارة، وما نتج عن ذلك من تشكيل الذاكرة الجماعيّة، وتفاعلها الإنسانيّ، الحضاريّ مع الفن الإسلاميّ والعربيّ العريق.
ثمّ قدّم الدّكتور عمر عبد ربه محاضرة تناول فيها: نماذج من النّقوش العربيّة الإسلاميّة من المسجد الأقصى: قبّة الصّخرة والمسجد القبلي”، شارحًا مراحل تطور علم دراسة النّقوش العربيّة عبر التاريخ العربيّ والإسلاميّ، وأهميّة هذه النّقوش كمصدر أصيل من مصادر التاريخ، ومُبينًا أيضًا مسيرة وخصائص هذا الفن عبر الفترات الأمويّة، العباسيّة، والفاطميّة.
أما المحاضرة الثّانية من الجلسة الأولى، فكانت للبروفسور يسرائيل جرشوني، وقد تحدّث فيها عن “وظيفة الفن في خلق الأمَّة: محمد مختار، نموذجًا”، متناولاً أبرز المحطّات في حياة وفن هذا الفنان، وعلاقته مع مجتمعه المصريّ على الصّعيدين الشّعبيّ والرّسميّ، ذاكرًا اهتمام واستقبال فرنسا لعدد من تماثيله، كما خصّص حيّزًا واسعًا من محاضرته للتّحدّث عن الظّروف التي ولدت فيها فكرة انشاء تمثال “نهضة مصر” الذي أبدعه الفنان محمد مختار في عشرينيّات القرن الماضي، وما صاحب ذلك من جدل حول دور التّخليد في صياغة الهويّة، وبلورة ذاكرة الأمّة.
الجلسة الثّانية عُقدت بمشاركة كل من الفنّانين والخطّاطين: سعيد النّهري، رنا بشارة، طارق شريف، ريحان التيتي، وكانت برئاسة الدّكتور أحمد غبن الذي تحدّث عن أنواع الخطوط العربيّة، وقال: “ينبغي لمن يريد أن يكون خطّه جيّدًا وكتابته صحيحة، أن يجعل لها أصلا يبني عليه حروفه، وقانونا يُقيس عليه خطوطه، والمثال: أن يخط الألف بأيّ قدر شاء ويجعل سُمكه مناسبًا لطوله، وهو الثُّمن وأسفله أدق من أعلاه، ثمّ يجعل الألف قطر الدّائرة، ثمّ يبني عليه سائر الحروف”. مشيرًا إلى المصادر التي اعتمدها في مداخلته.
بعد ذلك، استعرض الفنّانون والخطّاطون المشاركون في المؤتمر، جوانب متعدّدة من تجاربهم الحياتيّة والفنيّة، تفاعل معها الحضور لما أثاروه من أمور هامّة في هذا المجال، استحقّت الثّناء.
في نهاية اللقاء شارك الحضور بطرح الأسئلة وتقديم مداخلات، أضافت للمؤتمر الكثير من الأفكار والآراء النيّرة.
(من سيمون عيلوطي، المنسّق الإعلامي في المجمع)