محتكروا سوق الغذاء في مصر – الدكتور عادل عامر
تبدأ المشروعات وطنيه و تنتهي في حضن الشركات الاجنبيه هل يصدق احد ان اللبن الحليب الذي يشربه اطفال مصر و الذي كانت تنتجه مصر بنسبه 100% منذ 7000 سنه تتسلل اليه و تسعي لاحتكاره الشركات الاجنبيه بما تملكه من سطوه و نفوذ بعد ان بيعت لها الشركات الوطنيه شركه تلو الاخري . فبعد ان توقفت مصر للالبان التي تاسست في العام 1960 تحت شعار كتبه جمال عبد الناصر في سجل تاسيس الشركه كوب لبن نظيف للكل مواطن وكان الاطفال في المدن المصريه في الستينات والسبعينات لا يشربون اللبن المبستر الا من زجاجه مصر للالبان بالغطاء الفويل الازرق و الغطاء الاحمر و زبادي مصر للالبان وكان انتاجها من الجبنه الرومي و النستو و الريكفورد مثار اشاده الجميع بجودتها فقد كانت في العام 1978 تملك 9 مصانع لانتاج الالبان اغلقتها الحكومه ولم يتبق منها غير مصنع القاهره و مصنع الاسكندريه كانت وقتذاك صناعه الالبان وطنيه خالصه من ايدي مصريه لابناء الشعب المصري و كانت صناعه المياه الغازيه و الصناعات الغذائيه عموما مصريه 100% تقريبا قبل 16 سنه و حين اعلنت الحكومه عن توجهها الي الرأسماليه و تشجيع القطاع الخاص و الاستثماري فخفتت مصر للالبان و توقفت تماما في مارس 2009 قبل ذلك ظهرت شركات البان وطنيه صغيره بدأت تكبر شيئا فشيئا حتي اصبحت تستحوذ علي 20% من حجم انتاج الالبان في مصر و هي نسبه واعده تنبئ بان التحول للالبان المصنعه ( المبستره ) قادم في سوق ينتج 5.3 مليون طن سنويا من الالبان لم يكن مهما ان يملك مصانع الالبان مستثمر وطني او قطاع اعمال عام فالجميع وطنيون .. رغم تأثر المستهلك من جشع بعض المنتجين الا ان هذا لم يكن كافيا لايقاف قطار الخصخصه فجأه بدأت صناعه الالبان تتسرب الي ايدي الاجانب تماما مثلما تسربت صناعه الاسمنت التي كانت وطنيه تماما و احتكرها الاجانب و دفع الشعب المصري ثمن خصخصه الاسمنت و عجزت الحكومه عن السيطره علي انفلات اسعار الاسمنت لتحقق شركات الاسمنت الاجنبيه العامله في مصر اعلي ربحيه في العالم لعدم وجود تشريعات ضابطه للسوق و الاسعار حتي في انتاج اللبن الحليب .. المفاجأت غير متوقعه يوما بعد يوم و السيطره و الاستحواذ تتجه نحو الاجانب و الشركات متعدده الجنسيات التي سيطرت بالفعل علي 80% من قطاع الصناعات الغذائيه فصناعه الالبان لدي القطاع الخاص في مصر سيطرت عليها عمليا شركات بيتي ( 20% من سوق الالبان ) و انجوي و جهينه و مزارع دينا و لبنيتا ثم عدد من الشركات الصغيره غير المؤثره في السوق و بدأت صفقات الاستحواذ و السيطره لتخرج الصناعه الوطنيه لصالح الاحتكارات الاجنبيه و كأن خنق و اغلاق مصر للالبان كان ضروريا لمرحله احتكار و سيطره علي السوق الواعد . فقد استحوذت المراعي السعوديه علي شركه بيتي ( المصريه لمنتجات الالبان و العصائر ) بصفقه قيمتها 645 مليون جنيه مصري ( 115 مليون دولار ) في اكتوبر 2009 و اعلنت المراعي السعوديه في تصريح للعضو المنتدب حاتم صالح في العام 2009 انها تخطط للسيطره علي 50% من حجم صناعه الالبان في مصر و استحوذت مجموعه القلعه من خلال شركه جذور علي شركه انجوي التي تملكتها (هيكله) التابعه للبنك التجاري الدولي و التي كانت قد تملكتها من عائله الطويل المؤسس الاصلي للشركه بصفقه قيمتها 80 مليون جنيه بخلاف الالتزام بسداد مديونيات البنوك و قدرها 200 مليون جنيه و قبلها كانت مجموعه القلعه القابضه قد استحوذت علي مزارع دينا ( 9461 فدان ) التي تنتج نحو 200 طن من الحليب يوميا بصفقه قيمتها 480 مليون جنيه و سبق للقلعه ايضا ان استحوذت علي شركه المصريين ( احد كبار مصنعي الجبن في مصر ) بصفقه قيمتها 84 مليون جنيه والرشيدي الميزان التي تم الاستحواذ عليها في نهايه العام 2007 بصفقه قيمتها 355 مليون جنيه و الشركه المصريه لحليب البودره و ماس فود و العجيزي . ومجموعه القلعه القابضه لها تاريخ في الاستحواذ علي شركات مصريه و بيعها للاجانب كما حدث في عملية بيع أسمنت بورتلاند حلوان التي اشترتها من السيد /عمر الجميعي رئيس مجلس إدارة شركة ‘أسيك’ بصفقه قيمتها 3.6 مليار جنيه وبعد عام باعتها القلعة إلي المجموعة الإيطالية بمبلغ ٦.٤ مليار جنيه ليستكمل الاجانب الاستحواذ علي نحو 83 % من انتاج الاسمنت في مصر . و البدايه دائما مستثمر مصري او عربي يخفي الحقيقه و يمتص الغضب و النهايه دائما للتكتلات الاجنبيه . لقد استحوذت مجموعه الخرافي علي شركه جرين لاند للالبان (بعد ان استحوذت علي شركات غذائيه اخري و كيانات ضخمه كالمصريه للنشا و الجلوكوز واستحوذت بيبسي العالميه علي شركات شيبسي الشهيره وعلي شركه ليز، وشركه تستي فودز و اكوا فينا للمياه و شركه جبنه المصريين و تبذل جهودا للاستحواذ علي جهينه . و استحوذت كوكا كولا عند بدء صفقه الخصخصه عام 1994 علي مجموعه مصانع قطاع عام هي ( شركة الإسكندرية للمرطبات والقاهرة للمرطبات والصناعة ومصر للمياه الغازية وحفظ الاغذية والوطنية للمشروبات وشركة المياه الغازية العالمية والنصر لتعبئة الزجاجات) ثم انتجت كوكا كولا مياها للشرب في مصر باسم ديساني !!. و أحتكرت نسله صناعه الايس كريم في مصر بعد ان اشترت و استحوذت علي ايس كريم كيمو وايس كريم دولسي و ايس كريم موفنبيك لتحتكر نسله صناعة الآيس كريم في مصر واشترت شركة هينكين العالمية( امريكيه ) شركة الاهرام للمشروبات من القطاع الخاص الذي اشتراها من الدوله بقيمه هزيله للغايه قدرها 298.1 مليون جنيه في عام 1996لتباع لهينكن الامريكيه بمليار و 125 مليون جنيه مع شركة الجونة للكحوليات لتكشف فساد التقييم و تؤكد فساد عمليات البيع فالفارق ضخم جدا بين حصيله بيع الدوله للشركه وبين حصيله اعاده بيعها للاجانب من جانب المشترين فاننا نخشي الا نتعلم من ان البدايه تكون مستثمر وطني لا يلبث ان يكشف عن قناع اجنبي يقف ورائه فبعد ان تم خصخصه الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات-شركة بيبسى كولا المصرية ( 8 مصانع و اسطول نقل ) عام 1994 بصفقه قيمتها 131.1 مليون جنيه ( حسبما نشر بتقرير الجهاز المركزي للتعبئه العامه و الاحصاء ) و اشتري محمد نصير 49% من اسهمها و 49 % للمستثمر السعودي محمد بقشان ثم عاد نصير فباع حصته لمحمد بقشان وسرعان ما ظهرت بيبسي كولا العالميه في العام 1999 لتستحوذ علي 77% من اسهم الشركه المصريه بصفقه قيمتها 400 مليون جنيه !! لتضيع الشركه المصريه في يد الاجانب الذين يتسللون و يسيطرون و يحتكرون و كذا صفقه شركه النصر لتعبئه الزجاجات ( الكوكا كولا ) التي سبقت صفقه بيبسي بايام قليله في ذات العام 1994 و ذات الشهر ابريل بيعت بالكامل لمستثمرين عرب من اليمن هما ( شاهر وعبد الجليل عبد الحق بالاضافه الي كوكا كولا العالميه) بصفقه قيمتها 286 مليون جنيه اثيرت و ما تزال حولها شبهات الفساد فقيمه الاراضي فقط بلا منشأت او الات دائما اكبر من قيمه الصفقه برمتها !! و الغريب ان يخرج من سوق اللمنتجات الغذائيه ال : عبد العزيز علي عبد العزيز اصحاب مصانع جبنه المصريين و مصانع الشيبسي الشهيره ليتجهوا الي انشاء شركه رايت للدعايه والاعلان و انتاج المسلسلات الاذاعيه ( انتح عام 2009 مسلسل تلفزيوني اسمه عبوده ماركه مسجله ) !!! ليستمر مسلسل الاستحواذ و السيطره فاصبح 80% من حجم الصناعات الغذائيه في مصر في يد الاجانب بعد ان كان صفر % تقريبا قبل 16 عام حين بدأت عمليه بيع شركتي النصر لتعبئه الزجاجات ( كوكا كولا ) و الشركه المصريه لتعبئه الزجاجات ( بيبسي ) . اننا نحذر من أحتكار وسيطره الاجانب علي الصناعات الغذائيه في مصر .. وتناشد الدوله و منظمات المجتمع المدني التدخل لاستمرار و تشغيل شركه مصر للالبان بطاقاتها الكامله و مصانعها فلا يعقل ان يسيطر الاجانب علي سوق الالبان والصناعات الغذائيه و المشروبات الغازيه و المياه المعدنيه و مصنعات اللحوم بعد ان احتكروا (صناعه الاسمنت) بدون أي تنظيم فاعل من جانب الدوله لهذه الصفقات و الاحتكارات التي لا تحدث في قلاع الدول الراسماليه و تحدث في مصر . اننا نناشد المحافظه علي نسبه حاكمه لرأس المال الوطني فيما تبقي من الصناعات الاستراتيجيه لحمايه الوطن و المواطن المصري من غلاء الاسعار والاثار الناتجه عن تلك الاحتكارات . من المعروف ان اللبن كسلعة له اهمية كبيرة في غذاء الاطفال وفي معظم الصناعات الغذائية الاخرى كصناعة الاجبان وغيرها من الصناعات الغذائية والتي تقوم على سلعة اللبن فقط والالبان انواع منها الطبيعي وهو سواء ]الجاموسي او البقري او البان الابل او الماعز [ومنها الصناعي وهو اللبن البودرة وسلعة اللبن ذاتها مثلها مثل اي سلعة اخرى نجد من يحتكرها خلال السنوات الماضية ( العقدين ) الماضين (1990- 2011)
فقبل ذلك وحتى الثمانينات كانت سلعة اللبن يقوم بإستلامها من الفلاحين والمربين] شركة مصر للالبان[ فقط وهي التي كانت تقوم بتصنيع هذه الالبان سواء في صورة( لبن مبتسر) في الزجاجات او في صورة صناعات غذائية مثل (الجبن الابيض ) و(الرومي) وغيرها من هذه الصناعات ونجد ان شركة( مصر للالبان) بكامل مصانعها والتي كانت موجودة في منطقة السواح كانت تقوم بإستلام كافة الكميات التي ينتجها المربين وكان هذا النظام مريح لكافة الاطراف سواء المربي للالبان لانه يعرف انه سيتم توريد ما يقوم بإنتاجه وكذلك المستهلك لانه يعلم ان (شركة مصر للالبان) وهي شركة قطاع عام لن تقوم بإحتكار هذه السلعة الهامة واللازمة لكافة الافراد ولكافة الاعمار وحتى ذلك الوقت وهو منتصف الثمانينات لم يكن هناك اي احتكار لسلعة اللبن لان من يقوم بالاستيراد ايضا هو] شركة مصر للالبان[ وكان الاستيراد مقصورا على( اللبن البودرة) او( لبن الاطفال) ولكن مع بداية انتهاج مصر لسياسة الخصخصة والسوق المفتوحة والذي كان بدايتها هو وضع قانون الاستيراد بدون تحويل عملة فنجد فجأة ان مصانع شركة مصر للالبان تتوقف بسبب اعطال في الماكينات وبالتالي فإنها لا تستطيع ان تقوم بإستلام كميات الالبان من الموردين والمربين مما جعلهم يقومون بإلقاء اللبن في الترع وكان ذلك في عام 1986 وصدر تحقيق مصور في ذلك الوقت بجريدة] الاهرام الاقتصادي [يفيد بقيام المربيين بإلقاء اللبن في الترع لانهم يريدون ان يستغلوا الاواني التي بها الالبان في (التعبئة الجديدة ) وصدرت الاراء وارتفعت الاصوات تنادي بانه لابد من دخول القطاع الخاص الى هذا المجال وهذا القطاع وذلك حتى يتم اصلاح هذه الصناعة الهامة وان يتم توفير الالبان والتي يتم القاؤها في الترع والمصارف وذلك في ايجاد كوب من اللبن لكل طفل وكل تلميذ وذلك بأن يتم التوزيع عليهم في وجبات مدرسية وكما نرى فإن الهدف نبيل والغاية عظيمة ولكن حدث بعد ذلك ما لا يحمد عقباه فقد قام مجموعة من المستثمرين بإستيراد( الالبان البودرة ) لان اسعارها ارخص من(البن الطبيعي ) ولنا ان نتذكر كارثة حادث المفاعل النووي الروسي( تشيرنوبل) والذي تسبب في تلوث معظم الاغذية والالبان المجففة الواردة من( الاتحاد السوفيتي ) والذي تسبب استيرادها في ذلك الوقت في حدوث كوارث كبيرة وتسببت في وفاة الكثير من الاطفال والرجال وكانت هناك قضية شهيرة في ذلك الوقت وتم محاكمة المستوردين ومن قاموا بمساعدتهم سواء فى( الحجر الصحي ) او في (مصلحة الجمارك ) ونجد ان اول من قام بإستيراد الالبان المجففة بكميات كبيرة هو الاستاذ/ سعيد الطويل رئيس جمعية رجال الاعمال السابق وصاحب اكبر شركة للايس كريم في مصر في ذلك الوقت ( انجوي)
تعالوا نطل بنظرة طائر علي بعض قطاعات الاقتصاد المصري لرصد الكبار والمهيمنين علي هذه القطاعات.. مثلا سوق اللحوم في مصر يحكمها 10 أشخاص فقط هم شركة العربية الأوروبية للاستيراد والتصدير ( رايتكو ) يديرها محمد عبد الظاهر وشركة ميدتريك يمتلكها محمد الرشيد وشركة جيبوتي ستار يمتلكها حسن حافظ.
وأيضا هناك شركات سيد الظاهر وسيد شلبي وصاحب محلات أولاد رجب، محمد رجب وأحمد عبد الفتاح صاحب محلات صلاح عبد الفتاح، ومحمد فرج عامر صاحب فرج الله وعلاء رضوان رئيس رابطة مستوردي اللحوم، ورغم أن اللحوم ترتفع طوال السنوات الماضية فقط ولا تنخفض، وقانون عز المشبوه لمنع المنافسة وحماية الاحتكار لم يسأل لماذا ترتفع اللحمة ولا تنخفض، بل وصل الأمر أن بعض المستوردين ألغوا اللجان البيطرية التي تسافر للخارج للكشف علي اللحوم الواردة وفحصها ميكروبيا وصحيا!!
ومن اللحوم للقمح يا قلبي لا تحزن هناك أيضا 10 شركات تسيطر علي استيراد القمح وبعدها يتم بيعه للحكومة ويصنع منه رغيف العيش المدعم، وأبرز هؤلاء محمد علي عبد الفضيل صاحب شركة فينوس إنترناشيونال والصديق المقرب من رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق والهارب إلي لندن حاليا، ويورد عبد الفضيل للحكومة حوالي 5,3 مليون طن قمح سنويا !! بحصة 70% من إجمالي التوريدات لهيئة السلع التموينية.
وحجازي إسماعيل صاحب الشركة العالمية لاستيراد الحبوب ويورد للحكومة مليون و100 ألف طن سنويا، وهناك أيضا سيد همام ومتولي قمر وسيف التركي وعبد الفتاح إدريس، ويضم ناشد وعزت ويوسف عزيز ولعب مستوردو القمح دورا كبيرا في خفض المساحة المزروعة قمحا خلال السنوات الماضية حتي تحولت مصر لأكبر مستورد للقمح في العالم حيث يصل الاستهلاك المحلي ل 5,12 مليون طن سنويا وخلال السنوات الخمس الأخيرة تفجرت عدة قضايا بسبب دخول بعض صفقات القمح المسرطن للسوق المصرية، وأيضا بعض صفقات القمح الفاسد، والغريب أن حتي اليوم لم يحاسب أحد من المسئولين علي هذه الصفقات ولا مسئولي الجهات الحكومية التي سمحت بدخولها لمصر !! وخلال شهر مايو الماضي قدم جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات تقريرا للنائب العام يتهم فيه رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق بصفته رئيس الهيئة العامة للصادرات والواردات بجلب صفقة قمح فاسد خلال الفترة 2008 إلي 2010 بأسعار تزيد علي الأسعار العالمية آنذاك وأهدر 97 مليون جنيه، والسؤال أين كان الجهاز المركزي للمحاسبات منذ عام 2008 عندما تفجرت القضية ولماذا انتظر حتي مايو 2011!! رغم أن النيابة في 2008 أمرت بإعدام 1786 طن قمح فاسدة ولا تصلح للاستخدام الآدمي !!
والاحتكار والهيمنة في القطاعات الغذائية كبير فمثلا جهاز منع الاحتكار يحقق في قضية احتكار الألبان منذ ثلاث سنوات، عندما حول الملف للجهاز الوزير السابق رشيد محمد رشيد، حيث تستحوذ شركة جهينة التي يملكها رجل الأعمال صفوان ثابت علي نسبة 60% من حصة السوق وشركة لبنيتا التي يملكها محمد منصور وزير النقل السابق تأتي في المركز الثاني، أما السكر فمصر تستورد سنويا 2,1 مليون طن وأبرز الشركات المستوردة له هي شركة أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، وأيضا شركة مالتي تريد والنوران وصافورا. أما الزيوت فمصر تستورد 80% من احتياجاتها من الزيوت.. هناك شركتان يمنية وسعودية، أرما وصافولا من أكبر مستوردي الزيوت في مصر وأيضا هناك شركات حكومية تستورد الزيوت ! تلاعب!
أما قطاع الأسمنت فقد ساهمت عمليات الخصخصة في خلق كيانات احتكارية في السوق المصرية وصناعة الأسمنت بدأت في مصر في عشرينيات القرن الماضي بدأت مع شركة طره للأسمنت في عام 1927 بملكية سويسرية ومساهمة مصرية، ثم أسمنت بورتلاند حلوان عام 1929 بملكية دنماركية ثم أسمنت طره وأسمنت حلوان 1948 برأس مال مشترك.
وفي أعقاب التأميم احتكرت الحكومة صناعة الأسمنت تماما وأنشأت عدة شركات أخري مثل القومية – أسيوط – العامرية – بني سويف – السويس، ومع برنامج الخصخصة استطاعت الشركات الأجنبية السيطرة علي سوق الأسمنت فاشترت شركة ( لافارج ) الفرنسية علي أسمنت بني سويف وشركة سيمكس المكسيكية علي أسمنت أسيوط، واستحوذت شركة بليوسيركل العالمية علي أسمنت الإسكندرية وشركة سيمبورا العالمية علي أسمنت الأميرية وخصخصة شركة أسمنت أسيوط أمام جهات التحقيق حاليا حيث إن قيمتها 6,12 مليار جنيه، بيعت بمليار و380 مليون جنيه فقط!! واستحواذ الشركات الأجنبية علي صناعة الأسمنت خلق كيانات احتكارية تلاعبت بأسعار الأسمنت ورفع أسعاره بدون مبرر وبأرقام فلكية مما دفع الحكومة المصرية في أكتوبر 2007 بإحالة 7 شركات أسمنت للنائب العام لتلاعبها في الأسعار والاتفاق فيما بينهما علي رفع الأسعار بالمخالفة للقانون وإهدار المنافسة الشريفة وإبطال مبدأ العرض والطلب !! مما خلق حالة من الفوضي في السوق، وحققوا أرباحا طائلة وصدرت أحكام قضائية ضد هذه الشركات بغرامة 30 مليون جنيه لكل شركة لثبوت اتفاقهم علي رفع الأسعار، ورغم الغرامة والإدانة إلا أن هذه الشركات استمرت في التلاعب ورفع الأسعار بدون مبرر في ظل ضعف
الرقابة وعجز القانون
والحديد أيضا به كيانات احتكارية حاول عز حماية نفسه واحتكاره للحديد بإفراخ قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار من مضمونه وخاصة أنه استولي علي شركة حديد الدخيلة بالتلاعب وتحقق النيابة حاليا في هذه الواقعة، واستحواذه علي الدخيلة جعله يسيطر علي 69% من حجم صناعة الحديد في السوق ورفع الأسعار كما يحلو له بمباركة النظام السابق ومسئوليه، وخاصة وأن الدخيلة كانت تسيطر علي 42% من السوق قبل استيلاء عز عليها، وعاني السوق طوال السنوات الماضية من الارتفاع المذهل في أسعار الحديد مما أثر علي قطاع البناء والتشييد والمقاولات وتوقفت الكثير من المشروعات بسبب ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت.
احتكارّ
وهناك أيضا شركات حكومية تمارس الاحتكار مثل الشركة الشرقية للدخان التي تحتكر صناعة السجائر وغير مسموح بإنشاء شركات أخري، وحيث إن هناك اتفاقا بين الشركة المصرية وكبري الشركات العالمية مثل روثمان وفيليب موريس وبريتس أمريكان توباكو علي تصنيع السجائر العالمية في مصر مقابل 5 دولارات لكل ألف سيجارة ولم تكتف الشركة المصرية بذلك، بل قدمت مميزات إضافية للشركات العالمية.
والغريب أن ارتفاع أسعار السجائر لا يؤثر علي أسعار بيع السجائر الأجنبية في السوق المحلية بسبب انخفاض نسبة مكون التصنيع بالنسبة لسعر البيع، ورغم التعديلات المتتالية علي الضرائب المفروضة علي السجائر وآخرها الزيادة التي بدأ تطبيقها أول يوليو الحالي إلا أن الشركات العالمية هي المستفيد الأكبر لأنها تستخدم شركة حكومية مصرية للهيمنة علي السوق المصرية وتحقق أعلي استفادة مما يحرم الاقتصاد المصري من موارد مالية ضخمة !! نعود إلي قانون الاحتكار الذي وضعته الدولة عام 2005، نجد أن الدولة نفسها مارست الاحتكار عندما وضعت مادة في القانون تستثني بعض القطاعات التي تسيطر عليها مثل الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي والاتصالات والسكك الحديدية ومترو الأنفاق، لأن هذه القطاعات تحتكرها الدولة، كما يمنح القانون مجلس الوزراء حق تحديد سعر بيع المنتجات الاستراتيجية والمنتجات التي تدعمها الدولة ويتم توزيعها بالبطاقات التموينية أو يماثلها من وسائل التوزيع.
آن الأوان لإعادة النظر في قانون حماية الاحتكار ومنع المنافسة الحالي من تغيره بما يناسب المرحلة الجديدة بعد 25 يناير وخضوع رموز النظام السابق للتحقيقات والمحاكمات، آن الأوان لتفكيك الكيانات الاحتكارية في السوق المصرية التي أفسدت مصر اقتصاديا واجتماعيا واقتصادية، آن الأوان لإعادة الانضباط للسوق المصرية وتغيير القوانين المهترئة الضعيفة العاجزة عن حماية المواطنين، وأصبحت درعا قويا للمحتكرين !!
وبالتتابع نجد ان شركة مصر للالبان بدأت في تقليص نشاطها واغلاق مصانعها الواحد تلو الاخر مرة بحجة نقص التمويل واخرى بحجة الهيكلة ومرة بحجة الخصخصة وغيرها وفي كل مرحلة من تلك المراحل كان يزداد نفوذ بعض رجال الاعمال حتى نجد ان هناك حاليا(5 شركات) فقط هي المحتكرة لصناعة الالبان ولاستيراد الالبان والتوريد لهذه الشركات وهذه الشركات هي( شركة جهينة) و( شركه نستله مصر) و(شركة انجوي )واخيرا دخلت في منافسة معهم شركة (بيتي ) والتي قامت بشراء معظم اسهمها شركة (المراعي السعودية )وهذه الشركات تستحوذ على حصص من السوق المحلية تقرب من( 65%) من حصة السوق المصرية من المربيين والموردين وهم بالترتيب هكذا:
1- شركة جهينة وتستحوذ على نسبة 28% من السوق المحلية.
2- شركة انجوي وتستحوذ على نسبة 17% من السوق المحلية .
3- شركة بيتي ( سابقا ) المراعي حاليا وتستحوذ على نسبة 13% من السوق المحلية .
4- شركة نستله مصر وتستحوذ على نسبة 7% من السوق المحلية وهذا بالنسبة للالبان المنتجة من المربين في مصر ولذلك نجد ان هذه الشركات تحتكر الاسعار من المربين والموردين فإذا قلنا ان كيلو اللبن يتم توريده في احسن الاحوال واجود الاصناف وهو اللبن الجاموسي ( 8 بنط ) بمقدار( 95 قرشا فقط) والمربي لا يستطيع ان يحرك هذه الاسعار لان الشركة المتحكره هي التي تفرض الاسعار ولا يستطيع الفكاك منها الا اذا قام بالبيع قطاعي على المنازل ومحلات الالبان الصغيرة وهذا يتماشى مع المربي الصغير والذي ينتج كمية صغيرة اما بالنسبة للبن البودرة والذي يتم استيراده من الخارج فتقوم به شركة وحيدة في مصر وهي احدى شركات (مجموعة سعيد الطويل ) بالاضافة الى قيام المحلات الكبرى للمحلوبات بإستيراد اللبن المجفف وهو المستخدم في الاطعمة والاغذية اما اللبن المجفف والذي يتم استخدامه للاطفال فيتم استيراده عن طريق شركات الادوية وبالذات( شركة سويس فارما) ولذلك يجب على الحكومة ممثلة في( وزارة الصناعة ) ان تقوم بتطبيق قوانين (منع الاحتكار) وان يتم تطبيق العقوبات على كافة المحتكرين وليس في سلعة الالبان فقط ولكن ايضا في باقي السلع( كاللحوم) و(الحديد) و(الاسمنت) و(البقول ) وغيرها كما انه يجب على الحكومة ان تعيد( شركة مصر للالبان) للعمل مرة اخرى بكامل طاقتها وذلك حتى يتم استيعاب الالبان المنتجة لان صناعة الالبان والتي تبدأ بتربية الرؤوس وحتى يتم استخدام المنتج النهائي على رف السوبر ماركت يعمل بها حوالي (320 الف عامل )وهذه الصناعة بها استثمارات تبلغ حوالي (12.5 مليار جنيه) ولذلك يجب الحفاظ على هذه الاستثمارات مع العمل على ترشيدها وعلى منع الاحتكار وعلى الاستفادة القصوى من كافة الظروف الاقتصادية فمثلا خلال الازمة المالية العالمية والتي بدأت في (اغسطس 2008) وما زالت بعض الدول الكبرى لم تتعافى منها حتى الان نجد ان معظم جميع السلع قد انخفضت اسعارها وخاصة اسعار السلع الغذائية بما قيمته حوالي (40% ) من سعر الغذاء والمواد الغذائية و الصناعات الغذائية وقد تم استيراد اكبر شحنة من الالبان المجففة بمعرفة هذه الشركات الاربعة بالاضافة الى 3 شركات متوسطة وبأسعار منخفضة ولكننا نجد ان اسعار الالبان ومصنعات الالبان لم تنخفض خلال العام الماضي بل على العكس نجد انها زادت بنسبة (10% ) عما كانت عليه في عام( 2008) وهذا يرجع الى الاحتكار فقط لذلك يجب ان يتم تطبيق وتفعيل قانون (منع الممارسات الاحتكارية ) بشرط ان يتم تطبيق القانون على كافة المحتكرين لكافة السلع والخدمات .
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية