محمود محمد سليم أيوب (أبو هاني) – أعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
الحاج المرحوم أبو هاني أيوب عرفته منذ طفولتي جاراً طيباً، خلوقاً، وانساناً مسالماً وأباً كريماً. لم يكن يفصل بين بيته وبيتنا سوى أمتار قليلة. كما كل الناس في المخيم فإن الجيران كانوا مثل عائلة واحدة. هكذا كانوا منذ ولدنا في المخيم ومذ عرفنا بعضنا البعض.
أبو هاني أيوب وعائلته كانوا نعم الجيران ولازالوا جيراننا، فالجيرة في المخيم مثل العائلة الكبيرة، عائلة مجموعة عائلات من قرى مختلفة سكنت مخيم عين الحلوة وحارتي الصفصاف والرأس الأحمر المتجاورتين والمتداخلتين. عاش ومات أبو هاني أيوب دون أن يكون له مشكلة مع أحد من جيرانه فترك سيرة طيبة يحمد عليها.
ولد الحاج أبو هاني أيوب عام 1937 في قرية الرأس الأحمر، جارة الصفصاف في قضاء صفد بالجليل الفلسطيني الأعلى. هناك في الرأس الأحمر وقبل أن تطل رؤوس الارهابيين الصهاينة، شارون وبيغن وشامير وشترن على فلسطين، تلقى جارنا الطيب تعليمه حتى الصف الرابع ابتدائي. عندما إنتكب شعب فلسطين سنة 1948 لجأ مع أهله وعائلته وسكان بلدته الى بلدة مارون الراس قرب بنت جبيل والحدود الفلسطينية اللبنانية. في تلك المنطقة قرب وادي الحجير حيث كانت مقبرة أحدث دبابات الميركفاه الصهيونية في عدوان تموز 2006.
يوم غادر الرأس الأحمر الى لبنان كان يبلغ من العمر إحدى عشرة سنة. عاش في لبنان مرارة النكبة واللجوء، كبقية أبناء جيله الذين اقتلعوا وهُجروا من قراهم ومدنهم في شمال فلسطين المحتلة، وبعد ذلك انتقل مع عائلته إلى مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
في المخيم كانت حالة اللاجئين يرثى لها وصعبة بشكل لا يتصوره أي انسان. كان عليهم أن يتدبروا أحوالهم ويتكيفون مع واقع الحال الجديد. هناك بدء أبو هاني العمل مبكرا، فعمل في البساتين لدى إقطاعيي مدينة صيدا اللبنانية، في بساتين كان يملكها المرحوم علي الحريري مقابل سراي صيدا الحكومي. عمل بلا كلل وبلا ممل وبكد وتعب وجد من أجل إعالة والديه وعائلته.
في مرحلة لاحقة ومع بدء العمل الفدائي الفلسطيني التحق بالعمل الوطني، مما عرضه للوشاية من قبل عملاء الشعبة الثانية (المكتب الثاني اللبناني) فتم اعتقاله لأيام في انتفاضة 23 نيسان 1969. في ذلك الوقت كان لازال يعمل في بساتين الحريري. بعد ذلك ترك العمل وتفرغ في حركة فتح. فيما بعد أصبح مسؤولاً عن جهاز الكفاح المسلح الفلسطيني، الذي كان عبارة عن شرطة فلسطينية لحماية المخيمات. خدم في مخيمات النبطية ونهر البارد والبداوي وعين الحلوة. تم تكليفه من قيادة الكفاح المسلح للتواصل مع الدرك اللبناني لحل المشاكل والقضايا اليومية التي تهم أبناء شعبنا في مخيم عين الحلوة. استمر في جهاز الكفاح المسلح حتى العام 1976 حيث انتقل فيما بعد للعمل بالدائرة السياسة لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الأخ فاروق القدومي ابو اللطف.
في العام 1982 واثناء الغزو الصهيوني للبنان حوصر في بيروت مع مقاتلي الثورة الفلسطينية، وعند انسحاب قيادة المنظمة من بيروت بقى هناك. فأعتقلته القوات الصهيونية ثم أطلقت سراحه… بعد انسحاب القوات الصهيونية من بيروت بأيام قام بزيارة اقرباء له في مخيم برج البراجنة، فأعتقله الجيش اللبناني بتهمة الانتماء للمقاومة الفلسطينية. مكث في سجن بدارو لمدة 7 شهور، بعد ذلك تم نقله الى سجن وزارة الدفاع باليرزة، هناك وضع مع مجموعة من المعتقلين الفلسطينيين. في سجن اليرزة يتم ابلاغه أنه سيبعد من الأراضي اللبنانية، فطالب بسيارته وأوراقه الثبوتية ومبلغ من المال كانوا معه وق اعتقاله، فأنهالوا عليه بالضرب وقالوا له لا يوجد له أي شيء بحوزتهم. يعني سرقوا كل شيء عينك عينك… بطبيعة الحال هو كان محظوظاً لأنه خرج حياً فغيره قتلوا تحت التعذيب في سجني اليرزة وبدارو. تم نقله مع آخرين بشاحنة عسكرية لمنطقة البقاع وانزالهم بالطريق، وتم ابلاغهم أنهم ممنوعين من العودة إلى لبنان. توجه الى دمشق الى مكتب أبي اللطف وبعد ذلك انتقل الى تونس سنة 1984. بقي هناك حتى توقيع اتفاقية اوسلو في أيلول 1993. على اثرها عاد الى مخيم عين الحلوة في لبنان. لكنه عاد فيما بعد والتحق بالسلطة الفلسطينية في غزة وبقي فيها حتى سنة 1998. ثم بعد ذلك عانى من الأمراض فعاد الى لبنان وتونس للعلاج وبقي متنقلاً بينهما حتى وفاته في 3/10/2011.
هكذا انتهت رحلة العم أبو هاني أيوب الذي دفن في مقبرة درب السيم في مخيم عين الحلوة، بالرغم من أن حلمه الدائم أن يدفن في قريته الرأس الأحمر، قضاء صفد في الجليل الأعلى الفلسطيني المحتل.
اعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
28-12-2021