مخيم اليرموك يتنفس من شارع راما
نضال حمد
ما جرى يوم السبت 18-1-2014 يعد خرقا همجياً للعقلية المسلحة الجاهلية التي تختطف مخيم اليرموك. تلك العقلية التي تعاملت بها عصابات المسلحين مع المخيم وسكانه، عبر اعتداءاتها المتكررة على قوافل الإغاثة التي حاولت دخول المخيم لنجدة ومساعدة الأهالي المحاصرين. ما جرى من اعتداءات على القوافل الاغاثية يعد خرقا لكافة الأعراف الإنسانية والدينية والقانونية. فإطلاق النار على قوافل مساعدات وإغاثة المدنيين المحتضرين من الجوع جريمة حرب.
الذي جرى في اليرموك ليس حلا لمأساة سكان المخيم المأخوذين منذ أكثر من سنة رهائن للاحتلال ولظروفهم الصعبة والمعقدة، التي تعددت أسبابها والمسئول عنها واحد، العصابات المسلحة.
ازدادت المعاناة لأهل اليرموك مع تضييق الحصار على المخيم وبدء تراجع وهزيمة العصابات في ريف دمشق وجنوبها. وبالرغم من ذلك فإن السلطات السورية حرصت وتحرص على حل مشكلة مخيم اليرموك حلا سياسيا وبعيدا عن استخدام القوة حفاظا على المخيم وسكانه. و تطالب الفصائل الفلسطينية بأن تحاول مرارا التفاوض مع المسلحين في المخيم والتوصل معهم الى تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه بين كافة الأطراف وبرضاها هي نفسها.
بعد تعثر وصول القوافل من منافذ المخيم الأخرى تم التوافق بين الفصائل الفلسطينية ال 14 وبعض فصائل المسلحين الفلسطينية داخل المخيم على إدخال المساعدات عبر شارع راما الذي تسيطر عليه اللجان الشعبية الفلسطينية. ودخلت المساعدات من هناك وقيل أنها 300 سلة غذائية ستتبعها الأحد 500 سلة ويوم الاثنين 1000 سلة أخرى على أن يبدأ بعد ذلك تطبيق بنود الاتفاقية بين الأطراف كافة. هذه الاتفاقية كانت تعثرت بسبب تراجع بعض الجماعات المسلحة عنها ورفض تطبيقها.
على اثر إطلاق النار على قوافل المساعدات من قبل المسلحين انطلقت بعد صلاة الجمعة 17-1-14 مظاهرات حاشدة في مخيم اليرموك الى مقار قيادة الجماعات المسلحة التي تسيطر علي المخيم وطالبتها بمغادرة المخيم والخروج منه. توجهت تلك التظاهرات الى منطقة ( المغفر ) المعروفة بأنها مقر لجماعة العهدة العمرية ومقر (المجلس المحلي ) التابع لجماعة أكناف بيت المقدس. يبدو ان هذا التحرك الجماهيري الذي كثيرا ما طالبنا به لأجل المساعدة في إنهاء مأساة احتلال مخيم اليرموك، وعودة سكانه المهجرين في الدنيا كلها، وإيصال المساعدات للذين مازالوا عالقين أو معتقلين لدى المسلحين في المخيم. وللذين لا تسمح ظروفهم المالية بان يغادروا الى أي مكان آخر، ففضلوا البقاء في المخيم بالرغم من الجحيم هناك يبدو أنه بدأ يجني ثماره.
قيام مبعوث منظمة التحرير الفلسطينية الى سورية احمد مجدلاني بتحميل المسلحين الذين يحتلون المخيم كامل المسؤولية عن منع وصول المساعدات، وتعطيل تنفيذ الاتفاقيات، وتوجيهه اتهاما صريحا لحركة حماس، حين طالبها بوقف دعم الجماعتين وإعلان براءتها منهما. وكانت تقارير إعلامية واتهامات وجهتها منظمة التحرير لحركة حماس برعايتها لجماعتين مسلحتين في المخيم هما ” العهدة العمرية” و ” أكناف بيت المقدس“.
لكن رد حركة حماس جاء في بيان لها تعقيبا على الجوع في اليرموك. الذي يتسبب به المسلحون من عناصرها أو من العناصر المسلحة المرتبطة بها والمحسوبة عليها. فهؤلاء يشاركون بالمئات في احتلال المخيم والقتال ضد اللجان الشعبية والجيش السوري. سواء كانوا أو مازالوا جزءا من الحركة بعد خروجها من سورية فهم مازالوا يحظون برعاية ومساعدة الحركة التي انتقلت قياداتها من الأرض السورية للإقامة في فنادق الخمس نجوم في الدوحة على مقربة من قاعدة العيديد الأمريكية في قطر.
ماذا قالت حماس في بيانها؟. :
“حماس تدعو حاملي السلاح في مخيم اليرموك إلى الخروج منه إنقاذاً لحياة أكثر من خمسين ألفاً من المدنيين. وتدعو إلى رفع الحصار فوراً عن مخيم اليرموك وفتح خط إغاثي يمد المحاصرين بالغذاء والدواء ومقومات الحياة.”.
هذا البيان لحماس جاء متأخرا كثيرا. فالحركة لغاية اليوم لم تقم بإدانة احتلال مخيم اليرموك وتشريد سكانه وارتهان من تبقى منهم واعتقالهم في المخيم.
ولم تتبرأ حماس من عناصرها المسلحة وهي بالمئات التي تقاتل الى جانب داعش والنصرة والجيش الحر في كل المناطق السورية التي تواجدوا ويتواجدون بها. وأكتفت بالقول على حياء وتحت الضغط أنهم ماعادوا جزءا منها بعد رحيلها عن سورية.
يوم السبت 18-1-2014 دخلت المساعدات من مواقع اللجان الشعبية على شارع راما وبعد تأمين حماية لها من داخل المخيم من قبل المسلحين الذين ينتمون لمجموعات يقودها كل من «أبو هاشم زغموت» و «أبو العبد عريشة» و «أبو صالح فتيان» ، وهذه المجموعات هي التي وقعت على الاتفاقية وتريد تنفيذها والالتزام بها. لكن هناك مجموعات أخرى عديدة مثل النصرة وداعش وجماعة ابن تيمية وأكناف بيت المقدس بقيادة بهاء صقر ( سائق خالد مشعل سابقاً)، كل هؤلاء يرفضون الالتزام بعدما كانوا وقعوا على الاتفاقية.
في بيان صدر عن الفصائل الفلسطينية ال 14 قبيل دخول المساعدات جاء فيه :
اتفقت الفصائل الوطنية والإسلامية ال14و لجنة المصالحة من جهة ووفد من المسلحين الفلسطينيين من داخل المخيم من جهة أخرى علي إدخال المعونات الى مخيم اليرموك اليوم السبت من جهة شارع راما في مدخل المخيم.
نتج هذا الاتفاق عن اجتماع جرى أمس الجمعة 17/1 في تمام الساعة الرابعة والنصف بين وفد فصائل العمل الوطني الفلسطيني الـ 14+5 برئاسة راتب شهاب» رئيس الوفد، مع وفد من داخل المخيم والذي يمثل المجموعات المسلحة واللجان الفلسطينية وعلى رأسهم «أبو هاشم زغموت» و «أبو العبد عريشة» و «أبو صالح فتيان»
تمّ البحث خلال اللقاء حول آلية إدخال المساعدات للمخيم وحول آلية إخراج المرضى والطلاب من المخيم عبر مدخل المخيم.
تم فعلا تطبيق الاتفاق يوم السبت ودخلت المساعدات وتوجهت جموع من الأهالي في المخيم لاستلامها. هذا لا يعني البتة أن ضمائر المسلحين استيقظت فجأة بسبب جوع الناس في المخيم، وبعد التحرك الجماهيري الذي حصل ضدهم داخل المخيم، فهم بلا ضمائر، لأنهم سبب المأساة في المخيم. لكن يعود ذلك لرغبة هؤلاء بتنفيذ الاتفاقية التي تضمن لهم تسوية أوضاعهم بعدما حصلوا على تعهدات بذلك من السلطات السورية وضمانات من الفصائل ال 14، ولقناعتهم بأن هامش المناورة لديهم أصبح ضيقا جدا وبأن الأمور في سورية تتجه نحو حسم مصيري لصالح السلطات السورية وانحسار لقوة المسلحين والمعارضين. وبعدما اخذوا يرون بأعينهم كيف رفع السكان في كثير من مناطق سورية الغطاء الشعبي عنهم، وبعدما تبين لهم أن الأمور تقترب من نهاياتها. إذن هم في وضع صعب وخياراتهم محدودة وتقتصر على إما يقبلوا بالاتفاقية ويسووا أمورهم أو يموتوا أو يعتقلوا.
طبعا هذا الحل المؤقت ليس الحل الأفضل ولا هو الحل الجذري لمأساة اليرموك لكنه الحل الأنسب في هكذا وضع خاصة بعد جوع الناس في المخيم وبدء حملة إعلامية لقلب الحقائق وتزييفها وتشويهها من قبل القوى السياسية والإعلامية والدولية التي أوجدت المسلحين وأمرتهم باحتلال مخيم اليرموك. يعني قتلة يتاجرون بالضحية. وإعلام فاسد وموبوء وعميل يكذب وينافق ويشوه الحقائق. كتبة وكتاب وأشخاص ومؤسسات تمارس نفس العهر في شبكات التواصل الاجتماعي وفي المواقع الالكترونية.
نعيد ونكرر أن الحل الأسرع والأفضل لإنهاء احتلال المخيم وحصاره يبقى بأيدي أهالي مخيم اليرموك الذين عليهم أن يعززوا من تحركاتهم الميدانية والشعبية ضد قطعان المسلحين التي تستبيح وتحتل المخيم وتجوعهم وتأخذهم رهائن غير آبهة بمصائرهم .
صفحة حمساوية في فيسبوك ساهمت مساهمة كبيرة في تشويه الحقائق بالمخيم
قرأت أمس ليلا على صفحات تعنى بشؤون مخيم اليرموك
الفنان الفلسطيني إبراهيم مؤمنة:
” رغم قناعتي بأن إدخال المواد ليس حلا في المخيم بل بعودة أهله إليه وخروج العصابات واللصوص منه وسيطرة القانون عليه، لا بل مصادرة ممتلكات كل من تسبب بالأذى والسرقات في المخيم، ومصادرة ممتلكات أهله للتعويض على كل من تأذى، وبدء عودة تحكم العقل والمنطق ولغة الأخوة بين البشر كلهم في الوطن، أما لغة الموت وملك الرمال فلتذهب الى الجحيم وسيهزمون. سنرى ماذا ستروي اليوم مواقع الفتنة والكذب في المخيم وبعض الأقلام الصغيرة في مدن الضباب المريحة سيخلقون ألف موضوع لبث سمومهم.”.
تعليق من إحدى الصفحات الحمساوية في مخيم اليرموك
” الكرتونة اللي استلمتها أم حسن كان طرفها مطعوج مما يعني أن أحد شباب القيادة العامة زتها زت وما ناولها مناولة…
يعني مو بس الكرتونات قليلة كمان مبوزة شوي“
الإعلامي الفلسطيني د. بسام رجا:
“مخيم اليرموك شعبك معك، فصائلك معك، كلنا معك، ستبقى مرفوع الرأس. رداً على البعض الذي يحاول أن ينال حتى من مشهد توزيع المساعدات. سيتواصل توزيع المساعدات في الأيام القادمة“.
” فسبكوا … إن في الفسبكة بركة“…
صفحة أسرار مخيم اليرموك في تعليق طويل عن المشايخ والتنسيقيات والدولارات اخترنا منه هذه الفقرة :
” ذلك الشيخ الذي اجتمع بالتنسيقيات ووزع عليهم الدولارات وهو يبتسم ويقول لهم:
” فسبكوا …إن في الفسبكة بركة“…
وطبعاً البركة كانت في جيب الشيخ وهو يتحسس ربطات من فئة المئة دولار كان قد خنصرها من أجور التعيبة الذين تجلت مهمتهم في الكذب والتدجيل وتوغير الصدور وإحلال الأحقاد في مجتمع كان معروفاً بأنه الأكثر تسامحاً في الشرق والغرب.”.
اليرموك يتعافى ويعود الى الحياة بينما الاحتلال والغزاة وكل من ساعدهم ووقف معهم وعاونهم ضد شعبه وأمته لا بد الى زوال
19-01-2014