مدرسة الأمعاء الخاوية – محمد أبو الخير
مدرسة الأمعاء الخاوية
الفلسطيني معروف بأنه مخلوقٌ يرتبط وجوده باسترجاع أرضه و كرامته، فيلجأ إلى الطرق الشعبية والبدائيّة في المقاومة.
أرعبهم بجسده الفلاذي وكسر قاعدة الجيش الذي لا يُقهر، أربكهم بتعداد أيام الإضراب، وظلَّ متمسكاً بعبارته “إما أخرج شهيدا أو منتصراً “، كان يعرف مسبقاً أن صحّته لن تخذله .
خرج الأسير المحرَّر ماهر الأخرس متوَّجاً بالنصر على عدوٍّ أصبح رهينة مدرسة الأمعاء الخاوية .
الفلسطيني معروف بأنه مخلوقٌ يرتبط وجوده باسترجاع أرضه و كرامته، فيلجأ إلى الطرق الشعبية والبدائيّة في المقاومة، مثل الحجارة والمقلاع والنقّيفة والسكين وآخر ابتكاراته البالونات الحارقة، بالإضافة الى مدرسة الأمعاء الخاوية. وأصرُّ على هذه التسمية لأنها موسوعةٌ من الإرادة و العزّة و العنفوان التي تخرّج منها الأسير المحرّر محمد القيق والمحرَّرة إحسان الدبابسة و المحرَّر خضر عدنان و اللاّئحة تطول من عظماء الأسرى المحرَّرين الذين وضعوا في أذهاننا بأن فلسطين تستحقّ منا العناء وأننا شعبٌ نستحق الحياة.
كان الأسير المحرَّر ماهر الأخرس يواصل إضرابه بأمعائه الخاوية وبنفسٍ عميق دون تقطّع حتى ينال حقّه كباقي الأسرى الذين خاضوا أشرس المعارك دون تناول حتى حبة زيتون، تحدياً وإصراراً لما كانوا يتعرّضون له من تعذيبٍ وعزلٍ إفراديٍّ وإهمالٍ طبيٍّ وآخرها الحكم الإداري بلا تهمة والمماطلة في الحكم وغيرها من الأساليب التي يحاول السجَّان فرضها على أشخاصٍ يعتقد أنهم ضعفاء مثله ويستطيع كسر إرادتهم، ولكنه نسي المحتلّ القاعدة الفلسطينية “كلما زدتَ في ظلمكَ كلما زاد حبي لفلسطين” فكيف للأسير المحرَّر ماهر الأخرس أن يستسلم للعدو ووالدته بانتظاره على أحرِّ من الجمر، كيف يستسلم ودموع طفلته لم تفارقه فهي مَن أطعمته أوّل لقمةٍ بعد فكّ إضرابه، كيف يستسلم وفلسطين بحاجةٍ إليه ولجميع الأسرى والمقاومين الأحرار، أيها البطل لم تكن عائلتك وحدها معك فنحن وفلسطين وشعبها و كل الشعوب المناضلة انتفضت في العالم الإفتراضي.
يقابل ذلك، مشهدٌ مهينٌ بعيدٌ كلّ البعد عن أشكال النّضال، دولٌ عربيةٌ تهرول بماراتونها التطبيعي لعدوٍّ قُهر من أصغر طفلٍ فلسطيني، يتفاخرون بالتجارة والسياحة والعلاقة العضوية (أي أصبحوا قلباً واحداً)، سئموا من الصراع العريي “الإسرائيلي” وملُّوا من القضية الفلسطينية التي لا تشبههم، فأرادوا وقف الحروب مع عدوٍّ بعيد المسافة واختاروا “التطبيع” مقابل الحفاظ على كرسيٍّ ملكيّ وهرباً من جرائمهم غير الإنسانية.
المُطبِّعون لم يسمعوا عن شموخ الأسرى، عن أطفال الحجارة، عن المرابطين والمرابطات، عن حبّ الأقصى، فقط يعرفون كما أراد صديقهم المحتلّ أن يُعرِّفهم، أنّ كل أسيرِ هو إرهابيّ لأنه قام بواجبه الوطني دفاعاً عن أمّتنا العربية نشعر كلّ يومٍ بفقدانها. المطبّعون أعطوا الضوء الأخضر لإبقاء الأسرى خلف القضبان وتمرير “صفقة القرن” وممارسة القمع و العنصرية بحق أصحاب الوطن. المطبّعون يحاولون نسف قضية الأسرى التى ستبقى في الوجدان العربي والفلسطيني، لولاهم لما بقي أحدٌ على قيد الحياة.
في نهاية الطريق، الأسير يملك إرادةً حيَّة وأملاً غنياً، وأنتم تملكون اليأس والإحباط فإن لم تستحوا من التطبيع، عليكم إكمال الطريق بزفيرٍ سينقطع يوماً والعلم عند الله.