مستشفى حيفا … فقير صغير مريض – حنين العبد
منذ انشاء المخيمات الفلسطينية في لبنان، تعتبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا هي المسؤول الأول عن تقديم الخدمات الطبية للاجئين الفلسطينيين في فلسطين ودول الشتات، بالإضافة إلى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والتي تشرف على المستشفيات الفلسطينية في فلسطين ودول الشتات.
وقدمت الجمعية منذ تأسيسها عام 1968 وحتى يومنا هذا الكثير الكثير من الخدمات الطبية، وكانت الداعم الطبي الأول للفلسطينيين، ولكن في المنظار الآخر هناك بعض المشاكل التي تعاني منها هذه الجمعية في لبنان، مما بدى واضحًا على المستشفيات التابعة لها في المناطق اللبنانية.
وإن أردنا أن نسّلط الضوء على ملف المستشفيات في مخيمات لبنان لعلنا بحاجة لسلسة تقارير للحديث عن الإهمال والفساد والتقصير في هذه المستشفيات، ولكن اليوم سنتطرق للحديث عن مستشفى حيفا في مخيم برج البراجنة في العاصمة اللبنانية بيروت.
يعتبر هذا المستشفى نموذجًا حيًا لملفات التقصير والإهمال والفساد، لقد جلنا داخل المستشفى ورأينا العجب فيها، المستشفى عبارة عن 3 طوابق، الطابق الأرضي مقسم لقسم الطوارئ وقسم الاستقبال وصيدلية المستشفى والمختبر والمطبخ، أما الطابق الأول يقسم لشقين الأول لقسم الولادة، والشق الثاني لقسم الأطفال، والطابق الثالث يقسم أيضا لثلاث شقق غرفة العمليات وغرفة العناية الفائقة وباقي الطابق غرف للمرضى بمختلف أمراضهم.
لكن الغريب بالأمر أن عدد الممرضين والممرضات قليل جدا بالنسبة لعدد المرضى المتواجدين، فلا تكاد تقوم الممرضة أو الممرض بجولة على المرضى حتى يكون أحد المرضى بحاجة لمساعدة أو استفسار أو الانتباه للمصل أو اعطاء دواء مسكن، علماً أن عدد الممرضات والممرضين في الفترة الصباحية يكون أكثر من الدوام المسائي.
وهنا يكمن السؤال لماذا يكون عدد الممرضين أكثر في الدوام الصباحي ، ربما أحدا سيقول لأن مجموعة من الأطباء والممرضين يقومون بجولة صباحية على المرضى لمتابعة الملفات الطبية لكل مريض وبحاجة لطاقم من الممرضين، وهنا نقول أليس الأجدر أن يكون الممرضين متواجدين بعدد مناسب في الفترة المسائية أيضا وخاصة أن المرضى بحاجة لعناية اضافية ومراقبة لوضعهم الصحي.
ولكن الأرجح أن سبب العدد المتفاوت بين الفترة الصباحية والمسائية هو وجود المدير ورئيس القسم في الفترة الصباحية أما في الفترة المسائية فلا داعي لأي ممرض ما دامت الرقابة غائبة عن هؤلاء.
علماً أن الممرض المناوب في الفترة المسائية يقوم فقط بجولة واحدة لينام بعدها في غرفة مخصص له ولزملائه، متوفر فيها أمور غير متوفرة بالغرف العادية للمرضى كالحمام النظيف والجيد، وسائل تدفئة وتبريد، بطانيات كافية.
أما بخصوص النظافة في المستشفى، لقد لاحظنا أن عمال التنظيف يؤتون لتنظيف الطوابق والغرف في الفترة الصباحية فقط، حيث تقوم العاملة الأجنبية من الجنسية البنغلادشية بالتنظيف بمواد غير جيدة وغير معقمة ، فالرائحة الجميلة التي يجب أن تنبعث من المنظف غير موجودة، بل وجدنا أن المنظف هو محلل بالماء حتى يبقى لمدة أطول قيد الاستخدام، وبهذا لا تنبعث منه روائح طيبة تؤثر على نفسية المرضى وتشعرهم بالنظافة، أما بالفترة المسائية فعلى أهل المريض أن يقوموا بهذا الواجب من تنظيف للحمام والأرضية وسرير مريضهم والطاولة، حتى لا يتحول المكان” لمزبلة”، أضف إلى ذلك أن البطانيات والشراشف المستخدمة على الأسرة لا تغير إلا بحالات طارئة واذا بقي المريض لمدة خمسة أيام أو أسبوع لا يغير، ويبقى على حاله .
والملاحظ أيضًا في المستشفى نفسه أن الممرضين والممرضات لا يتمتعون بصفتهم وهي ملائكة الرحمة، فأغلبية الممرضين يعتبرون أن العمل براتب قليل يسمح لهم بمعاقبة المرضى من خلال تصرفات غير لائقة.
فخلال التواجد في المستشفى طلب شقيق أحد المرضى أن تقوم الممرضة بفحص كيس المصل، فقالت له الممرضة لماذا لا تقوم بفحصه بنفسك؟، مما جعل المريض يستاء ويشعر بالقلق وقال لأخيه:” أنا لو متت هون ما حدا بعرف اني متت، أرجوك ما تتركني” .
وهذا يدل على غياب الرقابة من قبل إدارة المستشفى، علماً أن هناك مستشفيات تابعة لجمعية الهلال الأحمر ولكن يوجد فيها المقومات الأساسية لأي مستشفى رغم أن التقصير واضح في جميع المستشفيات، وربما لا نحمل المسؤولية الكاملة لإدارة المستشفى فهناك جمعية الهلال وهي المسؤولة عن كل الأمور بتفاصيلها لأي مستشفى من مستشفياتها، فما الذي يجعل مستشفى الهمشري مستشفى لائقًا نوعاً ما وأفضل من مستشفى حيفا في البرج، سؤال بحاجة لتوضيح من قبل جمعية الهلال ومن ادارة المستشفى.
يقول الكثير “علينا أن نحمد الله لوجود مستشفى مجاني في كل مخيم، وأنه من غير المناسب أن نفتش عن هذه التفاصيل، لكن هل تعلمون كم هو عدد الضحايا الذين ماتوا بهذه المستشفى بسبب الأخطاء التي يرتكبها بعض الممرضين وأخطاء بنقص المواد وأخطاء بسبب المعدات والأدوات غير المعقمة، وأخطاء بسبب غياب التيار الكهربائي فجأة حتى داخل غرف العمليات؟ .
مستشفى حيفا … فقير صغير مريض – حنين العبد – رابطة الإعلاميين الفلسطينيين في لبنان