مشهد من رواية (عناق العيون) لعادل سالم
ارتدت فستانها الذي أعدته خصيصا لهذا اليوم، وقفت أمام المرآة تجهز نفسها، هذا اليوم يجب أن تكون بأبهى صورة، يجب أن تكون عروسا في ليلة زفافها، تحرص أن تجدد في ملابسها كي لا يراها في نفس الملابس مرتين، كأنها فعلا في حفلة الزفاف تجدد مع كل رقصة بدلتها. ستظل تغير ملابسها، وتغير زينتها حتى يشبع من رقصاتها ويقرر انتهاء لحظة الفرح.
هي جاهزة الآن، ستنطلق باتجاهه، اليوم قررت أن تزوره وحدها، لا تريد أن يزوره أحد غيرها، تريد أن تدقق في عينيه، تبث له أشواقها، محبتها، تريده ألا يرفع عنها عينيه، تريد أن تعانق نظراته، ابتسامته، تريد أن تمنحه المحبة، والحنان، تريده أن يحضنها بعيونه، يقبلها بنظراته، تريد أن تتأمل كل حركة من حركات عينيه، فقد تعودت الآن كيف تقرأ لغة العيون، علمتها عيونه، وما تحمله من إصرار، كيف تشعر بالأشياء، وكيف تستمد منها مشاعر القوة، والصمود، والقدرة على الانتصار.
للعيون لغة لا يعرفها إلا العشاق الذين منعوا من التعبير عن حبهم بالكلام، كما قال البحتري:
فتخرس منا ألسن حين نلتقي
وتنطق منا أعين وقلوب
لكن عيونه مختلفة جدا، فمنها تقرأ أفكاره، تشعر بأحاسيسه، ترى فيها مستقبلا جميلا مليئا بالسعادة، والسرور، ترى فيها أول علائم الانتصار. فيها ترى راية الحرية مرفرفة خفاقة في السماء.
كلما دققت بعيونه أحست به يعانقها، أحست بأنفاسه، بلمسات يديه، بشفاهه تقترب منها.
آه لم تكن تعلم قبل أن تعشقه أن العيون تتعانق، ويتبادل أصحابها أحاسيسهم، وأشواقهم، ومحبتهم.
عادل سالم