معارك ملحمية يخوضها الفلسطينيون في مواجهة “عصابات- ميليشيات التلال”
نواف الزرو:
ليس من مبالغة في العنوان أعلاه أبدًا، فخلاصة المشهد الكفاحي الفلسطيني في هذه الأيام ونحن في ختام العام 2021 وعلى أبواب العام 2022 تتمثل بتلك المعارك الكفاحية الملحمية التي يخوضها الفلسطينيون شيبًا وشبانًا في مواجهة عصابات المستعمرين المستوطنين المجرمين المدججين بالأسلحة، وتتجلى هذه المعارك في الأيام القليلة الماضية في بلدة برقة وأخواتها الفلسطينيات، وقد شاهدت أحدث فيديو يتحدث عن هجمات هذه العصابات التي يشنونها على مدار الساعة على قمم الجبال والتلال في أنحاء الضفة الغربية، يطلق عليهم الفلسطينيون اسم “مجرمو التلال”، ويعتبرونهم “اليد الخفية لسلطات الاحتلال للسيطرة على رؤوس التلال والجبال في الضفة الغربية”، وشعارهم هو “أطرد العرب لتبني بيتًا جديدًا على تلة جديدة”، ويحظى هؤلاء بالدعم الكامل من قبل سلطات الاحتلال حكومةً وجيشًا… وتمتد هجمات مجرمو التلال من جبل صبيح إلى جبل النجمة إلى جبل برناط الأثري جنوب نابلس إلى المسعودية الأثرية وإلى سبسطية الأثرية، ثم إلى جبل العالم في نعلين/ ثم إلى جبل الفردوس شرق بيت لحم، فجبل الجمجمة الواقع بين سعير وحلحول.. امتدادًا إلى كل جبال وتلال الخليل…!
هكذا هو المشهد الحقيقي بلا أي مبالغة، فهناك تجري معارك واشتباكات ملحمية على قمم الجبال والتلال، ويحتل جبل صبيح/بيتا في هذه الأيام قمة الأجندة الكفاحية الميدانية الفلسطينية في الضفة الغربية، ولكن إلى جانبه هناك معارك ومواجهات يومية تدور على مدار الساعة على قمم الجبال في الضفة الغربية، وهي معارك ومواجهات كبيرة ووجودية وأسطورية بالمعنى الكفاحي في الجوهر، ومن شأنها أن تقرر أيضًا مصير ومستقبل الضفة الغربية، ولكنها معارك ومواجهات منسية ومهمشة أمام المعارك والمواجهات اليومية الجارية في الساحة المقدسية في سلوان والبستان وبطن الهوى والشيخ جراح. فكما هي أطماع ومخططات الاحتلال التي تستهدف السيطرة على المدينة المقدسة بكل أحيائها ومعالمها، كذلك هي أطماع ومخططات الاحتلال المرعبة للسيطرة على قمم الجبال في أنحاء الضفة الغربية، وخاصة في منطقة جبل النار، حيث تشن عصابات المستعمرين المستوطنين هناك هجمات “تلمودية مزعومة-” شرسة ودموية، بل وتدور هناك معارك وجودية يومية متنقلة من جبل لجبل يقدم فيها الفلسطينيون أهالي المنطقة الشهداء والجرحى والمعتقلين، ولكنهم لا يكلون ولا يملون في كفاحهم الملحمي ضد المستعمرين وجيشهم الإجرامي.
والواضح “أن الاحتلال ومستوطنيه يسعون للسيطرة على قمم الجبال والتلال، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها: موقعها الاستراتيجي الهام الذي يمكن الاحتلال ليس فقط من الإشراف على مساحات واسعة محيطة، وإنما كذلك من الاستيلاء على مزيد من الأراضي وبسط سيطرة أمنية أكبر على التجمعات الفلسطينية المجاورة، ومحاصرتها وإخضاعها للرقابة الدائمة، ناهيكم عن احتواء هذه المناطق على ثروات طبيعية من معادن وغيرها، ووجود ينابيع المياه فيها- المركز الفلسطيني للإعلام- السبت 12/يونيو/2021”.
وتمتد المناطق الجبلية من مدينة جنين شمالًا إلى بلدة الظاهرية جنوبًا، وتشكل الجزء الأكبر من الضفة الغربية، ويصل طولها إلى 120 كم وعرضها إلى 50 كم، وتتكون صخورها من الحجر الجيري، وتمتاز تربتها بالخصوبة وتماسك القوام.
وهذا العنوان أعلاه (المعارك المنسية على قمم الجبال) ليس فيه مبالغة أبدًا، بل ربما تعجز القواميس عن التعبير عما يجري هناك في وعلى قمم الجبال على امتداد مساحة الضفة الغربية، وفي مدينة جبل النار ومحيطها، حيث يشن المستعمرون الصهاينة بحماية قوات الجيش المدججة بالسلاح موجات متلاحقة من الهجمات والاقتحامات والتجريفات والقطع والحرق والقتل في وضح النهار، بينما يتصدى لهم الأهالي لوحدهم وبصدورهم العارية وبمنتهى الجرأة والشجاعة والإقدام، وقد قدموا الشهداء ومئات الجرحى والمعتقلين في معارك الأسبوع الماضي التي شهدتها جبال بيتا فقط.
يضاف إلى كل ذلك الكثير الكثير من التفاصيل المتعلقة بالمواجهات اليومية المفتوحة ما بين أصحاب الجبال والأرض والوطن وبين المستعمرين المستوطنين الإرهابيين الغزاة الذين يشنون غاراتهم وهجماتهم على مدار الساعة بلا توقف تحت حماية جيش الاحتلال.
الأهالي يخوضون معاركهم اليومية في مواجهة هؤلاء المستعمرين المدججين بالأسلحة وجيشهم ويسطرون ملاحم من الصمود والتصدي ولسان حالهم يقول:
نحن هنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون…
نحن هنا صامدون ولن نستسلم أو نرفع الرايات البيضاء…
نحن هنا مزروعون بانتظار اشتعال الأرض المحتلة بكاملها تحت أقدام الغزاة…
- كاتب صحفي وباحث خبير في شؤون الصراع العربي – الصهيوني.