معن بشور – الدور العربيّ لثورة ٢٣ يوليو
تنبّه جمال عبد الناصر قائد ثورة 23 يوليو منذ اللحظات الأولى للثورة إلى أهمية الدور العربي لمصر، وتحدث عن ثلاث دوائر يجب أن تتحرك مصر من خلالها، الدائرة العربية، والدائرة الإسلامية، والدائرة الأفريقية، وجاء ذلك في كتابه “فلسفة الثورة”.
وإذا كان المجال هنا لا يتسع إلا للحديث عن تأثير مصر في الدائرة العربية فإنني أعتقد أن جمال عبد الناصر، بقدر ما جسّد أحلام المصريين في دولة محترمة قوية ذات مكانة في العالم كله، فقد مثّل أيضاً أحلام العرب في أمّة عربية موحّدة، وفي غد عربي عزيز يؤكّد على ثوابت الأمّة، يسعى إلى تحرير الأرض وإلى تحرير الإنسان وإلى إلغاء كل أشكال الاستعمار والاستعباد والاستغلال.
لذلك أينما ذهبت في أقطارنا العربية، ورغم مرور هذه العقود كلّها على وفاة الرئيس الخالد الذكر جمال عبد الناصر، تجد له ولثورة يوليو المُلهمة لثورات عدة أثراً في كل مكان، وتجد له ذكرى في كل حي أو شارع، وتجد أن اسمه يتردد كنموذج للقائد العربي الذي رفع اسم أمّته عالياً رغم كل ما واجهه من نكسات ومن حروب ومن معارك.
بالنسبة إلى المغرب العربي كانت مصر بعد ثورة يوليو حاضرة في كل حركات التحرر، فعلى أرضها تم تأسيس مكتب المغرب العربي الذي كان يرأسه المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي، وضمّ قادة حركات التحرر في بلدان المغرب العربي.
وكذلك الأمر كانت لقيادة ثورة ٢٣يوليو وللرئيس عبد الناصر علاقات مميّزة بقادة الحركة الوطنية المغربية، بل إن القادة المغاربة وعلى رأسهم الشهيد المهدي بن بركة، والراحل الفقيه محمد البصري والراحل الكاتب الأول السابق المرحوم عبد الرحمن اليوسفي، كانت لهم أيضاً علاقات خاصة بمصر وبجمال عبد الناصر، لذلك في تراث الحركة الوطنية المغربية كانت دائماً هناك إشارات لجمال عبد الناصر، ولمكتب المغرب العربي في القاهرة الذي قام بتنظيم جيش المغرب العربي لتحرير فلسطين كما لتحرير أقطار المغرب العربي، وكان منطلقه القاهرة، فمصر موجودة في ضمير أهل المغرب عموماً وأهل المغرب الأقصى خصوصاً.
أذكر مثلاً في الجزائر كيف كان الجزائريون يحملون تقديراً خاصاً لثورة يوليو ولجمال عبد الناصر بسبب دور مصر في دعم ثورتهم التي قامت بعد 131عاماً من الاستعمار الفرنسي، قامت لتحرر الجزائر.
ويقول الجزائريون إن قبائلياً لا يعرف العربية كان يستمع في جبال أوراس إلى خطاب لجمال عبد الناصر سأله مراسل جريدة “لوموند” الفرنسية هل تعرف العربية؟. قال: لا. فقال له لماذا تسمع جمال عبد الناصر؟. قال: أنا أسمعه بقلبي قبل أن أسمعه بأذني.
في تونس يتحدثون عن ثورة يوليو، ويتحدثون بشكل خاص عن دورها في مساندة الشعب التونسي ضد الاستعمار، وعن خلاف عبد الناصر مع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ويعتبرون أن الرئيس بورقيبة لم يُنصف جمال عبد الناصر، لذلك حتى اليوم تجد القوى الناصرية فاعلة في الشارع التونسي ولها نواب في البرلمان التونسي يحملون نداء عبد الناصر.
ليبيا كانت لها علاقة خاصة مع الرئيس جمال عبد الناصر لدرجة أن العقيد الراحل معمر القذافي كان يعتبر نفسه تلميذاً لجمال عبد الناصر وأميناً على القومية العربية بعد رحيل القائد الخالد الذكر.
في السودان يكفي أن نتذكر كيف تصرف السودانيون مع الرئيس جمال عبد الناصر حين جاء في آب 1967، أي بعد أسابيع على نكسة حزيران، وكيف استقبله السودانيون وحملوا سيارته وكان لذلك الاستقبال الدور الكبير في إجبار الحكام العرب على قبول لاءات جمال عبد الناصر “لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف” مع العدو الصهيوني.
وما يقال عن بلاد المغرب العربي الأخرى يقال أيضاً عن موريتانيا عن شعب المليون شاعر الذي بقي انتماؤه القومي والحضاري إلى أمّته بارزاً في كل المراحل وكنا نلاحظ ذلك في كل تظاهرات الموريتانيين ضد التطبيع مع العدو الذي وصل إلى إغلاق السفارة الصهيونية في نواكشوط وحرقها، كلنا نذكر كيف كانت جماهير موريتانيا ترفع صور جمال عبد الناصر، والأمر نفسه ينطبق على دول الساحل الأفريقي الشرقي من الصومال إلى جزر القمر إلى جيبوتي، فجمال عبد الناصر كان موجوداً بين أبنائها، والصوماليون لا ينسون لجمال عبد الناصر دوره في منع تقسيم الصومال بعد الاستقلال إلى صومال فرنسي وصومال إيطالي وغيرها، كل ذلك وكان جمال عبد الناصر حاضراً في أطراف الأمّة كما كان حاضراً في قلبها.
الأمر نفسه موجود في اليمن، فاليمنيون لا ينسون كيف انتصرت ثورة يوليو وجمال عبد الناصر لثورتهم الجمهورية في الشمال(عام1962) ولثورتهم التحريرية في الجنوب، وكيف قدّمت مصر أبناءها شهداء أبطالاً دفاعاً عن الثورة والاستقلال والتقدم في اليمن، كذلك الأمر في الجزيرة العربية، رغم كل محاولات منع التفاعل مع ثورة يوليو وجمال عبد الناصر ومع خطاباته ومع إذاعة صوت العرب لكن كانت له مكانة خاصة، ليس في صفوف الشعب وحده، وإنما أيضاً في صفوف الأمراء الأحرار الذين ذهبوا إلى مصر، حتى الملك سعود بن عبد العزيز حين اختلف مع إخوانه في الرياض وكانت بينه وبين الرئيس جمال عبد الناصر خلافات حادة، لم يجد سوى مصر يلجأ إليها ليمضي سنواته الأخيرة.
البحرين تؤرّخ أبرز انتفاضاتها ضد الاستعمار البريطاني بانتصارها لمصر في مواجهة العدوان الثلاثي، وكذلك الأمر في قطر حيث كان أبناء قطر، مواطنين وشيوخاً، يذهبون إلى القاهرة فقط لكي يلتقوا جمال عبد الناصر وقد حدّثني أحدهم كيف كان ينتظرون كل خميس بعد الظهر في إحدى صالات السينما التي يزورها جمال عبد الناصر كل خميس من أجل أن يلتقطوا صوراً مع القائد الكبير.
الأمر نفسه تجده في الإمارات، تجده في الكويت التي لا تنسى لموقف جمال عبد الناصر من خطاب عبد الكريم قاسم الذي أراد ضم الكويت إلى العراق.
وفي سلطنة عمان لا يمكن أن ننسى أجيالاً من العروبيين العمانيين مثقّفين ومناضلين، لا يزالون حتى الساعة يذكرون ثورة يوليو وجمال عبد الناصر في كتاباتهم ورواياتهم وفي مواقفهم، وفي التزامهم بالقضايا العربية، وبالتالي كانوا متمسكين بهذه الثورة ويعتبرون أن لها فضلاً كبيراً في إجلاء الاستعمار عن بلادهم.
في سوريا كلنا يذكر كيف خرجت سوريا عن بكرة أبيها تستقبل جمال عبد الناصر يوم إعلان الجمهورية العربية المتحدة (1958)، وكيف كان في الأردن أحرار ينتصرون لجمال عبد الناصر، وقد دخل المئات من الشخصيات ومن الضباط الأحرار السجون بسبب علاقتهم بمصر وبثورة يوليو وجمال عبد الناصر.
أما في العراق فكلنا يذكر أن ثورة 14 تموز 1958، كانت بإلهام من ثورة يوليو، وقد انتصر العراق يومها لجمال عبد الناصر في معركته ضد حلف بغداد، وكان العراقيون في معظمهم يدعون إلى الوحدة مع مصر.
أما لبنان فقد كانت لجمال عبد الناصر فيه مكانة خاصة، حتى إن الكثير من السياسيين اللبنانيين كانوا إذا أرادوا أن يرشحوا أنفسهم إلى الانتخابات النيابية يوزعون صورهم مع القائد الخالد الذكر لكي يكسبوا شعبية، وقد كانت شعبية عبد الناصر بين اللبنانيين شعبية ما زالت حاضرة حتى الساعة حيث يصرّ العروبيّون اللبنانيون على إحياء ذكرى ثورة يوليو كلّ عام.
فلسطين الجريحة كانت تعلق الآمال الكبيرة على جمال عبد الناصر، وكلنا يعرف أن الفلسطينيين في العالم، كانوا يعتبرون أن زعيمهم الحقيقي هو جمال عبد الناصر.
لذلك ثورة يوليو وجمال عبد الناصر كان لهما الأثر الكبير في كل أنحاء الوطن العربي، ناهيك عن أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، بل عن العالم كله.
فثورة يوليو وقائدها جمال عبد الناصر كانت مدرسة في العطاء الثوري، كانت مدرسة في الوحدة العربية، كانت مدرسة في الاستقلال والتحرّر، مدرسة في العدالة الاجتماعية، في الكرامة الوطنية والقومية، لذلك لا يمكن أن تذكر ثورة يوليو وجمال عبد الناصر في كل مكان، وحتى أمام أجيال لم تعرفه إلا وتجد نفسك أمام عملاق تكبر ذكراه مع الأيام، فيما تتراجع وتصغر ذكرى الآخرين مع استمرار الأيام.
رحم الله جمال عبد الناصر ونصر ثورة مصر ونصر ثورة يوليو التي أعطت مصر فكرة عن دورها في أمتها العربية، هذا الدور الذي ينتظره اليوم كلّ عربي وكلّ مصري، لأنه يعتبر أن لانتصاره لمصر اليوم جزءاً كبيراً من قدرة مصر على مواجهة التحديات، وخصوصاً تحديات الأمن القومي، وبالتحديد تحديات الأمن المائي، من خلال سدّ النهضة، إنما يقوم على استلهام مبادئ ثورة يوليو التي بدون شك توفر الأمن الحقيقي لمصر، ونحن اليوم في صدد الدعوة لتحرك شعبي عربي ودولي انتصاراً لمصر والسودان في مواجهة تحديات سدّ النهضة والأمن القومي المائي لمصر.
وإذا كان المجال هنا لا يتسع إلا للحديث عن تأثير مصر في الدائرة العربية فإنني أعتقد أن جمال عبد الناصر، بقدر ما جسّد أحلام المصريين في دولة محترمة قوية ذات مكانة في العالم كله، فقد مثّل أيضاً أحلام العرب في أمّة عربية موحّدة، وفي غد عربي عزيز يؤكّد على ثوابت الأمّة، يسعى إلى تحرير الأرض وإلى تحرير الإنسان وإلى إلغاء كل أشكال الاستعمار والاستعباد والاستغلال.
لذلك أينما ذهبت في أقطارنا العربية، ورغم مرور هذه العقود كلّها على وفاة الرئيس الخالد الذكر جمال عبد الناصر، تجد له ولثورة يوليو المُلهمة لثورات عدة أثراً في كل مكان، وتجد له ذكرى في كل حي أو شارع، وتجد أن اسمه يتردد كنموذج للقائد العربي الذي رفع اسم أمّته عالياً رغم كل ما واجهه من نكسات ومن حروب ومن معارك.
بالنسبة إلى المغرب العربي كانت مصر بعد ثورة يوليو حاضرة في كل حركات التحرر، فعلى أرضها تم تأسيس مكتب المغرب العربي الذي كان يرأسه المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي، وضمّ قادة حركات التحرر في بلدان المغرب العربي.
وكذلك الأمر كانت لقيادة ثورة ٢٣يوليو وللرئيس عبد الناصر علاقات مميّزة بقادة الحركة الوطنية المغربية، بل إن القادة المغاربة وعلى رأسهم الشهيد المهدي بن بركة، والراحل الفقيه محمد البصري والراحل الكاتب الأول السابق المرحوم عبد الرحمن اليوسفي، كانت لهم أيضاً علاقات خاصة بمصر وبجمال عبد الناصر، لذلك في تراث الحركة الوطنية المغربية كانت دائماً هناك إشارات لجمال عبد الناصر، ولمكتب المغرب العربي في القاهرة الذي قام بتنظيم جيش المغرب العربي لتحرير فلسطين كما لتحرير أقطار المغرب العربي، وكان منطلقه القاهرة، فمصر موجودة في ضمير أهل المغرب عموماً وأهل المغرب الأقصى خصوصاً.
أذكر مثلاً في الجزائر كيف كان الجزائريون يحملون تقديراً خاصاً لثورة يوليو ولجمال عبد الناصر بسبب دور مصر في دعم ثورتهم التي قامت بعد 131عاماً من الاستعمار الفرنسي، قامت لتحرر الجزائر.
ويقول الجزائريون إن قبائلياً لا يعرف العربية كان يستمع في جبال أوراس إلى خطاب لجمال عبد الناصر سأله مراسل جريدة “لوموند” الفرنسية هل تعرف العربية؟. قال: لا. فقال له لماذا تسمع جمال عبد الناصر؟. قال: أنا أسمعه بقلبي قبل أن أسمعه بأذني.
في تونس يتحدثون عن ثورة يوليو، ويتحدثون بشكل خاص عن دورها في مساندة الشعب التونسي ضد الاستعمار، وعن خلاف عبد الناصر مع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ويعتبرون أن الرئيس بورقيبة لم يُنصف جمال عبد الناصر، لذلك حتى اليوم تجد القوى الناصرية فاعلة في الشارع التونسي ولها نواب في البرلمان التونسي يحملون نداء عبد الناصر.
ليبيا كانت لها علاقة خاصة مع الرئيس جمال عبد الناصر لدرجة أن العقيد الراحل معمر القذافي كان يعتبر نفسه تلميذاً لجمال عبد الناصر وأميناً على القومية العربية بعد رحيل القائد الخالد الذكر.
في السودان يكفي أن نتذكر كيف تصرف السودانيون مع الرئيس جمال عبد الناصر حين جاء في آب 1967، أي بعد أسابيع على نكسة حزيران، وكيف استقبله السودانيون وحملوا سيارته وكان لذلك الاستقبال الدور الكبير في إجبار الحكام العرب على قبول لاءات جمال عبد الناصر “لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف” مع العدو الصهيوني.
وما يقال عن بلاد المغرب العربي الأخرى يقال أيضاً عن موريتانيا عن شعب المليون شاعر الذي بقي انتماؤه القومي والحضاري إلى أمّته بارزاً في كل المراحل وكنا نلاحظ ذلك في كل تظاهرات الموريتانيين ضد التطبيع مع العدو الذي وصل إلى إغلاق السفارة الصهيونية في نواكشوط وحرقها، كلنا نذكر كيف كانت جماهير موريتانيا ترفع صور جمال عبد الناصر، والأمر نفسه ينطبق على دول الساحل الأفريقي الشرقي من الصومال إلى جزر القمر إلى جيبوتي، فجمال عبد الناصر كان موجوداً بين أبنائها، والصوماليون لا ينسون لجمال عبد الناصر دوره في منع تقسيم الصومال بعد الاستقلال إلى صومال فرنسي وصومال إيطالي وغيرها، كل ذلك وكان جمال عبد الناصر حاضراً في أطراف الأمّة كما كان حاضراً في قلبها.
الأمر نفسه موجود في اليمن، فاليمنيون لا ينسون كيف انتصرت ثورة يوليو وجمال عبد الناصر لثورتهم الجمهورية في الشمال(عام1962) ولثورتهم التحريرية في الجنوب، وكيف قدّمت مصر أبناءها شهداء أبطالاً دفاعاً عن الثورة والاستقلال والتقدم في اليمن، كذلك الأمر في الجزيرة العربية، رغم كل محاولات منع التفاعل مع ثورة يوليو وجمال عبد الناصر ومع خطاباته ومع إذاعة صوت العرب لكن كانت له مكانة خاصة، ليس في صفوف الشعب وحده، وإنما أيضاً في صفوف الأمراء الأحرار الذين ذهبوا إلى مصر، حتى الملك سعود بن عبد العزيز حين اختلف مع إخوانه في الرياض وكانت بينه وبين الرئيس جمال عبد الناصر خلافات حادة، لم يجد سوى مصر يلجأ إليها ليمضي سنواته الأخيرة.
البحرين تؤرّخ أبرز انتفاضاتها ضد الاستعمار البريطاني بانتصارها لمصر في مواجهة العدوان الثلاثي، وكذلك الأمر في قطر حيث كان أبناء قطر، مواطنين وشيوخاً، يذهبون إلى القاهرة فقط لكي يلتقوا جمال عبد الناصر وقد حدّثني أحدهم كيف كان ينتظرون كل خميس بعد الظهر في إحدى صالات السينما التي يزورها جمال عبد الناصر كل خميس من أجل أن يلتقطوا صوراً مع القائد الكبير.
الأمر نفسه تجده في الإمارات، تجده في الكويت التي لا تنسى لموقف جمال عبد الناصر من خطاب عبد الكريم قاسم الذي أراد ضم الكويت إلى العراق.
وفي سلطنة عمان لا يمكن أن ننسى أجيالاً من العروبيين العمانيين مثقّفين ومناضلين، لا يزالون حتى الساعة يذكرون ثورة يوليو وجمال عبد الناصر في كتاباتهم ورواياتهم وفي مواقفهم، وفي التزامهم بالقضايا العربية، وبالتالي كانوا متمسكين بهذه الثورة ويعتبرون أن لها فضلاً كبيراً في إجلاء الاستعمار عن بلادهم.
في سوريا كلنا يذكر كيف خرجت سوريا عن بكرة أبيها تستقبل جمال عبد الناصر يوم إعلان الجمهورية العربية المتحدة (1958)، وكيف كان في الأردن أحرار ينتصرون لجمال عبد الناصر، وقد دخل المئات من الشخصيات ومن الضباط الأحرار السجون بسبب علاقتهم بمصر وبثورة يوليو وجمال عبد الناصر.
أما في العراق فكلنا يذكر أن ثورة 14 تموز 1958، كانت بإلهام من ثورة يوليو، وقد انتصر العراق يومها لجمال عبد الناصر في معركته ضد حلف بغداد، وكان العراقيون في معظمهم يدعون إلى الوحدة مع مصر.
أما لبنان فقد كانت لجمال عبد الناصر فيه مكانة خاصة، حتى إن الكثير من السياسيين اللبنانيين كانوا إذا أرادوا أن يرشحوا أنفسهم إلى الانتخابات النيابية يوزعون صورهم مع القائد الخالد الذكر لكي يكسبوا شعبية، وقد كانت شعبية عبد الناصر بين اللبنانيين شعبية ما زالت حاضرة حتى الساعة حيث يصرّ العروبيّون اللبنانيون على إحياء ذكرى ثورة يوليو كلّ عام.
فلسطين الجريحة كانت تعلق الآمال الكبيرة على جمال عبد الناصر، وكلنا يعرف أن الفلسطينيين في العالم، كانوا يعتبرون أن زعيمهم الحقيقي هو جمال عبد الناصر.
لذلك ثورة يوليو وجمال عبد الناصر كان لهما الأثر الكبير في كل أنحاء الوطن العربي، ناهيك عن أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، بل عن العالم كله.
فثورة يوليو وقائدها جمال عبد الناصر كانت مدرسة في العطاء الثوري، كانت مدرسة في الوحدة العربية، كانت مدرسة في الاستقلال والتحرّر، مدرسة في العدالة الاجتماعية، في الكرامة الوطنية والقومية، لذلك لا يمكن أن تذكر ثورة يوليو وجمال عبد الناصر في كل مكان، وحتى أمام أجيال لم تعرفه إلا وتجد نفسك أمام عملاق تكبر ذكراه مع الأيام، فيما تتراجع وتصغر ذكرى الآخرين مع استمرار الأيام.
رحم الله جمال عبد الناصر ونصر ثورة مصر ونصر ثورة يوليو التي أعطت مصر فكرة عن دورها في أمتها العربية، هذا الدور الذي ينتظره اليوم كلّ عربي وكلّ مصري، لأنه يعتبر أن لانتصاره لمصر اليوم جزءاً كبيراً من قدرة مصر على مواجهة التحديات، وخصوصاً تحديات الأمن القومي، وبالتحديد تحديات الأمن المائي، من خلال سدّ النهضة، إنما يقوم على استلهام مبادئ ثورة يوليو التي بدون شك توفر الأمن الحقيقي لمصر، ونحن اليوم في صدد الدعوة لتحرك شعبي عربي ودولي انتصاراً لمصر والسودان في مواجهة تحديات سدّ النهضة والأمن القومي المائي لمصر.
* كاتب وسياسي لبناني