ما كان يجب أن يقوله عباس – جدعون ليفي
اليكم الكلام الذي كان يجب أن يقوله محمود عباس في الجمعية العمومية للامم المتحدة:
“أنا أقف هنا أمامكم بعد أن انتهت حرب دفاعية اخرى حتمية ل(اسرائيل) التي هي دولة صغيرة ضعيفة تناضل عن وجودها، كي أرسل اليها من هنا شكري. فالشكر لداود (الاسرائيلي) الذي قدَر مرة اخرى على جوليات الفلسطيني، والشكر للجيش الصغير الذي هزم الجيوش الفلسطينية؛ ونحن نشيد به لذلك. والشكر لأعظم الجيوش أخلاقا في العالم الذي أثبت مرة اخرى تفوق قيمه. والشكر على “طرق السقف”، والشكر على هنيبعل في رفح، والشكر على الشجاعية، والشكر على مئات الاولاد والنساء والرجال القتلى وأكثرهم مواطنون أبرياء وكلهم مستحقون للموت. والشكر لكم أن قتلتم فقط 2200 انسان لا 22 ألفا. والشكر لكم أن قصفتم فقط بعض مدارس الوكالة لا كلها. والشكر لكم أن أسقطتم بعض أبراج المدينة فقط وأبقيتم عددا منها للحرب التالية. والشكر لكم أن قصفتم محطة توليد الطاقة ومصنع الحلوى الوحيد في القطاع، فقد كان ذلك ضروريا لأمنكم. الشكر لكم على ذلك باسم كل اولاد فلسطين. وشكر خاص ايضا باسم عائلة الدلو التي أبقيتم منها إبن عم واحدا حيا، والشكر لكم على اهتمامكم وحساسيتكم.
“والشكر باسم 110 آلاف ساكن بقوا بلا بيوت، والشكر باسم من أخربتم بيته لاول مرة فقط لا للمرة الثانية أو الثالثة، والشكر باسم ألف الولد الذين جعلتموهم معوقين، وباسم 1500 يتيم و360 ألفا ممن أصيبت نفوسهم في هذه الحرب، وهم غير فارغي البال ليشكروكم الآن وأنا أنطق عنهم الآن. والشكر على العموم على هذه الحرب التي لم يوجد في التاريخ حرب أكثر منها اخلاقا وعدلا.
“والشكر على جهود حكومة (اسرائيل) السلمية ولا سيما رئيسها. وشكرا لأنه وعد بدولتين. وشكرا على الاستمرار الأهوج على بناء المستوطنات وعلى سلب الاراضي. وأقدم شكرا خاصا على 4 آلاف الدونم التي سرقتموها في غوش عصيون؛ فهم يستحقون هذه الكتلة، وشكرا على تدمير البيوت وعلى محاولة التطهير العرقي لغور الاردن وجنوب جبل الخليل، وشكرا خاصا لمستوطني الخليل لأنهم موجودون وشكرا على جدار الفصل وعلى الحصار وعلى الفصل القاسي بين الضفة والقطاع. وشكرا على استمرار اطلاق النار الوحشي على صيادي الاسماك في بحر غزة الذي لا يعتبر بالطبع نقضا للهدنة. وشكرا على الاعتقالات الليلية وعلى الاعتقالات في النهار ايضا. وشكرا خاصا باسم آلاف السجناء وعدد منهم سياسيون بنت لهم (اسرائيل) غرف مراحيض في السجن. ونرسل شكرا مؤثرا ايضا باسم مئات الاولاد الموقوفين. وشكرا على الاذلال عند الحواجز، وشكرا على الحواجز في الحقيقة. وشكرا على عدل القضاة العسكريين وعلى رحمة موظفي الاحتلال وانسانية محققي “الشباك”، فلولا هم لما وصلنا الى حيث وصلنا.
“وشكرا لكم لأنكم جد متيقنين من أنكم أبناء الشعب المختار الذي يجوز له أن يفعل كل شيء بالطبع. وشكرا لأنكم لا ترون الفلسطينيين بشرا مثلكم ألبتة. وشكرا على الاستهانة المستمرة بالقانون الدولي. وشكرا متأخرا على النكبة ايضا ولأنكم طردتم وهجرتم 650 ألف انسان. وشكرا لأنكم محوتم أكثر من 400 قرية عن وجه الارض. وشكرا لأنكم لم تُبقوا لها ذكرا ولا شاهدا يدل عليها. وشكرا لأنكم لم تسمحوا لأحد من سكانها بالعودة الى بيته ولم تفكروا في تعويضهم. وشكرا لأنكم لم تتحملوا مسؤولية عن اعمالكم ولم تأسفوا ولم تعتذروا عنها. وشكرا خاصا (وأخيرا) لأن 1948 لم تنقض عندكم وأنتم تتابعون نفس سياسة السلب والتدمير والقتل حتى هذا اليوم. شكرا لأنكم أوصلتمونا الى اليأس”.
لكن عباس لم يقل هذا الكلام وقال الحقيقة بدلا منه، وحينما قال إن “الفلسطينيين فقدوا أرضهم الطيبة” بين المحلل في التلفاز أن تلك الخطبة كانت “خطبة تحريض شديد”؛ وانطلق الجوق القومي كله من حزب العمل وما سواه مع أصوات مصاحبة من الخلف من الولايات المتحدة في صراخ التنديد والشعور بالزعزعة. لأنه كيف يتجرأ عباس المنكر للجميل على فعل ذلك؟
* اطلس
هآرتس / ما كان يجب أن يقوله عباس / بقلم: جدعون ليفي