مقهى أبو دياب العلي للعودة الحلقة التاسعة
من ذكريات وحكايات مخيم عين الحلوة – إعداد موقع الصفصاف
في مقهى أبو دياب كان الجيل الفلسطيني الشاب آنذاك يلتقي مع جيل الختايرة الذي عاش ما قبل النكبة في فلسطين المحتلة وما بعد النكبة في المخيم بعين الحلوة. فقد حرص العديد من الكبار (ختايرة المخيم) على التردد والدوام في المقهى في أوقات مختلفة. من هؤلاء بحسب صديقي دياب العلي من: ” وُلدوا بين عامي 1890 و 1930 حيث أن هناك منهم من كان جندياً أو ضابطاً بالجيش العثماني”.
معلوم لأي انسان قرأ التاريخ أن جيش الخلافة العثمانية كان يضم جنوداً من جنسيات عديدة ومن شعوب وأمم ودول كانت تتبع أو ضمن نفوذ الخلافة العثمانية. كان هناك في الجيش العثماني عرباً وبوسنيين وألبان ومن القوقاز. كذلك من الشعوب الاسلامية مثل كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وتتارستان والشيشيان وقيرغيزستان والخ. للعلم مازالت في فلسطين مقابر تضم رفات وأضرحة للألبان والبوسنيين الذين قاتلوا واستشهدوا على أرض فلسطين قبل وفي اثناء النكبة.
هناك من ختايرة عين الحلوة ومدينة صيدا الذين واظبوا على الجلوس في مقهى أبي دياب، كل يوم اثنين، الراحل أبو فهيم الحلاق. هو من لاجئي مدينة عكا، عروس ساحل فلسطين. فقد سكن معظم أبناء المدن الساحلية الفلسطينية وبالذات عكا بعد النكبة واللجوء في بلدة صيدا القديمة التاريخية، لأنها تشبه مدينتهم عكا وقريبة من شط البحر وهي مدينة للصياديين والبحارة. لازال هؤلاء يقيمون في البلدة القديمة وكنت تحدث لبعضهم خلال جولة ميدانية لي في البلدة القديمة قبل أربع أو خمس سنوات. بدأتها من القلعة البريّة وأنهيتها عند القلعة البحريّة. تجولت خلالها في الزواريب القديمة، تقريباً في كل زواريب البلدة القديمة ومنها زاروب سينما الحمراء. كذلك توقفت في ساحة البلدة القديمة حيث شربت عصيراً بارداً في مقهى سلوم الفلسطيني، على فكرة لاحظت تردد السياح الأجانب الذين يزورون البلدة القديمة على المقهى وجلوسهم هناك. كنت تحدثت قليلا مع صاحبه وهو رجل دمث. بعد أيام شاهدت حلقة في برنامج خاص بفضائية الميادين عن المكان والمقهى، تحدث فيها صاحبه السيد سلوم. نسيت أن أقول لكم أنني مررت أيضاً بزاروب فلافل العكاوي وفلافل أبو حسن ومن منكم ومنكن لا يذكرهما أو لا تتذكرهما.
أبو فهيم الحلاق كان يملك صالونا للحلاقة في مدينة صيدا وبحسب الصديق دياب العلي فقد كان: “يأتي الى المقهى كل يوم إثنين وهو يوم عطلة الحلاقين في لبنان وكل الدول العربية. كما كان أبي فهيم يتكلم اللغة التركية بطلاقة. يقول دياب نقلاً عن لسان أبي فهيم الحلاق أنه “قاتل مع الجيش العثماني في شبه جزيرة القرم حيث تمكنوا من استعادتها من الجيش الروسي. كما وأخبرهم بأنه استشهد في تلك المعركة ألفين من الجنود العثمانيين، كانوا من الأتراك والمصريين والسوريين ومنهم فلسطينيين وعراقيين وأيضاً من البلقان وقيرغيزستان. دفنوا جميعهم في القرم.
بحسب الأخ دياب أبو عمر العلي فقد كان من المترديين على المقهى، السيد أبو خضر الغزاوي (محمد الغزاوي) الذي كان أيضاً من جنود الدولة العثمانية. كما كان يتكلم اللغة التركية بطلاقة. هو الآخر شارك في الحرب العالمية الأولى.
في استدارك آخر قال دياب العلي بأن جارهم الحاج أبو زهير كان أيضاً يتقن اللغة التركية. للأسف نسي دياب ما هو إسم أبو زهير العائلي لكنه يتذكر أن الحاج أبو زهير كان يومياً يرتدي طربوشاً وطقماً أنيقاً وربطة عنق.
بجسب قول أحد ختايرة المخيم فإن الحاج أبو زهير كان حاكماً عسكرياً عثمانياً لمنطقة حيفا في فلسطين قبل النكبة وما قبل قبل النكبة. أما دياب العلي فيؤكد ذلك من خلال قوله:” لقد أكد أبو زهير ما جاء على لسان الختيار من المخيم. حيث روى بنفسه لرواد المقهى ومنهم دياب أنه شارك في جزء من المعارك في البلقان وأنه مر على دولة جورجيا التي تقع على البحر الأسود.
يقول دياب ابن العم عيسى العلي أبو دياب “أن الحاج أبو زهير والذي كما أسلفنا كان الحاكم العسكري لحيفا في العهد العثماني. أن السلطنة العثمانية كانت أول من أنارت بيروت بإنارات الغاز عام 1910. كما أنشأت سكة الحديد التي ربطت بين البلاد من البلقان الى تركيا مرورا بالشام وفلسطين ومصر ووصولا الى مكة والمدينة المنورة والعراق والخ”.
كما ترون كان مقهى أبو دياب ملتقى للكبار وللأصغر منهم سناً من جيل النكبة وما بعد النكبة بقليل. فهناك كانت تقام الجلسات السياسية والفكرية وكذلك جلسات الدردشة. في الحلقة القادمة سنتحدث عن :الختيارية” من حفظة الأمثال الشعبية والأشعار الزجلية.
يتبع
اعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
28-11-2021