مكوجية مخيم عين الحلوة وصيدا من الفلسطينيين – نضال حمد
الكتابة عن تاريخ وحياة الناس في مخيم عين الحلوة ليست بالشيء السهل وتحتاج لجيش من المتطوعين والمتطوعات لإنجازها ولإتمامها بشكل مقبول ولائق. كما تحتاج الى مختصين بهذا الشأن يستطيعون تدوين سيرة غير عادية لمخيم كبير وعريق مثل مخيم عين الحلوة. فهذا المخيم خليط من أهل المدن والقرى ومن الحضر والفلاحين والبدو. من أهل الشمال الفلسطيني وجليله ومن أهل الساحل ومدنه العريقة يافا وحيفا وعكا والخ .. يعني هذا المخيم يمكن تسميته مدينة المُدُن التي تجمع مدن وقرى وبلدات فلسطين في مكانٍ واحدٍ، على بقعةٍ جغرافيةٍ واحدةٍ. فتجد في المخيم الطبيب والمهندس والعالم والباحث والمفكر والشاعر والأديب والفنان… والمعلم والصياد والمزارع والكاتب والقاضي والمحامي والبحار والملاح والكندرجي… والموسرجي (تمديدات صحية) والخياط والعتال والزبال والمعمرجي والتمرجي والكهربجي والمسحراتي والمجبراتي والمجلخ والمبيض والخ .. كما نجد هناك السائق والعامل والمثقف والطالب والمختار والفلاح وقبل كل هؤلاء الفدائي والمناضل والمقاتل والمقاوم .. ثم كل من يخطر على بال الانسان. لذا فهو مدينة المدن والبلدات والقرى.
في المخيم كل صاحب مهنة أو صنعة صار مع مرور الأيام والشهور والسنوات في الشتات واللجوء وفي عاصمتهما بلبنان مخيم عين الحلوة، يقوم بفتح “خُشة” أو “بَسطة” وربما “محل” أو “دكان” ليمارس فيه صنعته أو ليحصل من خلاله على لقمة عيشه هو وعائلته. هناك من الناس في المخيم من تعلموا الصنعة في فلسطين قبل النكبة وهناك من دخلوا عليها متطفلين ثم أصبحوا يتقنونها ويمارسونها وغدوا من أصحابها.
من المهن التي عرفتها في المخيم منذ طفولتي كانت هناك مهنة المكوجي التي مارسها عدد لا بأس به من أبناء المخيم ومن هؤلاء أنا أتذكر جيداً قريبنا وإبن بلدتنا المرحوم الشيخ حسين الزغموت وهو صديق حميم لوالدي أبو جمال حمد منذ طفولتهما في بلدة الصفصاف، رحمهما االله. وكان يطلق على الشيخ حسين “لقب الكوا” يعني الشخص الذي يقوم بكيّ الملابس. كان محل الشيخ حسين بالقرب من مسجد الصفصاف (الشهداء) على الشارع الفوقاني.
من “المكوجية” الآخرين رحمهما الله وأمد بعمر الأحياء منهم هذا إن بقي منهم أي شخص على قيد الحياة، نجد كل من:
المرحوم أبو نزار إسماعيل الحسن وإبراهيم سرية… أحد المعلقين في مجموعتنا ذاكرة مخيم عين الحلوة (للأسف نسيت من هو) كتب أن المرحوم أبو نزار اسماعيل كان صاحب ذوق رفيع في سماع الموسيقى. وكان بالإضافة الى أبي نزار حسن (اسماعيل) على الشارع الفوقاني أما أبو نبيل عطية (كان يعزف عود) على الشارع التحتاني.
كما كان من المكوجية في المخيم الشهيد رشيد أحمد يوسف خطاب –أبو أحمد- والد الدكتور محمد رشيد خطاب. وكان أيضاً خالد الكوى على الشارع التحتاني. نجد أيضا العبد سرية أي أبو سمير سرية (عبد) وأخيه أبو منير (إبراهيم) في سوق الخضار.
هذا وكتب الأخ عبدالله سرية معلقاً على موضوع “المكوجية” فقال أن عبد سرية أبو سمير جارهم. وأنه صاحب أول مصبغة حديثة كوي على البخار في صيدا والجنوب وهي مصبغة سرية اخوان (عبد سرية – أبو سمير وابراهيم سرية أبو منير) وكانت مصبغتهما في سوق الخضار بمخيم عين الحلوة. كما كان يوجد لها فرعان في بلدة الغازية ومخيم المية والمية.. هذا وكانا يملكان سيارة تقوم بجمع الملابس من مدينة صيدا وضواحيها. وعند قدوم الأعياد وبمناسبتها كان يجتمع معظم الشباب أمام المصبغة للسهر ومن ثم إستلام ملابسهم قبل حلول العيد..
بدوري أود أن أشكر أخي عبدالله سرية على المعلومات هذه وكل المعلقين بنفس الوقت. لكن السؤال الذي أردت إجابة دقيقة عليه ولم أجد جواباً شافياً ودقيقاً من المعلقين هو التالي:
من هو الشخص الذي كان أول من فتح مصبغة أو محل “كوي” في المخيم؟.
أنا شخصياً لا أعرف متى أسس الشيخ حسين الزغموت محله ومتى بدأ العمل به. لذا سوف أترك الأمر والجواب لمن يعرف كي يجيب. أما عن الآخرين فقد ذكر الأخ عبدالله سرية في أحد تعليقاته أن مصبغة سرية تأسست سنة 1958 وفيما بعد تم تطويرها الى مصبغة حديثة.
مصبغة سرية تاسست سنة ١٩٥٨ وتم تطويرها الى مصبغة حديثة حسب عبدالله لكنه لم يذكر التاريخ. هناك من الأخوة من ذكر: أبو سعيد الكوا “يمكن خالد عطيه أبو نبيل” و “أحمد السعدي من صفورية الملقب “الدويخة” كان كذلك “كوى”… فيما إعتقد صديقنا خليل الشيخ بأن أبو نبيل عطية ربما كان من الأوائل وكذلك العبد سريه “أبو سمير” من أوائل الذين امتهنوا تلك المهنة في المخيم. فيما هناك من قال أن الوجه الأبرز من السميرية “حسين اسماعيل” الملقب بالأستاذ “فريد” كان يعمل “كوا” قبل تعرضه للمرض النفسي.. وأضاف المعلق أنه لا يتذكر إسمه الكامل لكن أكيد أبو عصام محمد آغا يعرف إسمه الكامل أو حسين عبدالغني سركيس وممكن يكون عندهم صورة له.. فيما رد صديقنا وأخونا صالح العلي وهو من بلدة عرب زبيد وحالياً من عرب السويد بأنه حسين إسماعيل وأكد أن لديه صورة له لكنها ليست بمتناول يده الآن. وأضاف بأن حسين الفران أو الأستاذ فريد من بلدة السميرية ويظن صالح العلي بأن أخاه الأكبر اسمه إسماعيل وليس اسم عائلته. أما عبدالله سرية فقد أكد أن من قدامى المكوجيين قي المخيم كان عبد سرية وخالد الكوى، وأضاف بأن خالد الكوا من صفوريه وأن أقدمهم هو جميل سريه الذي فقد فقد خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
أما الأخ سميح العبد فقال: ” لنا جار في أول المخيم على الشارع التحتاني، هو المرحوم أبو درويش الأسدي…(كوا) من الطراز الرفيع….له دكان صغير في بيته تطل على الشارع بالإضافة لذلك كان يعمل أيضاً (كوى) خاص بالرئيس الأسبق في لبنان كميل شمعون سيء الذكر….كان إبنه الأكبر يعمل في الكويت…ومن هناك ذهب الى الأردن حيث كان من أوائل شهداء مخيمنا عين الحلوة.”.
في الختام كتب الأخ أبو نبيل سعد الدين بأنه كان هناك “كوى” في منطقة صيدا البلد وهو من سكان مخيم عين الحلوة وهو جاره أبو محمد علي الحج من بلدة شعب.”.
أتمنى على من لديه صورهم أو صور محلاتهم ومعلومات عنهم أن يرسلها لي.
نضال حمد وموقع الصفصاف
22-10-2022