مناظرة انتخابية بين ثلاثة مرشحين لمنصب الاستشارية الألمانية
(Christian Mang/Reuters)
لأول مرة في تاريخها، جمعث مناظرة متلفزة المرشحين الثلاثة لمنصب الاستشارية الألمانية، بدل اثنين كما جرت عادة نسخها السابقة. حيث تناقش كل من مرشح اليمين المحافظ أرمين لاشيت، والوسط الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتس، ومرشحة الخضر اليساري الشابة أنالينا بيربوك، احتدم النقاش المفتوح بين المرشحين، مع التركيز على الموضوعات المالية مثل الضرائب والمعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى موضوع حماية البيئة والتحالفات المستقبلية المتوقعة بعد الانتخابات.
كما تضمن النقاش كذلك السياسة الخارجية الألمانية، بما فيها الوضع في أفغانستان. حيث سعى كل من مرشحي اليمين والوسط، اللذين يقودان الأغلبية الحكومية، إلى التباري حول من هو الأشبه بالمستشارة الألمانية الحالية أنغيلا ميركل. فيما حافظت المرشحة اليسارية إلى أن تثبت وجودها في اختلافها عنهما حول عدة قضايا. بالمقابل، ومع أن انتخاب منصب المستشار لا يجري باقتراع مباشر، إلا أن نقاش زعامات الأحزاب الثلاثة أفشت الكثير عن مستقبل المهاجرين بالبلاد وسياسات الهجرة التي سينتهجها كل واحد منهم.
السياسة الخارجية داخل المناظرة الألمانية
لخلافة أنغيلا ميركل دخل مرشح حزبها، الاتحاد المسيحي الديموقراطي، المناظرة بتقييمات متراجعة حسب ما أعلنته استطلاعات الرأي. أرمين لاشيت الذي سعى إلى شنّ هجوم كلامي في محاولة منه لقلب نتيجة تلك الاستطلاعات التي تتوقّع خسارته في الانتخابات التي تُجرى نهاية سبتمبر/أيلول.
ولم يتردّد لاشيت في انتقاد السياسة التي تنتهجها الحكومة الألمانيّة الحاليّة في أفغانستان، على الرغم من أنّ الحزب الذي ينتمي إليه هو مَن يقود الحكومة. حيث قال إنّ الانسحاب السريع لقوّات حلف شمال الأطلسي من البلاد يشكّل “كارثة للغرب، وكذلك للحكومة الفدراليّة” الألمانيّة، محاولاً الظهور على أنّه رجل التغيير.
بالمقابل عزز مرشح الاشتراكيين الديموقراطيين أولاف شولتز حظوظه مراهناً على كفاءته وخبرته، وهو وزير المال ونائب المستشارة في الحكومة الائتلافية الحالية. ساعياً إلى تقديم نفسه نسخة طبق الأصل للمستشارة ميركل، حيث قال “المواطنون والمواطنات يعرفونني”، مستلهماً أحد الشعارات الرئيسية في حملة ميركل لانتخابات 2013 “أنتم تعرفونني”. فيما يخص السياسات الخارجية دعا شولتز إلى تعاون دولي أفضل، ومواصلة الجهود لتزويد الجيش الألماني بالجنود من أجل القيام بمهام حماية السلام والأمن.
فيما استهلت مرشحة الخضر أنالينا بيربوك المنظارة باتهام الائتلاف الحاكم في برلين (المكون من الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي) بعدم القيام بأي شيء يذكر للتصدي لتغير المناخ بخاصة في ظل الفيضانات المدمرة التي شهدتها ألمانيا هذا الصيف. مخاطبة مرشح حزب ميركل بأنه “من الواضح أنه ليس لديك خطة”. كما اتهمت الحكومة كذلك بالتنصل من مهامها في أفغانستان. وقالت: “لقد وضعوا الدوافع السياسية المحلية فوق مسؤولية السياسة الخارجية”.
هذا ووفق استطلاع رأي أجرته قناة RTL الألمانية حول أداء المرشحين مباشرة بعد المناظرة، فإن 36% ممن استطلعت آراؤهم قالوا أن المرشح الاشتراكي شولتز كان الأكثر إقناعاً وبالتالي فاز في المناظرة. وحلت مرشحة الخضر بيربوك، وفق الاستطلاع نفسه في المركز الثاني بـ30% فيما حل المرشح المحافظ لاشيت في المرتبة الأخيرة بـ25%.
مَن مرشَّح المهاجرين؟
لم تتضمن المناظرة التطرق بشكل صريح ومفصل لموضوع الهجرة، بالمقابل تتحدث تقارير إعلامية ما يقع في أفغانستان والحديث عن موجة لجوء قادمة تثير قلق الألمان ما قد يوجه الناخبين للتصويت لصالح اليمين المتطرف. بالمقابل اختار ذلك اليمين متزعماً بحزب “البديل من أجل ألمانيا” أن يدخل الانتخابات القادمة بحملة ترتكز حول هذه النقطة بالذات محاولاً الاستفادة من ذلك القلق.
ورجوعاً إلى المرشحين الثلاثة الذين جمعتهم المناظرة، وحسب تقارير إعلامية، يعتبر آرمين لاشيت أحد السياسيين الذين دعموا خطوة ميركل في استقبال موجة اللاجئين سنة 2015. بالمقابل يبقى تصويته داخل البرلمان حول القوانين التي تصب في مصلحة المهاجرين واللاجئين تميل غالباً إلى الرفض، أكثر من المستشارة الألمانية الحالية.
بالنسبة لشولتز فقراراته تظل متأرجحة حول القضية، ففي سنة 2016 كان أحد المنادين بتشديد المراقبة على الحدود الأوروبية، لكن في سنة 2020 بعد حريق مخيم موريا صوت بالموافقة على قرار استقبال 5000 لاجئ من سكان ذلك المخيم.
فيما تبقى مرشحة الخضر أنالينا بيربوك الأكثر الميالة بشكل كامل لصالح المهاجرين واللاجئين. حيث سبق لحزبها أن قدم مقترحات عدة من أجل حماية اللاجئين وتسهيل وتوسيع استقبالهم، ضمنها قانون منع ترحيلهم الذي وافق عليه الـ”بوندشتاغ” الألماني، كما طالب بزيادة استقبال أعداد أخرى من طالبي اللجوء ولاقى على إثرها معارضة كبيرة من أحزاب الأغلبية الحكومية.
المصدر:TRT عربي