من أوسلو النرويجية الى نيس الفرنسية فإمبيريا الايطالية – الجزء الأول

من أوسلو النرويجية الى نيس الفرنسية فإمبيريا الايطالية – الجزء الأول

في الثاني من نيسان ابريل الجاري سنة 2014 حزمت أمتعتي و حملت حقائبي وغادرت منزلي في أوسلو عاصمة النرويج متوجها الى مطار العاصمة ومن هناك كانت وجهتي ايطاليا عبر مطار مدينة نيس الفرنسية.

قد يسأل البعض لماذا مطار نيس الفرنسي مادامت الرحلة الى ايطاليا؟…

الجواب هو التالي :

لان برنامجي في ايطاليا تقرر أن يبدأ من مدينة امبيريا الصغيرة القريبة من الحدود الفرنسية الايطالية ومن مدينة نيس الفرنسية. فعوضا عن السفر الى مدن ايطالية أخرى بعدية نوعا ما عن امبيريا قررت السفر الى نيس. وهناك كان في انتظاري في المطار صديق وصديقة ومعهما نجلهما صديقي العزيز ورفيقي الدائم في سنوات مخيم فياريجيو للتضامن مع الشعب الفلسطيني في ايطاليا، والذي يقيمه الاتحاد الديمقراطي العربي الفلسطيني – أوداب-. ابنهما رفيقي في الشيشة وفي تعمير وتدخين النرجيلة. كنا نجمع معا القش من تحت الشجر لنشعله كي نشعل الفحم .. كنا ندخن في خيمة بالمخيم ( كامبيجيو) أو تحت سماء الله الزرقاء الصافية وشمها المشعة الحارقة في تموز وآب اللهاب… في العراء قريبا من بحر توسكانا في فياريجيو الجميلة وشاطئها الرائع، وغير بعيد أعجوبة برج بيزا المائل.  ترك الشيشة خوفا على صحته .. معه حق وهو منذ سنوات يتدرب على الجودو ويحمل أحزمة أشكال وألوان. وولصديقي هذا شقيق أصغر منه، ذكي ونبيه، وهو الذي يتدرب على لعب الكورة في امبيريا. كان في ساعة لعب كورة مع فريق انجليزي قادم لزيارة المنطقة، سلمنا عليه عند وصولنا امبيريا وتركناه هو وشقيقه هناك في الملعب وتوجهنا الى الدار حيث كانت الملوخية بانتظارنا. يا سلام على الملوخية ..

 

بالعودة للرحلة من أوسلو الى نيس فامبيريا

 لم تستغرق الرحلة وقتا طويلا، فلا كانت بالقصيرة أسوة بالرحلات داخل أوروبا ولا بالطويلة أسوة بالرحلات الى شرق المتوسط وافريقية. نحو ثلاث ساعات طيران على متن الخطوط الجوية النرويجية، المزودة بوسائل الترفيه والراحة. حيث بإمكان المسافر استخدام الانترنت ومشتقاته، فيتواصل خلال الرحلة مع الأصدقاء والصديقات والأحبة عبر الفيسبوك والفايبر والواتس أب وبقية البرامج الممكنة، كتابة وصوت وصورة وفيديو. فينعم الأصدقاء الجالسون أمام أجهزة كمبيوتراتهم في منازلهم ومكاتبهم حيثما كانوا في هذه الدنيا الواسعة، بنقل مباشر عبر جهاز هاتفي النقال او جهاز كمبيوتري المحمول، بالصور الجوية الجميلة التي كنت أرسلها لهم ولهن من على متن الطائرة.

صور رائعة للطبيعة النرويجية والسويدية والدنمركية المذهلة. ثم صور أخرى ولقطات فيديو مسجلة للأراضي الألمانية فالفرنسية والايطالية. صور لجبال الألب والجبال الأخرى التي مازالت الثلوج تعتلي قممها الشماء. للبحيرات والجبال والغابات والأنهر والبحار والسهول والمدن والقرى والبلدات التي كنا نطير فوقها. هذه الخدمة من أفضل ما أنجبته الخطوط الجوية النرويجية خلال السنوات الأخيرة.

كنت خلال سفرتي أتواصل مع الأهل والأقارب في مخيم عين الحلوة الفلسطيني في الجنوب اللبناني. ومع الأصدقاء والأقارب في الجليل الفلسطيني المحتل وفي بقية ارض فلسطين المحتلة ومع الأصدقاء والصديقات في المغرب العربي الكبير. وكذلك مع الأحبة والمعارف في أوربة وأمريكا .

وصلنا مطار مدينة نيس حيث كان الجو مشمسا وجميلا مع هبات بين الفينة والأخرى لنسمات باردة خففت من سخونة الجو وحرارة الشمس. المدينة الساحلية جميلة ومرتبة ومعدة لاستقبال السواح بشكل لافت.الخدمة في المطار جيدة. والانتقال منه الى الخارج يتم بشكل سريع وبدون اجراءات متعبة. لا بل انني خرجت دونما اي سؤال ولم ألحظ اي رجل أمن عند خروجي. هذا طبعا يكون عادة مع الطائرات والمسافرين القادمين من دول اوروبا او الاتحاد الأوروبي. لكنه يختلف تماما حين يتعلق الامر بالمسافرين القادمين من القارات الاخرى وبخاصة من آسيا وافريقية والعالمين العربي والإسلامي.

لحظة خروجي من قاعة القادمين في المطار وجدت الأخت صديقة في انتظاري، توجهنا معا الى خارج المطار حيث كان الأخ صديق في الانتظار. استلقينا سيارته الصغيرة والسريعة واتجهنا نحو ايطاليا عابرين شوارع مدينة نيس الفرنسية الجميلة. كان بحرها ازرقا وهادئا تشق عبابه بعض الزوارق الشراعية وسفن سياحية وتجارية تتجه الى حيث لا ندري. بعض الناس تمددوا على رمال الساحل الفرنسي الذهبية يحرقون أجسادهم بشمس النهار الساطعة. قد يكون المتمددون على الرمال من اسكندنافيا او ألمانيا إذ ليس من عادة أهل فرنسا القيام بذلك بداية شهر نيسان – ابريل حيث ان الطقس بالنسبة لهم يكون مازال باردا. لكنه ليس كذلك لأهل اسكندنافيا التواقون دائما للشمس التي يفتقدونها في بلدانهم الشمالية الباردة.

في الطريق عرجنا على محطة وقود لتزويد مركبتنا الصغيرة بالديزل. استغربت من هذا التصرف ولكن صديق سرعان ما بدد استغرابي حين قال لي ان أسعار المحروقات في ايطاليا أعلى بكثير منها في فرنسا. لذا عرجنا على المحطة. بعد ذلك تابعنا مسيرنا باتجاه موناكو الإمارة الفرنسية السياحية الفائقة الجمال والترتيب والروعة. حيث الطبيعة والأناقة والمنتجعات السياحية المعدة للأغنياء ورجال الأعمال والمشايخ والأمراء.

موناكو مدينة صغيرة مساحتها حوالي اثنان كلم وتعتبر ثاني أصغر دول العالم بعد دولة الفاتيكان في روما الايطالية. وتقع موناكو ضمن الاراضي الفرنسية شمال البحر الابيض المتوسط على الحدود مع ايطاليا. ..ويبلغ تعداد سكانها حوالي 33 ألف نسمة. ومشهورة بالازدحام. واللغة المعتمدة في الإمارة هي اللغة الفرنسية، كما ان ناديها العريق موناكو يلعب ضمن الدوري الفرنسي. وتتعامل باليورو بالرغم من عدم كونها عضو في الاتحاد الأوروبي. وعاصمتها “موناكو فيل” فيما “مونتي كارلو” اكبر مدنها. ويوجد فيها كازينو عريق جدا. كما تقام فيها مسابقات رالي السيارات والعاب بطولة التنس العالمية. و يستطيع اي زائر للإمارة خلال تجواله سيرا على الأقدام او في السيارة ان يلحظ وفرة وكثرة ملاعب التنس في الإمارة. كما توجد فيها مجموعة ضخمة ومثيرة من القوارب الفاخرة التي ترسو في مينائها. وفيها أيضا كاتدرائية جميلة.

بعد موناكو دخلنا الأراضي الايطالية عبر طريق سريع يربط بين فرنسا وايطاليا. ومررنا خلال توجهنا من هناك الى امبيريا بعدة بلدات ايطالية جميلة تقبع على التلال وفي السهول الممتدة طوال الطريق القريب من الساحل. ومن تلك المدن والبلدات. 

وصلنا امبيريا حيث كان في انتظارنا الصديقان سعيد المجدلاوي بعكازين والعزيز د. خالد رواش بسيجارة و بسمة بدون حصانه الجميل الذي توفي في وقت سابق ولكن مع كلبين و قطتين  وبستان جميل يطل على امبيريا وزيتونها المنتشر على التلال وفي الهضاب والسهول كأنه زيتون فلسطين.

يتبع