ما أصعب على المرء أن يرثي مجاهداً بحجم شيخ المجاهدين الفلسطينيين المرحوم بهجت أبو غربية،
في الكلمات التالية التي يخاطب فيها الأخ المناضل والقائد الوطني / الراحل العزيز والفدائي أبو موسى رفيق دربه وكفاحه ورفيق الخندق في مدينة القدس المناضل الكبير بهجت أبو غربية ابن مدينة الخليل وابن مدينة القدس وابن فلسطين العروبة….
دليل على أهمية هذا الفارس العربي الفلسطيني ودوره في الدفاع عن تراب فلسطين في أصعب الظروف وأخطرها لكن الرجال يقررون كيف يدافعون عن الأرض والمقدسات بشجاعة قلّ نظيرها يقول أبو موسى في كلمة يرثي فيها المناضل أبو غربية: “ما أصعب على المرء أن يرثي مجاهداً بحجم شيخ المجاهدين الفلسطينيين المرحوم بهجت أبو غربية، فالكلمات مهما بلغ شأنها لن تفي هذا الفارس الشجاع، وهذا العلم الكبير من أعلام النضال الوطني والقومي حقه”.
لقد فقد الشعب الفلسطيني برحيله مناضلاً وطنياً فلسطينياً كحدّ السيف، أفنى عمره وحياته كلها في سبيل قضية فلسطين منذ مطلع شبابه، ولقد كان صادقاً في قوله أنه لم يكن له حياة خاصة خارج إطار القضية الفلسطينية بشكل خاص والقضية العربية بشكل عام، وهو يدون مذكراته في كتابه بعنوان (في خضم النضال العربي الفلسطيني)، والذي يؤرخ فيه لمرحلة نضالية منذ مولده عام 1916، في خان يونس وحتى عام 1949م. وفقدت الأمة العربية مناضلاً عروبياً لحد الانصهار، وهو المناضل في سبيل وحدتها وعزتها وكرامتها وحريتها، والذي لم يفقد البوصلة يوماً، مؤكداً على ترابط النضال الوطني الفلسطيني بنضال الأمة العربية جمعاء. لكن سيرة حياة هذا القائد الوطني الكبير أكبر من أن تتسع لها دفتا كتاب، فهو رفيق جيل من القادة العظام الذين سطروا بنضالهم وتضحياتهم ودمائهم صفحات مجد وعز وفخار في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، وهو رفيق عبد القادر الحسيني وسعيد العاص وعبد الرحيم الحج محمد وفوزي القطب وحسن سلامة، والشيخ القسام. إن أول ما رحلت إليه ذاكرتي لحظة أن وصلني نبأ نعيه الأليم هي تلك الأيام المجيدة التي شهدت معارك بطولية دفاعاً عن القدس التي عرفته أسوارها وحاراتها وبيوتها مناضلاً وقائداً في الميدان.
فقد عرفتك أيها الأخ المناضل الكبير وشاركتك في معارك الدفاع عن القدس منذ أن صدر قرار التقسيم عام 1947، فلقد كنت القيادي الشجاع في كل معارك القدس وإن أنسى ولن أنسى يوم التقينا على مثلث قرية بدّو وأنت قائد لمجموعة الجهاد المقدس وكنت أنا مقاتلاً مع مجموعة الوادية، متجهين لمعركة القسطل يوم 8/4/1948 التي ما إن انتهت حتى فقدنا قائدنا الشهيد عبد القادر الحسيني، وعندما تفرق الجمع، بقيت أنت صامداً على رأس مجموعة بإمرتك، وثابتاً أمام الهجمات المتكررة من العدو الصهيوني دون أن يصل إليك أي إمداد بشري أو تمويني. فرأيت فيك يا أخي المثل الأعلى بالشجاعة والرجولة، وتعلمت منك الصبر على المكاره والثبات في الشدائد. ومن موقع الشاهد والحاضر والمشارك في معركة الدفاع عن القدس وخاصة البلدة القديمة فإني أشهد على دورك الشجاع وأنت على رأس قاطع عسكري يبدأ من خارج سور القدس عند باب العمود لغاية حي الشيخ جراح ووادي الجوز.
وإنني أشهد أمام الله والتاريخ لولاك ولولا رجالك الأبطال من رجال الجهاد المقدس، وأنت تدافع عن حي المصرارة، وسعد وسعيد والشيخ جراح، ووادي الجوز، ولولا صمودك وصمود رجالك لما كان هناك، بعد حرب 1948، شيء اسمه القدس الشرقية ولربما سقطت أيضاً البلدة القديمة، فلله درك يا أبا سامي”.
هذا هو أبو موسى أحد أبطال معارك القدس وأحد الفرسان الأبطال الذين دافعوا عن المدينة وقاوموا العدو مقاومة شرسة… وظل أبو موسى على العهد وفيا لفلسطين ولأمته ولم ينس رفاق دربه وأحبته الذين ضحوا من أجل فلسطين كل فلسطين… سلام عليك أيها الفارس الشجاع وعهد من كل رفاق دربك أن يواصلوا المسيرة التي بدأت بها من أجل تحقيق حلمنا الكبير في التحرير والعودة وعودة فلسطين لأمتها العربية المجيدة.
إننا نستلهم من أبي موسى معاني الصمود والوفاء والمثابرة والصبر الطويل إيماناً بأن هذه القضية لا بد أن تنتصر مهما كانت الصعوبات والتضحيات ولهذا وثّق أبو موسى بالكلمة المقاتلة تاريخه وحياته التي تعني كل مناضل من أجل فلسطين كما في كتابه “فلسطين قضية حياتي” وسيظل هذا القائد في الذاكرة الفلسطينية والعربية وسيبقى أبو موسى قائداً ورفيقاً شامخاً وأبياً ظل واقفاً حتى اللحظة الأخيرة وفياً لوطنه وأمته وكل أحرار العالم… بانتظار اليوم التي ترفرف فيه رايات العودة إلى فلسطين التي أحبها وناضل من أجلها مع رفاق دربه الأوفياء.