من الصحافة الصهيونية: بقلم: جوني يروم – مترجم | من يمول حفر الأنفاق في غزة وكيف؟
العولمة المتسارعة تعتبر عنصرًا ذا وزن ثقيل في كثير من المجالات بالسنوات الأخيرة، ويعد مجال الأموال مجالًا بارزًا من بينها، المثال الأفضل لشرح ذلك هو قدرة أي انسان من أي منطقة ما على إرسال مبلغ من المال إلى انسان موجود على أرض أخرى عبر منظومة “تحويل الأموال” من خلال البريد السريع ورمز سري فقط، وعلى أغلب الظن تنقل إيران بطريقة مماثلة عشرات ملايين الدولارات الى حماس بهدف مساعدتها على حفر الأنفاق الإرهابية التي دمرتها إسرائيل أثناء عملية “الجرف الصامد” من جديد وفق منشور “إيران أيضًا تساعد” في تمويل تجديد مخزون صواريخ حماس.
أسلوب تحويل الأموال على أي حال غير مشهور؛ غير ان من يعمل في مجال الأموال يعرف ان هناك أكثر من طريقة للقيام بذلك، أهمية هذا الأسلوب في نقل الأموال هي أهمية مصيرية بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، إذ بدونها لا يمكنهم البقاء، توجد أساليب تحويل أموال من خلال منظومات بنكية (التحويل بين الحواسيب) ومن أبرزها منظومة SWIFT العالمية، كبديل تجري عمليات تحويل الأموال من خلال منظومات غير بنكوتية هي في الواقع أقل تطورًا من الناحية التقنية مثل Western Union، المنظومات غير البنكوتية لا تخضع للمعايير الدولية لتحويل الأموال التي تعني تسجيل المبالغ ومقاصتها وتوثيقها وتوفر المقدرة على تعقب التحويلات الممنوعة.
أحد أساليب تحويل الأموال، وهي رائجة في العالم الإسلامي، هو أسلوب “الحوالة” (التحويل بالعربية – الحولة بالنص البليغ)، هذه الشبكة أساسها الثقة والعلاقات الشخصية بين الكثير من السماسرة في جميع أنحاء العالم، وهو عبارة عن أمر بتحويل الأموال دون تحويله عينيًا، والسمسار الذي يقوم بذلك يسمى (Hawaladar) أي سمسار الحوالة، أسلوب أبسط لتحويل الأموال دون الحواسيب ودون توثيق، ويتنفذ بغمضة عين – كل شيء قائم على الثقة، تكلفة تحويل الأموال بهذه الطريقة أرخص من طريقة المنظومة البنكوتية؛ إذ انها فعلًا لا تستوجب تنفيذ تحويل أوراق نقدية أو فتح حساب في البنك، سماسرة الحوالة موجودون في كل مكان، ولا يتطلبون تقنية متطورة، ومن هنا فإنهم موجودون حتى في القرى المعزولة التي لا يوجد فيه بنية بنكية بالمرة؛ هذا الأسلوب ذائع السيط في أوساط أهداف يعملون في الكثير من الدول ويحولون الأموال الى عائلاتهم المقيمة في القرى النائية في دول العالم الثالث، الطابع الخاص لمنظومة الحوالة ليس فيها إعطاء فاتورة بتنفيذ العملية ولا توثيق، رغم انه ينفذ من خلالها تحويل أموال قانونية غير انها تعتبر ساحة واسعة لنشاطات غير قانونية.
الشبكة تستخدم وفق التقديرات في صفقات المخدرات وتبييض الأموال وللإرهاب وللتهريب المخالف للقانون والتحويل في الدولة وللتهرب من الضرائب وغيرها من الأمور، والشاهد في ذلك هو ان الحكومة الأمريكية تكرس اهتمامًا خاصًا ومركزًا ومنهجيًا لشبكة الحوالة منذ أحداث الـ 11 من سبتمبر، وأوحت الى بعض الدول بفرض قيود على نشاطات هذه الشبكة من خلال طلب ترخيص الدولة لكل عملية تحويل أموال كهذه، وفي الفترة الأخيرة فقط فرضت وزارة المالية الأمريكية عقوبات ضد طالبان وضد نشطاء شبكة حوالة العاملة في باكستان وأفغانستان.
إيران تستخدم هي أيضًا هذه الشبكة من زمن بعيد، وزارة المالية الأمريكية قدرت في يناير 2013 ان تحويلات الأموال غير الرسمية من خلال شبكة حوالة ساعدت الإيرانيين على تجاوز العقوبات الدولية المفروضة عليها؛ وذلك عبر استخدام غرف مقاصة خاصة وشركات تجارية في دول أخرى وباستخدام هوايا مزيفة، ومن خلال استخدام منظومة حوالة.
وفي تقرير وزارة الخارجية الأمريكية للعام 2014 في قضية محاربة المخدرات، والذي يتطرق من بين أمور كثيرة الى الضفة الغربية وقطاع غزة، قيل ان الاقتصاد الفلسطيني يرتكز ماليًا بشكل خاص على الأموال النقدية، ومع انعدام إمكانية تحوي الأموال النقدية بملايين الدولارات من إيران الى قطاع غزة بالحقائب فإن الطريقة الأفضل لتطبيق ذلك هي استخدام شبكة الحوالة، ومن غير المستبعد ان إيران وحماس يستخدمون هذه المنظومة لتحويل الأموال من أجل تمويل حفر الأنفاق.
وإجمالًا؛ فطريقة تضييق الطريق على شبكة حوالة من خلال تنفيذ اللوائح القانونية لا تقطع الطريق على ممولي الإرهاب، الحل الذي يستطيع الغرب ان يمليه على هذه الشبكة هو حل معقد، يستوجب إدماج عدد من العناصر:
أولًا: باستطاعة الدول الغربية ان تبادر بالتغيير من خلال التعاون مع المنظومة البنكوتية الدولية من أجل توسيع انتشار منظومة SWIFT وبناء منظومة على أساس تقني قانوني لشبكة عنكبوتية وفق قواعد “حوالة” ولكن بطريقة منتظمة وموثقة، وفي الحال وفورًا، ووفق القانون يجب منع استخدام أي طريقة أخرى لهذه الشبكة.
ثانيًا: توسيع انتشار SWIFT لتصبح منظومات نقل أموال غير رسمية، تمكن من توسيع أسس الحلول المقترحة لمختلف زبائنها من خلال توسيع المعايير الدولية، وكذلك السماح لكل البنوك في العالم لتوكن شريكة فاعلة حقيقية في الانترنت لتحويل أموال الزبائن الخاصين، عبر الاستناد الى الأسس القائمة اليوم على الحلول الخاصة بالموضوع.
ثالثًا: على وزارة الخارجية الأمريكية ان تعمل على دعم وتأسيس إقامة منظمة حوالة دولية، تعمل وفق قواعد المنظومة القائمة، ولكن وفق الأسس المقترحة؛ وبذلك إقامة منظومات قانونية وفق قواعد منظومات التحويل غير الرسمية.
مركز دراسات الأمن القومي
أطلس للدراسات / ترجمة خاصة