من المقاومة هي الردّ الوحيد على نتائج حرب حزيران – د. غازي حسين
مرّت الذكرى الخمسون على حرب حزيران العداونية عام 1967 التي اشتركت فيها الولايات المتحدة مع العدوالصهيوني . ولاتزال تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة داخل الأمم المتحدة وخارجها.
جاءت الحروب العدوانية التي شنَّتها اسرائيل بالاستراك والتَّعاون الكاملين مع الدول الاستعمارية لضرب التيارالوطني في سورية ومصر والعراق و ليبيا وبقية البلدان العربية , ولعرقلة التنمية والتطوروالوحدة العربية ,ولإضعاف حركات المقاومة وترويضها وتصفية قضية فلسطين .
جاءت حرب حزيران العدوانية بعد اتفاق الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على إشعالها وعلى أهدافها وتقديمها الدعم الأمريكي العسكري والاقتصادي والدبلوماسي للاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلّة والمساومة عليها لتصفية قضية فلسطين وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد .
أظهرت السنوات الماضية أنَّ الكيان الصهيوني استخدم القوَّة العسكرية لتحقيق الخرافات والأطماع التي رسَّخها كتبة التوراة والتلمود والمؤسِّسون الصهاينة في فلسطين وبقية البلدان العربية على حساب الشعب الفلسطيني ولحل المسئلة اليهوديه في اوروبا.
وظهرت “إسرائيل ” على حقيقتها ككيان استعماري استيطاني وإرهابي وعنصري يرفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم وضمّ الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة والقدس بشطريها المحتلين وأعلنتها عاصمتها الأبديّة , واعترف الكونغرس بضمها للكيان الصهيوني , مما جسَّد أخطرالانتهاكات الأمريكية الفظّة لمبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة , وقرارات مؤتمرات القمم العربية ومنظمة الدول الإسلامية , وتحدياً وحشياً لمشاعرالعرب (من مسلمين ومسيحيين) ومشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم .
كانت نكبة فلسطين عام 1948وحرب السويس العداونية عام 1956ونكسة حزيران عام 1967 خطة أمريكية – صهيونية للهيمنة على الوطن العربي واستنزاف ثرواته وتفتيت الدول العربية الكبيرة بإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية لجعل إسرائيل القائد والمركزللمنطقة.
بدأت الاستجابة للأهداف السياسية لحرب حزيران وانحراف بعض الزعماء العرب واستسلامهم للمخططات والمصالح الأمريكية والإسرائيلية بتوقيع اتفاقات الإذعان من كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة .وبدأت مرحلة الخنوع لإدارة واشنطن وتل أبيب وشرعنة حكم الخونة العملاء والمتصهينين والفاشلين من آل سعود وآل ثاني ونهيان وغيرهم . وبدأت محاولات استئصال الوجود القومي والإنساني للأمة العربية , وإلغاء دورها الطبيعي في الوطن العربي , وإشغال البلدان العربية في فتن طائفية وحروب أهلية لنهب ثروات الأمة , وإلغاء دورها في العصرالحديث وفرض الهيمنتين الأمريكية والصهيونية عليها .
وتنازل أمراء وملوك الخليج وجامعة الدول العربية عن الحقوق الوطنية الثابتة غيرالقابلة للتصرف للشعب الفلسطيني , وفي مقدمتها عروبة فلسطين وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم وتبادل الأراضي لبقاء القدس بشطريها المحتلين عاصمةً للكيان الصهيوني وضم أكثرمن 85% من المستعمرات في الضفة الغربية لإقامة أكبرغيتو يهودي عنصري وإرهابي في قلب البلدان العربية والإسلامية .
إنَّ “إسرائيل “كيان استعماري استيطاني وعنصري وإرهابي , غريب على المنطقة دخيل عليها وجاء من وراء البحار لخدمة مصالح الإمبريالية والصهيونية العالمية ومعاد لحقوق ومصالح شعوب المنطقة العربية الإسلامية وبقية شعوب العالم .
وقام باستغلال معزوفتي اللاسامية والمحرقة النازية باستخدام القوة العسكرية, وبدعم وتأييد كاملين من الدول الاستعمارية وبعض الأمراء والملوك العرب ,وإشعال الحروب العدوانية , وارتكاب المجازرالجماعية , وتهجيراليهود إلى فلسطين ,وترحيل العرب منها , وذلك لإقامة دولة يهودية استعمارية وعنصرية في قلب الوطن العربي .
يحرِّم القانون الدولي وميثاق الأمم وبقية العهود والمواثيق الدولية استخدام القوة في العلاقات الدولية باستثناء حالتي الدفاع المشروع عن النفس ومقاومة الاحتلال .
شجعت الولايات المتحدة العدوالإسرائيلي على التمسُّك باحتلال الأراضي العربية , والاستمرارفي تهويدها ,وبناء المستعمرات فيها , وممارسة الإرهاب والاعتداءات على العواصم العربية بدءاً من بيروت حتى تونس والخرطوم.
وتعطيها أحدث أنواع الأسلحة والتكنولوجية العسكرية , وتتبنَّى مخططاتها وتسوقها لبعض الأمراء والرؤساء والملوك وبعض القيادات الفلسطينية .
ووضعت الإدارات الأمريكية ” إسرائيل ” الإرهابية والعنصرية فوق القانون الدولي والعهود والمواثيق والقرارات الدولية , حيث حملت الأمم المتحدة عام 1991على إلغاء قرارها رقم 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية .
إنَّ استيلاء “إسرائيل ” في حرب حزيران العدوانية على كل فلسطين والجولان ومزارع شبعا , وإقامة المستعمرات اليهودية فيها , انتهاك جسيم لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات المنظمة الدولية , وشكَّل ويشكِّل عقبة كأداء في تحقيق السلام العادل والشامل , والتنمية , والتطور, والازدهارفي المنطقة.
فالحروب العداونية هي أكبرالجرائم في القانون الدولي المعاصروينصُّ على معاقبة مرتكبيها وملاحقتهم وتقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية كمجرمي حرب وإلزامهم بدفع التعويضات عن الخسائروالأضرارالتي ألحقتها ” إسرائيل” المعتدية بفلسطين والأردن وسورية ومصرولبنان .
رأى قادة العدوالصهيوني ومنهم بيغن وشارون ونتنياهو أنَّ حرب حزيران العداونية قد حققت لليهود الاستعمارالاستيطاني الذي رسَّخه كتبة التوراة والتلمود والمؤسسون الصهاينة .
في حقيقة الأمرجلبت حروب ” إسرائيل” العداونية والاحتلال الإسرائيلي لكل فلسطين والجولان وبقية الأراضي العربية المحتلة كارثة عظمى لـ” إسرائيل” والصهيونية العالمية , لأنَّها أقنعت العرب والمسلمين ونخب فكرية وسياسية عديدة في العالم استحالة التعايش مع الكيان الصهيوني ككيان استعماري استيطاني وعنصري وإرهابي . وتالياً حملت حروب ” إسرائيل العدانية ومنها حرب حزيران في طياتها بذورزوالها من الوطن العربي .
يقول قادة العدوالصهيوني: إنَّ حرب 1948منحت ” إسرائيل ” شرعية دولية وأزالت حدود التقسيم وقضت على إقامة الدول الفلسطينية بموجب قرار التقسيم181, ويقولون: إنَّ العالم اعترف باحتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1948ويرفض الاعتراف باحتلالها عام 1967 لذلك طرحت فكرة تبادل الأراضي وشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي وافقت عليها جامعة الدول العربية في مبادرة السلام العربية وفي بيان حمد بن جاسم في واشنطن في نيسان 2013 باسم لجنة المتابعة للجامعة العربية .
ويعتقدون أيضاً أنَّ العديد من الدول العربية قد غيَّرت مواقفها من الصراع معها حيث انحصرت مصالح هذه الدول في إعادة الأراضي التي احتلتها “إسرائيل” في حرب حزيران العداونية .
وأدّى التغيّرفي مواقف هذه الدول إلى التوقيع على اتفاقات الإذعان في كامب ديفيد ووادي عربة . وبالفعل قايض السادات عودة سيناء منقوصة السيادة في الاعتراف بالعدو وتطبيع معه وعلى حساب القدس وفلسطين والجولان وجنوب لبنان.
وأعلن قادة العدومراراً وتكراراً أنَّ نتائج حرب حزيران قد غيَّرت المواجهة العسكرية والسياسية والاقتصادية مع العرب , فلم تعد االمواجهة بين إسرائيل والدول العربية بل بينها وبين الفلسطينيين .
أدى اشتراك الولايات المتحدة مع العدو الصهيوني في حرب حزيران العداونية عام 1967 ودفاعها عن الاحتلال الإسرائيلي وتبنّي مخططاتها لتهويد القدس وتصفية قضية فلسطين إلى كسر إرادات ملوك وأمراء الخليج وبعض الرؤساء العرب وإلى توطيد التحالف بين الإمبريالية – والصهيونية – والرجعية – العربية لتصفية قضية فلسطين وحركة التحررالوطني العربية وإنجاح المشروع الصهيوني في الوطن العربي وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.
لقد أثبت التاريخ البشري أنَّ ماأخذ بالقوّة لايسترد إلاّ بالقوّة, وأنَّ العدو الصهيوني لا يفهم إلالغة القوة , لذلك يبقى خيارالمقاومة المسلحة هو الرد والأسلوب العملي الوطني والقومي والديني والإنساني لاجتثاث كيان الاستعمار الاستيطاني العنصري والإرهابي فلسطين العربية