من جنين إلى مستوطنة أرئيل المقاومة مستمرة في فلسطين
نضال حمد
ها هو استشهادي فلسطيني جديد يقتحم مستوطنة أرئيل بتقنية عالية وبروح قتالية أعلى,، يصل إلى محطة الوقود فيها ليلاقي جنود الإرهاب العائدين من عطلة السبت، إلى قواعدهم ومعسكر اتهم وأماكن خدمتهم الدموية في المناطق الفلسطينية المحتلة والمستباحة. كما هو الحال في نابلس وجنين وفي كل مناطق فلسطين. يقف أمامهم وجها لوجه، ناظرا في عيونهم ومتذكرا مجازرهم التي تقشعر لها الأبدان، وما اقترفت أيديهم وأسلحتهم من جرائم وأفعال شنيعة بحق أبناء الشعب الفلسطيني. لم يفكر سوى بإيقاع أكبر الخسائر بينهم وبتلقينهم درسا جديدا من دروس المقاومة الفلسطينية المستمرة في فلسطين المحتلة.
عندما اقترب منهم أكثر شك به بعض الجنود ففجر نفسه بهم ومعهم ليستشهد هو ولكن بعد أن يميت ويجرح بشظايا جسده المقنبل القتلة الصهاينة. ليؤكد بالدم القاني وبالعهد الأبي وبالوفاء للشهداء على ضرورة تفعيل نهج المقاومة واستمراره حتى زوال الاحتلال من كل فلسطين. وليرسم بدمه الأحمر الخطوط الشعبية الفلسطينية العريضة للثوابت الفلسطينية… هذه الخطوط التي لا ترضى يمن هم على النقيض من الموقف الشعبي الفلسطيني، الموقف الذي ينادي بالمقاومة ويطالب بتفعيل الانتفاضة من أجل الحرية الفلسطينية المسلوبة والاستقلال الفلسطيني وزوال الاحتلال. ومن أجل تنظيف البيت الفلسطيني من وكلاء أمريكا والعاملين بخدمتها ولخدمة مشاريعها التصفوية، والتي على رأس أولوياتها تدمير ووقف الانتفاضة والمقاومة أولا ، ومن ثم إسقاط حق العودة الذي تريد كل من أمريكا و(إسرائيل) تصفيته بما يتناسب والمصلحة الصهيونية. لذا نرى تهافت بعض المسؤولين الفلسطينيين على إرسال الرسائل الإعلامية و إطلاق بالونات الاختبار لتعميم مسألة التخلي عن حق العودة، والتنازل عنها مقابل رضا الاحتلال وبعض التسهيلات والتقييمات التي تأتي بالمديح للفلسطينيين الذين يؤدون أدوارهم كما يريد الصهاينة. ومن أجل تعزيز مكانتهم المبتذلة ودورهم الذيلي عند سلطات الاحتلال… ومن هؤلاء الأذناب هناك من يُعتبرون قادة في منظمة التحرير الفلسطينية، والمنظمة منهم براء ولا تعترف بهم، لأنهم سُميوا وسُلموا مناصب في المنظمة بقرارات فردية خاطئة لم تراع في عملية التنصيب والتعيين سوى أهدافها الذاتية، التفاوضية، التنازلية، ومصلحتها التي لا تتلاقى دائما مع الأهداف الوطنية العامة. كما أنها أثبتت في الفترة الماضية بؤسها وعدم منفعتها وسوء اختياراتها… كما أنها افتقدت القدرة على ضبطهم والسيطرة على تصريحاتهم، اللهم إلا إذا كانت كل تلك الأعمال هي تبادل أدوار ومسرحيات سوداء بينها وبينهم، وتعتبر عملا رجسا من أعمال الشيطان.
هذا هو رد شعبنا الفلسطيني وفصائله الحية على مجازر الاحتلال واجرامه اليومي المستمر بلا انقطاع في حق المدن والقرى والبلديات والمخيمات الفلسطينية المحتلة والمحاصرة. المناطق التي تخضع لأكبر عمليات التفتيش والإذلال والمهانة اليومية، تلك المعاملة التي لا تتحملها طاقات البشر ولا تقبل بها عقول وضمائر الناس الأحرار.
وبما أن (إسرائيل) الصهيونية العنصرية التي تتلقى من نظام الاستعلاء الأمريكي كل أشكال الدعم والعون والمساندة، من المبادرات السياسية التي يسمونها سلمية وهي بالأصل مبادرات صهيونية، تكون وضعت من قبل خبراء (إسرائيليين) وأمثالهم من الأمريكان المتصهينين، في تل أبيب وواشنطم، ثم تعطى للإدارة الأمريكية التي تتبناها كما هي وتقوم بتقديمها للأطراف في المنطقة على أساس أنها مبادرة أمريكية للسلام. كما كان الحال مع مبادرة كلينتون وغيرها من المبادرات الأمريكية السابقة واللاحقة. وما خارطة الطرق الأمريكية إلا جزء من تلك المؤامرات المستمرة والتي بالأساس لها هدف واحد وهو إسقاط كل الأوراق الفلسطينية المؤثرة والفاعلة. وأهمها ورقة المقاومة والانتفاضة وحق العودة الشرعي والمقدس والقانوني.
كما أن للعملية وتوقيتها أهدافا داخلية فلسطينية واضحة وذات دلالة لا تحتمل التأويل. فالعملية جاءت والرئيس ياسر عرفات يحاول نيل الثقة بحكومته التي سوف تطرح تشكيلتها الجديدة على المجلس التشريعي خلال الساعات أو الأيام القليلة القادمة.
كما أنها جاءت لتؤكد أن كتائب شهداء الأقصى وهي الذراع العسكرية القوية لحركة فتح والتي تعبر عن موقف جناح الانتفاضة والمقاومة داخل الأطر الفتحاوية، التي بدورها تشهد جدلا وخلافات هامة في الرأي والموقف من المقاومة والانتفاضة، ومن الفساد وتشكيل الحكومة الجديدة وطبيعتها وبرنامج عملها… وكذلك من المشاريع السياسية التي تطرح من هنا وهناك بين الفينة والأخرى.
الرد الحقيقي على ما يدور تحت الأرض وفي السراديب والدهاليز هنا وهناك جاء به البطل الاستشهادي محمد شقير فوق الأرض المحتلة، وعلى التراب المغتصب، وبين الجند من الإرهابيين الصهاينة الذين يعيثون في بلادنا خرابا وظلما وفسادا.
استطاع المجاهد محمد شقير أن يتخطى حواجز الاحتلال وكافة العوائق البشرية والإلكترونية والطبيعية ليؤكد من جديد للاحتلال ولبعض المهزومين من أشباه القادة من الفلسطينيين، بأن خيار المقاومة هو خيار شعبنا وقدره في هذه المعركة الصعبة. وأنه لا سلام مع من يقتل الأطفال والنساء ويغتال الحلم الفلسطيني في مهده، ويحاول قبر القضية الوطنية الفلسطينية علنا وبكل وقاحة، فالسلام ليس الاستسلام إنما نيل الحقوق كاملة وبلا تفريط.
ان خيار المقاومة المدعوم بالموقف الفلسطيني الملتزم بالإجماع الوطني، العقلاني بحق إن في كلامه أو في أعماله، هو الطريق الوحيد الواضح المعالم هذه الأيام. أما ما عداه من طرق فكلها طرق أمريكية و(إسرائيلية) مليئة بالحفر والعوائق والمطبات. وعلى المترددين من مهندسي أوسلو وكل من يعمل في ورشتهم الاستسلامية الاستفادة من هذا الزخم الجهادي العظيم والكبير الذي تنعم به فلسطين وقضيتها العادلة… وأيضا من روح الاستشهاد والجهاد التي أصبحت الشعار والمنهج ووسيلة العمل المقاوم الأولى في وطننا المحتل، وفي مواجهة غطرسة الاحتلال، وهيمنة أمريكا على العالم بما فيه بلاد العرب وحكوماتها الكسيحة التي لا تتحرك عرباتها إلا بجهاز التسيّير الإلكتروني الأمريكي.
من جنين إلى مستوطنة أرئيل
المقاومة مستمرة في فلسطين..
نضال حمد
2002 / 10 / 29