من شو بتعرج يا أخ؟! – بقلم رشاد ابوشاور
من مقالة بعنوان ” محمود العربي … ليس سهلاً أن تكون فلسطينياً” للأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبوشاور
(يهاجر) الفلسطيني مضطرّا إلى أمكنة قصيّة هرباً من الاضطهاد الرسمي العربي، يحمل جواز سفر ذلك البلد غير العربي، فيمضّه الحنين لأهله في المخيّم، أي مخيّم في بلد عربي، يعود مؤمّلاً أن يترك وشأنه، أن يفسح له ليلتقي بأمّه التي دفنت شهيدين وفارقها الابن المتبقّي، والذي ربّما يكون جريحا كنضال حمد مثلاً، ويحمل الجنسيّة النرويجيّة، ولكن.. ولكنه يجابه بسؤال يشهره في وجهه حارس صارم يقف على الحدود، كأنما درّب على شّم (رائحة) الفلسطيني من بين مخلوقات الله:
– الأخ عربي؟!
– آ.. عربي!
– لماذا تحمل جواز سفر نرويجيّا؟!
– لأنني لا أملك جوازي الخّاص بي و.. بلدي يا أخا العرب كما تعلم محتل بكامله!
– يعني فلسطيني الأصل!
– الأصل والفصل، الدم، والعواطف، والعقل، والأحزان، والذكريات، والحّب، والحقد، والغضب، والتشبث بحّق العودة والـ..
هههههم. .. سنحتفظ بجواز سفرك، و.. ستسأل بعض الأسئلة من قبل الأخوة عندما تراجعهم، و.. من بعد أهلاً بك في بلدك!.
– ولكنني لم آت للرد على أسئلة، بل للالتقاء بأهلي، وأقاربي القادمين من فلسطين الـ48، ومن بعد سأتوجّه إلى بيروت لزيارة ضريح ساقي التي بترت في بيروت عام 82 حبّا بفلسطين، وبيروت، ووطني العربي الكبير يا أخا العرب..
– مع السلامة يا أخا العرب، عد من حيث جئت، غير مسموح لك بالدخول..
يتوكأ نضال حمد علي عكّازه، فيقترب منه من يسأله، كأنما لا يكفي (أنهم) حرموه من شّم ريحة الوطن، والأهل القادمين من فلسطين الـ48:
– من شو بتعرج يا أخ؟!
( بيروت 1982 – مستشفى الجامعة الأمريكية – نضال حمد )
(لاحظوا تعبير الأخ!.. الذي لا يعني الأخوّة، وإنما الريبة والوعيد).
– فقدت ساقي في حادث، حادث وقع عام 82 في لبنان، عندما حاصرت قوّات العدو الصهيوني بيروت و..ذبحت أهلنا في صبرا وشاتيلا. هل سمعت بصبرا وشاتيلا يا أخا العرب؟! لقد دفنت ساقي في ثرى بيروت، بدون احتفال رسمي، دسستها في حفرة قرب مقبرة الشهداء، و… البولونيون ركّبوا لي طرفا صناعيّا، واعتنوا بجراحي، والنرويج جنّسوني وفي بلدهم صرت كاتبا وصحافيّا و.. شخصيّةً معروفة، تصوّر يا أخا العرب، مع إنني لا أنتمي لتلك البلاد، ولم أخدم أهدافها القوميّة يوما!