من فرح لسقوط ترامب؟ – محمد سيف الدولة
لم أكره احدا فى حياتى، مثل الامبريالية الامريكية والصهيونية و(اسرائيل) بكل انظمتهم وشركاتهم وحكامهم واحزابهم وقياداتهم وزعمائهم، لا افرق بينهم ولا استثنى احدا منهم. ولكنى أعترف ان كراهيتى لدونالد ترامب فاقت كل الحدود، منذ ارتكب جريمته المجنونة الشنعاء بوهب الصهاينة الحق فى ضم الجولان والضفة الغربية ونقل السفارة الامريكية الى القدس، واصداره الأوامر لمحمياته الامريكية فى الامارات والبحرين بالاعتراف (باسرائيل) والتطبيع معها.
***
الفرحون برحيل ترامب:
من هول ما شاهدناه من حمق وعنصرية ووقاحة، على ايدى ترامب فى الاربع سنوات الماضية، فاننا كنا نظنه حالة شديد الندرة والشذوذ حتى بالنسبة للمجتمع الامريكى، وإذا بنا نصدم بانه قد حصد 70 مليون صوتا.
ولكنى رغم ذلك اظن ان غالبية شعوب العالم تشاركنى هذا الشعور؛ بدءا بالفلسطينيين وكل الشعوب العربية والاسلامية التى تعشق فلسطين وتعادى (اسرائيل)، والايرانيين الذين قام بحصارهم وفرض العقوبات عليهم والغاء الاتفاق النووى معهم. والصينيين الذين شن عليهم حربه التجارية، واليابانيين والكوريين الجنوبيين الذين طلب منهم دفع اتاوة وفواتير مقابل حمايته لهم.
بالإضافة الى دول امريكا اللاتينية وعلى راسها المكسيك بسبب بنائه السور على حدودهما المشتركة، وحزمة القيود التى فرضها ترامب على دخولهم وسفرهم للولايات المتحدة. وكندا أيضا بسبب تهديداته وتصريحاته المتعالية والمتنمرة ضدها. حتى حلفاء امريكا من دول الاتحاد الاوروبى وحلف الناتو لم ينجوا من التسلط ولى الذراع الترامبى.
أضف الى هؤلاء بطبيعة الحال، كل أحرار العالم الذين طالموا كرهوا الهيمنة الامريكية على مر العصور ولكنهم شعروا بصدمة واهانة بالغة مضاعفة أمام الجرعات المكثفة من العنصرية المتطرفة البيضاء لهذا الكائن المسمى “ترامب”.
ربما يكون العالم كله الذي يبلغ تعداده ٧ مليار نسمة، يتنفس الصعداء اليوم ويحتفل باختفاء ترامب من المشهد العالمى، فيما عدا عدد محدود من حكام المحميات الامريكية والانظمة التابعة التى ربطت وجودها به، على راسها (اسرائيل) وبعض الحكام العرب.
***
مأزق الحكام العرب وذل التبعية:
لقد بادر قادة كندا والمانيا وفرنسا وبريطانيا وعديد من دول العالم بالاعتراف فورا “بجو بايدن” رئيسا امريكيا جديدا ومنتخبا، وقاموا بتهنئته وبالتطلع للعمل معه. فمن سيكون اول حاكم عربى سيهنئه ومن سيكون آخرهم؟
لا شك أن عددا لا بأس به من الولاة العرب الذين يحكمون ما يسمى بالمحميات الامريكية فى منطقتنا يمرون اليوم بلحظات عصيبة، فى انتظار مصائرهم التى سيحددها السلطان الامريكى الجديد.
واظن انهم بين نارين؛ الخوف من اغضاب ترامب فيما لو كسب المعركة القضائية وظل هو الرئيس، والخوف من غضب بايدن فيما لو أصبح بالفعل هو الرئيس الجديد.
***
خيال علمى:
أما عن المواطن العربى، فاننى أشفق عليه كثيرا، لأنه حين يتابع الانتخابات فى بلاد” العدو الامريكى” وكيف تدور المنافسة فى اجواء من المساواة التامة، وكيف تتم عمليات فرز الاصوات تحت رقابة صارمة بنزاهة ودقة متناهية وبدون تزوير، وكيف يمكن ان يخسر رؤساء حاليون الانتخابات الرئاسية ليخلوا مقاعدهم لصالح رؤساء جدد، فى تداول سلس وسلمى ومتكرر للسلطة، فان هذا المواطن الكريم قد يشعر وكأنه يشاهد فيلما من أفلام الخيال العلمى.
***
اهم انتخابات فى العالم:
لو تم ربط حق التصويت فى اى انتخابات، بتاثير نتائجها على حياة الشعوب، لكان لنا ولكل شعوب العالم الثالث الاولوية فى حق التصويت فى الانتخابات الامريكية، ربما قبل الانتخابات فى بلادنا ان وجدت.
انها حقيقة قاسية يجب الاعتراف بها فى ظل الاختلال الهائل فى موازين القوى الدولية، وفى ظل الهيمنة الامريكية العالمية ويدها الطولى فى كل مكان، وفى ظل التبعية التى تغرق فيها معظم بلادنا مع الغياب شبه الكامل من ناحية اخرى لاى حياة ديمقراطية او اى دور للشعوب فى اختيار حكامها او برلماناتها او اى مشاركة فى صناعة القرارات وسن التشريعات وتقرير المصائر.
حقيقة قاسية، يجب الاعتراف بها، كما يتحتم النضال بكل السبل للتصدى لها والتحرر منها.
*****
القاهرة 8 نوفمبر 2020