من يصدق وعود بايدن؟ ! – رشاد أبوشاور
يوجد فلسطينيون صدقوا وعود رؤساء أميركا التي تكشّفت عن تحايل وتضليل وجرجرة في سلسلة مفاوضات امتدت بلا نهاية منذ 13 أيلول 1993..وحتى ضربة فجر 7 تشرين أوّل المزلزلة التي سقطت على رأس الاحتلال المسترخي بفضل الذي يمنحون الوقت الممتد لقادة الكيان الصهيوني للاستحواذ على المزيد من أرض الفلسطينيين، والمزيد من المستوطنات التي ازدهرت في حقبة سلام الشجعان..بالرعاية الأمريكيّة!.
عرف الفلسطينيون أكثر بكثير مما عرف (قادة) فاوضوا نيابة عنهم وباسمهم، أن رؤساء أميركا: كلينتون، بوش الإبن، بارك حسين أوباما، ترامب..جميعهم كذبوا وخدعوا، وتميّز بايدن الذي حضر مرتجفا بعد ساعات من زلزال طوفان الأقصى، واحتضن نتنياهو وبقية قادة الكيان وربت على ظهورهم مطمئنا، معلنا أنه معهم بالسلاح والمال..والأكاذيب الإعلامية الفاجرة: قطع رؤوس الأطفال، الإغتصاب، وهو يرسم على تقاطيع وجهه العجوز ملامح ميلودرامية إمعانا في إبداء سمات التأثّر مّما فعلته المقاومة الفلسطينية فجر يوم 7 تشرين!..أي قبل وصول طائرته الرئاسية بساعات!.
بالنسبة لعرب فلسطين كان ذلك الفجر، فجر يوم 7 تشرين أوّل، هو فجر جديد للخلاص من سنوات مرّت ثقيلة على شعب فلسطين وقضيته بتضليله وخداعه والتلاعب بقيادة أدمنت الرهان على شفقة أميركا ومنحها شيئا ما..أي شئ فيه ولو قليل من الإنصاف، ولكن امتد انتظار وتلهّف قيادة لم تعد تملك شيئا تفعله، ولم يخطر ببالها أن تنتفض رافضة مسلسل الأكاذيب الأمريكية ووعودها الخلبيّة، بل غضبت وزمجرت على كل من يفعل شيئا يستفّز الاحتلال ومستوطنيه وممارساته البشعة النهّابة للأرض والمياه والاقتصاد الفلسطيني المستتبع!.
حسب أعداء شعب فلسطين أن حدث ذلك اليوم، يوم الطوفان الفلسطيني 7تشرين أوّل سيكون عابرا، ولذا لا بد من التخلص من تأثيره بعملية عسكرية كبرى تعيد الهيبة لجيش الاحتلال التي اهتزّت، وتثبّت أقدام الاحتلال الخانق لقطاع غزة، والممعن في تمزيق الضفة الفلسطينيّة بحيث تزداد يأساً وتتلاشى قدراتها فتعجز عن المقاومة نهائيا، وبهذا يرسم الاحتلال آفاق الحل الذي يريده لشعب فلسطين في المعازل، والذي سيكون خياره الوحيد خدمة الاحتلال، والاستهلاك لبضائع الاحتلال، أي شعب غير منتج، ينفق المال الذي يتقاضاه عن عمله في خدمة الاحتلال، وثمنا لغربته في وطنه، والرضى بما يقدره الاحتلال الدائم له ولوطنه!.
انهمك بايدن و( إدارته) في وصف مقاومة شعب فلسطين التي أذهلته بأنها عدوان وقع فجر ذلك اليوم، أي أنها ليست امتدادا لمقاومة شعب فلسطين منذ الاحتلال البريطاني بحجة الانتداب في عام 1918، وافتضاح أمر مشروعه المتبني للصهيونية التي رعاها ومنحها كل أسباب القوّة العسكرية والاقتصادية على حساب الفلسطينيين الذين هبّوا في ثورات متلاحقة واشتبكوا مع جيش الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية..في مقاومة عريقة التي لم تستسلم رغم كل ما مرّ به الشعب الفلسطيني منذ مأساة احتلال أغلب أرض فلسطين، وإعلان (دولة) الكيان الصهيوني عام 1948، وتمزيق فلسطين أرضا وشعبا.
يعرف بايدن أن (قيادات) فلسطينية وقعت على اتفاق أوسلو في حدائق البيت الأبيض، وأن خداع الإدارات المتلاحقة والرؤساء الذين سبقوه، وعملوا جميعا على تضليل تلك القيادة على امتداد 31 سنة..تم فيها تغييب القضية الفلسطينيّة، وضُيّع شعب فلسطين وتوّه وغابت قضيتة، واستشرى التطبيع فأنظمة النفط تزاحمت على التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأدارت الظهور للقضية الفلسطينية وحقوق عرب فلسطين، وتمّ بيع قضية فلسطين بما تمثله لحاضر ومستقبل الأمة، وباتت كل دويلة تبحث عن رضى أميركا عبر رضى الكيان الصهيوني، والحرص على حماية الكيان الصهيوني و( جيشه) الذي لا يقهر لها!.
بايدن، الذي صُعق وهو يرى هذا الشعب العربي الفلسطيني يصمد أمام هجمات جيش الاحتلال الوحشية، وبعد سلسلة من التصريحات المعادية للمقاومة، والتنكّر لها، والتعامل معها وكأنها بدأت فجر 7 تشرين أوّل، وأنها إرهاب تقوم به حماس، انتقل للحديث عن حّل الدولتين بالتفاوض، وهو يضلل ويكذب على شعب فلسطين، ولا يصف مقاومته سوى بأنها( إرهاب) حماس..متناسيا أن صفقة سلام تضليلية عُقدت في كنف البيت الأبيض بالرعاية الأمريكيّة، وأن الخداع الأمريكي لسلسلة رؤساء أمريكيين وإداراتهم امتدت لثلاثة عقود، اضمحلّت فيها قضية فلسطين وأرض الفلسطينيين، وغيّبت قضيتهم، فماذا بقي لهم، وما العمل، وكل ما يحيط بهم محبط وباعث على اليأس؟!.
رئيس أميركا الذي وصف نفسه، وهو وصف صحيح، عند وصوله إلى مطار الكيان الصهيوني: أنا صهيوني.. وهذه هي هويته الفكريّة والأخلاقية والدينيّة!..ولهذا ازداد ضّخ الأسلحة التدميريّة لذبح الشعب الفلسطيني، وانفلت جنون الكيان الصهيوني المدعوم كليّا أمريكيّا بشكل دائم، ويزداد دعمه في زمن بايدن الصهيوني الذي راهن على سحق مقاومة الشعب الفلسطيني، وأسهم في تشويه تلك المقاومة بتصريحاته غير اللائقة والكاذبة بشكل سافر، وألحق بها أقبح صفات القتل والاغتصاب..وكل ما قاله وفعله مبرر له كصهيوني، وكرئيس لأمريكا التي تخشى على زعزعة حضورها وقواعد احتلالها في ( الشرق الأوسط) الذي يعوم على النفط والغاز، ويتمتع بموقع متميّز استراتيجيا منذ الحرب الباردة..وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، و..في زمن نهوض روسيا وامتلاكها القدرة على استعادة سيادتها التي ضيّعها يلتسين ومن سلّموا مقدرات روسيا للغرب بقيادة أمريكا!.
بايدن يعد بحل الدولتين عن طريق التفاوض، وهو كاذب كأسلافه، وأكثر كذبا منهم لأنه يرمي إلى إشعال وتأجيج الخلافات بين الفلسطينيين، بين من أدمنوا الركون إلى وعود قادة أميركا..ومن انتظروا فتردّى الحال الفلسطيني إلى حالة من التجاهل التام والتناسي، واستفحل الإستيطان والخراب..فماذا بقي للفلسطينيين، لشعب يواصل ثوراته المتلاحقة والتي تهّب في حين يتوقع الأعداء أنها انطفأت تماما؟!.
هل غاب عن وعي الشعب الفلسطيني أن صفقة عقدت بين شارون وبوش الإبن تمّ بموجبها اغتيال رئيس الشعب الفلسطيني ياسر عرفات بدس السم له؟!
هل كانت حماس هي التي تقود الشعب الفلسطيني آنذاك، أم هي (فتح) التي وقع قادتها في البيت الأبيض على الاتفاق ( التاريخي) الملئ بالتضليل، والوعود التي لا تمنح شيئا جديّا للشعب الفلسطيني، فكّل شئ معلّق، وأرض الضفة مقسمة بين أ وب وج..وعليها الوعد بدولة..في حين أن ج منها تمتد على 60% من مساحة الضفة..وهي التي يتواصل قضمها قطعة قطعة؟!.
كنّا كفلسطينيين في حالة تيه وانتظار وغضب يتأجج في الصدور ونحن نرى تمدد الاستيطان الذي لا يوقفه ( الوسيط الأمريكي) النزيه!..ويا للنزاهة الأمريكية التي منح رئيسها ترامب القدس بكاملها للكيان الصهيوني باستهتار وبجرّة قلم!.
من خططوا، وأعدوا، وصبروا سنوات ليوم 7تشرين أوّل وما بعده، شكّلوا مفاجأة للصديق قبل العدو، وأفقدوا العدو، وهو في هذه الحالة الكيان الصهيوني وإدارة أمريكا بقيادة بايدن اتزانهما..وبدأت الحرب على قطاع غزة..ولكنها امتدت إلى جنوب لبنان واليمن على غير ما توقع الأعداء وقوى التآمر والتواطؤ، وحتى اللحظة لم تنقذ شحنات الأسلحة التدميرية هيبة الكيان الذي (تبهدل) جيشه الذي هزم وتكشف عن أنه اعتاد على تحقيق انتصارات على جيوش لم تُعّد بما يناسب خوضها لحروب تحمي حقوق أمة، وتستعيد فلسطين التي ضُيّعت في معارك خيضت لأهداف قاصرة تنسجم مع طموحات محليّة محدودة تتسامح مع جشع العدو وطموحاته ورضى داعميه…
أقل ما يقال بعد كل تجارب شعبنا، وبطولات شعبنا وتحمله وصبره على حرب الإبادة: أمريكا هل العدو، وحاليّا رئيسها بايدن الصهيوني..أو غيره، لن يكونوا إلاّ أعداء لشعبنا وأمتنا، ونحن خبرنا أكاذيبهم التضليلية التي تغطي سياساتهم الممتهنة لحقوقنا..ولذا لن تقبل هذه القيادات المقاومة التي جاءت لتتجاوز عقود الأكاذيب، والتي لن تسلّم مصير شعبنا من جديد، ولن تسمح بزرع الفتنة في صفوف شعبنا بين من يواصل المقاومة و..من يصغي لأكاذيب حكّام أميركا..ومهما نزف دم شعبنا وهدّمت بيوته على رؤوسه، وقصف بالمزيد من الأسلحة الأمريكية التدميرية..فلا بد من مواصلة هذه الحرب التي ستُفقد الكيان الصهيوني كل عوامل تفوّقه، من دعم أمريكي مطلق، وأسلحة أمريكية تتدفق بلا حدود، وأموال بالمليارات…
شعبنا قبل أسابيع رأى اليد الأمريكية ترتفع بالفيتو رافضة منح الفلسطينيين دولة رغم تصويت 143 دولة لصالحه..يعني فلسطين وشعبها وكل من يقاوم معها في مواجهة أميركا!.
هذه هي أميركا، وهي تقول: تعالوا للتفاوض مع الكيان الصهيوني و..بالرعاية الأمريكيّة، تماما كما حدث يوم 13 أيلول 1993..ثُمّ استسلموا!.
أمريكا هي العدو، وهي والكيان الصهيوني مشروع واحد..عدو لشعبنا، عدو لأمتنا، عدو للبشرية التي تقف مع شعبنا وقضيتنا، وتتدفق في الشوارع كما لم يحدث في أي زمن…
إنها قيامة فلسطين القضية الجامعة لملايين البشر في وجه أمريكا والكيان الصهيوني التابع لها..وطوفان الأقصى لم ينفجر للاستسلام..ولكنه انفجر ليتوّج بنور فجر فلسطين بالمقاومة لا بالتفاوض.