“ميثاق لم الشمل” ومسلسل التصالح التكاذبي! – عبد اللطيف مهنا
نبدأ فنحيي بلد المليون ونصف شهيد، ونستحضر مقولة الزعيم الراحل هواري بومدين، “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.. ومن بعد، نعرّج على الحدث الفلسطيني التصالحي الأخير هناك، برعاية الأشقاء الجزائريين الأوفياء لشهدائهم ولمقولة الراحل الكبير.. هناك في قصر الصنوبر، وللمرة الثانية،عيد حقق الفلسطينيون الفصائليون ما لم يخطر ببال حركة تحرر وطنية عرفها هذا العالم، ألا وهو حل متحارجة الجمع بين ما يفترض أنهما نقيضان، أو خطان متضادان لا يلتقيان، المساوم المفرّط، والمقاوم الرافض..
في هذه المرة الصنوبرية، توقيع اعلان “ميثاق لم الشمل” بينهما.. كان عاماً رجراجاً، لكنه يؤكد على انتخابات رئاسية وتشريعية ” في غضون عام، والمفروغ منه أنها تُجرى بالطبع في الملعب الأوسلوي، وحلبة “الشرعية الدولية”، وفي ظل الاحتلال!
وفي المرة الصنوبرية الأسبق، كان “إعلان الاستقلال” و”قيام الدولة” الافتراضيين، وحيث هتف حينها من هتف “وحدة وحدة حتى النصر”.. وكان ذلك عام 1988.. ومن يومها ابتعد الاستقلال أكثر فأكثر، وكانت أوسلو، ومعها ومن يومها وببركاتها السلمية لم تعد للوثة الدولة الموهومة، التي يحتفل البعض بذكرى إعلانها، قائمة.. وعصت المتحارجة الفلسطينية على الحل، ولحلها تمخض قصر الصنوبر هذه المرة فولد متصالحوه “اعلان ميثاق لم الشمل”!
قبل هذا الإعلان، سبق وأن تعددت مثل هذه الإعلانات الشبيهة، حيث ضرب فيها فلسطينيو الفصائل رقماً قياسياً في التكاذب التصالحي لم يسبقهم إليه أحد، بل وعجزت موسوعة “غينيس” عن تسجيل المثيل، ولكثرة هذه الإعلانات نعفي أنفسنا من أن نعددها فقد نسهو عن بعضها، ولا بأس في أن نمر سريعاً على العواصم والمدن التي احتضنتها، مكة المكرَّمة، صنعاء، القاهرة (لمرات) غزة، الدوحة، بيروت، وحتى موسكو!
وإذ الشيء بالشيء يذكر، قريباً ستشهد الجزائر الشقيقة حدثاً عربيا تجهد منذ أمد للم أطرافه المبعثرة هو مؤتمر “قمة دول الجامعة العربية”، وتيمناً منه ب”ميثاق لم الشمل” الفلسطيني، ناشد وزير الخارجية رمطان العمامرة المؤتمرين المنتظرين، ” اتحدوا يا عرب مثلما اتحد الفلسطينيون”! لا أظنهم سيخيّبون أملك سيدي الوزير، لأن فلسطينيو المصالحة جزء من كل، وتكاذبهم التصالحي المديد جزء لا يتجزأ من تكاذب عربي رسمي ممتد هو بعمر الجامعة العربية!
.. وبقي أن نقول، الفلسطينيون لا توحّدهم إلا البندقية الفدائية المقاومة، وفلسطين من النهر إلى البحر، وإذا ساوركم شك اسألوا مخيَّم شعفاط..
(وملاحظة، أعلم أن ما كتبته هنا سوف لا يعجب الكثيرين من الأصدقاء، ولسوف يحرج البعض الآخر فيمنعهم من التفاعل معه، أتفهَّم ذلك واستمحي الجميع عذراً، فأنا لا أملك، وكما عهدتموني، إلا أن أقل كلمتي وأمضي..)