مَن جرّ الفلسطينيين إلى الصراع السوري؟ – شارمين نرواني – مقالة مترجمة
جاءت زيارتي الأولى إلى مخيم اليرموك بعد بضعة أيام على مقتل 20 شخصاً، في أول عملية قصف شاملة طالته في الثاني من آب العام 2012.
أراني السكان حجم الدمار الذي ألحقته أولى قذائف الهاون التي سقطت على شقة صغيرة في بناية ليست بعيدة عن حي التضامن، وهو أحد الأحياء الدمشقية التي كانت تشهد اشتباكات يومية بين الجيش والمعارضة المسلحة. وعندما هرع المارة لتفقد الأضرار، سقطت قذيفة ثانية في الشارع الضيق حيث تجمع الناس ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات
لمّحت وسائل الإعلام الغربية إلى أن الحكومة السورية تقوم بقصف مخيم اليرموك، ولكن الفلسطينيين في الداخل عبّروا عن شكوكهم حيال هذا الأمر. وقال البعض إنّ مصدر هذه القذائف هو المعارضة المسلحة، وأنها أطلقت من أحد الأحياء الملاصقة للمخيم. ولكن كان من الواضح أن أحداً لا يملك إجابة قاطعة عمّا قد يكون سلسلة من القذائف الطائشة.
بدا اليرموك، المنطقة التي أوت يوماً نحو مليون سوري وما يقرب من مئة وستين ألف لاجئ فلسطيني، واحة هادئة أثناء زيارتي.
في المقابل كان المرور في حي التضامن الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة، وأحياء يلدا والحجر الأسود، في طريقي للدخول والخروج من المخيم، يحمل العديد من المشاهد المثيرة للدهشة من المباني والمركبات المحترقة، والمحال المغلقة، والحطام الذي يغطي الطرقات، ونقاط التفتيش التي ترسم حدود مناطق الصراع الجديدة
وبعد عام ونصف العام، وتحديداً في آذار العام 2014، زرت اليرموك مجدداً.
أصبح المخيم غير مألوف الآن، والصور التي كنا نراها من الخارج لا توفي بالفعل هذا الدمار حقه.
عند مدخل المخيم، استقبلت من قبل مسلحين فلسطينيين يطلق عليهم اسم «مجموعة 14»، وهم يشكلون قوة من المتطوعين تم استحداثها بهدف حماية المخيم، والدفع بالجماعات المسلحة التابعة للمعارضة نحو الأحياء الداخلية منه. هذه المجموعة تعمل تحت مظلة «اللجان الشعبية الفلسطينية لتحرير اليرموك»
ولدى سؤالي لهم واحداً تلو الآخر من أين هم، جاءت الإجابات على الشكل التالي: صفد، لوبيا، حيفا، طبريا، القدس، عكا. وكانوا بالطبع من أعمار فتيّة، ما يعني أنهم لم يزوروا يوما أيّاً من هذه المناطق التي يتحدر منها آباؤهم أو أجدادهم. هي الأماكن التي يعتزمون العودة إليها في يوم من الأيام. كان هناك شاب سوري واحد بينهم، وهو ترعرع في اليرموك ويعد نفسه فلسطينياً
“اجتياح المخيّم… و”قوم حماس
الروايات التي أخبرني إياها هؤلاء المقاتلون لم أقرأها باللغة الإنكليزية سابقاً في أي من المنشورات الخاصة بأي من التيارات خارج سوريا. قصتهم هي أشبه برواية قديمة، تتحدث عن آلاف المقاتلين الإسلاميين الذين اجتاحوا واحتلوا اليرموك في 17 كانون الأول العام 2012، ما أدى إلى تهجير السوريين والفلسطينيين على حد سواء من المخيم، لتبدأ القصة فعليا في اليوم التالي.
ويخبر الشبان أن المجموعات المسلحة دمرت المخيم، وقتلت الناس، ونهبت المنازل والمستشفيات وكل ما وقعت عليه يدهم. ويؤكدون أن هذه المجموعات لم تكن لتتمكن من السيطرة على اليرموك من دون دعم حركة «حماس»، وهم متأكدون بأن مناصري «حماس» لا يزالون داخل المخيم، والآن تحتل مجموعات من «جبهة النصرة»، وجماعة «أكناف بيت المقدس»، و«العهدة العمرية»، و«أحرار اليرموك»، و«زهرة المدائن»، المخيم
ويؤكد الشبان أن حركة «حماس» جندت وأمّنت الدعم المادي للسوريين النازحين من مناطق الصراع الأخرى، إلى اليرموك. ويقول أحدهم «لقد قاموا بتجنيدهم من أجل هذا النزاع»
أصابع الاتهام بقيت موجهة إلى «حماس» في جميع الأحاديث التي خضتها مع اللاجئين في ثلاثة مخيمات منفصلة في سوريا. وفي وقت خرج جميع مسؤولي الحركة من البلاد في وقت مبكر مع بداية الأزمة، يبقى الواقع أن العديد من الفلسطينيين المرتبطين بها لم يفعلوا ذلك.
في الخارج، نفهم أن «حماس» لم تعد هنا، ولكن بين المخيمات، يلقب الفلسطينيون عناصر الحركة الذين يتهمونهم بإشعال الفتنة بـ«قوم حماس». وينقض هذا الخط الواضح إدعاءات القيادة السياسية للحركة بإنكار الاتهامات الموجهة إليها بأنها ساعدت المجموعات الإسلامية، التابعة للمعارضة المسلحة، في المخيمات
الخطوط الغامضة من هذه المسألة بدأت تصبح واضحة بالنسبة إليّ في خريف العام 2011، عندما كشف مسؤول من «حماس» عن أنهم يقومون بـ«إزاحة بعض العناصر» الذين يظهرون تعاطفاً متزايداً مع المعارضة السورية من هذه المناطق
* ارسل لنا من قبل كاتبة المقالة مع رابط السفير
شارمين نرواني – مقالة مترجمة**
Read more: http://assafir.com/