مُحلّل عسكريّ (إسرائيليّ) يُشكّك برواية الجيش حول مهاجمته مواقع إيرانيّة
مُحلّل عسكريّ (إسرائيليّ) يُشكّك برواية الجيش حول مهاجمته مواقع إيرانيّة بعد إسقاط الطائرة وليبرمان: الجولة المُباشرة المُقبلة ضدّ إيران مسألة وقت
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
هل دمرّ سلاح الجو الإسرائيليّ بطاريات الصواريخ المضادّة للطائرات التي أسقطت المُقاتلة من طراز F 16 في العاشر من شباط (فبراير) الجاري؟ هذا السؤال طرحه المُحلّل العسكريّ الإسرائيليّ، عمير راببورت، وهو رئيس تحرير موقع (إزرائيل ديفنينس)، المُختّص بالشؤون الأمنيّة والعسكريّة، في مقالٍ نشره بصحيفة (مكور ريشون) اليمينيّة العبريّة المُتشدّدّة.
الجواب على هذا السؤال جاء من راببورت، وهو المُقرّب جدًا من المؤسسة الأمنيّة والعسكريّة في تل أبيب، حيث أكّد في مقاله التحليليّ على أنّه ثمة شك كبير في أنّ سلاح الجوّ الإسرائيليّ فعل ذلك، ولتعزيز نظريته قال: لم ينشر سلاح الجو صورًا تدُلّ على نتائج هذا الهجوم، مثل الهجوم على موقع الطائرة الإيرانيّة من دون طيار مثلاً.
وتابع قائلاً إنّه من المحتمل جدًا أنّ جزءً من الأهداف التي تمّت مُهاجمتها كانت أهدافًا وهميةً، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ هذا أسلوبًا روسيًا معروفًا، ولفت أيضًا إلى أنّه في جميع الأحوال فإنّ بطاريات الـSA17 صغيرة ومتحركة ويُمكنها الاختفاء، على حدّ تعبيره.
وطرح راببورت سؤالاً إضافيًا جاء فيه: لماذا جرت مهاجمة الموقع الإيرانيّ الذي انطلقت منه الطائرة من دون طيّار بواسطة طائراتٍ حربيّةٍ وليس بواسطة صاروخ دقيق عن بعد؟ وردّ بالقول إنّه على مدار عشرات الأعوام حافظ سلاح الجو الإسرائيليّ على احتكار الهجمات في العمق انطلاقًا من نظرية أنّه يمتلك حريّة عمل كاملة.
وتابع، نقلاً عن مصادره في المنظومة الأمنيّة، إنّه في هذه الأثناء لم يتسلّح الجيش الإسرائيليّ بصواريخ بريّةٍ دقيقة جدًا يبلغ مداها عشرات الكيلومترات، على الرغم من أنّ الصناعة الإسرائيليّة باعت مثل هذا السلاح إلى دولٍ متعددةٍ في العالم، وأشار إلى أنّه بعد تأخيرٍ كبيرٍ بدأ الجيش الإسرائيليّ بتحسين قدراته في هذا المجال، لكن مهاجمة أهداف في العمق لا تزال تحت التفويض الحصريّ لسلاح الجو، كما أكّدت المصادر الأمنيّة بتل أبيب.
علاوةً على ما ذُكر آنفًا، تطرّق راببورت إلى مُحاولات إسرائيل منع تمركز إيران في سورية بالوسائل العسكريّة، وأكّد، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، أنّ تل أبيب لا تكتفي بالوسائل العسكريّة لكبح جماح إيران في سوريّة، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ المعركة العسكريّة تترافق مع معركةٍ سياسيّةٍ تبدأ من موسكو وتصل إلى واشنطن، ووفقًا له، فإنّ المشكلة الكبيرة هي أنّ الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، الحاكم الفعليّ في سورية بعد الحرب الأهلية، يُفكّر قبل كل شيء في نفسه وفي روسيا، وليس في مصالح إسرائيل، على حدّ قول المصادر في تل أبيب.
ورأى المُحلّل الإسرائيليّ أنّ ذروة التوتّر على الجبهة الشماليّة مع سوريّة وحزب الله وإيران لم تنتهِ حتى اللحظة، واقتبس في هذا السياق تصريحات وزير الأمن أفيغدور ليبرمان في عددٍ من المنتديات، والذي عاد وقال إنّ الجولة المُباشرة المُقبلة في مواجهة إيران هي مسألة وقت، وذلك نتيجة تمسّك الإيرانيين وتمسّكنا نحن أيضًا بمواقف متعارضة، بحسب ليبرمان، وبالتالي، تابع المُحلّل قائلاً: يبدو أنّ الإصرار الإيرانيّ على الدفع قدماً بشوؤنهم العسكريّة والاقتصاديّة هو أمر مطلق، لهذا السبب يبدو أنّ ليبرمان على حقٍّ.
في سياقٍ ذي صلةٍ، حذّر مُحلّل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، تسفي بارئيل، من لجوء رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو إلى شنّ حربٍ بعد تورطّه حتى أخمص قدميه في أربع قضايا فساد تشمل تلقّي الرشاوى، الاحتيال وخيانة الأمانة.
وقال المُحلّل إنّ المجتمع الإسرائيليّ الذي انكشف لعمق الفساد الذي انحدر إليه رئيس الوزراء، بات يمقته ويُريد منه الاستقالة من منصبه، ولكن، تابع المُحلّل، فإنّ الأمر المُثير للدهشة والاستغراب هو أنّ الإسرائيليين يُصدّقون نتنياهو عندما يتحدّث عن التحديات الإستراتجيّة الماثلة أمام الدولة العبريّة، وهم على استعداد لقبول نظرياته التي يُسمعها جهارًا-نهارًا عن التهديدات الوجوديّة المُحدّقة بإسرائيل.
وبالتالي، لم يستبعد بارئيل أنْ يقوم رئيس الوزراء بجرّ إسرائيل إلى حربٍ كبيرةٍ وشاملةٍ من أجل التملّص من المحاكمة التي باتت وشيكةً، أيْ أنّه من غير المُستبعد بتاتًا، برأي المُحلّل، أنْ تكون الحرب القادمة، مُحاولةً بائسة ويائسة من نتنياهو لتصدير أزماته الداخليّة العميقة إلى الخارج، على حدّ قوله.