نداء إلى المثقفين العرب … كلمة في وجه الخراب – رشاد أبوشاور
-1-
ذات يوم من أيام عام 1979، وكنت عائدا من المشاركة في المؤتمر الأول للحزب الاشتراكي اليمني في عدن، التقيت في بغداد، في فندق بغداد،بالأستاذ أحمد الشقيري- رحمه الله- مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية. كان الأستاذ الشقيري عائدا، كما أخبرني، من حصة سباحة. قال وهو يدّق على صدره: ما زلت قويا والحمد لله. إنني أقول قولة سيدنا خالد عندما عزله الخليفة عمر.
تجمع عدد من الشباب حول الأستاذ الشقيري، وهم من المنتمين إلى فصائل الثورة الفلسطينية، وكانوا قد حضروا للمشاركة في لقاءات وحوارات لمواجهة صفقة كامب ديفيد.
تأمل الأستاذ الشقيري وجوه الشباب، وقال: أنتم الشباب بارككم الله ما زلتم في أول العمر. لا تيأسوا، لا تفرّطوا، لا تتراجعوا عن الإيمان بعروبة فلسطين. تذكروا كم أقام الصليبيون في بلادنا، وما فعله المغول، وجهاد أجدادنا وعزيمتهم وإيمانهم الذي كنس الغزاة وطهّر البلاد.
وأضاف، وكأنما يتلو علينا وصيته الأخيرة: اعلموا أن منظمة التحرير الفلسطينية التي بناها شعبكم هي أمانة في أعناقكم. منظمة التحرير الفلسطينية مريضة. إنها حاليا تشبه عربة بلا كوابح ولا مقود تهوي باتجاه القاع..أنقذوها قبل فوات الأوان!
هذا الكلام يعود إلى عام 1979، بعدها مرض الأستاذ الشقيري ورحل عن الدنيا عام 1980.
قبل بضعة أشهر وقفت أمام ضريحه البسيط بجوار مسجد أمين الأمة أبي عبيدة عامر بن الجرّاح في أغوار الأردن الشمالية، واستعدت في ذاكرتي كلماته.
لم يكن استسلام أوسلو قد باغت الشعب الفلسطيني وجماهير الأمة العربية، ولا كان مشهد الدفن المأتمي يوم 13/9/1993 قد بُثّ للعالم من رحاب البيت الأبيض وبتراتيل توراتية تلاها الجنرال الصهيوني رابين.
تذكّرت أنّ فصاحته وبلاغته لم تكن مجرّد شطارة خطيب أو مهارة محام فصيح تقي وورع مؤمن بالحق والأمة، لا، البلاغة التي أيقظت الروح الفلسطيني كانت بلاغة الحق، وبلاغة خطاب الجهاد والتحرير والعروبة والتاريخ والجغرافيا.
ولقد تحيّرت : أأحزن أم أبكي وأنا أسمع تحسرات بعض الفلسطينيين وتفجعاتهم، لأن رابين بدا أكثر بلاغة، وأنه لو توفّر للخطاب الفلسطيني أحد البارعين المشهود لهم بمهارة كتابة الخطابات لكنّا حققنا إنجازا أمام الكاميرات والمشاهدين فضلاً عن الحضور الكرام في باحة البيت الأبيض بواشنطن!
ونسوا أن سلام الشجعان؟! سلام الضحية مع الجلاّد، سلام الفلسطيني معزولاً عن شعبه وحقّه وأمته لا بدّ أن يكون هكذا مأساويا، مبكيا، مهينا…
-2-
في تلك الأيام من عام 1979 وأنا في طريق عودتي من جمهورية اليمن الديمقراطية إلى بيروت مرّت رحلتي ببغداد، وهناك دعيت لحضور لقاء فصائل الثورة الفلسطينية لوضع إستراتيجية للتصدي لكامب ديفيد.
تحدث في اللقاء المرحوم زهير محسن، ونايف حواتمه، طلال ناجي، وعدد من الأخوة والرفاق. ولقد دفعت للحديث على غير رغبة مني، ذلك أن الرأي الذي كنت مقتنعا به، وما زلت، يختلف كثيرا مع آراء فصائل وقيادات فلسطينية، ولهذا لم أشأ أن أطرح ما ينفّر، أو يستفز، أو يعكّر صفو اللقاء.
وأمام الإلحاح تحدثت، وكانت خلاصة رأيي ما يلي: واضح أننا نلتقي بسبب اتفاقية كامب ديفيد، والذين يلتقون هنا بعضهم مع التسوية السياسية، نظّر لها متكئا على الفكر اليساري – الماركسية على طريقته – أو الفكر الإقليمي. وأنا أرى أنه لا بد لنا، حتى نترافق في المستقبل، من نقد مسيرة الماضي، خاصة وأنتم يا سادة تنتمون إلى الماضي وتريدون الاستمرار. إن مواجهة كامب ديفيد تحتم بالضرورة الساداتية، والتي ليست هي السادات كفرد.
أذكر أن الاجتماع كان يحضره نائب الرئيس العراقي آنذاك السيد صدام حسين، وعدد من القيادات والكادرات الحزبية في العراق.
هذه الأيام ونحن نتابع حركة الأشخاص الذين يفاوضون علنا وسرا باسم فلسطين، برعاية نظم حكم عربية إقليمية، تقول بأصوات شجيّة وعيون دامعة إنها مع ما يريده الفلسطينيون وقيادتهم، لا بُدّ أن نتساءل: هل هذا الذي يحدث وقع صدفة؟! أهو نتيجة عوامل ذاتية للثورة الفلسطينية وأفكارها السياسية واستراتيجيتها وأساليبها وممارساتها التنظيمية حسب، أم إنه أيضا ناجم عن عامل موضوعي عربي، عن إقليمية حاكمة، متحكمة في الأقطار العربية غذّت الإقليمية الفلسطينية ودفعتها إلى حتفها بالمذابح المتلاحقة والإغراءات وأيضا بالتنفّع على حسابها؟
هذا الخراب لم يهبط على حياتنا الفلسطينية والعربية بالمصادفة، ولذا فلا بد من دراسة أسبابه، والتفكير نقديا في كل ما تقدم لنصل على استخلاصات جديّة تمكننا من لفظ كل هذا الخراب فلسطينيا وعربيا.
-3-
من السهل أـن نهجوا هذا الذي يحدث، أن نحمّل شخصا بعينه وزر هذه الجريمة النكراء، أو أن نقول مع الأستاذ خالد الحسن: الذين وراء هذا الاتفاق والتوقيع عليه ليسوا أكثر من تسعة أشخاص، هم في حقيقة الأمر بضعة أشخاص، أو تسعين، أو ثلاثمائة شخص يتمكنون من الاستحواذ على قرار ثورة وشعب، ومقدرات سياسية ومالية وتنظيمية، هكذا، في غفلة من الشعب كله، ومن وراء، أو فوق رأس تنظيمات واتحادات ونقابات، ومؤسسات يقال إنها شرعية و..و..الخ؟!
ثمّ: هل إن منظمة التحرير الفلسطينية هي حقا التي ذهبت للقاءات السريّة في أوسلو ووقعت في واشنطن؟!
وهل منظمة التحرير الفلسطينية هي التي اعترفت بدولة العدو الصهيوني؟!
بعد توقيع الاتفاق في واشنطن اكتشف الرجل الطيّب الدكتور حيدر عبد الشافي أن مؤسسات المنظمة تعاني من فقر دم ديمقراطي، وأن الأوضاع لا تسر الصديق!
حزب الشعب – الشيوعي الفلسطيني سابقا- أخذ يشدّد على ضرورة إشاعة الديمقراطية في مناطق الحكم الذاتي قبل عودة الحّكّام –كانوا يتوقعون عودة القيادات التي وقعّت ومعها الشرطة الفلسطينية الذاتية إلى غزّة وأريحا، ولكن ضاع الموعد المقدّس، وما زال الحوار متواصلاً بعد مرور أربعة أشهر على المشهد الهوليودي – مشهد التوقيع السلامي – حول مساحة وحدود منطقة أريحا!
البروفيسور إدوارد سعيد وعدد من المفكرين والأساتذة الفلسطينيين في أمريكا يكتبون بشكل متواصل في الصحافة الأمريكية والعربية حول بؤس وكارثية اتفاق أوسلو واشنطن، وهم يلحون على غياب الديمقراطية وافتضاح غيابها، وفردية القرارات المصيرية، و( غشمنة) المحاورين وسذاجتهم وتفريطهم، وسهولة تقديمهم للتنازلات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن عدم إجادتهم الإنكليزية، وقلة معرفتهم بالعقلية الأمريكية واليهودية الصهيونية هي من الأسباب – وليست كلها – التي أدّت على الكارثة.
هذه الأيام استذكر ما كنا كتبناه بعد حرب تشرين 73، وأستعيد المقالات والأفكار وأُدهش وأتساءل: كيف لم ينتبه كثير من المفكرين الفلسطينيين والعرب على أن طرح فكر التسوية سيقود إلى كارثة على الأمة كلها!
في تلك الأيام حذّرنا من انجرار القيادة الفلسطينية الرسمية المهيمنة وراء الخطاب الإقليمي العربي الرسمي، وحذّرنا من تغطية النظم الإقليمية مهما كانت شعاراتها، لأنها ستأخذ فلسطين وثورتها وشعبها إلى الهاوية.
لقد كان هاجس النظم الإقليمية منذ اشتبكت مع الناصرية، وتآمرت على الوحدة، وحاربت المشروع القومي، تدمير التواصل بين الأمة، وإفقاد الأمة وجماهيرها ما يوحدها، وما يحرّكها.
إن فلسطين هي رّد فعل الأمة، حيويتها، سّر تواصل جماهيرها، ما يبعث الحميّة والنخوة والإبداع على المستوى القومي. لذا التقت مصلحة أعداء الأمة: الإمبريالية الأمريكية، النفوذ البريطاني الفرنسي، الصهيونية العالمية وكيانها ( الإسرائيلي)، والإقليميات العربية.
لا بأس، فلنعد الى الأصول، مع الدكتور أنيس صايغ، ندعو للعودة إلى إحياء القاموس القديم، لا نمّل، لا نيأس، لأن ذلك القاموس القديم يقول بأننا جزء من أمتنا العربية ولسنا جسرا للسوق الشرق أوسطية .(1)
أتفاق أوسلو واشنطن صفقة سوق، هذا ما أوصلوا قضيتنا إليه! فهل هذه أهداف شعبنا وحريته وكرامته ودوره؟! من أجل هذا القاموس قدّم حنا مقبل حياته ومات شهيدا غريبا في قبرص، وكان قد تعرّض للاغتيال في بيروت، في واحة الديمقراطية، من أجل قاموس فلسطين العربي تشرّد ناجي العلي ومات شهيدا غريبا في شارع من شوارع لندن!
-4-
ونحن نشاهد ما يحدث لا بُدّ من أن نشهد عليه، لذا لا بدّ من أن يسحب المبدعون الفلسطينيون- وهم عرب أقحاح حقا – الغطاء عن إعلان أوسلو واشنطن، منطلقين من شرعية قضيتنا وشرعيتنا ولا شرعية ما يقترفه السياسي نيابة عن شعبنا وأمتنا ووطننا.
ما يُسهّل مهمتنا، اقصد الكتاب والمبدعين والمثقفين الفلسطينيين، في عملية مواجهة صفقة تصفية قضيتنا، هو انكشاف أمر هذا السلام الذي حاولوا استغفال جماهيرنا به.
في مقابل الاعتراف بالدولة الصهيونية وبلا حدود، والانتقال بالثورة إلى ثورة مضادة، وانهيار الانتفاضة، وتمزيق الشعب الفلسطيني باقتتال يعد له بدهاء، وأناة، وإخراج القضية من رحمها العربي، وتفكيك الشرق العربي لتسهيل تسويقه، ودفع المغرب العربي لأحضان أوربا، وتجذير احتلال أمريكا لبلدان الخليج العربي.. مقابل كل هذا منحت ( المنظمة) الاعتراف بها، وبولغ بالوعود المالية السخيّة من صندوق النقد الدولي، ودول السوق الأوربية، فاستذكرنا مع شعبنا المُجرّب العريق وعود أمريكا والغرب للسادات، واستلهمنا دروس الجماهير المصرية الذكية الأصيلة التي اكتشفت بسرعة زيف الوعود فحاربت التطبيع وأسقطته وكبحت الاختراق الصهيوني.
-5-
المثقفون الفلسطينيون، المبدعون الأصلاء، الشرفاء، لا بُدّ أن ينهضوا بدورهم في تحدّي السلام الأمريكي الصهيوني، مع التذكير بأن اتحاد الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين الصامت لم يعد يُمثّل الكتاب والأدباء والمبدعين الفلسطينيين، فمن يصمت الآن شيطان أخرس، فردا كان أم اتحادا، منظمة شعبية أم نقابة.
أعود مرّةً أُخرى إلى المفكر الدكتور أنيس صايغ، الرجل الذي أسس ( مركز الأبحاث) ومجلة ( شؤون فلسطينية) ، وعلّم عشرات الباحثين الفلسطينيين، الرجل الذي أشرف على إنجاز الموسوعة الفلسطينية.
اقرأ مقالة ( الأيدي المُلطّخة) المنشورة على صفحات مجلة ( الناقد) 2، ومع ما فيها من مرارة وفجيعة بفقدان التلاميذ والبناء الذين تربوا في مدرسة مركز الأبحاث، وحيدانهم عن طريق الحق والصدق، ومع الموافقة على الصفات القبيحة والبشعة للذين تخلّوا عن شرف الأمانة، ومسؤولية الفكر، وأجّروا ضمائرهم وأقلامهم مستندين إلى حجج المتغيرات الدولية، وأفول عصر الأيديولوجيا، وانكسار ميزان القوّة العربي، فإنني أرى أن الحركة الثقافية الفلسطينية بخير، وضميرها يقظ، والتألم لسقوط نفر من صفوفها لا يُشكّل كارثة وإن أثار الأسى.
إن إعلان المبادئ يحمل بذور فشله، رغم ما يسمّى بقوة الدفع والضغط والتأييد الإقليمية والعربية والدولية، وسطوة الإعلام الغربي على العالم، وتنظيرات العاجزين، وجهود كل أعداء فلسطين والعرب لفرضه أمرا واقعا.
يقظة الفكر وحيويته الآن تتجليان مترافقتين مع ديمومة الانتفاضة وخوض المعارك اليومية في مدن ومخيمات فلسطين، تحديدا داخل الوطن، ولا نقلل من الرفض الفلسطيني في المنافي والشتات، خاصة وأن شعبنا تأكد من انه لا عودة له، وأن الضياع والتوطين وفقدان الهوية الوطنية والقومية هو ما ينتظره.
المبدع الذي يقول بأن الاتفاق صار حقيقة واقعة، وانه للحفاظ على م.ت. ف لا بدّ من السير مع سياستها، هو بالقطع منافق يستحق إحدى الصفات القبيحة التي جاءت في مقالة المفكر الدكتور أنيس صايغ ( الأيدي الملطخة).
الكاتب، الشاعر، الروائي، القاص، الناقد، الذي يبرر لنفسه مواصلة المشوار مع الخارجين على إرادة الشعب والقضية، ويعدنا بأنه سيعود إلى الوطن ليستأنف النضال هناك نطالبه أن يتوقف ليجيب على أسئلة لا بدّ الآن ترد على خاطره: هل كنت تبحث عن ( خلاصك الشخصي)؟ إذا كان سيتاح لك أن تعود، فهل سيعود أكثر من خمسة ملايين فلسطيني وأكثر يعيشون في المنافي، وقد قدّموا عشرات ألوف الشهداء والجرحى، وهم الذين فجّروا الثورة واكتووا بنيران أعدائها؟ أين دور المثقف وشرفه حين يلهث وراء سياسي يريد العودة برضى العدو الصهيوني، ومن تحت علمه وبشروطه؟! ما هي الثقافة الفلسطينية والعربية التي ستبدعونها وقد تمّ الاعتراف بدولة (إسرائيل)- وبدون رسم حدودها- وقيادتك تغيّر مناهج الدراسة وخارطة وتاريخ فلسطين مسبقا حتى لا تزعل( إسرائيل)؟! ألن يكون لك دور في محاربة ( الإرهاب) الفلسطيني عند عودتك إلى نعيم الحكم الذاتي؟! بماذا ستصف الفدائي الفلسطيني الذي سيعبر الحدود – رغم كل الحواجز والموانع – ليعود ويقاتل لتحرير وطن آبائه وأجداده وأبنائه؟! بأية أوصاف ستصف المقاتلين العرب الذين سيقاتلون لتحرير فلسطين؟! هل ستصفهم بالمزاود مثلاً، والوصاية العربية، والفلسطينية أكثر من الفلسطيني؟!
إن خروج قلّة من الكتاب والصحفيين على مسيرة الثقافة العربية الفلسطينية لا يفاجئنا ولا يخيفنا، فضلاً عن إنه لم يهز قناعات شعبنا، أو ينحّط بوعيه.
نحن أمام امتحان كبير ولا بدّ أن ننجح في كل مواده وبنوده، ولنا أئمة سبقونا: الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود، الشاعر عبد الكريم الكرمي ( أبو سلمى)، الروائي والكاتب الشهيد غسان كنفاني، الفنان الشهيد ناجي العلي، رئيس اتحاد الصحفيين العرب الشهيد حنا مقبل..وغيرهم وغيرهم.
الآن تختلف بنا السبل، فمنا من يستشرف المستقبل ولا ييأس أو يقنط من قوّة إرادة هذه الأمة.. ومنا من يلوذ بالفرار متغطيا بلحظة الضعف وأفكارها وشعاراتها.
إن فلسطين قضية حق وعدل، مصير أمة ومستقبلها، والمبدعون دورهم أن يصونونها من الدنس والتزوير والضياع.
ان تحرير فلسطين هدف متجدد، وعروبة فلسطين حقيقة أكيدة وليست شعارات.
دور المثقفين ليس تفضلاً ولا ترفا، والإيمان بالثورة والحرية والتحرير ليس مراودة.
فلنواصل نحن المثقفين والمبدعين والمفكرين العرب، في كل قُطر من أقطار وطننا العربي الكبير، ملاحقة اتفاق أوسلو واشنطن، والفكر السياسي الذي أفضى إليه، والمصالح والارتباطات، لأن هذه المعركة أخطر من كل ما تقدّم، وأكثر ضراوة وتزويرا وقحا.
فلسطين يجب أن تبقى كلمة السر المقدسة التي تجمعنا، الفكرة التي تلهمنا، الحقيقة التي تبّصرنا بالطريق الصحيح على الوحدة والتحرر.
هذا هو دورنا في التصدي لقاموس نظام الهيمنة الأمريكي الصهيوني الإقليمي الرجعي.
إننا لن نغيّر ونبدّل إيماننا بوطننا لمجرّد أن نفرا منا أصابه التعب، أو لأن قوّة عاتية تملك أسباب التفوق المادي والعسكري علينا، فالوطن باق، والحرية قيمة إنسانية خالدة، وما هو طارئ لا بُدّ أن يزول ويندحر ويبوء بالخسران، ومعه من يروجون لجبروته!
-
هذا النداء نُشر في شهر حزيران 1994 على صفحات مجلة ( الآداب) البيروتية، والتي كان رئيس تحريرها الدكتور سهيل إدريس الروائي والقاص والكاتب والمترجم والمفكر القومي، والذي كرمني بوضع اسمي على صفحة الغلاف الأُولى منفردا وفي أعلى الصفحة اهتماما بالبيان..فله الشكر من قبل ومن بعد.. رحمه الله.
أُعيد نشر النداء من جديد للتذكير، وأيضا دعوة للمثقفين العرب، والفلسطينيين بخاصة، للقيام بدورهم الذي ينتظرهم .. ويناديهم، ويلّح عليهم، للإسهام في إنقاذ القضية الفلسطينية من التصفية النهائية.
ها نحن بعد قرابة ربع قرن على توقيع أوسلو في واشنطن نرى إلى أين أخذت الأوهام من روجوا للسلام مع الصهاينة برعاية أمريكية وتشجيع الرجعية العربية.. فما العمل؟!