نداء مؤسسة القدس الدولية إلى القيادات الفلسطينية المجتمعة في بيروت ورام الله
تهويد المسجد الأقصى هو العنوان المركزي لصفقة القرن وهو كعكة اتفاق التطبيع الإماراتي-الصهيوني وواجبنا أمام الله والتاريخ أن لا نترك المرابطين وحدهم في الميدان
إن تهويد المسجد الأقصى المبارك كان أحد العناوين المحورية لصفقة القرن، فإعلان القدس عاصة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها كان محطة انطلاق تلك الصفقة، وقد نصت بعد إعلانها في شهر 1-2020 على تبني تقسيم الأقصى باعتباره الحل النهائي المقبول أمريكياً بقولها: “الناس من كل دين يجب أن يسمح لهم بالصلاة في جبل المعبد/ حرم الشريف، بطريقة تحترم تماماً دينهم، آخذين في الاعتبار أوقات الصلوات ومواعيد الأعياد لكل دين، والعوامل الدينية الأخرى كذلك”، كما نصت على وضع المقدسات تحت رعاية صهيونية أبدية: “دولة إسرائيل تستحق التقدير على رعايتها الأماكن الدينية للجميع… وهذه الممارسة يجب أن تستمر”.
لقد كان تهويد المسجد الأقصى ومنح التسهيلات للمقتحمين فيه الموضوع المركزي لأبرز تحالفات رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو في انتخابات 2019، وكان فتحه للمقتحمين الصهاينة أيام السبت موضوع النقاش المركزي في محاولته بناء التحالفات داخل اليمين في انتخابات شهر 3-2020، وما يزال هذا الموضوع يشكل عقدة مركزية لكل قوى اليمين التي تسامحت مع تأجيل ضم الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية، لكنها ما تزال تصر على فرض الطقوس في الأقصى وفتحه للاقتحامات يوم السبت واستكمال مسار تقسيمه باعتبارها مطالب مركزية لا تنازل عنها.
أما الاتفاق الإماراتي- الصهيوني المشؤوم فقد تبنى في البيان المشترك الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيلة صهيونية قديمة تسعى إلى فك تكامل أجزاء المسجد الأقصى، ففي حين لم تذكر صفقة القرن كلمة “الأقصى”، جاء البيان المشترك لهذا الاتفاق ليقول: “المسلمين الذين يأتون بشكل سلمي يمكن أن يزوروا المسجد الأقصى ويصلوا فيه، أما بقية أماكن القدس الدينية فستبقى مفتوحة لجميع الديانات”، وهذا التفاوت في المصطلح يقصد القول إن المقدس الإسلامي المسمى الأقصى ينحصر في المسجد القبلي المبني ذا القبة الرصاصية وفق الزعم الصهيوني، أما بقية الساحات والمصاطب والقباب والمدارس فهي “أماكن دينية أخرى” مفتوحة لعبادات اليهود والصهاينة المسيحيين كيف أحبوا. إن تهويد الأقصى، وإضفاء المشروعية على العبادات الصهيونية فيه بغطاء عربي، هو الثمرة المباشرة التي ركز عليها ترامب ومستشاره كوشنير لهذا الاتفاق.
أمام هذه الوقائع الصارخة والواضحة، وأمام مضي الحكومة الصهيونية عملياً في تأسيس طقوس المعبد وعباداته القربانية تمهيداً لتأسيسه مادياً في مكان الأقصى وعلى كامل مساحته، وأمام دعوة جماعات المعبد لنفخ بوق رأس السنة العبرية من الأقصى يوم 19 و 20-9-2020 استكمالاً لمسيرة تحويل الأقصى إلى مركزٍ للحياة الدينية اليهودية، وإلى تقديم القرابين فيه خلال شهر 10-2020 المقبل، فإننا نتطلع إلى اجتماع القيادات الفلسطينية إلى أن يستجيب لهذا التحدي بما يرقى إليه من رد، وإلى أن يمضوا في استعادة مكانة الأقصى مفجراً للثورات كعهده من ثورة البراق إلى هبة النفق وانتفاضة الأقصى انتهاء بهبة باب الأسباط وهبة باب الرحمة، وأن نعمل معاً بكل أطياف الأمة وتياراتها بالموقف السياسي والتعبوي وبالفعل على الأرض كي لا يترك المرابطون وحدهم في الميدان.
مؤسسة القدس الدولية