هارتس لا يجوز ل”إسرائيل” الصراخ في وجه إيران والصمت إزاء أوكرانيا
بقلم رفيف دروكر – 24/2/2022
فشلت استراتيجية حكومة بينت – لبيد بشأن الاتفاق النووي مع إيران. كانت الفكرة الأساسية هي أن نحاول منع توقيع الاتفاق، وإذا كان لا مهرب منه نحاول التأثير فيه. لأننا، بعكس نتنياهو، لا نريد الدخول في خلاف مع الإدارة الأميركية. حالياً، يبدو أن الاتفاق على وشك التوقيع، والتأثير “الإسرائيلي” فيه يوازي الصفر.
في إسرائيل، يرون في الاتفاق كارثة ليس أقل. وأنه أسوأ بكثير من اتفاق 2015. في الأيام الأخيرة، ادّعى مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن الاتفاق الآخذ في التبلور هو مؤذٍ فقط. الإيرانيون قبلوا وقف تخصيب اليورانيوم، لكن هذا الموضوع لم يعد مهماً من اللحظة التي أصبحت إيران تملك المعرفة والعتاد للتخصيب بسرعة كبيرة.
وفي مقابل تنازُل إيراني غير موجود، يقدم الأميركيون كل شيء: تسوية الحسابات المجمدة، وتصدير النفط، ورفع العقوبات، وعدم الانخراط في المراحل المقبلة من البرنامج العسكري الإيراني.
عموماً، الطريقة التي يتحدثون بها اليوم في إسرائيل عن إدارة بايدن تذكّرنا كثيراً بالطريقة التي تحدث بها نتنياهو وأتباعه عن إدارة أوباما.
في مكتب بينت ولبيد غاضبون على الموفد الأميركي إلى المفاوضات، روبرت مالي، ويذكرون أنه حتى في طاقمه يبدو أن هناك مَن استقال بسبب تحفظه عن وجهة المفاوضات.
هل في استطاعة بينت – لبيد التصرف بصورة مختلفة؟ كلا. إلى حد كبير هما أقاما استراتيجيتهما على ضعف.
لم يكن في استطاعة الحكومة شن حملة في مواجهة إدارة ديمقراطية تسيطر على مجلسيْ النواب والشيوخ. كما لم تكن قادرة على الفرض على بايدن الحصول على موافقة مجلس النواب على الاتفاق، لأن هذا سيجعلها تدفع أثماناً في قطاعات كثيرة.
لم يعد ينفع الآن القول إنه يجب إحباط الاتفاق من خلال مواجهة مع الإدارة الأميركية. كما لم يعد ينفع القول إنه يجب إحباط الاتفاق بالحوار مع الإدارة الأميركية، “أهم صديقة لنا؟” نعم بالتأكيد، لكنها عندما تكون مصرة على تحقيق شيء، فإنها ستدوس علينا.
الأمر المنافي للعقل هو أن ليس هناك مَن يرى العلاقة بين هذه التطورات وبين قصة أوكرانيا. مؤخراً، قال مسؤول أمني رفيع المستوى: “علينا المحافظة على الصمت، وممنوع إثارة غضب بوتين”.
كالعادة، “إسرائيل” تهتم بنفسها فقط. ما الذي يهمنا مما يجري في أوكرانيا؟ يهمنا فقط الحرية الجوية لنا في سورية. كبار المسؤولين في “إسرائيل” يتهامسون بشأن المعركة بين الحروب، كأن الدولة لم تكن موجودة قبل القصف الأسبوعي على سورية، ولا أحد يعرف إذا ما كان يحقق الهدف.
مرة أُخرى، تجد “إسرائيل” نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ. في الستينيات والسبعينيات، عندما كانت دولة صغيرة ومهددة، كان من الصعب تبرير علاقاتها بنظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا، وبنظام بينوشيه في التشيلي، لكن كيف يمكن تبرير الصمت “الإسرائيلي” اليوم؟ كيف يمكن أن نقنع الجناح المهم في الحزب الديمقراطي، الذي تهمه قضايا الدفاع عن سيادة دولة في مواجهة غزو عنيف لدولة كبرى مجاورة، بأننا حلفاء لهذه الدولة؟ نحن الذين نتقاسم مع الأميركيين قيماً مشتركة؟ ليس لبايدن علاقة بالحاكم الفعلي في السعودية على الرغم من المصالح الأميركية، بسبب جريمة قتل الصحافي جمال الخاشقجي.
لا يمكن أن نتوقع من الولايات المتحدة العمل بعكس فهمها لمصلحتها القومية فقط، من أجل مساعدتنا في مواجهة إيران، ومن ناحية أُخرى، أن نقول لها: لا نستطيع أن ندعمك في المواجهة مع بوتين لأن لدينا مصالح معه.
حتى الآن، لم تعبّر الولايات المتحدة عن استيائها من الصمت الإسرائيلي. البارحة، صدر تصريح أول من لبيد في الاتجاه الصحيح، لكن إذا نشبت الحرب فعلاً، فهناك طرف واحد هو المذنب فيها، سيكون من الجنون أن يستمر بينت – غانتس – لبيد في الوقوف موقف المتفرج.