هجمة العولمة والخرافة العمياء وعبادة الشيطان!-مهند النابلسي
العالم بالعام 2001(2)
…واذا ما انتقلنا بعجالة لصفحات الاقتصاد (بمجلة النقاد اللبنانية)، فسنجد عناوين مثل: فجر اليورو(الانزال الكبير)، الرئيس البرازيلي يقول : هجمةالعولمة عنيفة، ثم مستوطنات اسرائيلية تبنى بحديد ليبي، لا تخصيص لقناة السويس، وفي روسيا تخصيص شركة في كل يوم!
وفي النقاد الثقافي نجد تلخيصا جامعا لبعض الكتب الهامة مثل: سجال عنيف(ام المؤمنين تاكل اولادها لنبيل فياض)، ونجد تعبيرات مثل: السيوف في كل مكان—وفي ظل الخرافةالعمياء التي يعيشها المجتمع العربي(وما يزال)…ثم نجد تلخيصا لكتاب “الأرض المغلولة” (مسمار جحا) لمحمود جبر، الذي يتحدث عن مزارع شبعا والاحتلال الاسرائيلي، كما يوجد تلخيص لثلاثة كتب اجنبية: الوجه الأسود لبريطانيا، أعداء العولمة، ثم الحقيقة القاتلة الذي يتحدث عن دحض المزاعم الاسرائيلية الكاذبة بشان مملكة داوود وسليمان والآثار اليهودية المزعومة فيها!
أما بالجعبة الصحية فهناك أخبار (أصبحت الان معروفة) تتحدث عن فعالية البندورة بمعالجة “سرطان البروستاتا”، وعن ملخص دراسات للنوم والأرق وأضرار التدخين المباشروالسلبي، ثم عن أهمية ممارسة الرياضة لنصف ساعة يوميا .
ثم هناك مقالة عن عبادة الشيطان التي تقض مضاجع الاوربيين وخصوصا الألمان (وانتقلت العدوى لبعض الدول العربية لاحقا ومنها مصروالاردن)، وينهي الشاعر اللبناني الساخر يحي جابر زاويته الجريئة “كلمات سيئة السمعة”، بشعر نثري بعنوان: “جل البحر(2)، أقتبس منها: “يا رفاقنا يا اخوتي، الحق أقول لكم: من كان منكم بلا امريكا فليرجم نفسه بحجر….”! وحيث نلاحظ ان للكل أقرباء بأمريكا ، والكثير يتسعى للهجرة والدراسة والاقامة والسياحة…الخ، ومعظم المثقفين الأدعياء “الليبراليين والعلمانيين واليساريين والمتأسلمين” ينتقدون امريكا بسبب وبدون سبب، ثم نجدهم يذهبون للسياحة والعلاج بأمريكا، كما يرسلون اولادهم للدراسة والتخصص ونيل الدكتوراة من الجامعات الأمريكية، في تناقض واضح وتخويت ساخر!
هكذا لا يختلف وضعنا الاقتصادي ةالثقافي والحياتي كثيرا بعد مضي أكثر من عقد تقريبا عن حالنا الراهن البائس، وبالتأكيد فقد انزلق بنا ما يسمى “الربيع العربي” الفوضوي الخائب لهاوية ظلامية “قروسطية” مرعبة، وانكشفت الخيانة والعمالة وتحكم الارهاب وساد الطغيان، وأصبحنا “ملطشة” لكل القوى الطاغية العالمية والاقليمية، وتوحشت اسرائيل الدولة المجرمة “المدللة”، وفقد العرب خجلهم وتحفظاتهم وأصبح معظمهم يسعى للصلح معها بلا رادع ومانع وضمير قومي وحس انساني، فيما ظهرت رئيسة الأرجنتين (كريستينا) بخطابها اللافت الأخيربهيئة الامم اكثر “عروبة وانسانية وفلسطينية” من معظم الزعماء العرب!
وللحق فهذه المجلة اللبنانية “الزخمة-االممتعة” والحافلة بالمواضيع والمقالات الدالة وملخصات الكتب القيمة والأحداث المهمة، والتي تتباهى (على غلافها الرئيسي) بانها “اسبوعية القرن الحادي والعشرين” قد اندثرت بلا عودة بعد سنوات قليلة من اطلاقها، فيما بقيت الاسبوعيات “التافهة السطحية” المدعومة بالأموال تزدهر وتزين الأكشاك، وهذا مؤشر اضافي دال وخطير على تردي الاهتمانات الثقافية والفكرية لدى “معظم الناس” بالمجتمعات العربية، لكي لا اقول المثقفين فقط، فالمجلة الاسبوعية الشاملة (للشعوب الحية الواعية) هي بمثابة “وجبة” فكرية استهلاكية اسبوعية منعشة، تماما مثل وجبات مطاعم”الجنك فوود” السريعة المنتشرة والتي تلقى الرواج الشديد بعطلات نهاية الاسبوع!
مهند النابلسي