هكذا واجهت الكورونا – رشاد أبوشاور
العالم كلّه في حالة رعب من الكورونا.
فيروس مجهول يهاجم الصين.
الصين بعيدة..وعدد الصينيين كبير…هناك من يطمئن نفسه بانتهازية.
اشتعلت مواقع التواصل: الصينيون يأكلون الخفافيش. يأكلون الأفاعي…يأكلون الصراصير.
وفي ثنايا هذا التهريج ثمة تشف..ورغبة بانهيار الصين.
لكن الصين واجهت الكورونا بإرادة وعلم ونظام..وها هي جائحة الكورونا تكاد تنتهي في الصين، وأقله تنحسر، وتندفع بأسرع من الصواريخ العابرة للقارات إلى جهات العالم الأربع.
وفي حين إن الكورونا تنحسر في الصين،.ها هي تجتاح أوروبا…وتدهم الإمبراطورية التي حسبت أنها بعيدة ومحصنة…كونها لا تأكل الصراصير والخفافيش والأفاعي…وتستمتع بلحم البقر…والهامبرغر…وبلحوم اُخرى!
تستغيث إيطاليا فلا تمد أوربا الأيدي لها: أهذه هي الوحدة الأوربية؟!
بهدوء، ودون صخب إعلامي..ترسل الصين نجدة:أطباء خبراتهم تراكمت في مواجهة الكورونا في ووهان، وأطنان من الأدوية، ومعدات طبية، ونصائح بنيت على خبرات ميدانية.
على صناديق الأدوية والمعدات الطبية يدان تتصافحان
ملفوفتان بالعلمين الصيني والإيطالي، ومقطع من قصيدة لشاعر طلياني تقول:
نحن موجات في بحر واحد
الشعوب كلها موجات تنتسب لبحر واحد، بحر الأخوّة الإنسانية..هذا هو عنوان الدعم الصيني لإيطاليا…ولإيران..وأحسب أن الصين ستلبي استغاثة الرئيس الصربي الذي توجه للرئيس الصيني مستغيثا.
ترامب يريد احتكار العلاج:
المستشارة الألمانية فضحت سعي ترامب لشراء شركة ألمانية بحثية تسابق الزمن لاكتشاف علاج لوباء الكورونا.. بمليار دولار.
قالت المستشارة: هذا علاج للإنسانية كلها…
لكن لا ترامب..ولا الإمبراطورية..يفهمان أن البشر ينتمون لبحر واحد، وأن البشر أخوة، وأن بحر الإنسانية واحد..وأن البشرية في سفينة واحدة: الأرض .
في امتحان الأخلاق تسقط الإمبراطورية ورئيسها ترامب كما ترومان بطل قصف هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين ذريتين..وبوش مدمّر العراق..ولا ننسى فيتنام…
المؤرخ الأمريكي بول كندي، صاحب كتاب: صعود وسقوط الإمبراطوريات العظمى في التاريخ، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، في مقابلة صحفية أجاب على سؤال: ما هي الأسباب التي ستؤدي لسقوط الإمبراطورية الأمريكية..أجاب: الأخلاق..أمريكا إمبراطورية بلا أخلاق.
الأخلاق!
هل عرفت بريطانيا العظمى الأخلاق؟
هل ننسى حرب الأفيون على الصين.. وأنها أول من استخدم الغازات السامة على شعب العراق سنة 1920 لتنهي ثورة العشرين؟!
بريطانيا سبب نكبة شعبنا الفلسطيني ومأساته التي فاقمتها وعمقتها أمريكا.
فرنسا التي هُزمت في فيتنام، في معركة ديان بيان فو..وبطشت بشعب الجزائر، ونهبت ثرواته..وقتلت منه مليونا ونصف المليون من أجل نيل حريته..فرنسا التي اقتحمت دمشق بمدافع الجنرال غورو الذي وقف عند قبر صلاح الدين الأيوبي..وخاطبه: هانحن قد عدنا يا صلاح الدين.
ماذا نحصي ونعد من جرائم الإمبراطوريات ووريثتها: الإمبراطورية الأعظم جشعا..ووحشية..وانعدام أخلاق؟!
العالم عل حافة الهاوية..وترامب يريد احتكار الدواء..يواصل الكذب على الشعب الأمريكي..ويواصل حصار سورية، واليمن، وإيران، وكوبا، وفنزويلا
و..يدعم الكيان الصهيوني في مواصلة احتلال ما تبقى من أراضي الفلسطينيين..يمنح القدس للصهيانة..والجولان..ويبيع السلاح لآل سعود بالمليارات ليقتلوا شعب اليمن..ويدمروا بلده!
لا أخلاق لهذه الإمبراطورية.
وترامب ليس حالة شاذة..إنه امتداد لأسلافه الذين أبادوا أهل البلاد الأصلين..وأسسوا إمبراطورية قابيل.
كم سيبلغ عدد ضحايا الكورونا؟
ومتى ستنتج مراكز البحث لقاحا وعلاجا شافيا؟
روسيا تبشر..ولكنها تخبرنا بأنها بعد أن فكّت شيفرة الكورونا فإنها تحتاج لـ 11 شهرا لإنتاج العلاج…
الصين أعلنت بأنها تستخدم علاجات مبشرة..فرنسا أيضا..وألمانيا تواصل أبحاثها…
المهم أن يتم التوصل إلى علاج ينصر البشرية على وباء الكورونا..وأن لا يسمح للإمبراطورية الترامبية المتوحشة بالاستحواذ عليه واحتكاره…
والمهم أن تنتصر الأخلاق..أخلاق الأخّوة الإنسانية..وتنفتح الأبواب
على انتصار أخلاقي ينهي هيمنة الظلم والتمييز العنصري واستبداد الإمبراطوريات النهّابة المخربة للحياة على هذه الأرض..الأرض سفينة جميع البشر بدون تمييز.
أيكون هذا الدرس الثمين..درس الكورونا الرهيب تحولاً يرسم للبشرية مستقبلاً بلا ظلم، ولا توحش، ولا جشع، ولا عنصرية؟
- مقدمة الكتاب الذي صدر حديثا عن منشورات ( كل شئ) حيفا،ويضم يوميات حول تفشي الكورونا في العالم، ويوميات شخصية أسرية، وحكايات ذات صلة، ويقع في 244صفحة.