هل بتنا بحاجة لمقابر (Duplexes) – حنين العبد
عندما تقرأ كلمة دوبلكس( طابقين)، سيخطر في بالك معاني الفخامة والرفاهية، لكن توقف اذا سمحت فأنت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
فالمقابر التي تحوي عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين اللذين قضوا إما في حروب فرضت على اللاجئ حتى يبقى صامدًا بمخيمه، أو بسبب حالات الوفاة الطبيعية، فلا فرق بالنسبة للذي يدفن بالمقابر التي خصصت لنا، فنحن لاجئين تحت الأرض وفوقها.
ولكن المثير بالأمر هو أن مقابرنا لم تعد تتسع لأموات أخرين، وكما تعلمون أن في لبنان لا يحق للفلسطيني أن يملك شقة أو عقار، فكيف له أن يملك قبراً خارج أرض المخيم.
فيبقى اللاجئ يدور في فلك المخيم القطعة التي يجب أن يعيش عليها ويتصارع مع مهلكات العمر حتى توافيه المنية ويدفن هناك بمقبرة المخيم.
أصبحت الجثث تدفن فوق جثث أقاربها بالقبر ذاته وهذا غير شرعي حسب ما أجمع عليه العلماء ، فلا يجوز نبش القبور لدفن ميت آخر، إلا في حالات استثنائية وقاهرة تجيز دفن ميت باتفاق بين أهل الميت المدفون والميت الذي يريد أن يدفن وذلك بعد أن تبلى الجثة الأولى، فيتحمل بهذا اللاجئ هذه الاستثناءات الشرعية.
فضلاً أن بعض المخيمات لا يتوفر لها مقبرة لتدفن أمواتها فيها وذلك بسبب المساحة الضيقة لهذه المخيمات وهي المخيمات الصغيرة والتي لا تحوي عدد كبير من اللاجئين، وكذلك المقابر غير الصالحة كمقبرة مخيم الرشيدية التي تغرق كل شتاء بالماء لتطوف الجثث وتظهر على الملأ بسبب مكان المقبرة القريب من البحر والأرض الرملية سهلة الانحدار.
فتزيد هذه الأمور من معاناة اللاجئ، اضافة للهم الذي يرافق اللاجئ بتأمين مكان له ليسكن به ويعيش بكرامة، وعلى أقاربه اذا وفاته المنية أن تتدبر أمره وتؤمن له قبراً ليدفن به بكرامة.
والجدير بالذكر أن اللجان الشعبية المسؤولة عن تسيير أمور اللاجئ في المخيم طالبت بتوسيع المقابر أو ضم أراضي مجاورة للمخيمات لاستخدامها في دفن الموتى، حتى لا يجد هذا اللاجئ صعوبة أو يضطر لأخذ تصاريح والقيام بإجراءات معقدة ودفع مبالغ لإخراج الميت ودفنه بمقابر خارج المخيم، ولكن كل المحالات لم تحصد أي نتيجة.
وبهذا تبقى المقابر مزدحمة بموتاها اللاجئين، ويبقى اللاجئ يطالب بكرامته فوق هذه الأرض وتحتها، ولن تنجح هذه المرة الأصول الهندسية بإيجاد حل لمقابر المخيم كالبناء الدوبلكس مثلا، ولكن سيخطر في بالنا طريقتين لمعالجة هذا الأمر إحدهما شرعية وأخرى غير شرعية الأولى هي حرق الموتى والاحتفاظ برمادهم لتشهد على قساوة ما يحل باللاجئ، والثانية رمي الجثة بالبحر.
وبهذا تصبح عناصر الطبيعة ( النار، الماء، الهواء، التراب) أشد رحمة من بني البشر على اللاجئ الفلسطيني في لبنان.
حنين العبد- رابطة الإعلاميين الفلسطينيين في لبنان