هل تنجح القوى المدنية في الانتخابات الرئاسية القادمة – د.عادل عامر
تعتبر هذه الانتخابات هي اختبار حقيقي للمصريين، اختبار للذوق العام المصري، هل سيتم اعادة اختيار الرئيس عبد الفتاح السيسي مرة أخرى أم سيتم اختيار مرشح رئاسي آخر، الاحتمالات كلها واردة في الانتخابات، أي انتخابات، وخاصة أن الاختيار العام للشعوب تغير تغيرًا كاملًا في السنوات الأخيرة،
إن تجربة التحالفات الانتخابية في الثمانينات قامت أساسًا على سعى أحزاب رسمية إلى جماعة غير شرعية والتحالف معها من أجل ضمان التمثيل في مجلس الشعب، وكانت جماعة الإخوان المسلمين العامل المشترك في هذه التحالفات التي لم تتجاوز هذا الهدف في علاقة أطرافها ببعضهم. وهو ما تكرر بالضبط في التحالفات الانتخابية عام 2011 حيث كانت الجماعة الطرف الأساسي في أكبر هذه التحالفات. ما زال في مرحلة التشاور حول المعايير والقواعد التي من المقرر اختيار مرشحيه في الانتخابات البرلمانية على أساسه.
وأن التحالف يعمل في خطوط متوازية بين وضع معايير اختيار مرشحيه والضغط من أجل قانون الانتخابات البرلمانية، مشددًا على أن القانون بشكله الحالي هو نهاية الأحزاب السياسية في مصر، مما يعني نهاية الديمقراطية. يعكف التحالف الآن على اختيار الكفاءات التي تقدر على الدفاع عن الديمقراطية والتأسيس لها، وأن المعايير التي يضعها التحالف تضع نصب أعينه، أن أعضاء البرلمان المقبل سيحددون مستقبل مصر على مدار ربع قرن مقبل.
ويتشاور التحالف مع شباب من مختلف التكتلات الشبابية وآخرين شاركوا في لجنة الخمسين ومستقلين لضمهم للتحالف، لكن الشباب ترددوا في هذا الشأن، حيث إن التحالف يعتمد بشكل أكبر على الفردي أكثر من القائمة، مما يصعب فرص فوزهم، مؤكدا أن حسم الانضمام من عدمه لا يزال محل تفكير.
كما أن التحالف يتشاور بشكل جاد مع حزب المصريين الأحرار، وهناك اتجاه قوي لانضمام الشخصيات المنضوية داخله للتحالف الذي سيؤسسه الحزب وخوض الانتخابات من خلاله والتنسيق معهم إضافة إلى ضم شخصيات عامة أخرى. ترتبط التحالفات بأشخاص وأفراد أكثر من ارتباطها بأهداف أو ببرامج أو أيديولوجيات محددة المعالم. وبناء عليه يمكن أن نطلق عليها “تحالفات نخبوية”، فعلى سبيل المثال تحالف المؤتمر مرتبطة بشكل مباشر
بحيث يكون هناك اتفاق بين الأحزاب المتحالفة على البرنامج الذي سيخوض به التحالف العملية الانتخابية. ولكي يعبر هذا البرنامج أيضًا عن الأهداف والبرامج الحزبية لكل الكيانات المنضوية تحت هذا التحالف. بمعنى؛ أنه لا يعقل أن يتحدث البرنامج عن التأميم للقطاع العام أو مزيد من تدخل الدولة في الاقتصاد، ويحتوي هذا التحالف على أحزاب ليبرالية تتحدث عن حرية السوق والقطاع الخاص.
فالاستثمارات الخارجية في تراجع، والاستثمارات المتوافرة حاليا قد تتجه لتصفية أعمالها والهروب الى الخارج، كما ان السياحة التي تشكل ركنا أساسيا في موارد الاقتصاد المصري تعاني بشكل مريع بسبب استمرار أجواء الفوضى الأمنية، وتكون أو تشكل صورة مجتمع غير مستقر عن مصر في الإطار الخارجي، على الرغم من ان ميدان التحرير بات محط أنظار العالم ويرغب كثير من سياح العالم في زيارته لمشاهدة هذا المكان التاريخي الذي شهد أعظم ثورة مدنية سلمية في تاريخ العالم. لكن ذلك يتطلب وجود أجواء آمنة واستقرار يغريان السياح بالتوافد مجددا على مصر بكثافة ربما أكبر مما كان سائدا إبان النظام السابق. موقف قوى المعارضة من الانتخابات الرئاسية يشوبه الغموض، خاصة في ظل غلبة الروح الأمنية على تعامل النظام مع المجال العام في مصر بما فيه المجال السياسي والقوى السياسية المختلفة من شخصيات وأحزاب وتشكيلات، وفي ضوء سعي النظام الحثيث لإعادة هندسة المجال العام بما يحقق سيطرة النظام واستقراره وسرمديته في كرسي الحكم.
ومما يضيف مزيد من الضبابية حول موقف قوى المعارضة من الانتخابات الرئاسية هو غلبة روح الصراع والنزاع والانقسام على علاقات القوى السياسية المعارضة وبعضها، ويعطي شرعية للنظام السياسي المؤسس عليها، وينعكس هذا الانقسام بالطبع على الموقف من الانتخابات الرئاسية، أن الانتخابات الرئاسية ضرورية باعتبارها عصب النظام السياسي؛ ولا ننسى أن هناك انقسام القوى السياسية بين فريقين إسلاميين وعلمانيين، وإن كان أقل وطأة – من الناحية العملية – في التأثير على موقف قوى المعارضة من الانتخابات الرئاسية عن الانقسام الأول؛ وذلك بسبب ضعف الأحزاب والقوى العلمانية مقارنة بالقوى الإسلامية؛ ان ذلك يشكل خطرا على حلم أو هدف اقامة دولة مدنية بالمفهوم العصري في مصر لا يجعلها تقع فريسة لقوى سياسية تهيمن باسم القداسة الدينية مما يقود الى عدم مساءلة أو محاسبة السلطة الحاكمة، وهذا يقود الى وقوع مصر في براثن سلطة استبدادية دينية بعد أن نجحت من خلال ثورة 25 يناير في التخلص من هيمنة سلطة استبدادية سياسية..
وقد تتعدد العقد وتتشابك، وعلى قادة الصراع أن يحسنوا تحديدها ومدى تأثير كل منها على الآخر. وتتحكم رؤية عقدة الصراع في رسم الخيارات الاستراتيجية المتعددة للحركة، والتي تحدد بدورها مشروع النشطاء الرئيسي. ومن المهم تحديد عقدة الصراع بما يفيد في عدم استدراج الحركة إلى أهداف جانبية، فإن كانت العقدة في الحفاظ على أصوات الناخبين من السرقة، فإن الجهد يجب أن ينصب في حماية صوت الناخب، لا أن تتنافس قوى المعارضة حول أي الناخبين سيفوز. إذ أن اختيار المرشح الأفضل قد يكون عنوان معركة تالية. وكل هدف يجب أن تحدد له معايير الانتصار، أو معايير النجاح، بحيث تتمكن قوى المجتمع من قياس مدى نجاحها، وتتمكن من محاسبة قادة التغيير، ولا يكون النصر ادعاء بل واقعاً تحكمه معايير متفق عليها.
يبقى أن نشير أنه بحسب الدستور، تبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل، ولأن السيسي المنقلب تسلم مقاليد الحكم في 8 يونيو 2014م، يعتبر 8 فبراير 2018م هو الموعد الدستوري لانعقاد اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لبدء اجراءات انتخابات رئيس الجمهورية، علي ان يفتح باب تقديم الأوراق للمرشحين في شهر مارس ولمدة 30 يوم، ويجري الاقتراع علي الانتخابات الرئاسية الأول من شهر مايو من العام الجاري 2018 لم تتضح بعد ملامح خريطة المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة
وإن بدأت ملامحها في التشكل، بما فيهم مرشحي الدولة العميقة، ولكن ثمة أسماء مقترحة تعتبر احتمالات ترشحهم كبيرة للغاية، بما يجعل من اختبار قدرتهم على المنافسة في انتخابات الرئاسة 2018م ضروري للغاية، من هذه الأسماء والتي برزت بصورة كبيرة في الفترة السابقة باعتبارهم منافسين محتملين على منصب رئيس الجمهورية وممثلين لقوى الدولة العميقة: يعد كشف استراتيجيات النظام في التعامل مع الانتخابات الرئاسية في 2018م هي النقطة الأهم على اعتبار أن النظام الحاكم هو الفاعل الأبرز والأكثر تأثيراً في تلك الفترة؛ جراء سياسات التأميم الناجحة التي تقودها الأجهزة والقوى العاملة تحت رعايته. واستعراض السيناريوهات المتوقعة لتعامل النظام مع الانتخابات الرئاسية المنتظرة، هل يمكن اعتبار المجتمع المصري عنصر فاعل في معادلة الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر؟ أم الاكثر واقعية هو التعامل مع الشعب باعتباره متغير تابع يتأثر بالنتيجة ولا يسهم في خلقها؟
2 Attachments