همت الآن تدمير سوريا والعراق – عادل سمارة
منذ ايام تجري جداول الغزل بين السعودية، مصر، تركيا ، ويتجه الغزل تجاه إيران وبين بعضها البعض، ويتضمن ذلك بداية إدارة الظهر للإخوان ولحفتر ومختلف الصغار التوابع. ولكن طبعاً دون أن تفرِّط تركيا في قوى إرهاب الدين السياسي لأن هذه لازمة لأمريكا في مشروعها الحالي في الوطن العربي أي في طبعة الاستشراق الإرهابي.
إذن أمريكا هي التي وراء هذه المغازلات، أي هذه الجداول الصغيرة التي تتغذى من شلالات نياغارا. وبكلام آخر، فالدول الإقليمية تتحرك طبقاً لتوجيهات الإدارة الأمريكية بغض النظر جمهورية أو ديمقراطية. وبكلام آخر مرة أخرى: فأكبر الدول العربية والإسلامية تؤكد بأن القيادة بيد أمريكا.
هذا شحن ذاكرتي لتعود إلى أمرين:
الأول: أن تركيز كل من بن غوريون وجابوتنسكي على تدمير سوريا.
والثاني: أذكر عام 1989 حينما كان الكيان الصهيوني في مرحلة غربلة “المثقفين والسياسيين والقيادين” الفلسطينيين باتجاه من يؤيد التسوية وسيشارك في المفاوضات التي تجلت في جولات مدريد العشر بقيادة حيدر عبد الشافي ومن ثم اتفاقات اوسلو بقيادة م.ت.ف، كنت من بين من تمت دعوتهم في حالة ما بين “التحقيق والنقاش” حيث كانت تمتد من قريتنا وحتى النظام الاقتصادي العالمي. المهم، في إحدى الجلسات قالت لي مجموعة من الضباط وبينهم من زعموا انه محاضر اقتصاد في الجامعة العبرية: إن الأخطر علينا هما سوريا والعراق. قلت ولكن لا يبدو منهما عملاً ضدكم في هذه الفترة. كان الجواب بالإجماع :المهم تصفية هذين البلدين.
اليوم، يمكنني الفهم أنه بعد تصفية مصر وتخديرها، فإن الجميع يتحرك بأريحية طالما سوريا والعراق في حالة تدمير، ويبدو أن الأمر ستتم محاولة استمراره.
ولكن، هل سبب القلق من سوريا والعراق لأن نظاميهما بعثيا كما كان نظام مصر ناصريا؟ هل للمسألة علاقة بتقويض اي بعد عروبي قومي باعتبار الموقف القومي هو الأكثر جذرية لصالح فلسطين المحتلة؟
ملاحظة: معذرة ممن سينفجروا إما ضد كل البعث أو بعثاً ضد بعث، سلامة عقلكم/ن.
● ● ●
قلق أميركي من تفوّق الصين في ميدان المعادن النادرة
د. منذر سليمان
جعفر الجعفري
تتباين المفردات اليومية والتعابير الصادرة في واشنطن – والمعنى واحد – حول وجهة استراتيجيتها في الشرق الأقصى، وتتراوح بين “المنافسة” في الخطاب الرسمي و”الصراع” بين عظميين في الخطاب العام والتعبئة الإعلامية والسياسية.
من بين القضايا المثارة تراجع واشنطن عن انتاج “المعادن النادرة” وسيطرتها على مجموعة من “17 عنصراً كيميائيّاً” لمصلحة الصين، التي أضحت تتحكم بنحو 90% من مجمل الانتاج العالمي، بلغ إنتاجها 140،000 طن في العام 2020، مقابل 38،000 طن للولايات المتحدة، و2،700 طن لروسيا. بينما “العلاقة الثنائية مع الصين أصبحت محفوفة بالمخاطر، لتسليط الضوء على نظام توريد” تلك المعادن بانتظام إلى الأسواق (نشرة “إينفستينغ نيوز” الاقتصادية، استناداً إلى بيانات الهيئة الجيولوجية الأميركية، 23 آذار/مارس 2021).
العناصر/المعادن الأرضية النادرة، هي كذلك نظراً لمحدودية المواقع الجغرافية العالمية التي تستخرج منها، وهي مجموعة من “17 عنصراً كيميائياً في الجدول الدوري”، بحسب تعريف “الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية (https://iupac.org/“)، المخوّل بتطوير المعايير القياسية “لتسمية العناصر الكيميائية ومركباتها”، والذي تأسس في العام 1919، وُصفت بال “نادرة” لأهميتها الفائقة في دورة التقنية الحديثة، ولا سيما “نواقل الطاقة االعالية وصناعة السيارات (المدجنة – الهايبرد) وأشعة الليزر والأجهزة الإلكترونية الضوئية”.
من بين المعادن النادرة، على سبيل المثال، البلاديوم الذي تعدّ روسيا من أكبر الدول العالمية الخمس المصدّرة له، والذي يدخل في صناعة السيارات لتنقية انبعاثاتها من الغازات الملوثة للبيئة، والصناعات الإلكترونية، من شرائح وهواتف وحواسيب، وشرائط فحص نسبة السكر في الدم، وطب الأسنان والأدوات الجراحية، وصناعة المجوهرات وتنقية الهيدروجين. وقد تخطى ثمنه أسعار الذهب في الأسواق العالمية مؤخراً، إذ تجاوز سعر الإوقية/الأونصة 3،000 دولار.
تصنّف الولايات المتحدة تلك المجموعة من المعادن النادرة بأنّها “استراتيجية للقرن 21″، وأشدّ ما تخشاه مراكز صنع القرار هو “ضمور المخزون الأميركي وتراجع عمليات إنتاجها، ما يقيّد حرية شنّها حرباً” في مناطق حيوية من العالم، وكذلك إقدام “الصين على التهديد بتوظيف المعادن كعنصر نووي” في علاقاتها الاقتصادية مع أميركا، ولجوئها مؤخراً إلى تقييد نظام تصديرها إليها، في سياق احتدام “الحرب التجارية الشرسة” بينهما.
نتيجة تفشي القلق لدى مراكز صنع القرار الأميركي من تخلّف الصناعات الأميركية مقارنة بنظيراتها الصينية، طلب الرئيس السابق دونالد ترامب من وزارة التجارة الأميركية إجراء تحقيق مكثف وشامل للتوقف على حقيقة قدرة البلاد على إمدادها بتلك المعادن في حالات الطواريء.
وجاء في تقرير الوزارة بعد عامين أن “الولايات المتحدة تعتمد بقوة على صادرات حساسة من المعادن الثمينة”، محذراً، “في حال قررت الصين أو روسيا وقف صادراتها إلى الولايات المتحدة وحلفائها لفترة زمنية طويلة، كما فعلت الصين عندما منعت صادراتها من المعادن النادرة عن اليابان في العام 2010، من أن ذلك سيؤدي إلى هزات كبيرة” تطال الاقتصاد الأميركي وصناعاته العسكرية.
للدلالة على مركزية المعادن النادرة في الصناعات العسكرية، جاء في بيانات البنتاغون بأنها تدخل في عمليات انتاج القنابل الذكية، والحرب المضادة للغواصات، والمناظير الليلية، وأجهزة الليزر والرادار، ونظم التوجيه الالكتروني، والأقمار الاصطناعية، وإلكترونيات الطائرات المدنية والعسكرية على السواء. وتعتمد منظومة الإنتاج على ديمومة خطوط الإمداد بالمعادن النادرة بشكل كبير، لكنّ وزارة الدفاع حذّرت من طول الفترة الزمنية التي ستستغرقها عملية إيجاد البدائل، والتي قد تبلغ 10 سنوات، بحسب تقرير “مكتب الرقابة الحكومي” التابع للكونغرس.
في أوج الحرب الباردة، أنتجت الولايات المتحدة النسبة الأكبر من المعادن الثمينة للأسواق العالمية من منجمها الرئيسي “ماونتين باس” في ولاية كاليفورنيا، وبلغت مرحلة الاكتفاء الذاتي من احتياجاتها لها، وخصوصاً في عقد الستينيات من القرن الماضي، الذي شهد طفرة كبيرة في انتاج شاشات تلفزة ملوّنة، وغيرها من المعدات التي تدخل في صناعة الأدوات المنزلية وفي الاستخدامات العسكرية، لكنّ النقطة المميتة لعملية انتاج الخام من المنجم الأميركي كانت الاضطرار لشحن الكمية كلّها إلى الصين لتنقيتها وتكريرها، لعدم توفر مصافٍ أميركية جاهزة لذلك، ونظراً إلى الكلفة المرتفعة لعملية التنقية داخل الأراضي الأميركية، والتي تزامنت مع ازدياد منسوب الاهتمام العام بحماية البيئة.
وكثّف البنتاغون جهوده في الآونة الأخيرة لإعادة التنقية وعملية الانتاج إلى الأراضي الأميركية وتشجيعه “القطاع الخاص” على بناء مصفاة لتكرير المعادن، والتي ستبدأ عملياتها في العام المقبل على أقرب تقدير. كما قدم مساعدة مالية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، قدرها نحو 10 مليون دولار، لإنجاز عملية التصفية قرب المنجم، لتحفيز الشركة المشرفة “إم بي ماتيريالز” على بلوغ مرحلة “المنتج الأكبر للمعادن”.
وفي هذا السياق، برز عامل سياسي يُستثمر لإقصاء حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسم من مركزه، على خلفية سياساته البيئية المتشددة وتهديدها قطاع التنقيب وهيمنة الشركات الكبرى، واستُحدثت عريضة لجمع تواقيع عدد كبير من الناخبين لتنحيته “بطرق مشروعة”.
على الشاطيء المقابل للمحيط الأطلسي، يبرز الدور المتعاظم لكبريات شركات السيارات، وخصوصاً الألمانية، وطموحها في انتاج سيارات “صديقة للبيئة” لا تنبعث منها الغازات الملوثة، لكن تلك التقنية تعتمد كلياً على الواردات الصينية، ما يثير جملة تساؤلات حول قدرة تلك الشركات على ممارسة الضغط على حكوماتها لتقديم بعض التنازلات القاسية للصين مقابل استمرار خطّ الإمداد بالمعادن النادرة.
:::::
مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن
الموقع الإلكتروني:
http://thinktankmonitor.org